الثلاثی المقدس (القسم الثالث:الغرب والمذهب الانسانی )

إن “المذهب الانسانی” هو من المواصفات الفكریة والفلسفیة للاستكبار الغربی. ففی هذه الفلسفة، یعطی الغرب الاصالة للانسان. فالمذهب الانسانی یعطی الاصالة للانسان فی مقابل مذهب الحق الذی یعطی الاصالة للحق.  فالمذهب الانسانی یعنی الایمان باصالة الانسان فی مقابل اصالة الله، أی اضفاء الطابع البشری على جمیع الامور بدلا من اضفاء الصفة الالهیة علیها. فالانسان فی هذا الفكر، یضع نفسه وحكمه وقراره محل الاحكام الالهیة والدینیة.

 

القسم الثالث
الغرب والمذهب الانسانی
اسماعیل شفیعی سروستانی

إن “المذهب الانسانی” هو من المواصفات الفكریة والفلسفیة للاستكبار الغربی. ففی هذه الفلسفة، یعطی الغرب الاصالة للانسان. فالمذهب الانسانی یعطی الاصالة للانسان فی مقابل مذهب الحق الذی یعطی الاصالة للحق.
فالمذهب الانسانی یعنی الایمان باصالة الانسان فی مقابل اصالة الله، أی اضفاء الطابع البشری على جمیع الامور بدلا من اضفاء الصفة الالهیة علیها. فالانسان فی هذا الفكر، یضع نفسه وحكمه وقراره محل الاحكام الالهیة والدینیة.
إن “المذهب الانسانی” هو المذهب الذی أرسى لثقافة وحضارة الغرب بعد العزوف عن المسیحیة.
والحالات التی ذكرناها، تظهر كل أطوار التیار الاستكباری السائد فی الغرب. ففی الطور الخارجی (السیاسة والاقتصاد) یستند على “اصالة السلطة واصالة الربح” وفی الطور الوسطی یستند على “النفس الأمارة” وفی الطور الفكری والداخلی یستند على “المذهب الانسانی”.
إن “المذهب الانسانی” هو الالحاد بعینه. والانسان الغربی  فی طوره الخارجی “میال الى السلطة”.
وقد حول التیار الاستكباری فی مساره التدرجی، الانسان الغربی الى ارادة تبحث عن السلطة فحسب وتتحرك نحوها.
وإن اردنا اعطاء تعریف عن الانسان الدینی نقول بان الانسان الدینی (بشخصیته الطبیعیة والاعتباریة) هو انسان تحول الى ارادة تمتثل للحق. وهو قد ذاب فی الحق أصلا.
إن المظهر التامّ للانسان معطوف على حق الامام المنتظر علیه السلام. أی انه ارادة بالكامل، یتجلى فیه الحق. فالحق منه ومعه وفیه.
ونقرأ فی الادعیة التی تتوجه الى الائمة المعصومین (علیهم السلام) بان “الحق معكم وفیكم ومنكم”. فالحق هو جزء لا یتجزأ منه ولا ینفصل عنه. فالحق جزء لا یتجزأ منه، والحق لا ینفصل عنه، لیس كالملبس یرتدیه حتى یخلع عنه، فالحق یصدر عنه (باذن الله). ویعرف الحق بواسطته ای انه جزء لا یتجزأ من حیاته ولیس منفصلا عن حیاته، ولهذا نقول بان حجة الله هو الارادة المعطوفة على الحق ولا اضافة فیه. انه خالص وصاف، وحق (باذن الله) بعد الله وباذن الله، لكن فی المقابل، فان الشیطنة خالصة وصافیة فی المعسكر الشیطانی والاستكباری ولا اضافة فیها. لیس فیها اضافة الحق وانها الاستكبار من الراس حتى اخمص القدمین. وهی واضحة بالتمام والكمال فی الشیطان وتتضح بعد الشیطان فی بنی اسرائیل، وقد اتضحت الان فی اعوان وانصار بنی اسرائیل.
وكلما اقترب الانسان من الغرب، كلما تجلت فیه الارادة المیالة الى السلطة.
إن احد اسباب مناصبة الغرب، العداء للاسلام والتشیع هو طبیعته الاستكباریة وهذه الطبیعة الاستكباریة مبنیة على تبنی الغرب ل “المذهب الانسانی” فی “الفكر” و”النفس الامارة” فی “الاخلاق” و”مذهب الربح” فی “الاقتصاد” و “مذهب السلطة” فی “السیاسة”، لذلك فان الانجرار وراء السلطة والطبع الاستكباری یطغى على روح الغرب وثقافته وحضارته.
وان سلمنا بان طبیعة الثقافة الغربیة هی طبیعة استكباریة، لن یبقى شك بان هذا التیار لن یسایر المسلمین. وان قدمنا له كل التنازلات فانه لن یدعنا وشأننا. ولهذا السبب فان التعرف على الغرب یشكل احد الوجوه الاساسیة للدراسات الثقافیة. فی كل مجال كان، سواء القضیة الفلسطینیة واسرائیل أو موضوع اخر الزمان ومعرفة امام العصر والزمان علیه السلام.
وإن لم ندرس هذا الموضوع ولا نجری الدراسات المعنیة بمعرفة الغرب، فان هذا النقص سیظهر نفسه فی موقع ما من أدائنا. مثل القرمیدة الفاسدة فی بنایة ما غیر متجانسة مع سائر القرمید. فان هذا الفساد سیترك اثره فی موقع ما.
وبما ان الاستكبار الغربی معتد وشمولی وحاقد فی الفكر والاخلاق، فانه كائن معاد للحق ومعاد للانسانیة. وفی هذه الحالة فاما انه یرید كل شئ لنفسه ولمفرده واما ان یمحیه عن الوجود.  فلا یجب الانخداع بالظاهر المُنمق والمزخرف للغرب.
إن الغرب یرید للجمیع ان یكونوا أذلاء وعبید وانهزامیین ولا غیر، وفی هذا الوضع فما الامان والامن لدى الشرق الاسلامی امام الغرب؟
إن التعرف على البعد النظری والفكری الذی یطغى على التیار الثقافی والمادی للغرب، یتیح معرفة أن “الجوهر الغربی” وعلى الرغم من مصادیقه المختلفة فی التاریخ وبین الشعوب المختلفة، یتجلى بالتمام والكمال فی “الغرب المعاصر” او بالاحرى فی “التاریخ الغربی المعاصر والآیل الى الزوال” وان سائر الاعمال فی الحقول السیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة هی مظهر من مظاهر هذه الروح والجوهر.
إن اعتماد الغرب على “المذهب الانسانی” جعله فی غنى عن أی فكر قدسی ومعنوی ووفر له موهبة إبداء واظهار عموم مظاهر الاستكبار. 
یتبع إن شاء الله    
جـمیع الحقـوق مـحفوظـة لموقع موعود الثقافی
لا یسمح باستخدام أی مادة بشكل تجاریّ دون أذن خطّیّ من ادارة الموقع
ولا یسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.

شاهد أيضاً

الثلاثي المقدس ( القسم الثاني عشر: وجود القدس في الشرق الاوسط)

اسماعيل شفيعي سروستانيواضافة الى ما ذكر، فان مدينة القدس تقع في هذه المنطقة. ولا بد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *