بقلم اسماعیل شفیعی سروستانی
في ذلك اليوم الذي اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية من تفجير البرجين التوأمين الذي اصطنعته بتكلفه باهظة، ذريعة لغزو “الشرق الإسلامي” عسكريا، دمرت على اثره العراق وافغانستان وقتلت ونهبت الكثير من أبناء هذين البلدين واعادت ظروفهما التاريخية مائة عام إلى الوراء وهي تتخذ وضعا وكأن الحق بجانبها.
ويتصور بعض المحللين بأن الاستيلاء على حقول النفط العراقية دفع باعتي قوة عسكرية في العالم إلى حسبما يقول المثل الدارج بادارة اللقمة حول راسها وتحصيل الحاصل بتكلفة مالية باهظة جدا وفضائح دولية كبيرة.
وفي تلك السنوات، شوهدت مرارا مؤشرات على دوافع مثل إثارة الحرب الصليبية الثانية واقامة النظام الدولي الجديد وإيجاد الشرق الاوسط الجديد كاستراتيجة طويلة الامد لتحالف الصليب وصهيون للتخلص الدائم من ردات فعل سكان الشرق الإسلامي في مقابل الغرب المتصهين والاستعداد لآخر وثبة لاعلان حكومة بني اسرائيل العالمية.
وكان قادة هذا التحالف بمن فيهم السيدة كوندوليزا رايس وزيرة خارجية الرئيس الأمريكي السابق قد استخدموا مرارا عبارة “الهجوم الاستباقي والرادع” لتنفيذ ممارساتهم العنيفة. وهذه العبارة مؤشر على ان هؤلاء كانوا يتوقعون ان تحدث اكبر نهضة في العالم الإسلامي تحت راية موحدة وكانوا بصدد عرقلة نشاة هذه النهضة من خلال الاستيلاء على الممرات الرئيسية والمناطق الاستراتيجية والجيوسياسية للعالم الإسلامي وكذلك ازالة إمكانية وقوعها وتفوقها من خلال انتهاج خطوة استباقية لتدمير المواهب المادية والثقافية للشرق الإسلامي.
وبما ان قادة تحالف الصليب وصهيون كانوا على علم تام بالظروف التاريخية للغرب ومستقبله الآيل إلى الزوال على اثر تجربة نهاية التاريخ ومدى تعرضه للاضرار الثقافية والحضارية في مقابل النهضات الإسلامية الشاملة في الشرق الإسلامي من جهة ، كما ان الإسلام والنهضات الإسلامية كان لها الكثير من الانصار بين سكان الغرب من جهة أخرى ، فإن قادة هذا التحالف اعتبروا ان الفرصة المتبقية لتغيير مسار التاريخ، تشكل المنفذ الوحيد لاتخاذ اجراء استباقي.
ولا شك بأن الذين تربطهم روابط ثقافية متينة بالغرب الاستكباري والصهيوني لا يصدقون هذا الكلام ونهاية التاريخ الغربي الذي يؤمن ويقر به معظم المثقفين الغربيين، فحسب بل يعتبرونه حصيلة نظرية المؤأمرة أو المتلأزمة التي يحاول الغربيون الايحاء بها للمثقفين الشرقيين في محاولة للاسقاط والتلفيق.
ويجب كتابة هذا الكلام لادوارد سعيد، المستشرق الفلسطيني الشهير بقلم عريض على جدران كافة المؤسسات والمنظمات الثقافية في العالم الإسلامي، اذ قال:
إن الشرق الذي يتم التعريف به بالجزء الأدنى من العالم، يتمتع بمواهب كبيرة ومساحات شاسعة وطاقات اكبر لتحقيق القوة مقارنة بالغرب. ان الإسلام كان متعلقا دائما بالشرق وكانت النظرة اليه متلأزمة دائما بالعداء والخوف. ويمكن الاتيان بأسباب سياسية وعلم نفسية ودينية لهذه الحالة (العداء)، لكن جميع هذه الادلة تنبع من انطباع يعتبر الإسلام منافسا رهيبا يقف بوجه المسيحية في تحدي نهاية الزمان.
إن الغرب يعتبر الإسلام منافسا رهيبا في زمن رفع راية اكبر حكومة كونية في إطار تحدي آخر الزمان من جهة ، ويعتبر “القدس” مركزا أو على الاقل أحد المراكز والقواعد المهمة لهذه الحكومة الكونية من جهة آخري.
ونريد القول بكل اسف بأن انطباع المؤلفين الأمريكيين لكتاب “الجغرافيا الاستراتيجية للشرق الاوسط” عن “فلسطين” و “القدس” قلما يدركه سياسي في الشرق الإسلامي. ويكتب هذين الاثنين في جانب من كتابهما:
إن أي جزء من الشرق الاوسط ، لا يضطلع بدور تاريخي وجغرافي مستديم في التاثير على السياسات الوطنية في مجال السلم والحرب افضل من الدور الذي يؤديه الشريط الواقع على الشاطئ الشرقي للبحر الابيض المتوسط أي فلسطين أو اسرائيل.
وهذا الشريط الواقع شرقي البحر الابيض المتوسط، يشكل همزة الوصل والارتباط بين الجغرافيا الترابية والثقافية بين الشرق والغرب، واضطلع طيلة التاريخ، بدور مهم في تاسيس أو نقل الحضارة من الشرق إلى الغرب أو العكس. وربما لهذا السبب ادرك تحالف الصليب وصهيون بأن تاسيس الحكومة الكونية رهن بالاستيلاء التام على هذه المنطقة ورفع راية الحكومة الكونية والدولية في هذا الشريط الضيق على اليابسة، مثلما ان حكومة الإمام المهدي(عج) الكونية تتحق بشكل كامل فقط بعد الاستيلاء على “بيت المقدس” وايفاد قوات تحررية من هذه المنطقة إلى العالم الغربي.
ومن السذاجة بمكان ان تصورنا بأن عاصمة النظام العالمي الجديد والحكومة الدولية لبني اسرائيل ستكون في بريطانيا أو منطقة الاتحاد الاوروبي أو الولايات المتحدة الأمريكية وفي الشرق الاقصي أو الغرب.
وقبل مائتي عام، ادرك بنو اسرائيل جيدا انه ومن خلال ضرب الشرق الإسلامي بمطرقة الغرب وبعد تفريغ جل القدرات والطاقة الثقافية والمادية لهاتين المنطقتين الثقافيتين والحضاريتين الكبريين اللتين تضربان بجذورهما في تاريخ العالم لالوف السنين، سيكون قادرا على وضع لسان ميزان الحكومة الكونية في مركز ثقل التاريخ والجغرافيا وهو “مسقط راس” هاتين المنطقتين المهمتين أي “فلسطين”.
إن الحروب الصليبية الأولي الطويلة، نقلت المجال الحضاري من الشرق إلى الغرب وادخلت الثقافة والحضارة الشرقية والإسلامية في المحاق، والآن وبعد علمنة الشرق والغرب ثقافيا على مدى مائتي عام، فإن بسط ونشر الثقافة والحضارة الغربية وافساد سكان هاتين الحضارتين القديمة والجديدة، ممكن فقط عن طريق اشعال نار حرب صليبية مزورة وثانية ما يمكن بني اسرائيل من نيل غايتهم الرئيسية.
إن الحكومة الكونية الملحدة والقائمة ركائزها على الخبث التام، والفاشية والقمعية والفاقدة لأي اعتبار ومصداقية سماوية وإنسانية سامية هي الواقعة التي ارسي اسسها الشيطان منذ اليوم الأول من طرده من الحضرة الالهية.
إن بقايا اثار الأديان السماوية والأخلاق التقليدية ظلت طوال القرون بجانب الاناس الصالحين والاتقياء، عقبة كأداء تعيق إمكانية فتح جميع الابواب والميادين امام قوي ابليس. وبناء على ذلك ركز جنود ابليس جل اهتمامهم على علمنة الثقاقات الدينية ونشر المفاسد الأخلاقية وابادة رجال السماء. ان قصة حضور واداء بني اسرائيل على مدى القرون الماضية، كانت قصة توغل أرضة الفساد والزوال في الأديان والإنسان على امتداد الكرة الأرضية.
ويمكن القول بتجرؤ انه لم تتوفر خلال كل القرون السالفة التي مرت على البشرية، ظروف سياسية واجتماعية بقدر ما توفرت في القرن العشرين لتحقق امنية ابليس وابنائه بالتبني بني اسرائيل، لتاسيس الحكومة الكونية على أساس الالحاد، بالضبط مثلما كان يتمني قادة المحافل السرية.
وخلال التاريخ الجديد والغربي على مدى اربعمائة عام وفي ظل الثقافة والحضارة العلمانية والليبرالية، اصبحت عامة الثقافات والحضارات علمانية واصيب عامة سكان الأرض بالفساد والدمار. بعبارة أخرى فإن امنية ابليس تحققت على أرض الواقع، لكن وفي هذا الموسم بالذات، لمع بريق واخضرت برعمة في اوج هجوم الشتاء والتجمد، وبدأ على اثرها نوع من العودة إلى المعنوية والمعني في الغرب وقامت بالتزامن نهضات دينية في “الشرق الإسلامي” لتغير الظروف.
إن هذا الموضوع ودرك ابعاده العالمية بشكل شامل، يشكل سر الهجوم الاستباقي لتحالف الصليب وصهيون على الشرق الإسلامي. سر هرمجدون وتفجير البرجين التوأمين في نيويورك وإثارة قضية الإسلاموفوبيا ومشاريع مثل 2012، وللأسف الشديد فإن درك واستنتاج بني اسرائيل وقادة المحافل السرية عن تفتق هذه البرعمة يختلف تماما عن استنتاج عامة السياسيين في الشرق الإسلامي والمؤلفين وحتى الفنانين.
إن خريجي الأوساط المتناغمة مع تحالف الصليب وصهيون، يفسرون هذا الكلام بنظرية المؤأمرة.
وهل فكرتم أبدا بتاثر الغربيين بالتكهنات والاحلام والتنبؤات وما شابه ذلك؟ وعلى الرغم من تصور ان الغرب، غارق في العلم والمعرفة، فإن أي اثر بقدر الاحلام أو مكاشفات الكتب المقدسة وبعدها تنبؤات اشخاص مثل ميشيل نوستراداموس لم تكن على مدى العقود الأخيرة محط اهتمام وطبعا استغلال بني اسرائيل.
وعلى الرغم من ان مجموعات مثل “مكاشفات الكتب المقدسة” و “نبوءات ميشيل نوستراداموس” و … تحولت إلى مادة رئيسية لانتاج مئات الأفلام عن نهاية الزمان في هوليوود والحوارات الدينية لمئات المبشرين الإنجيليين (الايفإنجيليين) الذين يتحدثون عبر مئات القنوات التلفزيونية والفضائية الدينية وعشرات الأفلام الوثائقية التلفزيونية وحتى موضوع الأوساط السياسية خلال العقود الثلاثة الأخيرة لرجال “البيت الابيض”، لكن هذه الأعمال والمواد لم تتحول في الشرق الإسلامي للأسف إلى موضوع جاد تتناوله وسائل الإعلام والأوساط الجامعية والطلابية المرتبطة على الاقل بدراسات الأديان، في حين ان الكثير من الاستراتيجيات الثقافية والإسلامية والعسكرية المناهضة للإسلام والشرق وايران والثورة الإسلامية في ايران صيغت وطبقت استنادا إلى هذه المصادر والأعمال.
جدير ذكره ان مجمل هذه الأعمال هي نتاج الاحلام والخيال وتندرج في سياق مجموعة من العبارات الرمزية والغامضة والشاعرية والملفقة التي تحمل في طياتها جميع الطاقات اللأزمة لأي تفسير كيفي يلجا اليه المحتالون واعداء الأديان والإنسان، والاطرف ان اقساما من هذه الكتب الكنوز (؟!) تطل براسها من بين انقاض “البحر الميت” ومتاحف مكتبات روما في “الفاتيكان” لتصدق على التقويم المجهول لقوميات المايا في العصر القديم وتصبح مادة للولوج إلى واقعة “هرمجدون” التي تضفي طابعا عمليا ودينيا طبعا على حكومة بني اسرائيل الكونية.
وهذه الأعمال المكتشفة تنقذ عند المنعطفات المهمة، قادة تحالف الصليب وصهيون من الطريق المسدود. وتصبح مسوغا لارادتهم الشيطانية وتضفي طابعا دينيا ومقدرا ومحتوما ونابعا من الأخبارالغيبية، على المشاريع وتجعل الاناس السذج والمستضعفين والمضطرين يقفون في صف حماة الهجوم على الشرق الإسلامي.
وعلى الرغم من استناد المصادر والمراجع المتعلقة بآخر الزمان إلى المصادر الوحيانية والغيبية الصادرة عن “كتاب الله” وآل الله عليهم السلام، فإن وأحدا على الألف من هذه المراجع والأقوال لم يتحول للأسف إلى مادة لتحديد وتحليل الظروف التاريخية لماضي وحاضر ومستقبل العالم الإسلامي، في حين ان عامة خريجي الشرق اخذوا خلال الأعوام المائتين الأخيرة مصادرهم النظرية والتطبيقية من الأوساط العلمانية والاكاديمية الغربية، وجعلوا منها معيارا لتقويم وتفسير امسهم وحاضرهم وغدهم.
ولا يمكن التشكيك بأن الكثير من العبارات الرمزية وبزعم الغربيين التنبوئية لنوستراداموس والتي شكلت أساسا لتفسير وتعريف وقائع حاضر العالم ومستقبله، هي عبارات تحصلت من خلال عدة حالات كالتالي:
1- اعادة كتابة الأخباروروايات المصادر الإسلامية والتي تم تحويرها لصالح تحالف الصليب وصهيون؛
2- النبوءات الشفافة التي اصبحت اثر تحريفها على يد المحرفين تفسر جميع الوقائع لصالح بني اسرائيل؛
3- البرامج التي فبركت على يد استراتيجيي الأوساط السرية واستنادا بالطبع إلى معرفتهم بمصادر المسلمين ومعرفتهم التخصصية عن الظروف السياسية والاجتماعية السائدة.
وعلى أي حال فإن كل هذا مؤشر على ان هؤلاء خائفين من المستقبل ومن تلك البرعمة الخضراء التي ازدهرت في بيئة متجمدة. وبسبب محورية الذات الشيطانية والتعاليم العلمانية البحتة، فإنهم بصدد التدخل في مجريات التاريخ وتغيير مساره من خلال اجراءات محسوبة واستباقية لصالحهم وحسب اهوائهم. ان هذه العبارات التنبوئية تميط اللثام عن هاجس تحالف الصليب وصهيون ازاء المستقبل والدور الذي يضطلع به الرجال الشرقيون وكذلك تسرعه في اتخاذ اجراء رادع.
إن الاعتماد على هذه العبارات التنبوئية للمصادر الإنجيلية والتوراتية وأعمال مثل تنبؤات نوستراداموس، وفر هذه الإمكانية للغرب لكي :
1- يتخذ هذا الكلام الملفق كوسيلة لتصميم استراتيجيات سياسية وعسكرية؛
2- الايحاء بأن التفسيرات المقدمة والداعمة للاستراتيجيات، هي من الأمر المحتوم وموثوق بها؛
3- قلب الحقائق والخلط بين الحق والباطل؛
4- إيجاد المبرر والمسوغ لاجراءاته وكسب الدعم الجماهيري.
ولا بد من التذكير بأن هؤلاء اضفوا الطابع الديني والتنبوئي على كل ما يحتاجونه لفبركة استراتيجيتهم الشيطانية ضد الشرق الإسلامي ومن ثم قدموا أنفسهم على انهم منفذي الاوأمر الغيبية للاخيار والأنبياء.
ومن هنا يتضح دور المبشرين الايفإنجيليين التابعين للكنائس البروتستانتية والمسيحيين الاصوليين في أمريكا وبريطانيا في ترسيخ سلطة السياسيين وكسب الدعم الجماهيري لاجراءاتهم طوال أعوام النصف الثاني من القرن العشرين.
وان كان هناك شخص اجري لعام وأحد دراسات على تاريخ الأديان والأحداث التي طرات على الكتب التوراتية والإنجيلية المقدسة، سيعرف جيدا كيف ان التحريف والتحوير والتغيير ابعد هذه الكتب عن مصداقيتها الرئيسية ناهيك عن اعتبار هذه الكتب حجة وجيهة وفقا لعقيدة المسيحيين المتصهينين والاصوليين الإنجيليين المثيرة للسخرية، والاستناد إلى ظاهر آياتها لرسم وتنفيذ المخطط الالهي لمستقبل العالم.
إن “الكتاب المقدس” يتمتع على ما يبدو بالعصمة والحجية اللأزمة في سياق حوار هؤلاء الاصوليين بين المسيحية واللاهوت التوارتي ويمكن ان يُعتمد كمعيار لبناء المستقبل وفقا للمخطط الالهي والسماوي، بحيث أنه ان درس أحد بقدر مقال في أعمال وأقوال السياسيين وحماتهم الدينيين في الظاهر يعرف جيدا بأن الدين والتعاليم السماوية لا تحظي لدى هذه المجموعة، بمكانة في العمل الفردي والجماعي. وهؤلاء المستضعفون وبسبب عدم معرفتهم بالدين وكل ما يحدث لهم، يُغرر بهم ويدخلون الساحة كعمال للظالم.
ويجب التساؤل انه ما النسبة التي يمكن إيجادها بين اشخاص مثل رونالد ريغن وجورج دبليو بوش وجون بولتون وملكة بريطانيا وتوني بلير واوباما وكلينتون وغيرهم ممن وردت اسماؤهم في صفوف عملاء المحافل السرية بما فيها لجنة 300 وبيلدربرغ وفرسان مالطا واعضاء المحافل الماسونية وايلوميناتي؟
وعندما وصل رونالد ريغن إلى البيت الابيض مدعوما من الايفإنجيليين الاصوليين، تمني لو كان أول من يكبس على زر بدء حرب هرمجدون الذرية، وهو الذي قال:
“يبدو لي للمرة الأولي ان كل شئ في مكانه” وان انتظار هرمجدون ومجئ المسيح هو من كرامات شيخ المعبد الابيض هذا.
وقال ريغن أيضا:
إن اسرائيل هي تلك الديمقراطية الثابتة والرصينة غير المسبوقة التي يمكن الاعتماد عليها كمكان لوقوع حادثة هرمجدون.
وقد احتسي كلينتون الشراب الطهوري لهذا المعبد ليعلن:
نظرا إلى الحلم القديم لأرض الميعاد، فإننا نرنو اليوم إلى أرض الميعاد الجديدة.
ولهذا نري بأن جورج دبليو بوش يعتبر ان نور اميركا يسطع في الظلام الحالك ويعلن بأن الظلمة لن تنتصر على النور اطلاقا. وبرايه فإن المسلمين والشرق الإسلامي كانا مصدر ومنشأ الظلام.
وبوش الذي كان يُنمي في ذهنه فكرة الحرب الصليبية الثانية رصد عام 2006 مليارات الدولارات لتحقيقها على أرض الواقع.
والملفت ان العراق يحتل موقعا متقدما في مشروع آلهة “معبد صهيون” هؤلاء.
وفي الخطوة الأولي من المراحل التنفيذية لمشروع هرمجدون، فإن جحافل الايفإنجيليين تولت مهمة شرح المكانة الالهية والمقدرة للمشروع لدى الله و”الكتب المقدسة” وتبيان دور الواقعة في واقعة مجئ المسيح الثاني. وهذه الخطوة الأولي شبّعت اذهان الملايين من المسيحيين المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية بالعبارات التبشيرية لكي يهب المسيحيون البروتستانت هبة رجل وأحد للذود عن توجيهات رجال السياسة القابعين في البيت الابيض، والا يتوانوا عن بذل النفيس والغإلى من أجل ذلك.
إن السيد بيل غراهام المبشر الديني الذي عمل في خدمة اربعة رؤساء أمريكيين وكان رجل الدين الخاص بالبيت الابيض وتولي حفل تادية اليمين الدستورية للرؤساء الأمريكيين، أعلن منذ الأيام الأولي للهجوم على العراق واحتلال هذا البلد:
– ان العراق يحظي بأهمية إنجيلية بالغة، فهناك الجنة الثانية وموطن ادم وحواء؛
– ان هذه العلامة وما يحدث في أرض العراق، تمهد لمجئ المسيح الثاني الموعود؛
– ان كانت حكومة في العالم يمكن القول بأن ترابها جزء من تراب الأرض المقدسة، فإن هذا البلد هو بلا شك العراق؛
وقال قبل يوم من بدء الحرب على العراق خلال لقائه جورج دبليو بوش:
يجب ان نصلي اكثر. ان التاريخ يقترب من نهايته واننا سنعود ثانية إلى هذه البلاد.
وحتى انهم ومن خلال طباعة خريطة Land Bible أو الأرض المقدسة، كشفوا أكثربكثير من اليهود الصهاينة عن اطماعهم التوسيعة واطماعهم الإنجيلية للاستيلاء على البلدان الإسلامية.
وكان الجنرال كولن بأول رئيس هيئة اركان الجيوش الأمريكية قد قال عام 1991 وتزامنا مع حرب “الخليج الفارسي” الأولي:
إن الانتصار في أي حرب من دون الدعم الإعلامي ، أمر صعب وقد يكون ضربا من المحال.
وقد وفرت وسائل إعلام المبشرين الإنجيليين من خلال التمسك بالمكونات النفسية عن طريق اجهزتها الإعلامية الكبري، أرضية كسب ود ودعم الأمريكيين للاجراءات العدوانية للجيش الصليبي الغازي في العراق وافغانستان لكي يقدموا الاستيلاء على الاراضي الإنجيلية المقدسة واقتراف أي جريمة بانه عمل مباح وينجز باسم الله وتقربا إلى الله.
وقبل أعوام، بثت أحدي القنوات التلفزيونية الدينية الأمريكية التي تؤمن بتوجه نهاية الزمان أحد البرامج التبشيرية للسيد بني هين أحد المبشرين الإنجيليين البارعين. ويتحدث في مراسم الصلاة والخطبة امام الالوف ولمدة طويلة عن مجئ المسيح الثاني ويدعو الجميع في الختام ووسط النحيب والبكاء والدموع إلى الصلاة من أجل حفظ بني اسرائيل.
وفي ذلك البرنامج الخاص الذي نملك نسخة عن فيلمه في الارشيف، جاء هذا المبشر إلى المسرح بقس كان مكلفا لسنوات من الكنيسة البروتستانتية البريطانية للتبشير في العراق. وشرح هذا القس للحضور كيف انه زار بدعم من صديقه الذي كان أحد مستشاري اياد علاوي، وفي ذروة الخوف والاخطار في تلك الأيام، المواقع الدينية في العراق بما فيها مقبرة “وادي السلام” ومقبرة بعض أنبياء بني اسرائيل بمن فيهم حزقيال النبي. وفي ختام المراسم، دعا المبشر الإنجيلي، جميع الحضور إلى الصلاة والثناء من أجل تحرر هذه المقابر والسفر إلى العراق لزيارتها.
ومذاك كان يمكن تكهن ان هؤلاء يخططون لشئ ما للعراق وهذه المقابر وسيطبقون خططهم على يد رجال مثل اياد علاوي المتواجدين في الجهاز السياسي في العراق بعد صدام. وربما تعرفون بأن اياد علاوي كان يقف عقبة امام نوري المالكي في تشكيل الحكومة ولم يتراجع عن موقفه الا بعد ان حصل على عدة تنازلات.
إرباك التوازن السكاني؛ مكيدة صهيونية
وكشف صحفي اميركي يدعي فيين ماتسن أخيرا النقاب عن مخطط للكيان الصهيوني للسيطرة على الاماكن الدينية في العراق عن طريق شراء اراضي هذه الاماكن. وقد بث هذا الخبر موقع “فلسطين اليوم” الالكتروني. وحسب هذا الصحفي الأمريكي فإن ثمة خطة اسرائيلية يقوم من خلالها اليهود الاكراد في فلسطين المحتلة بزيارة الموصل ومحافظة نينوي تحت غطاء الوفود الدينية وزيارة المزارات التاريخية في العراق.
وقد سافر هؤلاء اليهود الاكراد إلى العراق منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وقاموا خلال هذه الزيارات بشراء اراض. انهم يعتبرون هذه الاراضي ملك تاريخي لليهود. ويؤكد فيين ماتسن ان الاسرائيليين يبدون اهتماما خاصا بمزارات أنبياء بني اسرائيل بمن فيهم ناحوم ويونس ودانيال وحزقيل وعزرا. انهم يعتبرون المزار والاراضي المحيطة به جزء من اسرائيل، كما يسمون القدس والضفة الغربية ب “يهودا والسأمرة”.
وقد كشف هذا الصحفي الأمريكي عن ان جهاز الاستخبارات الاسرائيلي (الموساد) قام بالتنسيق مع الميليشيا الكردية بمهاجمة المسيحيين الكلدانيين المقيمين في الموصل واربيل والحمدانية وقرة هوش وتل اسقف والعقبة ومن ثم نسب هذا الهجوم إلى “القاعدة”. وتتم هذه الهجمات لتفريغ المنطقة من الكلدانيين والاثوريين ليحل محلهم اليهود الكرد.
وفضلا عن ذلك أعلن مركز “دار بابل” للابحاث بأن توغل الكيان الصهيوني في العراق اتخذ ابعادا سياسية وتجارية وامنية.
واضاف هذا المركز بأن بنيامين اليعازر وزيرالتجارة الاسرائيلي آنذاك والمتحدر من اصل عراقي وولد في البصرة، تولي ادارة بعض الشركات التي قامت بنقل المجموعات الدينية الاسرائيلية إلى العراق.
إننا نركز دائما على المؤأمرات الثقافية والأخلاقية والعسكرية وأحيانا الاقتصادية فيما نغفل تهديدات ومخططات تحالف الصليب وصهيون. متجاهلين بأن ثمة اساليب أكثرتعقيدا تتبع لنسف الرساميل وابادة الاناس المستضعفين.
إن موضوع تحديد النسل والسكان المزعجين والمستهلكين اعتبر من وجهة نظر هؤلاء الذين يتابعون مخطط فرض الهيمنة والسلطنة على العالم وبلا منازع، اعتبر طيلة سنوات القرن العشرين من ضمن الهواجس وطبعا الاستراتيجيات الرئيسية والمهمة لاتباع الصليب وصهيون.
ولذلك فإن تحديد النسل والحد من تزايد السكان وتناقلات السكان وخفض عدد السكان الذين يعتبرونهم مضايقين ومزعجين في هذه المنطقة، وضع بطرق مختلفة على جدول الأعمال كما نفذ طيلة القرن العشرين.
إن سائر الأمم بمن فيهم سكان افريقيا وأمريكا اللاتينية الذين يعتبرونهم مستهلكين ولا طائل من ورائهم، تعرضوا للتهديد بطرق أخرى بما فيها نشر الأمراض المصطنعة وإثارة الحروب وتنفيذ انقلابات عسكرية. وقد كشف النقاب أخيرا عن استثمارات أمريكية ضخمة ودور الاجهزة الاستخباراتية الأمريكية مثل “بلاك ووتر” في قتل المسلمين في افغانستان وباكستان والعراق. وكان مقررا حسب الظاهر وحسبما افاد موقع “انتي وار” الاكتروني ان تقوم قوات بلاك ووتر المرتزقة بتنفيذ أوامر الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي أي اية) بتصفية كبار عناصر القاعدة، لكن حصيلة تواجدها وأدائها تمثل في القتل الرهيب للمسلمين في العراق وافغانستان.
وكان عملاء بلاك ووتر يتقاضون ألف دولار كأجر يومي.
وقد أكد اثنان من منتسبي بلاك ووتر أخيرا في بيان في المحكمة الفدرالية الأمريكية بأن اريك برنس مؤسس بلاك ووتر كان يعتبر نفسه جنديا صليبيا يؤدي واجبه من خلال إبادة المسلمين والدين الإسلامي. وكان زملاء اريك برنس يكافئون بسبب تدميرهم حياة العراقيين.
وعلى مدى ستين عاما، يقوم تحالف الصليب وصهيون بابادة الشعب الفلسطيني ضمن هولوكوست سافر وواضح للعيان.
وقد بثت قناة “برس تي في” أخيرا مقابلة مع الدكتور احمد اورابي متخصص طب الاطفال اجراها مع موقع “إمكان نيوز” الأخباري قال فيها ان عدد الاطفال الذين ولدوا مشوهين خلال العام الأخير في العراق قد ازداد، لكن لا أحد يهتم بهذا الأمر. وقد نشر أول تقرير عن ولادة مشوهي الخلقة في مدينة “الفلوجة” العراقية قبل نحو 15 شهرا تضمن صورا رهيبة عن هؤلاء الاطفال.
إن استخدام اميركا للقنابل الكيماوية عام 2004 وراء ولادة الاطفال مشوهي الخلقة في الفلوجة. فقد هاجمت القوات الأمريكية مدينة الفلوجة بمحافظة الانبار العراقية من الجو والبر تحت ذريعة القضاء على المسلحين في هذه المدينة.
وبمحاذاة ذلك، يقوم العلماء السلفيون بالتعاون مع تنظيم القاعدة الارهابي، باستكمال الاجزاء غير المكتملة من عمليات الصليبيين والصهاينة.
وقد كشف أخيرا قيادي في تنظيم القاعدة في اعترافاته النقاب عن ان قتل الشيعة في العراق يتم بتحريض من العلماء الوهابيين السعوديين.
وقد ادي القبض على محمد الحسن الشمري واعترافاته إلى اماطة اللثام عن التحريض الذي يمارسه شيوخ الوهابية لقتل الشيعة.
ومن يقدر على تجاهل دور العراق وايران وفلسطين واليمن في القضايا المهمة للسنوات التي تسبق الظهور والأخرى التي تليها.
ويجب القول بأن موضوع تحديد النسل وخفض السكان والذي يتابع في العالم الإسلامي بذرائع مختلفة، يجب اعتباره كعب اخيل المسلمين في مواجهة المؤأمرات. ان هذه القضية يجب ان تكون محط اهتمام اكبر فيما يخص المسلمين المجاهدين والمحتجين على ممارسات المستكبرين وكذلك الذين يضطلعون بدور مهم في واقعة الظهور وآخر الزمان.