المسيحيون المتصهينون:مُفصلّة القارات الثلاث

لقد قام الغربيون خلال السنوات المائتين الماضية بمهاجمة مناطق مختلفة من العالم عسكريا ودخلوا في حروب قصيرة وطويلة الامد، بحيث أن اميركا حاربت في “كوريا” و “فيتنام” وتدخلت بشكل كبير في عموم الصراعات والحروب الاقليمية والدولية، الا ان نظرة الغرب تجاه منطقة الشرق الإسلامي، فريدة من نوعها ولا يمكن مقارنتها بأي من المجالات التي تم اختبارها.
وهذه المنطقة من الناحية الجيوسياسية، تعتبر من المناطق الحساسة للغاية في العالم. وثمة تعبير استخدمه السيد شمس الدين رحماني لهذه المنطقة وهو عنوان أحد كتبه الا وهو: “مُفصلّة ثلاث قارات”. أي ان منطقة الشرق الاوسط، شانها شان المُفصلّة التي توصل القارات الثلاث ببعضها البعض. وهي قارات اسيا واوروبا وافريقيا.
بقلم اسماعیل شفیعی سروستانی

لقد قام الغربيون خلال السنوات المائتين الماضية بمهاجمة مناطق مختلفة من العالم عسكريا ودخلوا في حروب قصيرة وطويلة الامد، بحيث أن اميركا حاربت في “كوريا” و “فيتنام” وتدخلت بشكل كبير في عموم الصراعات والحروب الاقليمية والدولية، الا ان نظرة الغرب تجاه منطقة الشرق الإسلامي، فريدة من نوعها ولا يمكن مقارنتها بأي من المجالات التي تم اختبارها.
وهذه المنطقة من الناحية الجيوسياسية، تعتبر من المناطق الحساسة للغاية في العالم. وثمة تعبير استخدمه السيد شمس الدين رحماني لهذه المنطقة وهو عنوان أحد كتبه الا وهو: “مُفصلّة ثلاث قارات”. أي ان منطقة الشرق الاوسط، شانها شان المُفصلّة التي توصل القارات الثلاث ببعضها البعض. وهي قارات اسيا واوروبا وافريقيا.
وهذا الوضع الجيوسياسي والحساس لمنطقة الشرق الاوسط، ليس بجديد، وكلما رجعنا إلى الوراء، لا تنكمش هذه الحساسية، بل ان هذه المنطقة كانت حساسة ومهمة حتى في الأزمان الغابرة.
والملفت ان هذه المفصلة، كانت المهد والمؤسس للكثير من الحضارات. أي الحضارات الخالدة والمؤثرة التي تاسست في هذه المنطقة منذ الاف السنين وإلى عصرنا هذا.
وربما ان احتضان هذه المنطقة لكل هذه الوقائع والأحداث التي وقعت طوال التاريخ كان بسبب موقعها الجغرافي ومكانتها الاقليمية الخاصة وخصوصية اعراقها واثنياتها وأممها التي سكنتها أو الأهم من ذلك، بسبب العناية الالهية الخاصة تجاهها، أو لسبب آخر لا يعرفه أحد الا الله.
وعندما يراد دراسة جذور الاتصال المعنوي للإنسان في الكون، فإننا سنصل إلى هذه المنطقة. وعندما يدرسون مهد الشجاعة والفتوة على  صعيد الكرة الأرضية والذي ادي إلى نشوء الامبراطوريات الكبرى فإنهم سيصلون أيضا إلى منطقة الشرق الاوسط. كما انه في الألفيات الماضية، كانت امبراطوريات كبيرة تحكم في هذه المنطقة. فضلا عن ان جميع الديانات ظهرت في هذه المنطقة وان جميع الأنبياء العظام عاشوا فيها.
ولم نسمع ان كانوا تحدثوا عن نبي كبير في منطقة بعيدة ونائية ، في حين ان هذه المنطقة كانت مقر الأنبياء وظهور كبار الأنبياء الالهيين وكذلك منطقة دعوتهم. وقد نزلت الكتب السماوية في هذه المنطقة.
ونريد من خلال ذكر هذه النقطة، ابراز حساسية هذه المنطقة والتاكيد على  انها مكان خاص.
ان معرفة سكان منطقة الشرق الاوسط ، بأهمية منطقتهم، ضئيلة جدا مقارنة بالاناس الذين يعيشون خارجها، لاسيما وان منطقة الشرق الاوسط كانت خلال الأعوام المائتين الأخيرة، محط اهتمام ودراسة المراكز الامنية والاستخباراتية والبحثية في الغرب، كما اسدت مراكز الاستشراق خدمات قيمة للغرب. ان الجزء الرئيسي من الدراسات حول خصائص وميزات الشرق الاوسط انجزت على  يد هؤلاء قبل ان تنجز على  يد المسلمين.
ولا باس من الإشارة إلى اننا ناتي على  ذكر تسمية “الشرق الاوسط” بتسامح.
وهذه المنطقة المركزية، تشبه مفترق طرق يفصل اوروبا واسيا وافريقيا وروسية عن أحداها الآخري. وتحدها من الغرب، منطقة الصحراء والبحر الابيض المتوسط ومن الشمال، البحر الاسود وجبال القوقاز وسلسلة جبال البرز والهندوكوش ومن الشرق، سهول الهند ومن الجنوب، المحيط الهندي.
والنقطة الملفتة هي انه لا يوجد هناك اتفاق في وجهات النظر حول الحدود الجغرافية للشرق الاوسط.
فالقائمة التقليدية لوزارة الخارجية الأمريكية، تصنف المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر و”اسرائيل” (فلسطين المحتلة) وسورية ولبنان والاردن وايران والعراق واليمن والبلدان الاعضاء في مجلس التعاون ضمن هذه المنطقة.
ويعتبر مؤلفو كتاب الجغرافيا الاستراتيجية للشرق الاوسط ، ان جميع الدول المعنية بشكل مباشر بالصراعات المهمة في المنطقة، بما فيها الصراع العربي الاسرائيلي ومنطقة الخليج الفارسي وبحر قزوين وجنوب اسيا، هي جزء من الشرق الاوسط.
وبيّن مؤلفا كتاب “الجغرافيا الاستراتيجية للشرق الاوسط” جفري كمب وروبرت هاركاوي موقع الشرق الاوسط وكتبا:
“ان الشرق الاوسط كان من الناحية التاريخية، آصرة تربط الامبراطوريات والسلالات والثقافات والجيوش في زمن السلم والحرب للذين كان بوسعهم الوصول إلى البلدان الحيوية والطرق المائية التجارية،  واستخدموا هذه القوة وحصلوا على  فرص ملحوظة. في حين ان نحو 70 بالمائة من الاحتياطي العالمي المؤكد من النفط وازيد من 40 بالمائة من مصادر الغاز الطبيعي، توجد داخل هذه المنطقة”.
ورغم ان قائمة الدول التي اعتبرت ضمن منطقة الشرق الاوسط ، مختلفة لكنه ليس خافيا بأن جميع البلدان الإسلامية تقع في هذه المنطقة المهمة من العالم.
ويشرح الكتاب المذكور حدود هذه المنطقة وياتي على  ذكر الأهمية الطبيعية لكل من الاضلاع الشمالية والجنوبية والغربية والشرقية للشرق الاوسط ، ويقول:
“إن التجار والمسافرين والمقاتلين والملوك وجميع الذين يريدون الوصول إلى السلطة والثروة في الشرق الاوسط ، لا بد لهم من البحث عن طرق تمكنهم من التغلب على  العوائق الجغرافية العديدة في المنطقة. ان الوضع الظاهر للشرق الاوسط يعد عاملا مهما ومؤثرا على  مشاريع الوصول إلى السلطة، حتى في العصر الحاضر، حيث عصر الصواريخ والاسلحة الجماعية”.
ومن وجهة نظر الذين يدرسون الشرق الاوسط استراتيجيا، فإن هذه المنطقة تملك حدودا برية ومائية قوية تجعل من الصعب التغلب على  مجمل جغرافيا المنطقة.
ان منطقة “الصحراء” التي تضم اكبر الصحاري في العالم والتي تزيد مساحتها عن 3.5 ميليون كيلومتر مربع من ناحية الغرب، جعلت من الصعب السيطرة على  الشرق الاوسط بقدر الدور الذي تضطلع به جبال البرز في الشمال. فضلا عن سلسلة جبال الهندوكوش التي شكلت طوال القرون سدا منيعا امام اسيا الوسطي.
وماعدا العوائق الطبيعية المهمة التي تحتضن منطقة الشرق الاوسط بداخلها، فإن طرق الملاحة البحرية في المنطقة والتي تضم بوابات ومضائق مهمة واستراتيجية، قد زادت من اهميتها.
وهذه المضائق المهمة هي:
•    مضيق جبل الطارق الذي يسيطر على  جميع الطرق البحرية بين المحيط الاطلسي وحتى غرب البحر الابيض المتوسط
•    قناة السويس وكل شبه جزيرة سيناء في شرق الابيض المتوسط ، وإلى جانب خليج السويس والعقبة والتي تحظي بأهمية استراتيجية بالغة. وهذه القناة، تعد البوابة الرئيسية لاوروبا وشبه القارة الهندية.
•    مضيق باب المندب، ويقع عند التقاء البحر الاحمر وخليج عدن، يبلغ طول اضيق جزء منه 15 ميلا، ويمتد من القرن الافريقي حتى شبه الجزيرة العربية. ويمكن في ظل السيطرة على  هذا المضيق، اغلاق الطرق الموصلة إلى البحر الاحمر وقناة السويس. وهذا المضيق يعد البوابة البحرية الرئيسية الثانية.
•    مضيق هرمز، الذي يفصل ايران عن شبه الجزيرة العربية. وهذا المضيق يشكل الممر الرئيسي للنفط من الخليج الفارسي والوصول إلى المياه الحره.
إن كلا من هذه المناطق والعوامل الجغرافية، تضطلع بدور رئيسي في التطورات السياسية والاقتصادية والعسكرية للمنطقة، وحيث وقعت فيها صراعات كبيرة طوال التاريخ.
ولا بد من الإشارة هنا إلى انه قلما نري أحدا في الشرق الإسلامي، ينتبه إلى موقع هذه المنطقة واهميتها في جغرافيا الأرض. وطالما انه لم يتم التعرف بالكامل على  هذه المنطقة، لا يمكن الحديث عن ماضيها وحاضرها ومستقبلها وكشف سر العديد من التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية. ولا ننسى بأن الغرب لا يرغب اطلاقا بالكشف والبوح عن معطيات هذه المنطقة، بين المسلمين.
ومنذ الأعوام الأولي من ظهور الإسلام وتشكيل الدولة الإسلامية، حتى نشاة الامبراطورية الإسلامية على  مدى 1200 عام، فإن الإسلام كان الدين الرئيسي وصاحب الاثر في الشرق الاوسط. ومعظم سكان هذه المنطقة في الوقت الحاضر هم من المسلمين.
ومع نمو وانتشار الإسلام، فإن سائر الثقافات الوطنية والمحلية تاثرت بالثقافة والحضارة الإسلامية. وهذه الثقافة حافظت كحريم آمن ومتين، على  الجغرافيا الإنسانية في هذه المنطقة. وتم في ضوء الترابط بين الجغرافيا الأرضية والثقافية، والتواصل بينهما بواسطة الثقافة الدينية السائدة والمواقع الدينية والمساجد والمزارات الموجودة على  امتداد الشرق الاوسط، فإن هاتين المجموعتين تشابكتا مع بعضهما البعض، لدرجة ان التعرض لأحداهما، يعد تعرضا للأخرى ويثير ردود فعل عامة لدى المسلمين. بحيث أنه ان تعرض أي من اوجه وعناصر هذين المجالين (الجغرافيا الأرضية والثقافية) للعدوان الاجنبي، فإن ذلك سيتسبب بإثارة حماسة لا يمكن التحكم بها بين المسلمين.
ومن يملك تجاهل الاثار الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وحتى السياسية ل”الحج” الذي يقيم ترابطا واتصالا مباشرا أو غير مباشر بين عدة ملايين من المسلمين؟
إن سر المراقبة الحديدية لمناسك الحج، والحد من انتشار القضايا السياسية بين الحجاج، يكمن في هذا الشئ.
وبمنأي عن التقاليد الجارية بين المسلمين والاعياد والاحتفالات، فإن مراسم مثل اليوم العالمي للقدس والتي تقام في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، اسهمت في الأعوام الأخيرة في اتخاذ مواقف مشتركة بين عموم المسلمين تجاه القضايا السياسية والاجتماعية ذات الاهتمام المشترك. ويمكن مشاهدة مدى تاثير هذه المواقف المشتركة، في التعامل بين المسلمين في الشرق الاوسط والابعد من ذلك، التصدي للاساءة الموجهة إلى مقام نبي الإسلام محمد(ص).
وكما ان مجمل الدوافع الدينية تسببت في الماضي باندلاع الحروب الصليبية على  مدى مائتي عام بين المسلمين والمسيحيين، فإن أحداثا من هذا القبيل، يمكن ان تؤدي مرة أخرى إلى وقوع اكبر صراع وتحدي طويل الامد في الشرق الاوسط. الصراع الكبير الذي يمكن ان يفضي إلى الزوال والسقوط الشاملين للغرب على  عتبة الشرق الإسلامي.
إن الغرب، على  علم بهذه الإمكانيات والقوة الكامنة في الشرق الاوسط ، وهو بصدد اعتماد اسهل الطرق واقلها كلفة للسيطرة على  الموقف، وإيجاد سبيل يؤدي إلى تقويض واضعاف المسلمين وقمع الحركات الإسلامية.
وبالنسبة للبلاد التي وقعت فيها كل هذه الأحداث الهائلة، يوجد دائما احتمال ان تقع هكذا أحداث من جديد. وان هذه المنطقة جاهزة على  الدوام لوقوع هكذا وقائع. وكأن الحركات الكبرى والتواجد في الميادين المهمة، هو من طبيعة وجوهر هذه المنطقة، وترابها وشعوبها. أي انه ان أصبحهذا الاستعداد مستترا كالرماد تحت النار، بفعل ظروف خاصة مثل الضغوط السياسية والعسكرية فإنه سيطفو على  السطح ويخرج إلى حيز الوجود في أول فرصة، ويتسبب بوقوع الحادث اللاحق. لذلك فإن اراد أحد ان يكون القوة المتفوقة في العالم فعليه وفقا لما تمليه السياسة واسس الحكم والتدبير والذكاء، ان يراقب ويرصد هذه المنطقة. وان يتعرف على  مواهب وكفاءات هذه المنطقة وبمجرد الشعور بأن ثمة احتمالا ان تتحول المواهب من حالة الكمون إلى الفعل، ان يفكر بالأمر مليا. وحتى ان يتخذ اجراء رادعا من أجل الحد من وقوع شئ ما.
وهذه المعطيات تكفي لنعلم بأن منطقة الشرق الاوسط وبسبب حساسياتها، كانت على  الدوام محط اهتمام ودراسات الغرب.
إن انتشار البلدان الإسلامية بكل قدراتها ومواهبها الفكرية والدينية في هذه المنطقة، يزيد من حساسية الموضوع، لان تراكم  الكفاءات الجغرافية والثقافية هو أكثرفاعلية من أي قنبلة.
والا يكفي هذا لنسلم بأن الغرب، لن يغض الطرف أبدا عن هذه المنطقة والمسلمين وادائهم، ولن يترك المسلمين وفعالياتهم وشأنهم؟
إن القسم الاكبر من الاحتياطي النفطي في العالم، أو بالاحري ثروة العالم، يقع في هذه المنطقة. بعبارة أخرى فإن الماضي التاريخي والثقافي بجانب الثروة والرساميل الكبيرة في العالم، مجتمعة في هذه المنطقة.
إن الماضي التاريخي لمنطقة الشرق الاوسط، يبرز نفسه امام الغرب بالتمام والكمال. وبعبارة أخرى فإن الشرق الإسلامي يقارن نفسه مع تيار استكباري واناني.
وفضلا عن الماضي التاريخي، فإن الماضي الثقافي للمنطقة يبرز نفسه هو الآخر. ومن الناحية الثقافية فإن الشرق، يتحدي الغرب أيضا. وإضافة إلى هذا الماضي، فإن الشرق يملك اليوم اكبر مصدر للثروة في العالم بحيث أن الغرب بحاجة اليه، ولا يمكن حاليا تكهن متي سيصبح الغرب في غني عن ثروات ومصادر هذه المنطقة. لكن يمكن القول بأن الغرب لا يمكن ان يستغني عن مصادر هذه المنطقة لمائة عام مقبلة على  اقل تقدير. وقد اصبحت اوروبا تعتمد بشدة على  مصادر هذه المنطقة منذ الثورة الصناعية في بريطانيا وبعدها. وتصوروا ان المنطقة التي جعلت الغرب يعتمد عليها، وهذه التبعية التي يتوقف عليها وجود الغرب من عدمه، تحمل اعظم رسالة ثقافية في القرن الحادي والعشرين أيضا.
وربما ان العبارات التي استخدمها “هنري بوانجه” في ديسمبر 1919 قبل تشكيل مؤتمر السلام في كتاباته مع “كلمانسو”، تميط اللثام عن مدى أهمية النفط والطاقة الكامنة تحت الأرض في الشرق الاوسط والخليج الفارسي، بالنسبة للغربين، عندما قال:
“ان البلاد التي تملك النفط ، ستملك الامبراطورية. ان امبراطورية البحار التي تتحقق بواسطة المواد النفطية الثقيلة، وامبراطورية السماوات التي تاتي من خلال اكتساب المواد النفطية وامبراطورية اليابسة التي تتحقق بواسطة البنزين والنفط ، وامبراطورية العالم التي تنشأ بواسطة القوة المالية التي تعتمد بدورها على  مادة النفط الحيوية، هي أكثرقيمة وقدرا واشرافا من الذهب الكامن في باطن الأرض”.
ولا ننسى بأن اقل من 5 بالمائة من احتياطي النفط في العالم، متعلق باميركا. في حين ان حاجة اميركا إلى النفط تزداد يوما بعد يوم، ويصبح اعتمادها على  نفط الشرق الاوسط أكثرفاكثر.
وحتى ان ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش حذر في تقرير بأن اميركا تعتمد في الوقت الحاضر على  نفط الشرق الوسط بنسبة 65 بالمائة وهذه النسبة سترتفع إلى 80 بالمائة عام 2020 و 95 بالمائة عام 2030.
ووضع اوروبا الغربية ليس بافضل من اميركا. ان واردات اوروبا الغربية من النفط بلغت عشرة مليارات دولار عام 1969 فيما وصلت إلى 50- 60 مليار دولار عام 1974.
في حين ان احتياطات نفط العديد من بلدان العالم، ستنفد خلال الأعوام المقبلة فيما يتوقع ان تستمر احتياطيات النفط في الخليج الفارسي إلى 112 عاما آخر.
إن الارقام التالية تظهر بوضوح الأهمية الاقتصادية لمنطقة الخليج الفارسي:
إن نسبة الاحتياطيات تجاه الانتاج مع الاخذ بعين الاعتبار السنوات المتبقية حتى تفرغ مخازن تحت الأرض من النفط ونظر إلى نسبة الاستخراج الحالي، هي كالاتي: اميركا  والنروج 10 سنوات، كندا 8 سنوات، ايران 53 سنة، الامارات 75 سنة، العربية السعودية 55 سنة ، الكويت 116 عاما والعراق 526 عاما.
وهذه الارقام تظهر ان جميع احتياطيات اميركا من النفط ستنفد خلال الأعوام العشرة المقبلة، لكن احتياطيات الشرق الاوسط ستستمر حتى 526 عاما آخر.
إن مدى معلوماتنا على  الاحتياطيات والثروات المادية والثقافية للشرق الإسلامي، ضئيلة للأسف ونصدر احكاما على  أساس المعطيات المنقوصة ونحلل الأحداث بناء عليها.
إن الاحتياطيات النفطية حولت جغرافيا الشرق الاوسط لاسيما الخليج الفارسي إلى “جغرافيا استراتيجية”. ان الجغرافيا الاستراتيجية  تتوقف على  المراقبة أو الوصول إلى مجالات مثل الأرض والماء والطاقة والفضاء والتي تؤثر بدورها على  امن الشعوب وتقدمها الاقتصادي.
إن “الجغرافيا الاستراتيجية” هذه هي بتصرف المسلمين في الوقت الحاضر.
وفي الوقت ذاته، فإن هذه المنطقة، تحوي على  مواهب تدخل في بناء الحضارة، كما ان تطورات هذه المنطقة تلقي بظلالها على  اسيا واوروبا وافريقيا، وفي ضوء ظروف كهذه، فإن من الطبيعي ان يواظب الغرب على  الدوام على  مراقبة هذه المنطقة والسعي للهيمنة عليها.
وفي الظروف التي يملك فيها المسلمون أهم الجغرافيا الاستراتيجية في العالم، فإن موجة الصحوة الدينية والتوجه نحو المعنوية لاسيما الإسلام، تجتاح جميع الحدود، بحيث يتوقع ان يشكل المسلمون، العدد الاكبر من سكان اوروبا خلال العقدين المقبلين. ويملك الغرب معلومات كافية ووافية بهذا الخصوص.
والآن يجب التساؤل انه في ظل ظروف كهذه:
1-    ما الموقف الذي سيتخذه الغرب تجاه الشرق الإسلامي والمسلمين والشيعة؟؛
2-    بأي موقف يجب ان ينظر سكان هذه المنطقة، أي المسلمون إلى الغرب ومكونات الدلتا المشؤومة “اميركا وبريطانيا والكيان الصهيوني”؟؛
3-    ما العمل من أجل مواجهة التهديدات وإيجاد الحصانة الثقافية والسياسية والعسكرية لسكان البلدان الإسلامية؟؛
4-    أي مواصفات يجب ان تتمتع بها استرتيجية الحكام لادارة البلاد الإسلامية؟؛
5-    كيف يمكن تنشئة وتدريب الجيل الصاعد للتصدي للمستقبل؟؛
6-    كيف يمكن تلبية الاحتياجات الثقافية لعدد كبير من سكان العالم ممن يتوجهون نحو الإسلام والمعنوية؟؛
7-    بأي رؤية يجب النظر إلى الثقافة والحضارة الغربية والتساؤل بشانها؟؛
8-    ما المكانة التي تتمتع بها الثقافة المهدوية بين مجمل العلاقات والتعاملات المادية والثقافية؟
وأخيرا، كيف يمكن التخلص من الحوارات الكليشية لليوم العالمي لمقارعة الاستكبار؟.

یتبع ان شاء الله

شاهد أيضاً

من بروتوكولات زعماء صهيون إلى انفلونزا الخنازير

ثمة رواية عن الامام على  بن موسى الرضا (ع) ما مضمونها انه : عندما يقدم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.