المسيحيون المتصهينون: المسيحية الصهيونية

اسماعیل شفیعی سروستانی
إن الحديث عن موعود الأديان ومنقذ آخر الزمان، يندرج ضمن أكثرالموضوعات الجارية الزاما في علاقاتنا الاجتماعية. ان الطبيعة متعددة الاوجه لهذا الأمر المقدس، تتطلب ايلاء الاهتمام لنطاقاته واوجهه المعرفية المختلفة؛ فضلا عن انه لا يمكن تجاهل الحديث من الناحية الكمية والكيفية عن العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمسلمين وكل ما يسهم في تعزيزهم أو اضعافهم.

 

اسماعیل شفیعی سروستانی
إن الحديث عن موعود الأديان ومنقذ آخر الزمان، يندرج ضمن أكثرالموضوعات الجارية الزاما في علاقاتنا الاجتماعية. ان الطبيعة متعددة الاوجه لهذا الأمر المقدس، تتطلب ايلاء الاهتمام لنطاقاته واوجهه المعرفية المختلفة؛ فضلا عن انه لا يمكن تجاهل الحديث من الناحية الكمية والكيفية عن العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمسلمين وكل ما يسهم في تعزيزهم أو اضعافهم.
إن المهدوية، ليست موضوعا تجريديا مخصصا لأيام الخلوة وظروف غياب الموقف تجاه كل ما يعرض ثقافة وكيان الشيعة للخطر. بل العكس، وبسبب انتسابه إلى المقام السامي لصاحب الأمر(عج) بوصفة حجة الله، والموعود المنتظر والهادي ومهدي آخر الزمان، يدعو المسلمين لاسيما الشيعة على  الدوام إلى التحلي بالوعي والترقب والاهتمام بالوقائع الجارية، لكي تبقي ساحة هذه الثقافة الاصيلة وجغرافيا البلدان الإسلامية والشيعية بمناي عن كيد الاعداء وفي امان من الضلال العقائدي والثقافي والسياسي والاقتصادي، خاصة في عصر الفتنة والبلاء في آخر الزمان.
ولا يكفي الحديث عن الغيبة الصغري والنواب الاربعة وفلسفة الانتظار وموضوعات من هذا القبيل، بالنسبة لاولئك الذين يريدون حقيقة أن  يكونوا من المنتظرين المتحلين بالمعرفة والوعي والمترقبين المستعدين للحضور والمقاتلين الجاهزين للشهادة في ركابه.
إن معرفة حق وباطل الزمان بالتلأزم مع تقوية الجسم والروح في هذا العصر، يمكن أن  تحول الإنسان المسلم إلى مدّاح عارف على  طريق الجهوزية والانتظار.
***
إن عامة الناس، يعتبرون جماعة من اليهود على  انهم الصهاينة، ويجهلون التيار الثاني بين المسيحيين الذين هم أكثرتزمتا وتطرفا من الصهاينة اليهود. ويعتبر التيار الكاثوليكي والارثذوكسي والبروتستانتي والارمني، الأكثرشهرة من بين التيارات الرئيسية للكنيسة المسيحية اذ تضم هذه التيارات، العدد الاكبر من المسيحيين. وفي هذا الخضم، فإن البروتستانت الذين يعيشون عموما في بريطانيا واميركا، يبدون تعلقا غريبا ببني اسرائيل واليهود.
ومن بين نحو 400 كنيسة فعالة في اميركا، هناك ازيد من 110 كنائس تعود للبروتستانت. وبطبيعة الحال يتولي هؤلاء عن طريق الالوف من المحطات الاذاعية والتلفزيونية مهمة توفير المادة الثقافية لانصارهم واتباعهم على  مدار الساعة. يذكرأن  الحد الاقصي من المسيحيين الأمريكيين هم من البروتستانت. وعلى  الرغم منأن  جميع الفرق المسيحية، تأمل وتنتظر مجئ المسيح الثاني، لكن البروتستانت أكثربروزا وتميزا في هذا المجال بسبب الاهتمام بموضوعين واصرارهم والحاحهم عليهما.
الأول، هو موضوع نهاية الزمان والتمهيد لمجي السيد المسيح(ع)؛
الثاني، هو التعلق المفرط ببني اسرائيل، لدرجة انهم يعتبرون أنفسهم خدام اليهود ويؤمنون حتى بأن الله اغدق بكل هذه النعم والخيرات والثروات على  اميركا، من أجل عيون بني اسرائيل.
وأظن أن القراء الكرام، قد اكتشفوا في ضوء هذا، بأن هذا الموضوع، يشكل أحد الاسرار المهمة لصمت وسكوت وحتى دعم اميركا للجرائم التي يرتكبها المحتلون الغزاة في فلسطين وغزة. ومنذ القرن السادس عشر وبفعل اختراق اليهود التدريجي للمسيحيين، ادي تيار نهضة الاصلاح الديني أو ما يعرف بالبروتستانتية، إلى انعقاد نطفة تيار المسيحية الصهيونية أو المسيحيين المتصهينين.
إن هذا التيار يصر دائما على  فرضية أن  السيد المسيح(ع) سياتي لليهود، في إطار حرب ذرية كبرى في فلسطين المحتلة لا تبقي ولا تذر ، في صحراء تعرف ب “هرمجدون”. وتم لحد الآن انتاج عشرات الأفلام السينمائية القوية في الغرب، حول هرمجدون، أي حرب اليوم الأخير أو نهاية الزمان. وفي هذه الفرضية، تنقسم شعوب العالم إلى فئتي الخير والشر، فقوي الخير تؤازر وتساند جملة الصهاينة والمحتلين، وقوي الشر تتألف من المسلمين والعرب والمعأرضين لاسرائيل.
ومن وجهة نظرهم، فإن قوتي الخير والشر الكبيرتين، تقفإن في معركة هرمجدون لنهاية الزمان، وجها لوجه في تلك الصحراء، فتباد قوي الشر أي المسلمون والعرب ومن معهم، عن بكرة ابيهم، ويمسك المسيحيون بالحكم لألف سنة، ويظهر السيد المسيح(ع) خلال هذه الحرب ويدعم المسيحيين.
ومن جهة آخري، نعرف  ان هذه الجماعة المتزمتة، اقتحمت السياسة منذ النصف الثاني من القرن العشرين، وادت إلى قيام تيار سياسي خاص في “البيت الابيض”. التيار الذي نجح في ايصال السيد جورج دبليو بوش إلى سدة الحكم لثماني سنوات.
وكان فريق بوش يخضع بشدة لهذه التعاليم وكان يقدم المشورة لرئيس الجمهورية فضلا عن تادية مراسم اليمين في البيتالابيض، وقدم لحد الآن مساعدات مالية ودعما غريبا للكيان المحتل للقدس. ويعرف المسيحيون المتصهينون بالمسيحيين الاصوليين والمسيحيين الإنجيليين والايوإنجيليين أيضا، ويؤمنون بأن من واجب الادارة الأمريكية التمهيد لمجئ السيد المسيح(ع)، حسب روايتهم، وتحظي معركة هرمجدون وابادة المسلمين والعرب، بمكانة خاصة في هذا الخصوص. وربما سمعتم بأن الصهاينة اقدموا خلال العقد أو العقدين الأخيرة مرارا على  تدمير “بيت المقدس” و “المسجد الاقصي”. ان محاولاتهم لتدمير هذه المساجد، كانت اكبر من الصهاينة اليهود انفسهم. انهم يؤمنون بأن هرمجدون ومجئ السيد المسيح(ع) يمران عبرتدمير المسجد الاقصي وبناء المعبد المزعوم والمجهول لبني اسرائيل بدلا منه. إن مبشري هذا التيار، يحاولون، استقطاب حشد غفير من المسيحيين وغير المسيحيين في صفوفهم عن طريق التبشير الإنجيلي.
وان عرفنا بأن ملكة بريطانيا، هي على  راس الكنيسة البروتستانتية في بريطانيا، ندرك حينها سبب الدعم الأمريكي والبريطاني المستديم للكيان المحتل للقدس.
وبكل الاحوال، وكلما مر الزمن، تصبح الاصطفافات أكثروضوحا ودقة. ومن هنا فصاعدا، سيحدد كل شخص في أي مكان في العالم، موقفه وحالته.
والملفت أن  هؤلاء يعلمون أن  رجلا من ذرية خاتم الأنبياء سيظهر من منطقة “الجزيرة العربية” ويخشون ظهوره.
***
إن المسيحية الصهيونية هي تيار سياسي واقتصادي وعسكري، يمسك بزمام السلطة اليوم في اميركا وبعض الدول الغربية بالاعتماد على  التنبؤات المتعلقة بنهاية الزمان.
واشرنا إلى أن  المسيحية الصهيونية، تري من خلال الرجوع إلى المصادر التوراتية والايمان بنبوءات الكتب المحرفة لليهود، ان مجئ السيد المسيح(ع) مشروط بوقوع حرب عالمية كبرى ونووية، وتعلن أن  مركز هذه الحرب الضروس ستكون منطقة “هرمجدون” في فلسطين المحتلة. ووفقا لهذه التنبؤات فإن اندلاع حرب هرمجدون رهن هو الآخر بتشكيل اسرائيل الكبرى وسيطرة اليهود على  فلسطين برمتها وحتى ابعد منها أي سورية والعراق.
وواضح تماما بأن هؤلاء قد حددوا جميع حلقات هذه السلسلة، ويعتبرون أن  آخر حلقة هي ازالة العقبات التي تعترض اسرائيل أي تدمير البلاد الإسلامية وقمع أي حركة للمسلمين والشيعة وعلى  وجه الخصوص “ايران الإسلامية” تنادي بالعدالة، بحيث أنهم وفقا لهذه الفرضية، يدخلون العراق ويحلمون بالهيمنة على  السعودية وايران ويمهدون من خلال تدعيم اسرائيل بالكامل، لاندلاع ما يسمي بالحرب المقدسة. وهنا يجب التساؤل:
1-    من اين أتت هذه المجموعة؟
2-    على  أي مراجع تستند مزاعمهم؟
3-    لماذا يستهدفون الثقافة المهدوية، ويتخذون من موضوع الظهور ذريعة؟
4-    اين هو منشاهم التاريخي والاجتماعي والسياسي؟
5-    كيف يمكن التهيؤ والاستعداد لمواجهتهم؟
6-    ما هو مشروعهم وبرنامجهم المستقبلي لمواجهة الثقافة الولائية والروح الجهادية؟
و… .
إن إيجاد الردود الملائمة لمئات الاسئلة من هذا القبيل، رهن بالدراسة والبحث والتحري الجاد، لكن ورغم وجود مئات المنظمات والمؤسسات الرسمية والدولية في البلاد، والتي تمول من المال العام ووجود الوف الموظفين والباحثين و … في ارجاء العالم، فإن أي بحث ودراسة جادة لم تنجز في هذا المجال، فيما تم اليوم في الغرب انتاج مئات الأفلام حول نهاية الزمان وأحداث السنوات العصيبة لعصر الظهور، وهناك أكثرمن 1550 قناة تلفزيونية ومحطة اذاعية تعمل على  مدار الساعة لبث اهداف وادبيات هذه المجموعة وايصالها إلى اسماع العالم. ان عدم اهتمام المنظمات والمؤسسات الثقافية الرسمية في البلاد في دراسة هذه التيارات، دفع بوسائل إعلامنا إلى اعطاء تحليلات هزيلة ومن الدرجة الثانية وسياسية واقتصادية بحتة عن تحركات العدو، والتغافل عن توجيه التحذيرات والانذارات إلى المسلمين من الاخطار التي تتهددهم.
إن الغرب ادرك اليوم وأكثرمن أي وقت مضي، قوة وفاعلية العقيدة المهدوية وفكرة آخر الزمان، ووجد أن  ليس بمقدوره تحقيق نتائج ان اتبع السياسات التي انتهجها قبل قرن، والتي تمثلت في إيجاد فرق مثل البهائية. وبناء على  ذلك فقد دخل الساحة، من خلال اعتماد سياسة معقدة ومتعددة الاوجه وقوية.

يتبع إن شاء الله
جـمیع الحقـوق مـحفوظـة لمركز موعود الثقافی
لا یسمح باستخدام أی مادة بشكل تجاریّ دون أذن خطّیّ من ادارة الموقع
ولا یسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.

شاهد أيضاً

من بروتوكولات زعماء صهيون إلى انفلونزا الخنازير

ثمة رواية عن الامام على  بن موسى الرضا (ع) ما مضمونها انه : عندما يقدم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *