الجاهلية الحديثة ( الثانية):القتل الصامت؛ الوأد في العصر الحديث

العلامة آية الله السيد محمد حسين الحسيني الطهراني (رض)
تعارض فلسفة الإسلام وروح الإيمان مع تحديد النسل

إنّ تحديد النسل وخفض عدد السكّان‌ بأي طريقة كانت‌ ، سواء الخوف‌ من‌ الفقر ومشاكل‌ الحياة والعيش‌ هو ضدّ فلسفة‌ الإسلام‌ و روح‌ الإيمان‌.
“وفِي‌ السَّمَأءِ رِزْقُكُمْ وَ مَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَآءِ وَ الاْرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مّـِثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ”؛

العلامة آية الله السيد محمد حسين الحسيني الطهراني (رض)
تعارض فلسفة الإسلام وروح الإيمان مع تحديد النسل
إنّ تحديد النسل وخفض عدد السكّان‌ بأي طريقة كانت‌ ، سواء الخوف‌ من‌ الفقر ومشاكل‌ الحياة والعيش‌ هو ضدّ فلسفة‌ الإسلام‌ و روح‌ الإيمان‌.
“وفِي‌ السَّمَأءِ رِزْقُكُمْ وَ مَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَآءِ وَ الاْرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مّـِثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ”؛ 
أي إنّ رزقكم‌ وجميع‌ الوعود الإلهية موجود في‌ السماء يقيناً وحتماً ، لاشك‌ ولا ترديد في‌ مسلّميّة‌ ذلك‌ ، كما لا يدع‌ أحدٌ منكم‌ الريبَ يتطرّق‌ إلی نفسه‌‌.
“ومَنْ يَتَّقِ اللَهَ يَجْعَل‌ لَّهُ مَخْرَجًا * وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ علی اللَهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَهَ بَـ’لِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَهُ لِكُلِّ شَيٍ قَدْرًا”؛
وقد ذخر في‌ هذه‌ الآيات‌ المباركة‌ علی اختصارها خمسة قوانين‌ فلسفيّة‌ إلهيّة‌:
أولا ‌: إنّ من‌ يسلك‌ سبيل‌ التقوى‌ لن‌ يواجه‌ عقبةً وطريقاً مسدوداً ، بل‌ سيكون‌ له‌ فسحةٌ وسبيلٌ من‌ أمره‌.
الثاني‌: إنّ الله‌ سيرزقه‌ من‌ حيثُ لا ينتظر ولا يحتسب‌.
الثالث‌: انّ الله‌ سيكفي‌ من‌ يتوكّل‌ عليه‌ في‌ أموره‌ وينوبُ عنه‌ في‌ قضائها.
الرابع‌: إنّ الله‌ ينال‌ مراده‌ و مرامه‌ دوماً ، ولا يستطيع‌ شي‌ء أن‌ يردعه‌ عمّا أراده‌.
الخامس‌: انّ الله‌ قدّر كلّ شي‌ء فجعل‌ له‌ قدراً مقدوراً وحدّاً محدوداً لا يزيد عليه‌ ولا ينقص‌ عنه‌.

“وَكَأَيِّن‌ مِّن‌ دَآبَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَهُ يَرْزُقُهَا وَ إيَّاكُمْ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”؛
وتوضّح‌ هذه‌ الآية  الشريفة‌ أنّ رزق‌ جميع‌ الدوابّ والإنسان خارج‌ عن‌ طاقتهم‌.    
“اللَهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ، يَرْزُقُ مَن‌ يَشَآءُ وَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ”؛
اللطيف‌ بمعني‌ النافذ في‌ الخصوصيّات‌ والجزئيّات‌ ، أي إنّ الله‌ سبحانه‌ قريب‌ من‌ عباده‌ وجوداً و صفةً وفعلاً إلی الحدّ الذي‌ كأنّه‌ قد نفذ في‌ جميع‌ الهيكل‌ الوجودي‌ النفساني‌ والمثالی و الطبيعي‌ لعباده‌. و ليس‌ الرزق‌ خارجاً عن‌ اختياره‌ ليعجز عن‌ الرزق‌ ، أو ليرزق‌ الجميع‌ علی حدٍّ سواء جبراً أو اضطراراً ، بل‌ إنّه‌ يرزق‌ باختياره‌ و إرادته‌ مَن‌ يشاء. و هو القويّ غير الضعيف‌ ، فلا يعتري‌ رزقه‌ فتور ، وهو صاحب‌ العزّة‌ والتمكين‌ والاستقلال‌ لا الذلّة‌ والانفعال‌ ، ليصبح‌ مغلوباً للحوادث‌ و مقهوراً لأمر ما سواه‌.
“قُلْ مَن‌ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَآءِ وَالاْرْضِ أَمَّن‌ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالاْبْصَـ’رَ وَ مَنْ يُخْرِجُ الْحَيّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيّ وَ مَنْ يُدَبِّرُ الاْمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ * فَذَلِكُمْ اللَهُ رَبُّكُمُ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلَـ’لُ فَأَنَّي‌ تُصْرَفُونَ * كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ علی الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ”؛
ولقد ورد في‌ مواضع‌ تسعة‌ من‌ القرآن الكريم‌ ، وبعبارات‌ مختلفة‌ ومعني‌ واحد أنّ بسط‌ الرزق‌ وتضييقه‌ كلاهما بيد الله‌ سبحانه‌ فقط‌.
مثل‌ آية‌:
“قلْ إِنَّ رَبِّي‌ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن‌ يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَ يَقْدِرُ لَهُ ، وَ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِن‌ شَي‌ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ”؛
وهذا هو منطق‌ الدين‌ المبين‌ والشرع‌ القويم‌ الذي‌ يُربّي‌ الأمة علی أساسه‌ ، أمّا منطق‌ اليهود فعلی العكس‌ منه‌ ، لأنّهم‌ يعتبرون‌ يد الله‌ مغلولة‌ و أنّه‌ بخيل‌ يضنّ بعطائه‌ ، كما يعتقدون‌ بأن‌ لا قدرة‌ له‌ علی الإنفاق‌ وبسط‌ الرزق‌.
“وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ وَ لَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنهُمْ مَآ أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن‌ رَبِّكَ طُغْيَـ’نًا وَ كُفْرًا وَ أَلْقَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَ الْبَغْضَآءَ إلی يَوْمِ الْقِيَمَةِ كُلَّمَا أُوقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَهُ وَ يَسْعَونَ فِي‌ الاْرْضِ فَسَادًا وَاللَهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ”؛
وقد قال القاضي‌ البيضاوي‌ ، في‌ تفسير “يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ”:
“ثني‌ اليد مبالغة‌ في‌ الردّ ونفي‌ البخل‌ عنه‌ تعالی وإثباتاً لغاية‌ الجود، فإن غاية‌ ما يبذله‌ السخي‌ من‌ ماله‌ أن‌ يُعطيه‌ بيديه‌ ، و تنبيهاً علی مِنح‌ الدنيا والآخر ، وعلی ما يُعطي‌ للإستدراج‌ وما يُعطي‌ للإكرام‌. وفي “يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ” تأكيدٌ لذلك‌؛ أي هو مختارٌ في‌ إنفاقه‌ ، يوسع‌ تارةً ويضيّق‌ أخرى علی حسب‌ مشيئته‌ ومُقتضى‌ حكمته‌ ، لا علی تعاقب‌ سعةٍ و لا ضيقٍ في‌ ذات‌ يد”.
وقال‌ في‌ “لَيَزِيدَنَّ كَثَيرًا مِنْهُمْ مَّآ أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن‌ رَبِّكَ طُغْيَـ’نًا وَ كُفْرًا”:
“ان اليهود طاغون‌ كافرون‌ ويزدادون‌ طغياناً وكفراً بما يسمعون‌ من‌ القرآن كما يزداد المريض‌ مرضاً من‌ تناول‌ الغذاء الصالح‌ للأصحّاء”.
وقال‌ في‌ “أَلْقِينَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ إلی يَوْمِ الْقِيَمَـةِ”: “فلا تتوافق‌ قلوبهم‌ ولا تتطابق‌ أقوالهم‌”.
وقال‌ في‌ “كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَهُ”:
“كلّما أرادوا حرب‌ الرسول‌ (ص)‌ وإثارة‌ شرّ عليه‌ ، ردّهم‌ الله‌ سبحانه‌ وتعإلی بأن‌ أوقع‌ بينهم‌ منازعة‌ كفّ بها عنه‌ شرّهم‌ ، أو كلّما أرادوا حرب‌ أحد غُلبوا ، فانّهم‌ لمّا خالفوا حكم‌ التوراة‌ سلّط‌ اللهُ عليهم‌ بُخْتُنَصَّر ، ثم‌ أفسدوا فسلّط‌ عليهم‌ فُطْرُس‌ الرومي‌ ، ثمّ أفسدوا فسلّط‌ عليهم‌ المجوس‌ ، ثم‌ أفسدوا فسلّط‌ عليهم‌ المسلمين‌”؛
والخلاصة‌ فإن هذه‌ في‌ الحقيقة‌ معجزة‌ للقرآن‌ في‌ قيامة‌ بإزالة‌ الستار عن‌ حقيقة‌ قُبح‌ نفوس اليهود  وآثار وتبعات‌ أفعالهم‌. فعدد سكّانهم‌ جميعاً الذين‌ يشكّلون‌ اليوم‌ دولة‌ إسرائيل‌ بغصبهم‌ أراضي‌ المسلمين‌ ، لا يتجاوز عدّة‌ ملايين‌ ، والخلافات‌ الداخليّة‌ بينهم‌ كثيرة‌ فلا اتّفاق‌ ولا اتّحاد بينهم‌. و مع‌ اأنّ دولة‌ إنجلترا ذات‌ العداء القديم‌ للإسلام‌ والمسلمين‌ وأمريكا قد لجأتا إلی المكر و الخداع‌ بواسطة‌ الإعلام‌ وبتنصيب‌ العملاء العرب‌ في‌ طريق‌ المسلمين‌ ، من‌ أجل منع‌ هلاك‌ اليهود ودمارهم‌ ، كما لجأوا إلی إنفاق‌ المبالغ‌ الخطيرة‌ لتشكيل‌ دولة‌ باسمهم‌. إلاّ أنّهم‌ ومع‌ ذلك‌ كلّه‌ لا تحصل‌ فيهم‌ زيادة‌ سكّانية‌ أبداً ، كما أنّ المهاجرين‌ اليهود الذين‌ يأتون‌ بهم‌ من‌ أقصى‌ نقاط‌ العالم‌ يندمون‌ وينوون‌ الرجوع‌ من‌ حيث‌ أتوا. ولقد ساق‌ هؤلاء من‌ “الاتحاد السوفيتي”‌ مليون‌ يهودي‌ إلی هناك‌ ، فلجأت‌ خمسمائة‌ امرأة‌ يهوديّة‌ منهم‌ إلی بيع‌ أنفسهنّ للآخرين‌ لعدم‌ امتلاكهنّ الطعام‌ والكساء. وصار صفّ طويل‌ من‌ المهاجرين‌ يتشكلّ كلّ يوم‌ أمام‌ سفارة‌ “الاتحاد السوفيتي‌” في‌ “إسرائيل”‌ لأخذ سمة‌ العودة‌ إلی هناك‌.
أمّا ما لدينا في‌ الأخبار والروايات‌ فهو إنّ حركة‌ اليهود وإقدامهم‌ لن‌ يدوم‌ لمعارضتهم‌ للحقّ والعدالة‌ ولكونهم‌ من‌ الظالمين‌ المعتدين‌ ، وسيأخذون‌ معهم‌ إلی القبر خيال‌ إسرائيل‌ الصغري‌ ثم‌ إسرائيل‌ الكبري‌ ، وذلك‌ بسيف‌ إمامنا: إمام‌ الزمان‌ عجّل‌ الله‌ تعإلی فرجه‌ الشريف‌. وإذا ما مدَّ في‌ أعمارنا لنكون‌ في‌ ركابه‌ سلام‌ الله‌ عليه‌ ، وإلاّ فإن من‌ المسلّم‌ أنّ أبناءنا و ذريّاتنا سيتحركون‌ معه‌ ـ بعد إسقاط‌ هؤلاء المعتدين‌ المعاندين‌ ـ إلی إنجلترا العجوز الخبيرة‌ في‌ فنون‌ الاستعمار والشيطنة‌ ، فيلقون‌ إلی الهلاك‌ والفناء باتباع‌ نهج‌ مالتوس‌ الذين‌ اعتدوا علی الحقوق‌ الأولية‌ للبشريّة‌ ، و يغيّرون العالم‌ بنور العدل‌ والسخاء والكرامة‌ والتجرّد والسرور والحُبور والسعة‌ والانفتاح‌ والمعرفة‌ والتوحيد.
وما ترونه‌ الآن‌ من‌ أنّ أتباع‌ نهج‌ مالتوس‌ في‌ الداخل‌ والخارج‌ قد تكاتفوا وبذلوا الجهود الواسعة‌ للقضاء علی البشريّة‌ و علی نطفة‌ الإنسانيّة‌ ووجود الآدميّة‌ ، وإنّهم‌ لا يلفظون‌ إلاّ الشعارات‌ المكرورة‌ المثيرة‌ للسخرية‌ والاستهزاء ، هو مقدّمة‌ ظهور نور الوجود ذلك‌ ، وطلوع‌ حقيقة‌ الولاية‌ الذي‌ يَمْلأ الاْرْضَ قِسْطًا وَعَدْلاً بَعْدَ مَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَ جَوْرًا.
إنّ الدين‌ الإسلامي‌ المقدّس‌ ليس‌ فقط‌ دين‌ التوحيد، بل‌ إنّه‌ قد وضع‌ جميع‌ آيات‌ وروايات‌ السنن‌ وفلسفة‌ الإسلام‌ علی أساس‌ الأخذ من‌ ذات‌ الخالق‌ تعالی ، واعتبر جميع‌ الأمور والأفعال‌ ووقائع‌ وحوادث‌ عالم‌ الملك‌ والملكوت‌ الأسفل‌ مستندة‌ إلی العالم‌ العلوي‌ المحض‌ الذي‌ هو نقطة‌ النور والتجرّد والبساطة‌. وعلی هذا فإن كلّ فعل‌ وكلّ عمل‌ وحادثة‌ تكوينيّة‌ هي‌ من‌ الله‌ تعالی لا غير ، فالفيض‌ الذي‌ يصدر منه‌ سبحانه‌ يتوزّع‌ من‌ ثمّ إلی عالم‌ الكثرات‌ علی هيئة‌ مخروطيّة‌. و لذلك‌ فإن كلّ ذرّة‌ توجد أو تعدم‌ مرتبطة‌ ومنوطة‌ بشكل‌ مباشر بإرادته‌ تعالی:
“ومَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَ لاَ حَبَّةٍ فِي‌ ظُلُمَـ’تِ الاَرْضِ وَ لاَ رَطْبٍ وَ لاَ يَابِسٍ إلاَّ فِي‌ كِتَابٍ مُبِينٍ”؛
وهو سرّ جميع‌ الأديان‌ الإلهية والأنبياء المرسلين‌ من‌ نوح‌ وابراهيم‌ وموسي‌ وعيسي‌ ونبيّنا محمّد عليهم‌ الصلاة‌ والسلام‌.  ولقد دعت‌ جميعُ الشرائع‌ الإلهية الأمم السالفة‌ إلی هذا النهج‌.
ومذهب‌ اليهود ومرامهم‌ الفعلی علی هذا النحو ، إذ إنّهم‌ يُسندون‌ جميع‌ الأشياء ويعزونها إلی المادّة‌ والطبيعة‌ والقوى‌ الطبيعيّة‌ الميّتة‌ ، وعليه‌ فليس‌ هناك‌ أساس من‌ معنى‌ في‌ هذه‌ المدارس‌ والاتجّاهات‌ للاستعانة‌ بعالم‌ الغيب‌ والتجرّد وحقيقة‌ الحقائق‌.
إنّ إحدى صفات‌ الله‌ سبحانه‌ التي‌ تكرّرت‌ في‌ سبعة‌ مواضع‌ من‌ القرآن الكريم‌ هي‌ صفة‌ الواسع‌؛ وَاللَهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ، عليمٌ بجميع‌ الوقائع‌ الممكنة‌ ، والحقائق‌ الموجودة‌ ، والحوادث‌ الواقعة‌.
“وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَهِ إِنَّ اللَهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ”؛
وحقّاً! فما أعلی وأرقي‌ هذه‌ الصفة‌ ، أي صفة‌ الواسع‌ ، وما أكثر  معانيها وأغزر محتواها! فالله‌ سبحانه‌ واسع‌ لكلّ أمر من‌ أمور الذات‌ والوجود ، ولصفة‌ الحياة‌ والعلم‌ والقدرة‌ ، لا مجال‌ في‌ ذلك‌ للضيق‌. فكيف‌ يُتصوّر ـ والحال‌ هذه‌ ـ أن‌ تشكو من‌ الفقر والفاقة‌ وضيق‌ المعيشة‌ وكثرة‌ الأولاد ، مع‌ أنّه‌ هو الرازق‌ الرزّاق‌ الواسع‌ العليم‌ ؟!
أليس‌ من‌ الحيف‌ أن‌ يجري‌ علی ألسنتكم‌ ـ وأنتم‌ المسلمون‌ ـ شعار اليهود بإعلام‌ اليهود و ترويجهم‌ ؟!
إنّ الخوف‌ من‌ الفقر ليس‌ مذموماً فقط‌ ، بل‌ ينبغي‌ مواجهته‌ والإقدام‌ علی النكاح‌ والتزويج‌ وفق‌ الآية  القرآنيّة‌ “مَثْنَي‌ وَثُلـ’ثَ وَ رُبـ’عَ” ، لأن نفس‌ وجود المرأة‌ ونكاحها موجب‌ للخير والبركة‌ والرحمة‌. وبالنكاح‌ الأكثر  ستزداد الرحمة‌؛ و بالأولاد الأكثر  ستزداد الثروة‌ الوجوديّة‌ والبركة‌ ، ولقد كان‌ الكثير من‌ المسلمين‌ فقراء ، فأدّى‌ الزواج‌ إلی غِناهم‌.
تأمّلوا في‌ هذه‌ الآية  كيف‌ أنّ الخالق‌ يعدهم‌ بالتوسعة‌ عليهم‌ من‌ فضله‌:
“وَأَنْكِحُوا الايَامى‌ مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَ إمَائِكُمْ إن‌ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ”؛
“وَلْيَسْتَعفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّي‌ يُغْنِيَهُمُ اللَهُ مِنْ فَضْلِهِ”؛
وجاء في‌ “تفسير البيضاوي‌”:
(وَلْيَسْتَعْفِفِ): وليجتهد في‌ العفّة‌ وقمع‌ الشهوة‌.
(الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحًا) أسبابه‌ ، ويجوز أن‌ يُراد بالنكاح‌ ما يُنكح‌ به‌ ، أو بالوجدان‌ التمكّن‌ منه‌.
(حَتَّي‌ يُغْنِيَهُمُ اللَهُ مِنْ فِضْلِهِ): فَيجدوا ما يتزوّجون‌ به.
إنّ الله‌ الرازق‌ العليم‌ القادر الحكيم‌ ، الذي‌ يُنزل‌ الرزق‌ من‌ عوالم‌ الغيب‌ ، يرزق‌ كلّ فرد رزقاً معيّناً ، للواحد واحداً ، و للألف‌ ألفاً.
ومن‌ دواعي‌ العجب‌ الشديد كيف‌ أنّ هذا الشرع‌ المبين‌ ودين‌ التوحيد والمعرفة‌ يربطنا بالله‌ تعالی في‌ الفعل‌ ومتن‌ العمل‌.
جَآءَ رَجُلٌ إلی النَّبِي‌ّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَشَكَا إلَيْهِ الْحَاجَةَ. فَقَالَ “لَهُ ـ خ‌) تَزَوَّج‌! فَتَزَوَّجَ فَوُسِّعَ عَلَيْهِ”.
وخلاصة‌ الأمر ، فقد كانت‌ هذه‌ هي‌ النظريّة‌ الإسلاميّة‌ في‌ استحباب‌ كثرة‌ المسلمين‌ و الموحدّين‌ في‌ العالم‌. و قد ذكرنا ـ بحمدالله‌ و منّه‌ ـ ما بدا في‌ نظرنا في‌ هذا الأمر طيّ هذه‌ المطالب‌ ، و لم‌ ندّخر وسعاً في‌ جمعها ، لعلّها تصبح‌ مورد نظر و عناية‌ القائم‌ بالحقّ وليّ الأمر ، إمام‌ زماننا عجّل‌ الله‌ تعالی فرجه‌ الشريف‌ ، فيأخذ بيد هذه‌ الأمة بعناياته‌ الكاملة‌ وينجيها من‌ ورطة‌ الهلاك‌ ، و يُعيد كيد الكائدين‌ و مكر الماكرين‌ إلی نُحورهم‌.
“وَلاَيَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن‌ دَارِهِمْ حَتَّي‌ يَأتِيَ وَعْدُ اللَهِ إنَّ اللَهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ؛
حل مشكلة تحديد النسل في فلسطين المحتلة إلى  أي اتجاه؟
إن كل ما قيل حول تحديد النسل، يتمثل في مشاريع وخطط الغربيين واليهود لتحديد النسل لدى المسلمين، بينما هم يتصرفون على العكس من ذلك تماما. وإن تم السؤال من الصهاينة عما إذا كانت خدمات صندوق السكان التابع للأمم المتحدة الذي يغطي 147 بلدا في العالم ويوزع البرامج ولا يدخر أي جهد في هذا المجال، تشمل إسرائيل أيضا أم لا؟ أي هل إن جميع برامج وخطط تحديد النسل وتنظيم الأسرة ونتائج التطبيق المجاني للاعقام والحد من الإنجاب، يطبق على الإسرائيليين أيضا؟!
وردا على ذلك يقول هؤلاء بالتاكيد:
إننا ليس لدينا برنامج لتنظيم الأسرة وتحديد النسل فحسب بل إن الإمبريالية الدولية والصهيونية العالمية يبذلان كل ما بوسعهما من أجل ازدياد وتكاثر هذا الحزب وهذه الدولة. سواء من حيث الإنجاب أو من حيث الهجرة!.
لكن من ناحية أهمية الزواج وازدياد الأبناء كما ورد في كتاب “الماسونية واليهود” والحديث عن الزواج بأن أحد التقاليد المهمة في الديانة اليهودية هو الزواج. وقد وردت أحكام مختلفة حول الزواج في “التلمود” وذكرت آداب وتقاليد خاصة له. إن الزواج يعتبر العامل الأهم لزيادة النسل لدى بني إسرائيل وإن الاستجابة له تعد واجبا يقع على عاتق كل يهودي. بحيث ورد في “التوراة”: غطوا الأرض من خلال الإنجاب والتكاثر.
إن العزوف عن الزواج وعدم الإنجاب مع وجود الاستطاعة المالية والجسدية، يعد إثما في المسلك اليهودي. إن إسرائيل هي المكان الوحيد في العالم الذي لا ولن يطبق تحديد النسل وشعار “أبناء أقل حياة أفضل”.
وأصبح تقليدا لديهم بأن كل أسرة يجب أن تملك أربعة أولاد على الأقل. إن بدل الأولاد الذي يدفع للموظفين مرتفع كما أن زيادة عدد الأطفال يؤدي إلى  منح تسهيلات ضريبية، وحتى إن الموظفين المتقاعدين الذين لديهم أبناء أكثر ، يتسلمون راتبا تقاعديا أكثر .
وبناء على معتقداتهم الدينية فإن الزواج يؤدي إلى  تسلسل نسل بني إسرائيل ويحول دون امحائهم.
وقبل مراسم النكاح، تذهب الفتاة والشاب اللذين ينويان الزواج، لدى حاخام يتولى مسؤولية قراءة خطبة العقد. وقبل كل شئ يتحدث الحاخام لهما عن أساس الديانة اليهودية وأهمية الحياة الزوجية في المجتمع اليهودي، ويحصل على وعد منهما بالحفاظ على تقاليد ومبادئ الدين وتطبيق جميع الواجبات الملقاة على عاتقهما.
وفيما يخص الزواج، فإن صلاحيات الحاخامات غير محدودة. فالحاخام قادر على ابطال وفسخ الزيجات إذا رآها غير ملائمة وغير متجانسة والحد منها.
وبعد الاستماع إلى  اقوال الشهود والمعارف والتاكد من صحتها، يقرأ الحاخام صيغة النكاح، ويهنئ الزوجين ويتلو ادعية مناسبة.
ومن ناحية الهجرة، نعرف ان عدد سكان حزب إسرائيل كان نحو الفي نسمة في بادئ الأمر لكنه أصبح الان ازيد من سبعة ملايين نسمة بفعل الاهتمام الزائد والتاكيد المستمر على الهجرة إلى  إسرائيل من جميع انحاء العالم.
وقد دفعوا مليون يهودي من “الاتحاد السوفيتي” السابق وحده إلى  الهجرة إلى  إسرائيل.
وافادت وكالة الجمهورية الإسلامية للانباء عام 1993 بان الصحف الإسرائيلية كتبت بان سكان إسرائيل بلغ 5.28 مليون نسمة.
وحسب هذه الوكالة فإنه بناء على تقديرات البنك الدولي فإن سكان إسرائيل سيزدادون بنسبة 2.8 بالمائة سنويا حتى عام 2000 وهو أعلى معدلات النمو السكاني في العالم.
ومن هنا تتضح الخطط والبرامج التي يعتمدها الصهاينة سواء من ناحية الإنجاب أو هجرة اليهود إلى  إسرائيل الغاصبة لزيادة عدد سكانهم ليحلوا محل السكان المشردين من المسلمين الذين يقيمون حاليا في المخيمات وأصبح الملايين منهم مشردين بلا مأوى.
ومن جهة أخرى نرى بأن البلدان ال 147 التي تطبق برنامج الحد من النسل تقف إسرائيل على طرف نقيض منها من حيث المسلك والمنهج وتناصبها العداء. وبذلك فإنها تريد اعقامها وقطع نسلها وتريد أن يسري هذا البرنامج في جميع البلدان الإسلامية. وبناء على ذلك فإن دولة إسرائيل الغاصبة تريد اعقام سورية والشام وجميع المناطق المحيطة بفلسطين.
ولماذا يتحدثون اليوم عن “ايران” بحيث أن وكالة الجمهورية الإسلامية للانباء نقلت عام 1992 بأن ايران تحتل أرفع مركز من بين 75 بلدان ناميا من حيث تحديد النسل؟!
كما ورد في الأخبار بأن مساعد الأمين العام للاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة أشاد بالتدابير التي تتخذها ايران في مجال تحديد النسل وتنظيم الأسرة. كما ذكرت الأخبار بأن المجموعة الدولية للإقدام بشأن تحديد النسل، اعتبرت ايران دولة ناجحة في هذا المجال فيما اعتبرت روسية بأنها دولة غير ناجحة.
وورد في الأخبار عام 1994 بأن رئيس الاتحاد الدولي للأسرة المبرمجة (اي.ار.بي.اف) طلب من البلدان الإسلامية اعتماد الأنموذج الذي تتبعه ايران في مجال تحديد النسل.
ونظرا إلى  ما ذكرنا، فإن هذا السؤال يطرح نفسه وهو لماذا وبأي هدف يتم تطبيق تحديد النسل في العالم الثالث لاسيما البلدان الإسلامية وعلى وجه الخصوص “ايران الإسلامية”؟

مشروع النظام العالمي الجديد لبوش
إن النظام العالمي الجديد هو الوجه المطبق لمشروع طرح علن للمرة الأولى في عقد السبعينيات من قبل نادي روما واللجنة الثلاثية ومجلس العلاقات الخارجية في نيويورك.
وقد اعتمد هذا المشروع عام 1980 رسميا من قبل الإدارة الأمريكية تحت مسمى “العالم 2000″ واكتمل عام 1988 على إثر الاتفاق بين إدارة ريغان وثم إدارة بوش و”الاتحاد السوفيتي” لفرض أطر وقوانين بيئية عالمية عن طريق الأمم المتحدة.
وكان ليندون لاروش ومناصروه من معارضي النظام العالم الجديد على مدى الأعوام العشرين الماضية وأكدوا بأن الأسس مالتوسية النزعة لهذا المشروع ليس تقضي على الملونين في العالم الذين هم الهدف العأجل لهذا المشروع فحسب بل ستقضي على أساس الحضارة في الكرة الأرضية. ويقول لاروش:
إن دعم الأمريكيون الجرائم المروعة التي تبغي إبادة نسل “الأقل مستوى في العالم”، فانهم سيشهدون زوال وفناء بلدهم أيضا.

استهداف السكان
وقد بدأت الجهود لإقامة النظام العالمي الجديد منذ عقد السبعينيات بصورة غير علنية وضمنية مع الحركة الكبيرة التي انطلقت نحو حماية البيئة وتحديد النسل. وكانت نظرية “يجب تقليص سكان العالم” تكمن خلف هذه الجهود التي مولتها في تلك الفترة ومازالت تمولها في الوقت الحاضر في الدرجة الأولى الأسر الحاكمة والثرية بما فيها الأسرة الملكية البريطانية والشركات النفطية متعددة الجنسيات ومؤسسة روكفلر.
إن القوة المهمة التي أعطت زخما لهذا النضال العقائدي هي الخدعة النفطية لعام 1973. وهي التي قضت في الحقيقة على نحو 500 مليون شخص في العالم الثالث عن طريق المجاعة والأمراض التي فتكت بهم على مدى الأعوام  اللاحقة.
إن الأداة التي استخدمت لإقناع العالم الثالث بضرورة خفض السكان ليست كانت الإعلام فحسب بل هراوة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والتي تمثلت في الشروط التي وضعتها هذه المؤسسات لمنح الاعتمادات والتحديث التقني والمشاريع الكبيرة في مجال البنى التحتية والتي كان يمكن أن تساهم في تعزيز اقتصاد بلدان العالم الثالث إلا أن هذه المؤسسات منعت ذلك واتبعت الربا وطالبت بشكل علني بخفض السكان ما أحدث ركودا في الكثير من اقتصاديات العالم الثالث.
وكان لاروش قد حذر في الحقيقة منذ عقد السبعينيات فصاعدا بأن الشروط التي يطرحها صندوق النقد الدولي تؤدي إلى  إبادة النسل في المجتمعات الأفريقية وبعض مناطق أميركا وآسيا ويمكن رفعها كقضية في محاكم مثل محكمة “نورنبرغ”.
وفي أفريقا تسبب الانهيار الاقتصادي بتفشي الأمراض والمجاعة التي دفعت التجمعات السكانية إلى  حافة الدمار والزوال.
وقد صادق الرئيس الأمريكي بوش بوصفه أحد أنصار صندوق “درابر” (لجنة أزمة السكان) على هذه الرؤية.
وكان صندوق النقد الدولي كان يصر على اتباع هذا النهج تجاه العالم الثالث فيما كان العالم الصناعي يعتمد الأساليب  الربوية (وكان معدل الفائدة في تلك الفترة +20 اقتراح فالكر)، وهذا لا يعني سوى إفلاس الطاقة النووية وجميع المصادر المهمة الأخرى التي كانت ضرورية لتفادي أحداث مروعة في عقد الثمانينيات.
إن برنامج العالم 2000 كان يتوقع ما يلي:
1-    خفض استهلاك المواد الغذائية بنسبة 18% في قطاعات هائلة في أفريقيا وآسيا حتى عام 2000؛
2-    الزيادة الهائلة في الأمراض المتعلقة بالغائط في المناطق الحضرية في العالم الثالث؛
3-    السعر المتدني للمخدرات والمواد التصديرية المكملة في المناطق الأقل نموا؛
4-    استمرار التواصل الاعتمادي بين العالم الثالث والبلدان الصناعية؛
5-    الانخفاض الملحوظ في وتيرة النمو في ما يسمى البلدان المتقدمة؛
6-    انخفاض معدل العمر لدى الشعوب المختلفة في العالم الثالث بنسبة 2 إلى  6.5%؛
وبالتالي فإن عالم 2000 كان قد توقع بأن يتراجع عدد سكان العالم عام 2000 بنسبة 170 مليون نسمة مقارنة بما كان متوقعا سابقا. أن أرواح 170 مليون نسمة هؤلاء تعد ثمنا مقبولا لمخططي العالم 2000 في مقابل إقرار النظام البيئي المبني على علم البيئة الذي ينشدونه. وكما تشاهدون فإن القسم الأكبر من هذه التوقعات تحقق على أرض الواقع بسبب التحضيرات التي اتخذوها في هذا المجال.

وضع نهاية للسيادة
إن الحكام الأثرياء في الشرق والغرب الموالون لنظريات مالتوس لا يمكن أن يكونوا على ثقة من أن الزعماء الوطنيين في جميع البلدان يوفرون الظروف اللأزمة لإبادة النسل هذه. لذلك فانهم أوكلوا مهمة تطبيق النظام العالمي الجديد لجهات خارج الحدود الوطنية للدول مثل “الناتو” أو “الأمم المتحدة”.
وفي خريف عام 1988 طرح إدوارد شوارد نادزة وزير خارجية “الاتحاد السوفيتي” السابق في كلماته أمام الأمم المتحدة فكرة تأسيس شرطة دولية للبيئة لضمان امتثال الجميع. إن الحرب على العراق كانت في الحقيقة أول اجراء للشرطة الأممية وأقدمت المنظمة الدولية من خلالها على التصديق على إجراءات أميركا الأحادية الجانب.
وفي النظام العالمي الجديد لبوش فإن أي دولة تعارض إرادة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، فانها يمكن أن تكون بانتظار أعمال انتقامية إلى  حد هزيمتها أو إبادتها بالكامل.
وفي إطار هذا البرنامج لن يكون هناك حديث عن التنمية الاقتصادية. بعبارة أخرى فإن لم توافق الدول طوعا على تقليص السكان عن طريق البرامج التقشفية، فإن قوى مماثلة لمحافل الرومان القديم تقوم بهذا العمل بدلا عنها.
وخلاصة القول أن هذا النوع من الدعم والإسناد الذي تبديه الأمم المتحدة وزعمائها تجاهنا، هو من أفخم أنواع النصب والاحتيال الذي يتم من خلال تقديم الدعم والمساعدة، وليس يفرغ جيوب الناس فحسب بل يرسلهم معه إلى  ديار العدم.
وعلينا وبعد كل هذه الأعوام  المتمادية وبل القرون المتتالية ألا ننخدع ولا نجعل من أنفسنا لقمة سائغة لهؤلاء. إن تجربة الآخرين تكفينا ولا يجب أن نختبرهم ونجربهم ما  إذا كانوا يصدقون أم يكذبون؟! لأنه “من جرب المجرب حلت به الندامة”.
وفضلا عن ذلك فإن من الواضح تماما بأنهم يدفعون أموالا مرفقة بأموالنا للقضاء علينا واعقام رجالنا ونسائنا وابادة نسلنا. وعندها يستعيدون القروض التي منحوها إيانا للحد من زيادة السكان ولسائر الأمور الاعتبارية مع فوائدها الربوية. وبالتالي فإن هذا الأمر لا يؤدي إلا إلى  سمنتهم وهزالنا.
وأليس الربا والمعاملات الربوية حراما في الإسلام؟! كيف نستقرض منهم مالا ربويا وندفع لهم فوائد إضافة إلى  أصل المال؟!
والخلاصة! إن جرائم وخيانات هؤلاء سترتد عليهم لاحقا ولا يمضي زمن وحتى يروا شعوبهم ترضخ لذل العبودية وتطلق صراخ “هلْ مِن مَحيص”  ولن يكون هناك سبيل للخلاص، لأن الله سبحانه وتعالي يقول:
“ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّه لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ”؛ 
ونريد أن نشير هنا إلى  مساعدات الأمم المتحدة إلى  ايران وسائل البلدان الإسلامية. ولابأس من التطرق إلى  مقال نشرته صحيفة “جمهوري اسلامي” من أن الأمم المتحدة أقرت بأن الأرقام  والإحصاءات التي كانت تقدمها عن نمو السكان وتوصياتهم للحد من السكان، كانت كلها خاطئة وناتجة عن السياسات البريطانية والأمريكية السيئة. لانهم كانوا يقدمون أرقام ا تتناقض مع الواقع وفظيعة وذلك من أجل الإبقاء على هيمنتهم على العالم الثالث، وكانوا يقودون الأمم المتحدة من خلال تصرفاتهم المغلوطة.
وهذا المقال يستند إلى  حقائق ومعطيات صحيحة وينطوي على موضوعات تؤكد كلها ما ذهبنا اليه لحد الآن. لذلك من الضروري ذكره هنا:
وأوردت صحيفة “جمهوري اسلامي” الإيرانية في مقال نشر في 15 صفر 1415 في عددها رقم 4387: إن مشكلتنا اليوم تكمن في ارتباك “التوازن السكاني” لا “ازدياد السكان”.
إن نشر الأمم المتحدة لنتائج الدراسات الاقتصادية والاجتماعية في العام الجاري، يحوي اعترافات مصدمة يجب التوقف عندها. وصرح هذا التقرير بأن التوقعات السابقة حول زيادة سكان العالم والقضايا المتعلقة بها كانت غير صحيحة وحتى أن الاستنتاجات المتعلقة بها كانت مبنية على أساس أحكام مسبقة مغلوطة والمزاعم بأن نمو السكان يؤدي إلى  خفض إنتاج المواد الغذائية، هو استدلال مرفوض. وتقرير الأمم المتحدة هذا يصرح بأنه في ظل التقدم التكنولوجي في مجال إنتاج المواد الغذائية، فإن نسبة زيادة هذه المواد ستكون أكثرمن النمو السكاني نفسه.
ومن الفضيلة أن يعترف مرجع دولي بخطاه واستنتاجاته السابقة، لكن يجب دراسة الأسباب والعوامل التي أسهمت في حدوث تلك الأخطاء في التقديرات والاستنتاجات لكي تنكشف الأيادي الخفية التي كانت توحي بتلك الشبهات من وراء الكواليس ومن هي وما الأهداف التي تتابعها.
وفي هذا المجال ضروري قبل كل شئ التطرق إلى  الدول التي تدير هكذا مراكز وتؤدي من خلال تقديم معطيات وأرقام مغلوطة ومبالغ فيها إلى  أن يخرج تقرير مرجع دولي مشوه بهذه الطريقة. إن أميركا وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية تسعى من خلال ممارسة النفوذ في هذا الخصوص لمتابعة وتطبيق أهدافها وبرامجها طويلة الأمد وتوحي من خلال تطبيق السياسات المعادية للعالم الثالث بأن السبب الرئيسي لمشاكل البشرية المعاصرة، هو ازدياد السكان في العالم الثالث والذي يتسبب بنقص المواد الغذائية وتراجع فرص العمل إلى  الحد الأدنى وإزالة الرفاهية بالكامل ودفع الناس إلى  العيش تحت خط الفقر. ويمكن اليوم التفهم بشكل أفضل بان الدعاية المبنية على المعطيات والأرقام المغلوطة والمبالغ فيها تشكل أحد الأسباب الرئيسية لصرف اهتمام الرأي العام في العالم عن نهب القوى السلطوية لمصادر وخيرات العالم الثالث وتصاعد النزعة العسكرية في العالم والتي تدفع بدورها الشعوب إلى  استخدام القسم الأعظم من ثرواتها ومواردها وعائداتها في الإنفاق العسكري لتحافظ عليها في مقابل الأزمات الطارئة والظروف غير المرجوة.
ولا بأس من إلقاء نظرة على انعكاسات ومواقف وسياسات الأمم المتحدة وسائر الأوساط الدولية في مجال تحديد النسل في بلدنا، لأن تلك السياسات وتلك المواقف وتلك الشعارات تتكرر اليوم في بلادنا من دون أدنى تأمل ودقة في أهداف ودوافع مصمميها والمنادين بها.   
وهل إن بلدنا يواجه انفجارا سكانيا بالشكل المبالغ فيه الذي ترسم أبعاده؟ وهل إن حلول جميع المسائل والمشاكل المعاصرة المتصلة بتخطيط المشاريع وتنفيذها، تكمن في تحديد النسل أم أن مشكلتنا اليوم ناتجة بشكل رئيسي عن ارتباك التوازن السكاني وتغير التكدس السكاني في المناطق الحضرية والقروية المختلفة؟
إننا نواجه اليوم في الكثير من القرى وحتى المدن الصغيرة مشكلة الهجرة فيما تواجه بعض المدن تزايدا مروعا في عدد السكان بسبب تمتعها بالإمكانات النسبية والخدمات الصحية والخدمات المدنية والدخل و…، وهذه المشكلة تعود أصلا إلى  الضعف في التخطيط والتنفيذ وتؤدي إلى  هجرة السكان المنتجين نحو المراكز الحضرية وتحولهم إلى  أناس عالة وغير منتجين.
بعبارة أخرى فإن ذلك القروي الذي يشكل في قريته قوة عاملة يرى أنه مرغم على الهجرة إلى  المدينة بفعل السياسات الخاطئة، ومع هجرته يحصل ضرران: الأول خفض القوى العاملة في القرى الأمر الذي قد يتسبب بتيبس الأراضي الصالحة للزراعة والثاني زيادة السكان غير المنتجين في المدينة ما يجعل فرص العمل محدودة ويدفع المهاجرين نحو الأعمال الزائفة وحتى الجريمة.
وواضح تماما أننا لو نظرنا إلى  الأزمة الناشئة عن الهجرة بنظرة ضيقة ونرى أن كل ذلك حصل بسبب الزيادة في السكان ونكرر الشئ نفسه الذي يزعمه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، لا نساهم في تسوية القضية فحسب بل نكون قد انحرفنا عن مسارنا من خلال صرف انتباه الرأي العام وإهدار رؤوس الأموال والإمكانات.
إن تكرار وترويج ما يصبو إليه من هم خارج الحدود، لن يحل لنا مشكلة ولا يمكن أن يغطي إطلاقا على المشكلة الرئيسية الناتجة عن الهجرة العشوائية نحو المدن الكبرى.
وكم كثّر اولئك الذين ربوا وأنشأوا العديد من الأبناء الكفوئين والشهيرين في كنفهم مثلما أن هناك الكثير ممن لا يملكون حتى الكفاءة والجدارة لتنشئة حتى ولد واحد بشكل صحيح. والمعنى الصريح لهذه العبارة هو أنه لا يمكن التعاطي مع الناس كقطيع من الغنم وتجاهل قابليات الأشخاص والأسر ومهاراتهم وجدارتهم لتنشئة الأبناء الصالحين والكفوئين، وتجاهل كل شئ من أجل عيون القائمين على الأوساط الدولية الذين ثبت اليوم زيف ما يقولون والتظاهر بأن الانفجار السكاني يبتلع كل الرساميل والثروات والإمكانات.

نشر مرض الايدز في مصر على يد أمريكا وبريطانيا وإسرائيل
كيف تسعى أميركا وبريطانيا وإسرائيل من خلال نشر مرض الايدز في مصر، لتدمير الشعب المصري والفتك به.
ويمكن الإتيان بأمثلة عديدة عن جرائم الصهيونية العالمية في عصر الجاهلية الثانية تشبه نظيراتها في عصر الجاهلية الأولى. ونتطرق هنا إلى  نشر الايدز على يد جرثومة الفساد هذه في مصر. رغم أن قلب كل إنسان حر يتفطر ألما وحزنا لسماع هذا الشئ. فقد كتبت صحيفة “اطلاعات” الايرانية تقول:
“لقد كان الخبر قصيرا، وأدرج في زاوية من الصحيفة ربما تكون بعيدة عن رؤية المصريين، لكن هذا الخبر القصير تحول بغتة إلى  قنبلة فتاكة هزت أركان المجتمع المصري بما فيها الأوساط الحكومية ووزارتي الصحة والخارجية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية وحماية الأطفال والأحداث وغيرها وأثارت ضجة كبيرة”.
وكان الخبر قصيرا ولم يتجاوز عشرة أسطر. وجاء فيه: لقد ألقي القبض على سائح أميركي يدعى تشارلز مصابا بالايدز كان يمارس إعمالا مخلة بالآداب مع سبعة أطفال مصريين في شقته بمنطقة “الدقي” بالقاهرة. وكان قد جاء بهؤلاء الأطفال من الشارع إلى  شقته وأرغمهم على ممارسة هذا الفعل الشنيع لقاء دفع ليرة مصرية واحدة لكل منهم.
ولم يكن تشارلز الوحيد الذي يفعل هذا في مصر بل هناك الكثير من الأجانب الذي قد يكونون مصابين بالايدز ويمارسون هذه الأعمال الشنيعة.
وعنونت الصحيفة هذا الخبر كما يلي:
نقل الايدز؛ الحرب الإمبريالية والصهيونية الجديدة على العالم  الثالث.
إن الرعايا الأمريكيين والإسرائيليين المصابين بمرض الايدز ممن يعيشون في مصر، يقومون بإغواء الأطفال والأحداث لممارسة الفعل الشنيع معهم، ونشر فيروس الايدز المميت في هذا البلد.
ونشرت صورة عن الأطفال الذين تعرضوا للاعتداء على يد تشارلز نقلا عن صحيفة “الموقف العربي” العدد 414 بتاريخ 19 مارس 1990 تحت عبارة: ضحايا المجرم الأمريكي ويليام تشارلز هاركات؛ جريمة الأمريكي القذر، وكتبت تقول: تقرير مُصدم عن مؤامرة كبرى.
كما ورد في هذا التقرير:
إن ظاهرة الانحراف الجنسي لدى الأجانب لاسيما في أميركا حيث تملك عددا كبيرا من المصابين بفيروس الايدز، هي ظاهرة متفشية. ويزداد عدد المصابين بهذا المرض بسبب العلاقات المنحرفة بين الكثير من المواطنين الأمريكيين، وهو ما يتسبب حسب الأطباء المتخصصين، بالإصابة بهذا المرض الفتاك.
لكن هذا الشئ يكتسي معنى آخر بشان السائح الأمريكي المذكور آنفا. فقد كان يعيش لمدة مديدة في مصر من دون ممارسة مهنة محددة وكانت إقامته غير شرعية أيضا. كما كان قد زار إسرائيل مرارا ومن ثم عاد إلى  مصر. وكان تشارلز يحصل على مساعدات مالية شهرية من السفارة الأمريكية في القاهرة. وجميع هذه العلامات تحكي بدء شكل جديد من الحرب الإسرائيلية وحتى الأمريكية على العرب. فهؤلاء يحاولون في هذه الحرب تصدير الأمراض المعدية والمدمرة عن طريق تهريب مبيدات الحشرات الملوثة وكذلك عن طريق أخطر أمراض القرن أي الايدز لإصابة الشباب والأحداث والأطفال في هذه البلدان ممن يعتبرون اأرصدة ورساميل المستقبل فيها. وأليس جميع المشروعات التي نفذتها أوروبا وأميركا تظهر بأن ازدياد السكان لاسيما وإن تم تدريبهم بصورة صحيحة يشكلون الرصيد ورأس المال المستقبلي للتنمية؟ ولهذا السبب تسعى إسرائيل لاجتذاب المزيد من اليهود من “الاتحاد السوفيتي” السابق ولا تسمح في المقابل بتزايد عدد السكان العرب، لكي لا يتحولوا إلى  رساميل التنمية في المستقبل.
ونشرت الصحف المصرية إعلانات لتوظيف أشخاص في أميركا في مجال دفن النفايات النووية والعناية بمرضى الايدز.
ولم تذكر هذه الإعلانات أنه سيتم استخدام بعض المصريين كفئران مخبرية لإنجاز البحوث الأمريكية وزراعة الأعضاء والأنسجة. وفي نوفمبر 1987 أعلن أحد مكاتب التوظيف الأمريكية من خلال إعلان توظيف بأنه بحاجة إلى  500 ممرضة مصرية. ويتم توظيف هؤلاء الممرضات للعناية بمرضى الايدز في مختلف المدن الأمريكية. وبرزت الحاجة للمرضات المصريات بعد إحجام الممرضات الأمريكيات عن العمل في هذا المجال، لكنه عندما حذرت الصحف المصرية من ذلك سحب مكتب التوظيف الأمريكي إعلانه.

الهواشی

  1. سورة الذاريات (51)، الايتان 22 و 23
  2. سورة الطلاق (65)، الايتان 2 و 3
  3. سورة العنكبوت (29)، الآية  60
  4. سورة الشورى (42)، الآية  19
  5. سورة يونس (10)، الايات 31-33
  6. سورة سبأ (34)، الآية  39
  7. سورة المائدة (5)، الآية  64
  8. تفسير البيضاوي، ج 1، صص 347-348
  9. سورة الانعام (6)، الآية  59
  10. سورة البقرة (2)، الآية  115
  11. سورة النور (24)، الآية  32
  12. سورة النور (24)، الآية  33
  13. تفسير البيضاوي، ج 2، صص 139- 140
  14. سورة الرعد (13)، الآية  31
  15. الماسونية واليهود، ترجمة جعفر سعدي، Yahudilik ve Mason Luk Bilim Arastirma Grubub istanbul – 1986  ، دار “علمي طهران” للنشر، الطبعة الاولى، 1990، ص 55
  16. سورة ق (50)، الآية  36
  17. وقد وردت هذه الآية  الكريمة في موضعين في القرآن الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية  182 وسورة الانفال (8)، الآية  51
  18. صحيفة “اطلاعات” 27/1/1369 (20 رمضان 1410)، العدد 19019

 

شاهد أيضاً

الجاهلية الحديثة ( الثانية): الأصولية العلوية والماكيافيلية الأموية

تجميع : مهدي روحي في المنطق الماكيافيلي الذي يعتبر معاوية أحد مظاهرة الجلية، يجب استخدام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *