الجاهلية الحديثة ( الثانية): مدعي الجاهلية وأب الدعاية الحديثة!

سيروس مرادي
أسس الدعاية والنشاطات الإعلامية من وجهة نظر جوزيف غوبلز وزير الدعاية السياسية في عهد أدولف هتلر وألمانيا النازية.
الجنرال كولن باول رئيس الأركان العامة للجيوش الأمريكية كان قد قال عام 1991 وتزامنا مع حرب الخليج الفارسي الأولى أن النصر في أي حرب، صعب التحقق وقد يكون مستحيلا من دون الدعم الإعلامي. وعلى الرغم من أن الأسس التي تعتمدها وسائل الإعلام في الوقت الحاضر لا ترتبط في الظاهر بالنهج والإرشادات التي

المترجم: سيروس مرادي
أسس الدعاية والنشاطات الإعلامية من وجهة نظر جوزيف غوبلز وزير الدعاية السياسية في عهد أدولف هتلر وألمانيا النازية.
الجنرال كولن باول رئيس الأركان العامة للجيوش الأمريكية كان قد قال عام 1991 وتزامنا مع حرب الخليج الفارسي الأولى أن النصر في أي حرب، صعب التحقق وقد يكون مستحيلا من دون الدعم الإعلامي. وعلى الرغم من أن الأسس التي تعتمدها وسائل الإعلام في الوقت الحاضر لا ترتبط في الظاهر بالنهج والإرشادات التي وضعها غوبلز قبل سبعين عاما للأجهزة الدعائية الألمانية، لكن وسائل الإعلام العصرية تعمل فعلا وفق تلك الأطر. إن إيلاء الاهتمام للعناصر النفسية والعمل الإعلامي، يعد أهم أداة لتسجيل النصر. وهو الشئ الذي يعتمده الغرب من خلال اللجوء الواسع النطاق إلى  أجهزته الإعلامية الضخمة. ومن هذا المنطلق فإنه يبدو ضروريا التعرف على النهج الفكري لغوبلز لدرك أداء الإعلام في العالم الغربي في الوقت الحاضر.
وكان جوزيف غوبلز وزير الدعاية السياسية في عهد ألمانيا النازية، قد لعب دورا كبيرا في إمساك هتلر بالسلطة. وكان غوبلز من أوائل الذين انضموا إلى  هتلر عندما كان مغمورا وبقي وفيا لتطلعاته حتى الدقائق الأخيرة من عمره.
وقد وقف غولز مبكرا على أهمية وقوة الإعلام في المعارك السياسة والحرب. وكانت الحرب العالمية الثانية أول حرب اضطلعت وسائل الإعلام الالكترونية أي الإذاعة بدور في اندلاعها واستمرارها. وكان شعار غوبلز في النضال السياسي هو:
استحوذ على أذهان وقلوب الناس، تأتي روحهم معك.
وقد ولد جوزيف غوبلز  في 29 أكتوبر 1897. وعندما تطوّع في الجيش الألماني في الحرب العالمية الأولى، تم رفضه لتسطّح أخمص قدميه. وحصل على مؤهل الدكتوراه في الأدب والفلسفة عام 1921 من جامعة “هاي في” المعتبرة. وأقام أول اتصال له بالحزب النازي عام 1923 وانضم رسميا إلى  عضوية الحزب عام 1924. ومذاك وإلى  أن تولى الحزب النازي السلطة عام 1933، كان أحد القادة المهمين ومن الطراز الأول. وانخرط عام 1933 في وزارة هتلر كوزير للدعاية. وكان من الدعاة الرئيسيين للحرب، ومع اندلاع المعارك الرئيسية تزايد نفوذه أكثر فأكثر . ومنذ عام 1943 ومع بدأ هزائم ألمانيا، طلب من الناس في دعايته أن يلجأوا إلى  حرب من العيار الثقيل وأن يقاتلوا حتى آخر لحظة من حياتهم من أجل النصر.  وقبيل إقدام هتلر على الانتحار في 30 ابريل 1945 وفي الفصل الأخير من الحرب العالمية الثانية عينه ليكون مستشار ألمانيا لكن غوبلز لم يتول منصب مستشار الرايخ الثالث إلا ليوم واحد. إلى  أن أقدم في 1 مايو 1945، على الانتحار مع زوجته ماغدا غوبلز وأطفاله الستة الذين تراوحت أعمارهم بين 4 و11 سنة. ويبدو ضروريا دراسة أسس أفكار ومعتقدات غوبلز من أجل الفهم الأمثل لأداء الإعلام الغربي وذلك بسبب الآثار المعمقة التي تركتها أفكار غوبلز على القائمين على الإعلام في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية.
أسس الدعاية الغوبلزية
1-    إن النشطاء الإعلاميين يجب أن يكونوا جميعا أذكياء وملمين بجميع المصادر التي يحرص عليها المثقفون في المجتمع. إن النشطاء الإعلاميين يجب أن يكون لديهم استنتاج صحيح عن الرأي العام والأحداث التي يبدي الناس حساسية تجاهها.
2-    إن السياسات الدعائية والإعلامية العامة لبلد ما، يجب أن يخطط لها من مصدر موحد وكالآتي:
أ‌)    جميع الإرشادات والتوجيهات يجب أن يخطط لها وتدار على يد مؤسسة واحدة؛
ب‌)    يجب توجيه وتدريب المدراء الإعلاميين في البلاد بصورة منتظمة والحفاظ على معنوياتهم لتكون بأفضل حالاتها؛
ت‌)    أي مؤسسة في البلاد تميل نشاطاتها إلى العمل الإعلامي والدعائي، يجب أن تتبع السياسات الإعلامية الموحدة للبلاد.
3-    يجب الأخذ بعين الاعتبار الجوانب الدعائية في التخطيط لجميع الفعاليات في البلاد؛
4-    إن الدعاية الناجحة هي التي تكون قادرة على التأثير على سياسات وممارسات العدو، وذلك في ضوء الحالات التالية:
أ‌)    جميع المعلومات التي قد يستفيد منها العدو، يجب حذفها خلال عملية التخطيط؛
ب‌)    الهدف الرئيسي للدعاية يجب أن يتمثل في إرغام العدو على الخروج بالانطباع الذي ننشده نحن؛
ت‌)    يجب من خلال البوح عن بعض المعلومات المكتسبة عن العدو عبر وسائل الإعلام الصديقة، إفهام العدو بأن المعلومات التي نقدمها عنه موثقة لندفعه إلى  أخذ وسائل إعلامنا على محمل الجد والاهتمام بما تقوله وتبثه؛
ث‌)    إن حصلنا على معطيات عن عمليات العدو، يجب أخذ الحيطة والحذر بألا يطلع العدو على ذلك، فضلا عن تحضير أنفسنا للاستثمار الكامل لنتائج العمليات.
5-    إن جميع المعلومات غير السرية والتالفة استخباراتيا، يجب وضعها بتصرف المخططين والمصممين الإعلاميين لإعداد مادة مناسبة منها لإعلامنا؛
6-    يجب من خلال التعرف الدقيق على المتلقين، تحديد توجهاتهم قبل بدء الدعاية وتقديم المعلومات بطريقة تصبح فيها محط اهتمام وحرص المستمعين؛
7-    ان واجب الأجهزة الإعلامية، بث تقارير لا على أساس صحتها أو عدم صحتها. إن الأثر النهائي لأي دعاية يعد مؤشرا ومعيارا للحكم على بث ذلك التقرير أو الخبر. بعبارة أخرى، فإن كان الخبر أو التقرير الزائفين يسهمان في رفع معنويات الجماهير، فإن لا مانع من بثهما؛
8-    يجب دراسة النشاطات الإعلامية للعدو بدقة. وهذه الدراسة تتم في ثلاثة أقسام رئيسية: محتوى الدعاية، الهدف وبالتالي نسبة تأثيرها على جماهيرهنا. وبناء على نتائج هكذا دراسات يجب تجاهل بعض النشاطات الدعائية للعدو وتصميم وتنفيذ دعاية مضادة مناسبة للبقية المتبقية بما يتناسب مع قوتها  ومدى فاعليتها؛
9-    إن محتوى الأخبار التي تبثها وسائل إعلامنا، يجب دراستها بدقة من حيث الاعتبار وحجم المعلومات المصنفة فيها والأهداف المتوخاة من بثها. إن التقارير المرسلة يجب أن تحوي على تركيبة ملائمة من العناصر المذكورة لكي يحملها العدو على محمل الجد؛
10-    إن الاستفادة من محتوى البرامج التي يبثها العدو، يشكل وسيلة ملائمة لتصميم وتنفيذ برامج دعائية لتشويه صورة العدو. ويمكن من خلال الانتخاب الانتقائي للبرامج الدعائية للعدو، الإفادة منها لتحقيق أهدافنا الدعائية؛
11-     إن النقطة المهمة في فن الدعاية السياسية المضادة للعدو وتدمير معنوياته، تكمن في الإفادة المناسبة من الأخبار الصحيحة والكاذبة. إن المزج المناسب بين هذين الاثنين سيؤدي إلى  جعل العدو يصدق الأخبار الكاذبة من خلال جعل الأخبار الصحيحة مرجعا والتي أصبح وقوعها من المسلم به بالنسبة للجميع وبالتالي وقف برامجه الحربية أو جعله يواجه مأزقا وارتباكا؛
12-     إن الاقتباس من أقوال السياسيين من أصحاب الشخصية والموقع، يمكن أن يسهل نجاح المعارك السياسية؛
13-     يجب وضع جدول زمني دقيق للدعاية السياسية:
أ‌)    أخبار وسائل إعلامنا فيما يخص موضوع محدد، يجب أن تصل إلى  المتلقي قبل أن تصل اليهم تقارير المنافسين؛
ب‌)    النشاطات الدعائية يجب أن تبدأ في فترة محددة ومناسبة بالكامل؛
ت‌)    الأخبار والتقارير مهما تكن مهمة، يجب تكرارها فقط بعدد الدفعات التي تناسب ذلك الخبر. إن التكرار غير المناسب للأخبار ليس يقلل من أثرها فحسب بل يحولها إلى  ضرب من الدعاية المضادة؛
14-     في مجال الإعلام، يجب الإفادة من ألقاب وأسماء مستعارة مناسبة للأحداث والشخصيات الصديقة، مثل: تسمية طيارينا بالنسور وطياري العدو بخفافيش الليل. كما يجب استخدام ألقاب وأسماء مناسبة لسياسيي وقادة العدو تقلل من شأنهم وأهميتهم لدى جنودهم؛
أ‌)    إن هذه التسميات يجب ان تكون مستمرة ومسبوقة. ان استخدام الاسماء التاريخية التي تذكر بالانتصارات الكبرى السابقة، تساعد كثيرا في هذا المجال؛
ب‌)    ان استخدام الخلفيات التاريخية والفلسفية لا يجب ان تكون معقدة بحيث يعجز الناس العاديون عن فهمها؛
ت‌)    ان الدعاية يجب أن تتكرر في أوقات محددة من خلال الإفادة من قوالب معينة. إن التذكير بالانتصارات السابقة في ذكراها السنوية، يشكل موقعا مناسبا للنهوض بمعنويات المقاتلين؛
ث‌)    يتعين تقييم أثر جميع النشاطات الدعائية بصورة متواصلة. ويجب تعريف مؤشرات النجاح في المعارك الدعائية وتحديد أسباب الفشل والعمل على معالجتها؛
15-     يجب في الدعائية الداخلية، إحباط مفعول جميع محاولات العدو الرامية إلى  إيجاد آمال زائفة لدى الناس. إن النصر والنجاح، هو موضوع يجب أن نتخذ القرار نحن لتحقيقه لا أن يحدد العدو معايير نجاحاتنا؛
16-     الدعاية الداخلية يجب أن تستحدث لدى الجماهير قدرا محددا ومعقولا من القلق من الهزيمة:
أ‌)    على الجماهير أن تعلم ما الكوارث التي تنتظرها في حال حصلت الهزمية؛
ب‌)    يجب أن تعمل وسائل الإعلام على التقليل من شان الهواجس الهامشية للنضال في أعين الناس. إن التخوف من نقص المواد الغذائية وسائر الخدمات الاجتماعية يجب أن يصل إلى  الحد الأدنى؛
17-     الدعاية الداخلية يجب أن تقلل من جميع تداعيات الياس والإحباط إلى  الحد الأدنى:
أ‌)    على وسائل الإعلام أن تعلم بأن الإحباط واليأس، أمر لا يمكن تجنبه وهو موجود في كل نضال طويل الأمد. إن مجمل التخطيط يجب أن يتم تأسيسا على وجود هكذا مناخ ونضال مع كل عواقبه؛
18-     يجب التاكيد في الإعلام على الطبيعة الهمجية والعدوانية للعدو كخصلة غير قابلة للعودة والإصلاح؛
19-     لا يجب توقع نتائج سريعة للعمل الإعلامي. ويجب تنظيم وتعديل تفاصيل المعارك السياسية بما يتناسب مع التطورات التي تطرأ.

قصار كلمات غوبلز
•    الأكاذيب التي تبثها وسائل الإعلام، يجب أن تكون كبيرة قدر الإمكان. وفي هذه الحالة سيصدق الناس جزء منها
•    الجوهر الرئيسي للإعلام يجب أن يكون بشكل يستقطب الجماهير بحميمية وولع ويسلمون به ولا يفكروا بالتخلي عنه.

المصادر:
http://www.historylearningsite.co.uk/joseph_goebbels.htm
http://www.spartacus.schoolnet.co.uk/GERgoebbels.htm
http://www.dishiran.org/forum
http://old.tebyan
http://jahed.malakut.org/archives/2005/05/post_3.html
net/Teb.aspx?nld=2853

 

شاهد أيضاً

الجاهلية الحديثة ( الثانية): ماكيافيلي والسياسة

محمد رجبي من أجل الفهم الأمثل لآراء ونظريات ماكيافيلي، لابد بداية من معرفة مفهوم التجدد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *