المسيحيون المتصهينون: تحالف الصليب وصهيون

اسماعیل شفیعی سروستانی
وفي المنعطفات التالية، انسلخ الغرب من جلده في سياق النظام الرأسمإلى والثورة الصناعية، وانتهج طريق الاستعمار في ضوء الاستحواذ على  السوق والهيمنة على  مصادر باطن الأرض وفوق الأرض وممارسة السلطة، وانتشر المبشرون المسيحيون والمستشرقون بوصفهم طليعة وممهدي جادة الاستعمار الغربي، في كل مكان من هذه المعمورة.
لقد جاؤوا عن طريق البحر، وانتشروا على  اليابسة كلها. ولوثوا مدنا وقري بتعاليمهم وقاموا تحت ذريعة مكافحة الامية والعلاج، ببناء المدارس والمستشفيات في كل نقطة من هذه البلاد، عسى أن  يتمكنوا من دعوة المسلمين للتحول إلى المسيحية.

وفي المنعطفات التالية، انسلخ الغرب من جلده في سياق النظام الرأسمإلى والثورة الصناعية، وانتهج طريق الاستعمار في ضوء الاستحواذ على  السوق والهيمنة على  مصادر باطن الأرض وفوق الأرض وممارسة السلطة، وانتشر المبشرون المسيحيون والمستشرقون بوصفهم طليعة وممهدي جادة الاستعمار الغربي، في كل مكان من هذه المعمورة.
لقد جاؤوا عن طريق البحر، وانتشروا على  اليابسة كلها. ولوثوا مدنا وقري بتعاليمهم وقاموا تحت ذريعة مكافحة الامية والعلاج، ببناء المدارس والمستشفيات في كل نقطة من هذه البلاد، عسى أن  يتمكنوا من دعوة المسلمين للتحول إلى المسيحية.
وهذا التواجد، وفر لطلائع الاستعمار، فرصا ثمينة ومجالات واسعة للتجسس واختراق البلاطات وسرقة المصادر المكتوبة وتعلم اللغات الشرقية واعداد خرائط عن جميع المناطق والموارد والثروات.
ومنذ عصر الزندية وحتى عصرالقاجارية، يمكن مشاهدة الدور الذي لعبه هذا التيار التبشيري في جميع مناطق الشرق الإسلامي.
إن النهضات المعادية للاستعمار، وما رافقها من الام ومعاناة ومرارة، حررت بلدان مثل الجزائر والعراق وباكستان والهند وسائر البلدان الإسلامية، من براثن المستعمرين. ورغم ذلك فإن الاستعمار، ومع كل ضغوطه، لم يستطع جعل “ايران الإسلامية” مستعمرة تخضع لنفوذه.
وتعرف الغرب، على  “الشرق الإسلامي” وانقض عليه بحقد وحسد، وامتص كل ما لديه من قدرة وطاقة ونشر مظلة هيمنته الثقافية والحضارية على  مجمل الطاقات الثقافية والمادية للشرق الكبير. وفي هذا العصر، نهب المستشرقون، كل مصادر الشرق، وملاؤا مكتباتهم ومتاحفهم بالأعمال الشرقية. وفي المنعطف التالي، اذ هب نسيم التحرر من قيود الاستعمار، ولم يكن امام الغرب، بد سوي التقهقر والانسحاب، حلت الحكومات العميلة والدارسون في الغرب، والماسونيون، محل القوات العسكرية للاستعمار.
وقد استولي اعضاء المحافل الماسونية الخفية، على  التيارات الثلاثة الرئيسية وهي الثقافية والسياسية والاقتصادية في الشرق. واحتل هؤلاء مواقع الادارة في المدارس الجديدة والجامعات ووسائل الإعلام والصحافة وادارة الاجهزة الثقافية والعلمية، ليبذلوا قصاري جهدهم في سبيل علمنة ثقافة الشرق، والترويج للاستغراب والانبهار بالغرب والتنوير الفكري العقيم، بين الجماهير، ليُعبّدوا جادة الحضور الغربي في المناسبات والتعاملات المهمة والمصيرية. كماأن  هؤلاء ومن خلال الحد من تشكل التيارات المناهضة للغرب والمعادية لليهودية، ساهموا في تقويض الإسلام ومرجعية علماء الدين الإسلامية ومارسوا التجسس أيضا بوصفهم خدام الغرب.
وليس مستغرباأن  يكون كل رؤساء الوزراء والوزراء ورؤساء الجامعات ومدراء المراكز الثقافية المهمة ومدراء وسائل الإعلام المهمة، قد خرجوا منذ عصر القاجار وحتى اندلاع الثورة الإسلامية في ايران عام 1979، من صلب المحافل الماسونية.
إن امتلاء المكتبات والمتاحف الغربية بالمراجع والمصادر والنصوص والأعمال الثقافية والحضارية الفآخرة للشرق، يشكل جزء بسيطا فحسب من واقعة تواجد الاستعمار والغرب، في هذا الجزء من العالم.
ومع ذلك ولأسباب مختلفة، لم يكن الغرب يتعرف بصورة كاملة على  التيار الثقافي والفكري الشيعي في الشرق الإسلامي. انهم كانوا يعتبرون الشيعة بانها فرقة منشقة ومعترضة في العالم الإسلامي، تضم عددا ضئيلا من السكان وتعيش على  هامش المساحة الثقافية والحضارية للإسلام.
إن التوجه الشيعي العام نحو الحياة والتقليد الجاري لديه في مواجهة الظلم والفساد، جعل الغرب لا يستسيغه ويقبل بخدماته الكبرى وان يحول دون توافر الفرص لظهور وبروز هذا التيار الفكري والثقافي، لان الغرب كان يعرف حق المعرفة بأن هذا التيار يملك في مساحة الجغرافيا الإسلامية، اكبر عنصر للمقاومة والردع في مواجهة الغرب.
إن حادث الثورة الإسلامية ووجود هذا التيار الثقافي والديني على  هيئة تيار مؤسس للحضارة ويملك مقومات الحضور في مجال الادارة السياسية والاجتماعية العامة ، جعل الغرب ينتبه فجأة إلى صحوة ونهضة هذا التيار. وقد ظهر الشيعة في هيئة تيار ثقافي وحضاري، من الشرق الإسلامي وجعلوا الغرب يواجه تحديات كبري.
ومذاك، تاسست أولي مراكز البحوث الغربية للتعرف على  الشيعة والتشيع.
وذهبت ذات مرة وفي السنوات الأولي من انتصار الثورة الإسلامية في ايران إلى مكتبة “حسينية الارشاد” في طهران. وبالتزامن، كان فريق من “كندا” قد حضر إلى هذه الحسينية لتصوير فلم وثائقي عنها. وبسبب معرفتي الطفيفة بموضوع الاستشراق، كنت اعرف بأن مركز “مك غيل الكندي” يعد أحد المراكز المهمة للاستشراق والدراسات الإسلامية. فقد كان هذا الفريق يصور بعدسات خاصة، المصادر المكتوبة الموجودة في رفوف المكتبة. انهم كانوا يعتبرون “حسينية الارشاد” بانها أحد المراكز المهمة والحيوية والثورية والموجدة للدافع لدى الشبان والطلبة. 
وقد بدا الغربيون منذ السنوات الأولي، عملية التعرف على  المجالات والعوامل والمصادر والاشخاص والتيارات المؤثرة في نشاة النهضة الشيعية في “ايران”.
وقد انطلقت النهضة الإسلامية الشيعية في ظروف، كان الغرب و بعد مرور 400 عام على  تاريخه الحديث ونشر ثقافته وحضارته الالحادية، واثقا من علمنة عموم الثقافات والحضارات وانصهارها في الحضارة الغربية، وبالاحري، عولمة الثقافة الغربية.
وضروري ذكره بأن ايا من العناصر الثقافية والدينية الشرقية  الآخري، لا تنطوي على  استعداد للانطلاق نحو افق مستقبلية تختلف عن كل ما كان يقترحه الغرب الذي كان يعلم علم اليقين بأن كل هذا لا يملك القدرة على  تقديم نموذج للادارة العامة تاسسيا على  المبادئ والاسس الدينية، لانهم اكتشفوا انه لا يوجد أي تساؤل جاد ونقد أساسي واعتراض يستند إلى المبادئ والتعاليم الحقيقية وغير المادية في مواجهة الغرب واركان عناصر ثقافته وحضارته، لدى أي من المعلمين والمبشرين وبقايا العناصر الثقافية غير الغربية.
وفي هكذا ظروف، جري سيل عارم، سيل من الشرق الإسلامي، ومن ايران الشيعية بالتحديد.
وحدث كل هذا فيما كان الغرب، يعتبرأن  الشيعة فرقة قليلة العدد وتتوزع على  مناطق محدودة من البلاد الإسلامية الكبري، وكانت قد فقدت وخسرت كل طاقاتها وقدرتها على  اثر بطش وضغط النظام البهلوي الفاسد والعميل، ولا تملك التخلص من حدود الموضوعات الفقهية والكلامية والتاريخية المقتصرة على  المعاملات الفردية والمحدودة.
وأول  ردة فعل اعتمدها الغرب في مواجهة هذا التيار الاجتماعي والسياسي الكبير والمبني على  التوجهات الإسلامية والمذهب الشيعي، تمثلت في الحذف والمكافحة المادية في الميدان.
إن حادثة الثماني سنوات من الدفاع المقدس، شكلت مثالا على  هذه المحاولات المستميتة.
وفي سياق هذه الاستراتيجية، استعان الغرب بكل الإمكانات الجامعية والبحثية والاستخباراتية والإعلامية، للتعرف بشكل شامل على  هذا التيار. والتأم بالتإلى أول  مؤتمر للدراسات الشيعية في “تل ابيب” عام 1984 بمشاركة مئات المستشرقين والخبراء بالشؤون الشيعية والعناصر الاستخباراتية والامنية لتحالف الصليب وصهيون.
ويقول مارتين كرأمر، كاتب مقدمة “مجموعة مقالات المؤتمر”:
إن التشيع اوجد في الفترة المعاصرة، بعض اقوي مفاهيم العصيان الثوري. ان الشيعة هم اقلية من المسلمين، تُشهّر بهم الاغلبية من المسلمين أي اهل السنة بسبب معتقداتهم. ومع ذلك فإن الحركات الشيعية، قد ابدعت في الوقت الحاضر، استراتيجيات سياسية اصيلة للغاية، هي مبعث استغراب واندهاش العالم الإسلامي والغرب. وهذه الاساليب في ايران، تكللت باعظم النجاحات وتحولت إلى مصدر الهام لسائر الشيعة في العالم العربي وجنوب اسيا.
ولخص مارتين كرأمر، الهدف من عقد المؤتمر وصياغة المقالات التي تلقاها، بعبارتين هما كالتالي:
إن هذه المجموعة تتابع هدفين مزدوجين، الأول، تحديد الموقع الحإلى لتيار الشيعة الاثني عشرية في المناطق المختلفة من العالم والثاني تقييم اثر الثورة الايرانية على  ارجاء العالم.
ويشير كرأمر في مقدمته إلى مشاركة مكتب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في اسرائيل واسحاق رابين واباايبان وتوماس فريدمن وآخرين في هذا المؤتمر. وقد يمر القارئ العادي على  جملات كرأمر مرور الكرام، الاأن  الباحثين في مجال الدراسات الاستراتيجية والاستراتيجيين الغربيين، يستنتجون من عبارات : اقوي مفاهيم العصيان الثوري واستراتيجية سياسية ومُلهمة للعالم العربي وجنوب اسيا، تبلور مجالات متسلسلة من التطورات التاريخية والاجتماعية والسياسية في الشرق، والتي تتحدي في مسارها المتكامل، مجمل الثقافة والحضارة الغربية فضلا عن اعلانها نهاية فاعلية الغرب وتاريخه.  وهو ما سماه صمويل هنتنغتون بصراع الحضارات.
ولا ننسى بأن أي فكر ان وجد فسحة في وقته المحدد والمقدر، للخروج عن الايجاز وان يتسم في مرتبة التفصيل، بطابع ثقافي ويجري في ميدان التاريخ، فإنه سيكون جاهزا لابتداع استراتيجية وتقديم برنامج التطور وخلق الحضارة، ويتحول إلى نموذج وقدوة تقتدي بها سائر الأمم في إطار الفعل الاجتماعي والسياسي.
إن الاخفاق في الحذف والتصفية المادية، دفع بالغرب على  الفور إلى خوض غمار الثقافة وشن الغزو الثقافي عله يستطيع من خلاله، توفير إمكانية الانحلال التدريجي للثورة الإسلامية في ايران.
إن وجود قواعد المثقفين الليبراليين منذ العصر القاجاري وحتى عصر الثورة الإسلامية في كافة النواحي الثقافية ومجالات العلوم الاجتماعية وجامعات العلوم الإنسانية، والتواجد الجاد في ميادين الادب والفن، ممن كانوا قد وفروا لسنوات وسنوات إمكانية خلق النموذج والقدوة وتحديد النهج عن طريق الادبيات والسينما والمسرح وغير ذلك، وفروا إمكانية هذا الغزو. وهذا الفريق كان بوسعه أن  يعمل من الداخل باعتباره يشكل جحافل العدو.
إن دعوة الناس للتنمية السياسية والاقتصادية مع افتراض ضرورة التنمية الثقافية التي كانت تشغل على  مدى عقد من الزمن عقل ولغة الشباب والعديد من الأوساط والمراكز السياسية والاجتماعية في ايران، يجب تقييمها في هذا الإطار أي العمل على  الانحلال من الداخل، كما يمكن تقييم، إيجاد تيارات وفرق لاسيما الوهابية والسلفية، يمكنأن  تساهم في تقليص طاقات التيار الثوري والحد من انتقاله إلى سائر المناطق في هذا السياق، فضلا عن أن  تيار إيجاد الفرق، يحمل في طياته نوعا من التعددية المروعة والشيطانية.
وقد قدم السيد برنارد لويس المستشرق والباحث اليهودي الشهير، في مؤتمر تل ابيب ( ديسمبر 1948) مداخلة يمكن أن  تعكس الفهم الغربي للفكر والثقافة الشيعية والهبة الإسلامية في العصر الحاضر، ويقول:
إن هدف الشيعة يتمثل في اعادة التاريخ إلى مساره الصحيح. ومن ثم ياتي على  ذكر ماضي تبلور التيار الفكري الشيعي في العالم الإسلامي وميزات العقيدة الشيعية بين المسلمين. ويلخص هذه الميزات في اربعة اقسام أو اربعة توجهات كالتالي:
1-    الاهتمام الخاص الذين يبديه الشيعة لموضوع غصب الخلافة والظلم؛
2-    التمرد المسلح للقضاء على  الحاكم الجائر ومكافحة الاستبداد؛
3-    طلب الشهادة كنظرية تؤازر وتساند الجهاد والحرب المقدسة؛
4-    العقيدة بالمهدي وانتظار ظهور المنقذ الموعود، الإمام المهدي(ع).
وقد قام المؤلف بتلخيص عبارات برنارد لويس وقدمها في اربعة عناوين. وفي الختام، ميّز إسلام التشيع عن التسنن  وقدم التشيع طبقا لما يلي:
ان التشيع هو عبارة عن معأرضة الوضع القائم والنظام الحاكم، وهذا لا يتلأزم بالضرورة مع نية تغيير هذا النظام.
ويعتبرأن  نتيجة معأرضة الوضع القائم بين الشيعة، نابع من هذه العقيدة الشيعية بأن النظام القائم لا يملك أي شرعية، وان التاريخ سلك مسارا خاطئا، وانه لا بد من التشابك مع البرامج العلمية من أجل اعادة التاريخ إلى مساره الصحيح.
ولا يمكن استبعادأن  مكافحة الظلم والظالم حتى الشهادة والمجاهدة من أجل الاصلاح وتجاوز الوضع القائم، كلها قائمة على  العقيدة المهدوية وثقافة الانتظار. وفي الحقيقة يجب اعتبارأن  الفكر المساند للحركات الاصلاحية والجهادية، كامن في الاعتقاد بظهور المنقذ الموعود.
وبلا شك فإن كلام الشيعة نابع من “كتاب الله” وعترة الرسول الأكرم(ص)، ما يشكل افضل سند وحام لهذه العقيدة في الساحات النظرية والتطبيقية. 
كما تطرقت سائر المداخلات التي طرحت في هذا المؤتمر إلى الاقتداء بنظرية حب الشهادة لاسيما النهضة الحسينية الدامية في كربلاء عام 61 للهجرة والعقيدة المهدوية بوصفهما خصوصيتي الثقافة الشيعية والسند النظري في العلاقات الاجتماعية.
ولا يجب تجاهلأن  تحالف الصليب وصهيون وقادة المنظمات السرية ومع مشاهدتهم لاقتداء مستضعفي الشرق الإسلامي، بالشيعة والتوجه المتزايد لسكان الغرب نحو الإسلام خلال الأعوام الأخيرة، بذلوا قصاري جهدهم من أجل النيل من الإسلام والنهضات الإسلامية.
إن الدعم الغربي السافر والسري للقاعدة وجرائم السلفيين والتي تتم عموما بدعم من كبار اعضاء المحافل الماسونية ممن هم في هيئة ملوك وأمراء الكثير من الدول العربية بما فيها الاردن ومصر والسعودية، دفع بالغربيين، إلى وصم مجاهدي طريق الصلاح والاصلاح، بالارهابيين، والنهضات الداعية للحق بالتيارات الارهابية.
وقد كرست وسائل الإعلام لاسيما سينما هوليوود كل طاقاتها خلال السنوات الثلاثين الأخيرة لتقديم المسلمين والعرب على  انهم ارهابيون ومعادون للإنسان والثقافة والحضارة ومتصلبو العقل ومتعنتون ومتحجرون.
يذكر انه منذ بدء النهضات الدينية لاسيما الحركات الجهادية المستقلة، لا التيارات الطائفية المحسوبة على  اجهزة استخبارات الصليب وصهيون، اصيب الغرب بهاجسين. الهاجس الأول  يعود إلى احتمال نشوء مركز للسلطة الإسلامية في الشرق ومن “ايران”، البلاد التي تعتبر قطبا للفكر والثقافة الشيعية، والهاجس الثاني، يعود إلى احتمال قيام النهضة العالمية للامام المهدي(عج) من الجزيرة العربية.
إن تزايد قوة ايران الإسلامية وسقوط صدام واحباط مفعول العديد من مؤأمرات تحالف الصليب وصهيون، اثار الرعب والفزع كواقع لا يمكن انكاره لدى هؤلاء، فيما كان الغرب يمر بأزمات متعددة الاوجه والناتجة عن الوهن والضعف في اسسه الثقافية والحضارية، وجعله أكثراستعدادا للانهيار والتلاشي. (وقد تطرقنا ضمن مجموعة مقالات الغرب وآخر الزمان باسهاب إلى تجربة نهاية الغرب وسقوطه).
إن تلاقي هاتين الواقعتين، أي سقوط الغرب وصعود الشرق، دفع بقادة الصليب وصهيون السريين ممن كان يحلمون بتاسيس الحكومة الكونية وعملوا لسنوات لتحقيقها على  أرض الواقع، إلى تصميم حرب نهاية الزمان كمشروع لازالة العقبات والتحكم بالظروف وتغيير مسار التاريخ لحساب الغرب.
إن الاصوليين المسيحيين والمبشرين الإنجيليين استعانوا بجميع الإمكانات التبشيرية والإعلامية لاضفاء الواقع الديني والمحتوم على  هذا المشروع، لتوفير إمكانية الدعم الجماهيري والافادة من جميع الطاقات والقدرات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية، وهي اداة قوية ساندت ودعمت قادة المؤأمرة لوضع مشروع كبير في الابعاد الدولية موضع التنفيذ.
وقامت وسائل الإعلام الدينية وفي ظل تفسير سيناريو حرب نهاية الزمان بين قبيلتي الخير والشر (حماة بني اسرائيل والمسلمين) خلال الأعوام العشرين الأخيرة، قامت بتقديم الحركات الإسلامية بما فيها النهضة الإسلامية الشيعية الايرانية على  انها نشوء قوي الشر ودجّال آخر الزمان، واستندت إلى أقوال بعض الاشخاص ذائعي الصيت في هذه المنطقة، لتذكير انصارها بتوافر مجالات وفرص اندلاع حرب هرمجدون لنهاية الزمان وضرورة التعبئة العامة للتصدي لها.
إن توريط المسلمين وسكان الشرق الإسلامي في مشروع محدد الملامح وحرب مبكرة، يتيح إمكانية انحلال جميع قوي وطاقات الشرق الإسلامي، بل يجعل من الممكن ، تطبيق مشروع تاسيس الحكومة الكونية لقادة تحالف الصليب وصهيون (القادة السرّيون للمحافل الشيطانية والماسونية) في فترة زمنية وجيزة. وفي الوقت الحاضر، يمر مشروع النظام العالمي الجديد الذي يعد أحد اجزاء تاسيس الحكومة الكونية، بآخر مراحله التنفيذية.
وتعد الولايات المتحدة الأمريكية بنكا واداة لتنفيذ مهمة القائمين على  هذا النظام الجديد. ووفقا لاشخاص مثل جورج سوروس الذي أعلن عام 2011 وفي مقابلة مع “الفايننشال تايمز” عن احلال عملة عالمية محل الدولار، فإن ثمة إمكانية لإيجاد قوة أخرى في العالم تعمل كاداة لتنفيذ مشروع النظام العالمي الجديد.
ودار حديث خلال العام أو العام الأخيرين وبأشكال مختلفة عن احتمال وقوع حادث عام 2012.
ونظرا إلى أن  “ايران الإسلامية” بوصفها مركز السلطة في الشرق الإسلامي، وصاحبة الفكر والثقافة المهدوية وحاملة روح الجهاد والقدرة على  تقديم الانموذج ومقاومتها المستديمة للغرب، واسسها الفكرية والثقافية وتحدي الحضارة الغربية، فإنه يبدو ضروريا اخذ النقاط التالية بعين الاعتبار:
•    لا أحد يعلم بوقت الظهور المقدس، فضلا عن أن  باب النيابة الشاملة والخاصة والتشرف الارادي موصد امام الجميع. لذلك من الضروري الانتباه والاهتمام بالامور الثلاثة المذكورة آنفا وان المتزعمين، يجب تحديدهم وملاحقتهم. وهذا الأمر، ينقذ المجتمع من الوقوع في هاوية الاحتقان والاستعجال والهلاك؛
•    ونظرا إلى كل مؤأمرات ومخططات الاعداء، وقرصنة الفرق الناشئة والمتشدقين، واندلاع الأزمات الطبيعية وغير الطبيعية في العالم فإن من الضروري نشر المعارف المهدوية استنادا إلى المصادر والدراسات الجادة التي تنجز على  يد الخبراء واصحاب الرأي وعن طريق وسائل الإعلام والأعمال الفنية والتخطيط التعليمي الرسمي واعداد المدربين والدعاة الكفوئين، لان عدم الوعي والمعرفة بالإمام المبين، يفضي إلى ميتة الجاهلية وعدم الوقوف على  آخر الزمان والعلامات، ويؤدي إلى التدحرج في الشبهات والانحرافات ويمنع الفرد من انجاز واجباته بشكل صحيح وفي اوانه؛
•    وبعد حادثة 11 سبتمبر، ركز الغرب جل جهوده على  تقديم الإسلام وايران بانهما يشكلان تهديدا ضد العالم الغربي والبشرية. لذلك فإن أي تحرك سياسي واجتماعي غير مدروس لاسيما من جانب الساسة وحتى المتحدثين المهمين في الأوساط الدولية، يتخذ كمستند لاثبات هذا الزعم والوهم الشيطاني، وبالتإلى تعبئة وتأليب سكان الغرب الذين يخضعون للقصف الإعلامي التابع لتحالف الصليب وصهيون، ضد العالم الإسلامي والاعراض عن الإسلام؛
•    لقد تم خلال السنوات الأخيرة وللأسف، اهمال هذا الأمر وان بعض كبار المدراء دخلوا مجالات متاثيرين بمستشارين غير ناضجين، والقوا كلمات، اعطت ذريعة للعدو، لتاليب وتحريض المجتمعات في العالم ضد ايران الإسلامية.
•    إن إيجاد الهوة والشقاق في صفوف المسلمين والمساس بالثورة الإسلامية وزعامة الإمام الخميني الراحل(رض) والتقليل من مقامه وعظمته على  يد جماعة مغرر بها، يمثل مكيدة جديدة سقط في شركها بعض انصار الثورة. ان الانتباه إلى هذا الشئ والتبرؤ من هذه العوامل والاساليب، يمكن أن  يخيب امال العدو المتربص بنا ويجسر الهوة القائمة. لذلك فإن تنبيه الشبان إلى البداية والوجهة الرئيسية لسفينة الثورة الإسلامية والتمهيد لظروف الظهور، يبدو أمرا ضروريا؛
إن الكثير من الأحداث والوقائع (في السماء والأرض) تتناغم وتتشابه على  الاقل مع الحوادث المذكورة في رواية آخر الزمان والتي تبين الوقائع التي تسبق ظهور الإمام الحجة(عج). وهذا الأمر ادي بالبعض إلى الحكم من شدة التشوق للظهور إلى الحكم بحتمية واقعة الظهور الكريمة في الزمن القريب.
إننا جميعا نتأمل ونتشوق أن  تحدث هذه الواقعة في الزمن القريب وفي عصرنا وحياتنا. لكن وبناء على  ذلك وإلى جانب إيجاد الجهوزية الشاملة في أفعالنا الشخصية والجماعية وفي جميع السلوكيات، فمن الضروري تحاشي اظهار حتمية الوقوع القريب لهذه الواقعة.
وكما نعرف أن  لا أحد يعلم الزمان القطعي للظهور، واننا مكلفون بتسمية المدعي والمحدد لوقت الظهور بانه كذاب؛ لكن يجب الابقاء على  جذوة الامل مشتعلة في القلوب، والدعوة إلى تجنب المنكرات والتوسل والتمسك بالإمام المبين والاحجام عن الوقوع في افخاخ الفتن. لكي لا نقحم انفسنا من دون قصد في ميدان ، يعتبره تحالف الصليب وصهيون شرطا لبقائه وديمومته الشيطانية.

يتبع إن شاء الله
جـمیع الحقـوق مـحفوظـة لمركز موعود الثقافی
لا یسمح باستخدام أی مادة بشكل تجاریّ دون أذن خطّیّ من ادارة الموقع
ولا یسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.

 

Check Also

من بروتوكولات زعماء صهيون إلى انفلونزا الخنازير

ثمة رواية عن الامام على  بن موسى الرضا (ع) ما مضمونها انه : عندما يقدم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *