سيرة العباس(ع) نسب وطف وزيارة

سامي جواد كاظم
المتصدون للكتابة عن التراجم كثيرا ما يعانون من قلة المصادر او الالتباس لبعض التراجم لاسيما تلك الشخصيات البارزة التي ليست على هوى بني امية فالتحريف او الحذف ينالها وبالتالي يجد صعوبة الباحث في ترجمة هكذا شخصيات .

شخصية ابي الفضل العباس عليه السلام لها حصة من حذف التاريخ ولهذا نجد من يتصدى للكتابة عن العباس عليه السلام يتعرض الى مواضيع لا علاقة لها بسيرته مثلا الحديث عن شخصية الامام علي لاعتباره والده ومن ثم الحديث عن شخصية عقيل بن ابي طالب لانه هو من زوج علي عليه السلام بام البنين ومن ثم الحديث عن جعفر الطيار لانه عم العباس ومن ثم الحديث عن ابي طالب لانه جد العباس ومن ثم الحديث عن ام البنين ونسبها من امها ، وهكذا حتى تمتلئ صفحات الكتاب ليكتب عنها موسوعة ، واما ما يخص سيرة ابي الفضل العباس فانها لاتعدو سوى واقعة الطف وتحديدا اليوم العاشر فقط وبعض النتف من الاخبار التي بالكاد تمر من تمحيص السند والمتن .
شخصية العباس لا تحتاج الى اختلاق مواقف جبارة وتنسيبها له فنسبه وموقفه يوم الطف والزيارة الخاصة له على لسان الامام الصادق لكفيلة بان تجعل العباس في مصاف الشهداء والصديقين ومع الاولياء في جنات النعيم . فالنسب لا اتطرق اليه ، وشجاعته بوم الطف واضحة كوضوح الشمس ، واما الحديث عن زيارته المنسوبة للامام الصادق عليه السلام فانها تتجلى محطات حياة العباس من حيث الماهية اما تفاصيل الروايات فانها شحيحة او تكاد تكون معدومة واعزو السبب للسياسية الاموية في حذف الصفحات المشرقة من تاريخ اهل البيت عليهم السلام ، اذا كانوا لم يتورعوا من تحريف سيرة الرسول وسيرة الامام علي فهل يصعب عليهم حذف تاريخ العباس عليه السلام ؟

لنقف عند زيارته والتي تستحق ان تكون مصدرا لكناه والقابه واما التي تذكر في كتب السير فانها استنتاجات علماء او شعراء بسبب مواقفه اما ما سنذكره من صفات مصدرها زيارته فيكون المصدر نص من معصوم وهي احق بان نعتمدها ، هذه بعض الصفات .

اولا : السلام عليك ايها العبد الصالح ، لقب العبد الصالح لايسعنا في هذا المقال شرح ماهية هذا اللقب ولكنني ساستعين بايتين فقط لندلل على عظمة هذه الصفة ، الاية الاولى “أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ {الأنبياء/105}” واجمعت اغلب تفاسيرنا انها نزلت في الامام المهدي عليه السلام ، ولو فرضنا جدلا غير ذلك فان الذي يرث الارض يجب ان يكون عبدا صالحا وهاهو العباس باعتراف صادق القول الامام جعفر الصادق عليه السلام بانه عبد صالح ، الاية الاخرى ” وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ {النمل/19}” نبي الله سليمان يسال الله عز وجل ان يجعله من العباد الصالحين ، اية منزلة هذه التي تختص بها صفة العبد الصالح؟

فهذه الصفة لا تاتي من فراغ بل من افعال واقوال للامام العباس عليه السلام لم تصل الينا وعدم الايجاد لا يدل على عدم الوجود

ثانيا: اَنَّكَ مَضَيْتَ عَلى ما مَضى بِهِ الْبَدْرِيُّونَ ، البدريون هم اصحاب اول معركة انتصر فيها الاسلام وما لهذه المعركة من مكانة مشرفة بحيث جعلت المشاركين فيها يستحقون من الالقاب والغنائم افضل من غيرهم ويتفاخر من اشترك فيها بان يقول انا بدري بل ويعير من لم يشترك فيها من غير علة، يحكى ان عبد الرحمن بن عوف قرر منح اربعمائة دينار لكل بدري فجاء عثمان يطالبه بهذه المنحة مع العلم ان عثمان بن عفان ميسور الحال وله كثير من الاموال ، الا انه طالب بها حتى يقال عنه بدري وحكايته معلومة في كتب التاريخ .

هذا البدري كل ما بذله من جهود في المعركة نابع عن قوة ايمان وعقيدة راسخة بمبادئ الاسلام بحيث ان قلتهم لم تثني عزيمتهم ، هذه المميزات يحملها العباس عليه السلام فجاء وصف الصادق عليه السلام له بمنتهى الدقة ، وهذا يعني ان للعباس مواقف بطولية ليس في واقعة الطف بل في مواقع اخرى لم تصل لنا بشكل مسند وصحيح .

ثالثا: وَانْتَهَكَتْ حُرْمَةَ الاِسْلامِ أي في قتل العباس عليه السلام ، يقول الشيخ الوائلي رحمه الله ان حرمة الاسلام تنتهك عندما يقتل عالم ، ومن المؤكد ان لهذا العالم مكانته العلمية لما يحمل من علم واسع ونافع ، ولانه كان نافذ البصيرة فانا اجزم ان في حياة العباس عليه السلام محطات تدل وتدلل على ان له علم واسع بحيث ان حرمة الاسلام انتهكت بقتله

وكل عبارة ذكرت في الزيارة تستحق شرح تفصيلي لتبين مكانة ابي الفضل العباس عليه السلام وهذه العبارات هي النتائج الصحيحة ولكن ماهي الخطوات التي وصلت الى هذه النتائج هنا يبخل علينا التاريخ في ذكرها بسبب عبث العابثين واولهم بني امية .

شاهد أيضاً

الإمام المهدي خليفة الله في أرضه(عجّـل الله فرجه)

انّ النعوت التي وردت في وصف الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كثيرة. وأردت أن أستطرق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *