تكثر فی الآونة الأخیرة وفی أیامنا هذه تداعیات كثیرة حول موضوع الأمام صاحب الزمان وتنقل لنا وسائل الأعلام بأن أكثر بنی البشر الذین یؤمنون بالرسالات السماویة وغیرهم یأملون حضور شخص یسمى لدیهم ( المَّخلص ) أو المصلح الأكبر فی آخر الزمان وكلى الفرقین یترقب بشغف البشارات والعلامات السماویة والأحداث على الأرض . ونحن شیعة أهل البیت (علیهم السلام) من أكثر الشعوب والأمم والمذاهب انتظارا للفرج الشریف والنور الأكبر .
بسم الله الرحمن الرحیم
(( وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِیء بِالنَّبِیِّینَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِیَ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ یُظْلَمُونَ )) 69 الزمر
بسم الله الرحمن الرحیم
صَلِ اللهم على التجلی الأعظم وكمال بهائك الأقدم شجرة الطور والكتاب المسطور على كل نور فی طیخاء الدیجور علم الهدى ومجلی العمى ونور أبصار الورى وبابك الذی منه یؤتى الذی یملىْ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجورا سیدنا وإمامنا بالحق الحجة بن الحسن القائم المهدی أرواح من سواه فداه ولعنة الله على أعدائه أبد الآبدین ودهر الدهرین .
المقدمة:
تكثر فی الآونة الأخیرة وفی أیامنا هذه تداعیات كثیرة حول موضوع الأمام صاحب الزمان وتنقل لنا وسائل الأعلام بأن أكثر بنی البشر الذین یؤمنون بالرسالات السماویة وغیرهم یأملون حضور شخص یسمى لدیهم ( المَّخلص ) أو المصلح الأكبر فی آخر الزمان وكلى الفرقین یترقب بشغف البشارات والعلامات السماویة والأحداث على الأرض . ونحن شیعة أهل البیت (علیهم السلام) من أكثر الشعوب والأمم والمذاهب انتظارا للفرج الشریف والنور الأكبر . حیث یود كثیراً من المؤمنین الأحیاء أن یكونوا فی عصر الظهور لیتشرفوا بالطلعة البهیة والنور العظیم والفوز الأكبر جنباً إلى جنب مع قائم آل محمد ( عج ) وتصدح حناجرهم بالدعاء لیلاً نهاراً سراً جهاراً للإمام بالفرج حتى ندب كثیر من المؤمنین نفسه للتصدق عن الإمام تعجیلاً للفرج وحرص على الدعاء بدعائی العهد والندبة یوم الجمعة … وبالرجوع إلى مضمون الأدعیة تمنی القتلى من المؤمنین ممن محض الأیمان للرجوع مع قائم آل محمد إلى الحیاة الدنیا .
اعلم إن الرجعة سر من إسرار الله و القول بها ثمرة الإیمان بالغیب .
و المراد بها رجوع الأئمة علیهم السلام و شیعتهم و أعدائهم ممن محض من الفریقین الإیمان أو الكفر محضاً ‘ فان الله فی الدنیا بالعذاب ، فان من أهلكه الله فی الدنیا بالعذاب لا یرجع إلى الدنیا . قال الله تعالى: (( وحرام على قریة أهلكناها أنهم لا یرجعون )) الآیة 95 الأنبیاء
روی القمی عنهما علیهما السلام قالا (( كل قریة اهلك الله أهلها بالعذاب لا یرجعون فی الرجعة ))
و روى الطبرسی فی (مجمع البیان) عن الباقر علیه السلام قال : ( كل قریة أهلكها الله بعذاب فأنهم لا یرجعون ) إلا إذا كان لهم قصاص كما لو قتلوا ظلما و لم یكونوا ما حضین للإیمان أو الكفر فأنهم یرجعون مع قاتلیهم فیقتلوا قاتلیهم و یعیشون بعد إن یقتصوا منهم .. ثلاثین .. ثم یموتون فی لیلة واحدة . و هو الحشر الأول الذی أشار إلیه سبحانه بقوله : (( ویوم نحشر من كل امة فوجاً ممن یكذب بآیاتنا فهم یوزعون )) 83 النمل
و هو قول الصادق .. علیه السالم .. و الدلیل على إن هذا فی الرجعة قوله تعالى ( و یوم نحشر من كل امة من كل امة فوجاً ممن یكذب بآیاتنا) قال:(( الآیات أمیر المؤمنین و الأئمة علیه وعلیهم السلام ..)).
فقال الرجل : إن العامة تزعم إن قوله تعالى :((ویوم نحشر من كل امة فوجاً)) ، عنی فی یوم القیامة ؟
فقال .. علیه السلام ..: فیحشر الله عز و جل یوم القیامة من كل امة فوجاً و یدع الباقین ؟ لا ، و لكنه فی الرجعة . وإما آیة القیامة فهی: (( وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا))(1)
وعنه علیه السلام .. 🙁 لیس أحد من المؤمنین قتل إلا ویرجع حتى یموت ولا یرجع إلا من محض الأیمان محضاً ومحض الكفر محضاً )
وفی الكافی عنه علیه السلام ..فی قوله تعالى: ((بعثنا علیكم عباداً لنا أولی بأس شدید))(2)
إنهم قوم یبعثهم الله قبل خروج القائم عیه السلام .. فلا یدعون وتراً لآل محمد إلا قتلوه .
وبقوله تعالى ))یوم تأتی السماء بدخان مبین . یغشى الناس هذا عذابٌ ألیم ))(3) فی حدیث أشراط الساعة عنه (ص) :أول الآیات الدخان ؛ ونزول عیسى(ع) ونار تخرج من قعر عدن أبین ، تسوق الناس إلى المحشر ؛ قیل : وما الدخان ؟ فتلا رسول الله (ص) هذه الآیة ، وقال : (یملأ ما بین المشرق والمغرب ، یمكث أربعین یوماً ولیلة ، أم المؤمن فیصیبه كهیئة الزكام وأما الكافر فهو كالسكران یخرج من منخریه وأذنیه ودبره ).
وفی تفسیر على بن إبراهیم قال : (( ذلك فی الرجعة من القبر … إلى أن قال : ثم قال:(( إننا كاشفوا العذاب قلیلاً إنكم عائدون )) (4)یعنی یوم القیامة . ولو كان قوله : (( یوم تأتی السماء بدخان مبین )) فی القیامة لم یقل : (( إنكم عائدون)) لأنه لیس بعد الآخرة والقیامة حالة یعودون إلیها . ثم قال : (( یوم نبطش البطشة الكبرى .. ))(5) یعنی فی القیامة ((إنا منتقمون)) أنتهى.
أقول : قوله : ( من قعر عدن أبین ) معنى أبین أسم رجل وهو الثانی من الأعرابیین . وعدن أسم موضع؛ یعنی النار التی تسوق الناس من مسببات مضمرات فتن باطن ذلك الأعرابی .
والجملة قول للأكثرین من الإمامیة للأخبار المتكثرة المتواترة معنى والآیات الكثیرة .وقد أنكرها بعض الأمامیة ولم یثبت إلا خروج القائم (عج) لأنه من المجمع علیه بین المسلمین وأن اختلفوا فی القائم على ثلاثة أقوال : فمنهم من قال : عیسى بن مریم .. علیه السلام ومنهم من قال: هو المهدی من بنی العباس ، كما رجحه ابن حجر فی (الصواعق) . ومنهم من قال : هو محمد بن الحسن العسكری ،وهو قول جمیع شیعتنا شیعة أهل البیت (ع) وقلیل من الجمهور . وممن نفى وجودها : الشیخ المفید . وحمل ما دل علیها على خصوص قیام القائم علیه السلام وطرح أكثر الروایات بالتضعیف.ومما یشیر ذلك قوله فی آخر لكتابه ( الإرشاد): ( ولیس بعد دولة القائم عج إلا ما جاءت به الروایة ولم ترد به على القطع والثبات. وأكثر الروایات أنه لم یمض مهدی هذه الأمة عج إلا قبل القیامة بأربعین یوماً یكون فیها الهرج والمرج ، وعلامة خروج الأموات وقیام الساعة للحساب والله أعلم بما یكون ) (الإرشاد ص 345 )
وأما (الجمهور) فأنهم ینكرون الرجعة أشد الإنكار ویشنعون على الشیعة وینسبونهم فی القول بذلك إلى الابتداع . قال ابن الأثیر فی ( النهایة ) : والرجعة مذهب قوم من العرب فی الجاهلیة معروف عندهم ومذهب طائفة من فرق المسلمین من أولی البدع والأهواء ؛ یقولون : إن المیت یرجع إلى الحیاة الدنیا ویكون فیها حیاً كما كان . ومن جملتهم طائفة من الرافضة یقولون إن على بن أبی طالب مستتر فی السحاب فلا یخرج مع من خرج من ولده حتى ینادی منادٍ من السماء أخرج یا فلان ویشهد لهذا المذهب السوء قوله تعالى : (( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربِّ أرجعونی لعلی أعمل صالحاً فیما تركت كلا ..)) 99 المؤمنون یرید الكفار نحمد الله على الهدایة والإیمان ( كتاب النهایة فی غریب الحدیث والأثر ). لأبن الأثیر الجزء الثانی صفحة 72 ط القاهرة مادة رجع انتهى .
وأعلم أن المخالفین كانوا فی الصدر الأول كثیراً ما ینافون علی بن أبی طالب (ع) لیصرفوا وجوه الناس عنه إلیهم. فكانوا یسألون عن أحكامه وأعتقادته فیقولون بخلافها ویتكلفون الأدلة على بدع ویؤولون ما یوافق المذهب الحق ویوردون الشبة التی تخفى على العامة فی صورة الحق دلیلاً لهم على من لا یفهم وعذراً لهم عمن یفهم . فنصبوا – أئمة الهدى (ع) – أدلة الحق الموصلة إلى طریق الرشاد والنافیة لحجج أهللا الخلاف والعناد . ما بین مجملات وقواعد ومفصلات وشواهد . فمن المجملات والقواعد ما أمروا به وجعلوه أصلاً ینفتح به ألف باب وهو قولهم صلى الله علیهم : (خذ بما خالف القوم فأن الرشد فی خلافهم ) والعلة فی ذلك أن خلافهم هو قول علی علیه السلام واعتقاده.( والرجعة ) من ذلك لما أخبر بها وأهل بیته أنكروها غایة الإنكار وأوردوا علیها الشبه تمویهاً على الحق بالباطل .
تساؤل / ثمة تباین فی مسألة الرجعة بین ما تقرأه فی قوله تعالى من سورة المؤمنون أیة 99
((قال رب أرجعون لعلی أعمل صالحاً فیما تركت كلاً )) وبین ما نقرأه فی الزیارة الجامعة فی قولنا((مصدقٌ برجعتكم )) فكیف نوفق بین الیقین ؟
جواب / مسألة الرجعة هی من الأمور الثابتة ومن المسلمات مذهب الأمامیة والرجعة عبارة عن عودة مجموعة من خُلص المؤمنین فی زمان ظهور الأمام المهدی (عج) ورجوع سائر هل البیت (ع ) الشیخ المفید فی الرجعة وقد جاء القرآن بصحة ذلك , وتظاهرت به الأخبار الأمامیة أبجمعها علیه الأ شذاذ منهم أوائل المقالات , ص89-9.وكذلك نلاحظ تفاصیل أخرى فی تصحیح الإعتقاد , الشیخ المفید ص71 .
والرجعة تشمل أیضاً رجوع مجموعة من الأفراد ممن محض بالكفر والشرك والعناد . أن هؤلاء یعودون جمیعاً إلى الحیاة الدنیا مرةً أخرى بقدرة الله تعالى وغنی عن القول أن هذا الأمر ممكن وغیر ممتنع ذاتاً . وفی مجـال الأخبار الواردة فی المسـألة فقد ذكر العلامة المجلسـی أن ما یقارب المأتین من الأخبار والأحادیث نقلت عن أهل البیت (ع ) فـی الرجعة والاعتقاد بها أجمالاً یعد من الواجبات دون أن تكون ثمة ضرورة للعلم بالتفاصیل من كیفیة الرجعة ومدتها ومن تشمل من الأفراد . وجواب الشبهة المثارة فی السؤال أی كیف توفق بین الآیة الكریمة التی تتحدث صراحة عن عدم إجابة دعوة الكفار فی العودة إلى الدنیا ورد طلبهم من قبل العزیز الحكیم , فیما نقول فی عقیدتنا بالرجعة بأن بعض الكفار سیعودون إلى الحیاة الدنیا مرة أخرى .
فی الواقع أن جوهـر الإجابة تكمن فی الالتفات إلى الاختلاف بین الموضوعین فالآیة تتحدث عما یتمناه الكافرون من عودة إلى الحیاة الدنیا لتحصیل الأیمان (لأمنیتهم هذه) أما الرجعة فتكون لبعض الكافرین لهدف أخر غیر ما تتحدث عنه الآیة الكریمة, إذ هم یعادون إلى الحیاة الدنیا بقدرة الله تعالـى لیروا السلطة الإلهیة الحقه لأل محمد (ص) ثم یقتلون على أیدیهم وعلى أیدی أل محمد (ص) ومن الواضح أن عودة هؤلاء تتم لهدف أخر ولهـا موضوعها الخاص الذی یختلف عن الهدف والموضوع اللذین تتحدث عنهما الآیة مورد السـؤال فرجعة هؤلاء البعض من الكفار تكون كنوع من الانتقام والجزاء لما اقترفوه من أعمال سیئة فی حیاتهم الدنیا تماماً كما أن عودة بعض المؤمنین ورجعتهم إلى الدنـیا فی زمن الظهور تكون بهدف لأن یروا أهدافهم وما كانوا یتمنونه ویسعون إلیه فی حیاتهم الدنیا من قیام سلطة أل محمد ( ص ) وهذا الأمر فی الواقع هو نوع من وهذا الأمر فی الواقـع هو نوع من المجازاة والتعویض لما لاقوه فی حیاتهـم من متاعب وهمـوم وغموم وآلام . وبعبارة ثانیة تسـتطیع أن تقول أن عودة مجموعة من الكفار والمؤمنین إلى الحیاة الدنیا وقت الظهور ورجعتهم إلیها تكون بمثابة تحقق نوع من مراتب ودرجات الثواب والعقاب لكل منهما وهـی بالتالـی لا تكون بهدف تكمیل الأیمان وكحصیلة ولا للقیام بالعمل الصالح. لذلك جاءت قضیة الرجعة كما یفهم من بعض الأخبار لتعتبر جزء من القیامة حتى أن البعض یذهب إلى تأویل الساعة الواردة فی بعض الآیات بأن المقصود منهما هو زمان الرجعة كما جاء فی بعض الأحادیث ( أن أیام الله ثلاثة :یوم الظهور ویوم الكرة ویوم القیامة ) وفی روایة أخرى ( یوم الموت ویوم الكثرة ویوم القیامة ) .
والآن .. لا بأس أن نضع هذه العقیدة على طاولة التشریح ، لنطلع على أبعادها وحقیقتها ونعرضها على كتاب الله وسنة رسول الله والعقل ، لننظر موقف القرآن والسنة والعقل من هذه العقیدة وهل أن فیها شیئا یدعو الى التهریج والإستهزاء ؟!
النقاط التی ینبغی التحدث عنها كما یلی:-
إحیاء الموتى یوم القیامة.
هل أحیا الله أحدا قبل یوم القیامة ؟
هل فی القرآن دلیل على الرجعة ؟
هل فی الأحادیث (السنة) دلیل على الرجعة ؟
لمن تكون الرجعة ؟
الرجعة:
ألف : المعنى اللغوی:
باء : المعنى الاصطلاحی:
الف ـ الرجعة فی اللغة:
بالفتح هى المرة فى الرجوع و معناه العود الى الدنیا بعد الموت.
1ـ قال ابن فارس: «رَجَع: الراء والجیم والعین، اصلٌ كبیر مطرد منقاس، یدل على ردّ و تكرار. تقول: رَجَع یرجع رجوعاً اذ اعاد و راجع الرجل امراته و هى الرَجعة والرِجعة… والاسم الرجعة…(6).
2ـ ابن الاثیر: «الرجعة: المرة فى الرجوع و منه حدیث ابن عباس:… سأل الرجعة عند الموت… اى سأل ان یُردَّ الى الدنیا لیحسن العمل و یستدرك مافات… والرجعة مذهب من العرب… و مذهب طائفة من فرق المسلمین…»(7).
3ـ الفیروزآبادی : «یؤمن بالرجعة اى بالرجوع الى الدنیا بعد الموت»(8).
4ـ الطریحی : «الرجعة بالفتح، ای المرة فى الرجوع بعد الموت بعد ظهور المهدی علیه السلام»(9).
5ـ الشیرازی: «الرجعة كضربة، الرجوع و فلان یومن بالرجعة اى بالرجوع، رجوع النبی(صلى الله علیه وآله) والمؤمنین الى الدنیا»(1.).
ب ـ الرجعة فی الاصطلاح:
و هى عندنا بمعنی رجوع الحجج الالهیة و رجوع الائمة الطاهرین و رجوع ثلة من المؤمنین و غیرهم الى الدنیا بعد قیام دولة المهدی.
و قد فسرها البعض برجوع دولة الحق لارجوع الاموات الى الدنیا و هو تفسیر شاذ لایقول به مشهور الامامیة.
1ـ قال الصدوق: «إن الذی تذهب الیه الشیعة الامامیة، اَنّ الله تعالی یعید عند ظهور لمهدی قوماً ممن كان تقدم موته من شیعته و قوماً من اعدائه»(11).
2ـ و قال المفید: «اتفقت الامامیة على وجوب رجعة كثیر من الاموات الی الدنیا قبل یوم القیامة و ان كان بینهم فى معنى الرجعة اختلاف»(12).
و قال ایضا: «انما یرجع الى الدنیا عند قیام القائم من محض الایمان او محض الكفر محضاً فأما سوى هذین فلارجوع الى یوم المأب»(13).
توضیح الاختلاف: لعل المراد بالاختلاف الذى اشار الیه الشیخ المفید هو تأویل بعض الشیعة الامامیة، للاخبار المستفیضه فى الرجعة الى رجوع دولة الحق، و رجوع الامر و النهی الی الائمة(علیهم السلام) و الى شیعتهم واخذهم بمجارى الامور، دون رجوع اعیان الاشخاص و الیه اشار الشیخ الصدوق قائلا: «و انّ قوماً من الشیعة تأوّلوا الرجعة على معناها: رجوع الدولة والامر والنهی من دون رجوع الاشخاص و إحیاء الاموات»(14).
اقول: و هولاء كأنّهم عجزوا عن فهم هذه الروایات و تصحیح القول بالرجعة استناداً الى النصوص المتظافرة.
الامكان والوقوع.
قبل الخوض فى الادلة واثبات هذه الفكرة، لدینا سؤال یطرح نفسه و هو هل انّ الرجعة امر ممكن ذاتاً ام ممتنع و محال.
والجواب: لایرى العقل اىّ استبعاد فى ذلك ولایراها من الممتنعات العقلیة كاجتماع النقیضین والضدین و ذلك لان مفاد الرجعة التى نعتقدها هى عبارة عن احیاء بعض النفوس فى هذه النشأة بعد ما ذاقت الموت و هذا امر ممكن الحصول والوقوع و شی معقول، كیف و هو من رشحات قدرة الخالق تعالى قدره الذی عمّت قدرته جمیع الممكنات.
اذن لا یلزم من القول بها محال ولا المنافات للتكلیف بل على المستشكل فیها من الالتزام باحد الامرین: اما انكار الصغرى و دعوى ان الرجعة لیست من الامور الممكنة.
او انكار الكبرى و دعوى ان الله لیس بقادر ـ والعیاذ بالله ـ على ان یحیی الموتى، وكلاهما فى حیَّز المنع بلاریب.
و حینئذ: فلوقامت الادلة الصحیحة على هذه العقیدة والفكرة. فمن اللازم قبولها والالتزام بها، كأىّ عقیدة من العقائد الاسلامیة التی تبنّاها المسلمون والتزموا بها نتیجة لقیام البراهین الصحیحة والادلة القاطعة.
هل الرجعة امر واقع؟
قد یقال: هب أنّ الرجعة امر ممكن ولكن هل هو امرٌ واقع؟ اذ لیس كل امر ممكن هو واقع ایضاً.
والجواب: لدینا شواهد قرآنیة و احادیث شریفة و نصوص تاریخیة، تصرح بالحیات بعد الموت ـ فى هذه الدنیاـ و تحقق الرجعة فى الامم السابقة و فى هذه الامة المرحومة بالذات و قد صنف بعض علماء السنة فی هذا الحقل مصنفات و اوردوا قائمة باسماء الذین رجعوا الى الدنیا بعد الموت.هذا ابن ابی الدنیا المولود عام 2.8 والمتوفى 281 ه….ق ـ المشهور بالتصانیف الكثیرة النافعة الذائعة فى الرقائق و غیرها الصدوق الحافظ ـ كما عن ابن كثیر(15) ـ والادیب الاخبارى كثیرالعلم من حدیثه فى غایة العلو ـ كما عن الذهبی(16) ـ والورع الزاهد العالم بالاخبار والروایات، كما عن ابن ندیم والصدوق كما عن الرازی تراه یخصص مصنفاً مضفاته بمن رجع الى الدنیا و یسمیه «من عاش بعد الموت».
الهدف من الرجعة :
قد یسأل احد عن الهدف من رجوع ثلة من المؤمنین و ثلة من الفاسقین الى الدنیا…؟
والجواب: اولا لدینا كثیر من الامور فى عالم التكوین والتشریع. لم یتضح لنا الغرض والهدف منها وهذا لیس معناه انه لم یكن فیه غرض فلیكن هذا منه.
ثانیاً، قد یقال ان ذلك لاجل تشفّی المؤمنین حینما یرون عذاب الظالمین والانتقام منهم فى الدنیا و ذلك لان عذاب الظالمین فى الاخرة لم یكن بمنظر من المؤمنین و لعل هذا هو مضمون الحدیث یرجع المؤمن لزیادة الفرح والسرور والكافر لزیادة الغم والهم.
ثالثاً: ترغیب و تشجیع للسیر نحو الكمال والالتزام بتعالیم الدین الحنیف، كى یوفق بلقاء المعصوم فی الدنیا .كما انه تحذیر للمنافقین والظالمین لیرتدعوا عن غیِّهم وضلالهم قبل أن یبتلوا بعذاب الدنیا قبل الآخرة و هناك نقاط وجهات أخرى تركناها رعایة للاختصار.
مفهوم الرجعة
الرجعة :
إنَّ الرجعة من نوع البعث والمعاد الجسمانی ، غیر أنها بعث موقوت فی الدنیا ومحدود كماً وكیفاً ، ویحدث قبل یوم القیامة ، بینما یُبعث الناس جمیعاً یوم القیامة لیلاقوا حسابهم ویبدأوا حیاتهم الخالدة ، وأهوال یوم القیامة أعجب وأغرب وأمرها أعظم من الرجعة .
وبما أنَّ الرجعة والمعاد ظاهرتان متماثلتان من حیث النوع ، فالدلیل على إمكان المعاد یمكن أن یقام دلیلاً على إمكان الرجعة ، والاعتراف بإمكان بعث الحیاة من جدید یوم القیامة یترتب علیه الاعتراف بإمكان الرجعة فی حیاتنا الدنیویة ، ولا ریب أنّ جمیع المسلمین یعتبرون الإیمان بالمعاد من أُصول عقیدتهم ، إذن فجمیعهم یذعنون بإمكانیة الرجعة .
یقول السید المرتضى قدس سره : إعلم أنّ الذی یقوله الإمامیة فی الرجعة لا خلاف بین المسلمین ـ بل بین الموحدین ـ فی جوازه ، وأنّه مقدور لله تعالى ، وإنّما الخلاف بینهم فی أنّه یوجد لا محالة أو لیس كذلك .ولا یخالف فی صحة رجعة الأموات إلاّ خارج عن أقوال أهل التوحید، لاَنَّ الله تعالى قادر على إیجاد الجواهر بعد إعدامها ، وإذا كان علیها قادراً ، جاز أن یوحدها متى شاء(17).
فإذا كان إمكان الرجعة أمراً مسلّماً به عند جمیع المسلمین ـ حتى قال الآلوسی : وكون الإحیاء بعد الإماتة والإرجاع إلى الدنیا من الأمور المدورة له عزَّ وجلَّ ممّا لا ینتطح فیه كبشان، إلاّ أنّ الكلام فی وقوعه(18). إذن فلماذا الشكّ والاستغراب لوقوع الرجعة ؟ ولماذا التشنیع والنبز بمن یعتقد بها لورود الإخبار الصحیحة المتواترة عن أئمة الهدى علیهم السلام بوقوعها ؟ یقول الشیخ محمد رضا المظفر : (لا سبب لاستغراب الرجعة إلاّ أنّها أمر غیر معهود لنا فیما ألفناه فی حیاتنا الدنیا ، ولا نعرف من أسبابها أو موانعها ما یُقرّ بها إلى اعترافنا أو یبعدها ، وخیال الإنسان لا یسهل علیه أن یتقبّل تصدیق ما لم یألفه ، وذلك كمن یستغرب البعث فیقول : (( مَن یُحیی العِظَامَ وَهِیَ رَمِیمٌ)) فیقال له:(( یُحییها الَّذِی أنشَأها أوَلَ مَرةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلقٍ عَلِیمٌ))(19). نعم فی مثل ذلك ، مما لا دلیل عقلی لنا على نفیه أو إثباته ، أو نتخیّل عدم وجود الدلیل ، یلزمنا الرضوخ إلى النصوص الدینیة التی هی من مصدر الوحی الإلهی ، وقد ورد فی القرآن الكریم ما یثبت وقوع الرجعة إلى الدنیا لبعض الأموات ، كمعجزة عیسى علیه السلام فی إحیاء الموتى (وأُبرىءُ الأكمه والأبرص وأُحیی المَوتى بإذنِ اللهِ )(2.) وكقوله تعالى : (أنَّى یُحیی هذِهِ اللهُ بَعْدَ مُوتِها فأمَاتَهُ اللهُ مائةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ )(21).
یضاف إلى ذلك أنَّ نفوس الظالمین تأبى إقامة العدل وإحقاق الحق لما اقترفته أیدیهم الآثمة من الظلم والجور والمنكرات ، والرجعة تنطوی على أمرٍ یحقق العدالة الإلهیة فی أرض الواقع بانتصاف الظالم من المظلوم وإدالة أهل الحق من أهل الباطل ، ولهذه العلة أبت نفوس المكابرین من أهل الجاهلیة الاعتقاد بالمعاد والنشور رغم أنّهم عاینوا المعجزات وضربت لهم الأمثال الواضحة وأقیمت لهم الدلائل البینة والبراهین الساطعة ، لاَنّ قبول هذا الاعتقاد یعنی الانصیاع للحق والعدل بالوقوف أمام المحكمة الإلهیة الكبرى ( یَومَ تَشْهَدُ عَلَیهِم ألسِنَتُهُم وأیدیهِم وَأرجُلُهُم بِما كانُوا یَعمَلُونَ )(22).
مفهوم آخر للرجعة
وفی (منتخب البصائر) عن أبی عبد الله علیه السلام قال:إن الذی یلی حساب الناس قبل یوم القیامة الحسین بن علی علیهما السلام فأما یوم القیامة فإنما هو بعث إلى الجنة وبعث إلى النار.
أقول : إعلم أن أیام المجازات على الإعمال ثلاثة (الدنیا) و(البرزخ) و(الآخرة) فأما الإعمال التی لا إیمان معها عن تعمد أو لا إخلاص فجزاؤها فی الدنیا بدفع بعض البلایا وأدرار الرزق وكثرة الأموال والأرزاق , وأما الإعمال التی لا إیمان معها عن جهل وما أشبه ذلك من خطب وغفلة فجزاؤها فی البرزخ بدفع عذاب القبر أو فتح باب من الجنة إلى القبر فیدخل علیه الروح , وإما الإعمال التی وقعت عن إیمان ومعرفة فجزاؤها فی الآخرة وتسمى الإعمال وتوصف بمحلها وتنسب إلى أوقات المجازات علیها. فالإعمال البرزخیة التی یكون المجازات علیها فی البرزخ إذا كان من أهل (الرجعة) وقعت المجازات علیها فی (الرجعة) لان الرجعة من نوع البرزخ إلا ترى إن المؤمن إذا مات التحقت روحه بجنة الدنیا وان كان كافرا” أو مشركا” أو منافقا” التحقت روحه بنار الدنیا وجنة الدنیا هی الجنتان المد هامتان وهی تخرج فی (الرجعة) كما یأتی عند (مسجد الكوفة) .فإذا كان على المكلف أو له شیء من المجازات البرزخیة كان المحاسب علیها هو الحسین علیه السلام وأما ما لا یتعلق بتلك الإعمال البرزخیة من الإعمال الأخرویة إذا كان حوسب المكلف على الإعمال البرزخیة وجوزی علیها فی البرزخ وحضر یوم القیامة بحاسب عن الإعمال الأخرویة فإذا استحق دخول الجنة أو النار بالإعمال الأخرویة بعد المحاسبة علیها وبعث به إلى الجنة أو النار ولم یتوقف دخول ما یستحقه على شیء من الإعمال البرزخیة لأنه قد حاسبه الحسین علیه السلام علیها ولیس معنى الحدیث والله العالم إن جمیع حساب الخلائق یقع فی (الرجعة) بل المعنى إن الحساب على الإعمال البرزخیة یقع فی الرجعة ولا یعاد الحساب علیها یوم القیامة فافهم.
أدلة الرجعة :
أورد الحر العاملی فی الباب الثانی من كتابه (الإیقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة) اثنی عشر دلیلاً على صحة الاعتقاد بالرجعة ، وأهم ما استدل به الإمامیة على ذلك هو الأحادیث الكثیرة المتواترة عن النبی والأئمة علیهم السلام المرویة فی الكتب المعتمدة ، وإجماع الطائفة المحقة على ثبوت الرجعة حتى أصبحت من ضروریات مذهب الإمامیة عند جمیع العلماء المعروفین والمصنفین المشهورین ، كما استدلوا أیضاً بالآیات القرآنیة الدالة على وقوع الرجعة فی الأمم السابقة ، أو الدالة على وقوعها فی المستقبل إما نصاً صریحاً أو بمعونة الأحادیث المعتمدة الواردة فی تفسیرها ، وفیما یلی نسوق خمسة أدلة نبدأها بالأدلة القرآنیة :
أولاً : وقوعها فی الأمم السابقة :
لقد حدّثنا القرآن الكریم بصریح العبارة وبما لا یقبل التأویل أو الحمل عن رجوع أقوام من الأمم السابقة إلى الحیاة الدنیا رغم ما عرف وثبت من موتهم وخروجهم من الحیاة إلى عالم الموتى ، فإذا جاز حدوثها فی الأزمنة الغابرة ، فلم لا یجوز حدوثها مستقبلاً : ( سُنَّةَ اللهِ فی الَّذِینَ خَلَوا مِن قَبلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنّةِ اللهِ تَبدِیلاً )(23).
روى الشیخ الصدوق بالإسناد عن الحسن بن الجهم ، قال : قال المأمون للرضا علیه السلام : یا أبا الحسن ، ما تقول فی الرجعة ؟
فقال علیه السلام : « إنّها الحقّ ، قد كانت فی الأمم السالفة ونطق بها القرآن ، وقد قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم : یكون فی هذه الأمة كل ما كان فی الأمم السالفة حذو النعل بالنعل والفذة بالفذة ، وقال صلى الله علیه وآله وسلم : إذا خرج المهدی من ولدی نزل عیسى بن مریم علیه السلام فصلى خلفه ، وقال صلى الله علیه وآله وسلم : إنَّ الإسلام بدأ غریباً وسیعود غریباً ، فطوبى للغرباء . قیل : یا رسول الله ، ثم یكون ماذا ؟ قال صلى الله علیه وآله وسلم: ثم یرجع الحقّ إلى أهله »(24).
وفیما یلی نقرأ ونتأمل الآیات الدالة على إحیاء الموتى وحدوث
الرجعة فی الأمم السابقة :
إحیاء قوم من بنی إسرائیل :
قال تعالى : ( ألم تَرَ إلى الَّذِینَ خَرَجُوا مِن دِیارِهِم وَهُم أُلُوفٌ حَذَرَ المَوتِ فَقَالَ لَهُم اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أحیَاهُم إنَّ اللهَ لذُو فَضلٍ على النَّاسِ وَلَكِنَّ أكثَرَ النَّاسِ لا یَشكُرُونَ )(25) . فجمیع الروایات الواردة فی تفسیر هذه الآیة المباركة تدل على أنَّ هؤلاء ماتوا مدة طویلة، ثم أحیاهم الله تعالى، فرجعوا إلى الدنیا، وعاشوا مدة طویلة.
قال الشیخ الصدوق : كان هؤلاء سبعین ألف بیت ، وكان یقع فیهم الطاعون كلّ سنة ، فیخرج الأغنیاء لقُوّتهم ، ویبقى الفقراء لضعفهم ، فیقلّ الطاعون فی الذین یخرجون ، ویكثر فی الذین یقیمون ، فیقول الذین یقیمون : لو خرجنا لما أصابنا الطاعون ، ویقول الذین خرجوا ، لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم .
فأجمعوا على أن یخرجوا جمیعاً من دیارهم إذا كان وقت الطاعون ، فخرجوا بأجمعهم ، فنزلوا على شط البحر ، فلمّا وضعوا رحالهم ناداهم الله : موتوا ، فماتوا جمیعاً ، فكنستهم المارّة عن الطریق ، فبقوا بذلك ما شاء الله .
ثم مرّ بهم نبیّ من أنبیاء بنی إسرائیل یقال له أرمی(26)، فقال : لو شئت یا ربِّ لأحییتهم ، فیعمروا بلادك ، ویلدوا عبادك ، ویعبدوك مع من یعبدك ، فأوحى الله تعالى إلیه : أفتحبَّ أن أحییهم لك ؟ قال : نعم . فأحیاهم الله تعالى وبعثهم معه ، فهؤلاء ماتوا ، ورجعوا إلى الدنیا ، ثم ماتوا بآجالهم(27) .
فهذه رجعة إلى الحیاة الدنیا بعد الموت ، وقد سأل حمران بن أعین الإمام أبا جعفر الباقر علیه السلام عن هؤلاء ، قائلاً : أحیاهم حتى نظر الناس إلیهم ، ثم أماتهم من یومهم ، أو ردّهم إلى الدنیا حتى سكنوا الدور ، وأكلوا الطعام، ونكحوا النساء ؟
قال علیه السلام : « بل ردّهم الله حتى سكنوا الدور ، وأكلوا الطعام ، ونكحوا النساء ، ولبثوا بذلك ما شاء الله ، ثم ماتوا بآجالهم »(28).
إحیاء عزیر أو أرمیا :
قال تعالى : ( أو كالَّذی مرَّ على قریةٍ وهی خاویةٌ على عُرُوشِهَا قال أنَّى یُحیی هذهِ اللهُ بعدَ موتِها فأماتَهُ اللهُ مائةَ عامٍ ثُمَّ بعثهُ قال كم لَبِثتَ قال لَبِثتُ یوماً أو بعضَ یومٍ قال بل لَبِثتَ مائةَ عامٍ فانظُر إلى طعامِكَ وشرابِكَ لم یتسنَّه وانظُر إلى حمارِكَ ولنجعَلَكَ آیةً للنَّاسِ وانظُر إلى العِظَام كیفَ نُنشِزُها ثُمَّ نكسُوها لَحمَاً فلمّا تَبینَ لهُ قال أعلمُ أنَّ اللهَ على كُلِّ شیءٍ قدیرٌ )(29).
لقد اختلفت الروایات والتفاسیر فی تحدید هذا الذی مرَّ على قریة ، لكنها متّفقة على أنّه مات مائة سنة ورجع إلى الدنیا وبقی فیها ، ثم مات بأجله ، فهذه رجعة إلى الحیاة الدنیا .
قال الطبرسی : الذی مرَّ على قریة هو عزیر ، وهو المروی عن أبی عبدا لله علیه السلام وقیل : هو أرمیا ، وهو المروی عن أبی جعفر علیه السلام(3.).
وروى العیاشی بالإسناد عن إبراهیم بن محمد ، قال : ذكر جماعة من أهل العلم أنَّ ابن الكواء الخارجی قال لأمیر المؤمنین علی علیه السلام : یا أمیر المؤمنین ، ما ولد أكبر من أبیه من أهل الدنیا ؟
قال علیه السلام : « نعم ، أُولئك ولد عزیر ، حیث مرَّ على قریة خربة ، وقد جاء من ضیعة له ، تحته حمار ، ومعه شنّة فیها تین ، وكوز فیه عصیر ، فمرَّ على قریةٍ خربةٍ ، فقال : ( أنَّى یُحیی هذهِ اللهُ بعدَ موتِها فأماتَهُ اللهُ مائةَ عامٍ ) فتوالد ولده وتناسلوا ، ثمَّ بعث الله إلیه فأحیاه فی المولد الذی أماته فیه ، فأُولئك وُلده أكبر من أبیهم »(31).
إحیاء سبعین رجلاً من قوم موسى علیه السلام:
قال تعالى : ( وإذ قُلتُم یا مُوسى لَنْ نُؤمنَ لكَ حتى نرى اللهَ جَهرَةً فأخَذَتكُم الصَّاعِقَةَ وأنتُم تنظُرُونَ * ثُمَّ بعثناكُم مِنْ بَعدِ موتِكُم لَعَلَكُم تَشكُرُونَ )(32).
هاتان الآیتان تتحدثان عن قصة المختارین من قوم موسى علیه السلام لمیقات ربه ، وذلك أنّهم لمّا سمعوا كلام الله تعالى قالوا : لا نصدّق به حتى نرى الله جهرة ، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم فماتوا ، فقال موسى علیه السلام : « یا ربِّ ، ما أقول لبنی إسرائیل إذا رجعت إلیهم » فأحیاهم الله له ، فرجعوا إلى الدنیا ، فأكلوا وشربوا ، ونكحوا النساء ، وولد لهم الأولاد ، ثم ماتوا بآجالهم(33).
فهذه رجعة أُخرى إلى الحیاة الدنیا بعد الموت لسبعین رجلاً من بنی إسرائیل ، قال تعالى: (واختارَ موسى قَومَهُ سَبعِینَ رَجُلاً لِمیقاتِنَا فَلَمَّا أخَذَتهُم الرَجفةُ قالَ ربِّ لو شِئتَ أهلَكتَهُم مِنْ قَبلُ وإیَّای أتُهلِكُنا بِما فَعلَ السُّفَهآءُ مِنَّا)(34) .
المسیح علیه السلام یحیی الموتى:
ذكر فی القرآن الكریم فی غیر مورد إحیاء المسیح للموتى ، قال تعالى لعیسى علیه السلام : ( وإذ تُخرِجُ الموتى بإذنی )(35)، وقال تعالى حاكیاً عنه : (وأُحیی الموتى بإذنِ اللهِ )(36).
فكان بعض الموتى الذین أحیاهم عیسى علیه السلام بإذن الله تعالى قد رجعوا إلى الدنیا وبقوا فیها ثم ماتوا بآجالهم(37).
إحیاء أصحاب الكهف:
هؤلاء كانوا فتیة آمنوا بالله تعالى ، وكانوا یكتمون إیمانهم خوفاً من ملكهم الذی كان یعبد الأصنام ویدعو إلیها ویقتل من یخالفه ، ثم اتّفق أنّهم اجتمعوا وأظهروا أمرهم لبعضهم ، ولجأوا إلى الكهف ( وَلَبِثُوا فی كَهفِهِم ثَلاثَ مائةٍ سِنینَ وازدادُوا تِسعاً )(38) ثم بعثهم الله فرجعوا إلى الدنیا لیتساءلوا بینهم وقصتهم معروفة .
فإن قال قائل : إنَّ الله عزَّ وجلَّ قال : ( وتَحسَبُهُم أیقاظاً وهُم رُقُودٌ )(39) ولیسوا موتى . قیل له: رقود یعنی موتى، قال تعالى: ( ونُفِخَ فی الصُّورِ فإذا هُم مِّنَ الأجداث إلى رَبِّهم یَنسِلُونَ * قالُوا یا وَیلنا من بَعَثَنا مِن مَّرقَدِنا هَذا ما وَعدَ الرَّحمنُ وصَدَقَ المرسَلونَ )(4.)، ومثل هذا كثیر (41). وروى یوسف بن یحیى المقدسی الشافعی فی (عقد الدرر) عن الثعلبی فی تفسیره فی قصة أصحاب الكهف ، قال : (وأخذوا مضاجعهم ، فصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهدی علیه السلام ، یقال : إنَّ المهدی یسلّم علیهم فیحییهم الله عزَّ وجلَّ)(42) ، وهو یدلُّ على رجعتهم فی آخر الزمان .
إحیاء قتیل بنی إسرائیل :
روى المفسرون أنَّ رجلاً من بنی إسرائیل قتل قریباً له غنیاً لیرثه وأخفى قتله له ، فرغب الیهود فی معرفة قاتله ، فأمرهم الله تعالى أن یذبحوا بقرة ویضربوا بعض القتیل ببعض البقرة ، لیحیا ویخبر عن قاتله ، وبعد جدال ونزاع قاموا بذبح البقرة ، ثم ضربوا بعض القتیل بها ، فقام حیاً وأوداجه تشخب دماً وأخبر عن قاتله ، قال تعالى ( فَقُلنا اضرِبُوهُ بِبَعضِهَا كَذلِكَ یُحیی اللهُ الموتى ویُریكُم آیاتِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ )(43).
إحیاء الطیور لإبراهیم علیه السلام بإذن الله:
ذكر المفسرون أنّ إبراهیم علیه السلام رأى جیفة تمزّقها السباع ، فیأكل منها سباع البرّ وسباع البحر ، فسأل الله سبحانه قائلاً « یا ربِّ ، قد علمت أنّك تجمعها فی بطون السباع والطیر ودواب البحر ، فأرنی كیف تحییها لأعاین ذلك » ؟ قال سبحانه : ( وإذ قالَ إبراهیمُ ربِّ أرِنی كیفَ تُحیی المَوتى قالَ أوَلَمْ تُؤمِنْ قالَ بلى ولكِن لِیطمئنَ قَلبی قَالَ فَخُذ أربعةً مِنَ الطیرِ فَصُرهُنَّ إلیكَ ثُمَّ اجعل على كُلِّ جَبلٍ مِنهُنَّ جُزءاً ثُمَّ ادعهُنَّ یأتِینَكَ سعیاً واعلم أنَّ اللهَ عزیزٌ حَكیمٌ)(44) .
فأخذ طیوراً مختلفة الأجناس ، قیل : إنّها الطاووس والدیك والحمام والغراب ، فقطعها وخلط ریشها بدمها ، ثم فرقها على عشرة جبال ، ثم أخذ بمناقیرها ودعاها باسمه سبحانه فأتته سعیاً ، فكانت تجتمع ویأتلف لحم كل واحدٍ وعظمه إلى رأسه ، حتى قامت أحیاء بین یدیه(45).
إحیاء ذی القرنین:
اختلف فی ذی القرنین فقیل : إنّه نبی مبعوث فتح الله على یدیه الأرض ، عن مجاهد وعبدا لله بن عمر . وقیل : إنّه كان ملكاً عادلاً .
وروی بالإسناد عن أبی الطفیل عن أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام : « إنّه كان عبداً صالحاً أحبَّ الله فأحبّه وناصح الله فناصحه ، قد أمر قومه بتقوى الله ، فضربوه على قرنه فمات ، فأحیاه الله ، فدعا قومه إلى الله، فضربوه على قرنه الآخر فمات ، فسمیَّ ذا القرنین » . قال علیه السلام : «وفیكم مثله»(46) یعنی نفسه علیه السلام(47).
وفی روایة علی بن إبراهیم عن الإمام الصادق علیه السلام : « إنَّ ذا القرنین بعثه الله إلى قومه ، فضربوه على قرنه الأیمن ، فأماته الله خمسمائة عام ثم بعثه إلیهم بعد ذلك ، فضربوه على قرنه الأیسر ، فأماته الله خمسمائة عام ثم بعثه إلیهم بعد ذلك ، فملّكه مشارق الأرض ومغاربها من حیث تطلع الشمس إلى حیثُ تغرب »(48).
إحیاء أهل أیوب علیه السلام :
قال تعالى : ( وآتیناهُ أهلَهُ وَمِثلَهُم مَعَهُم ) قال ابن عباس وابن مسعود : ردَّ الله سبحانه علیه أهله ومواشیه وأعطاه مثلها معها . وبه قال الحسن وقتادة وكعب ، وهو المروی عن أبی عبدا لله علیه السلام(49).
هذه الحالات جمیعاً تشیر إلى الرجوع للحیاة بعد الموت فی الأمم السابقة ، وقد وقعت فی أدوار وأمكنة مختلفة ، ولأغراض مختلفة ، ولأشخاص تجد فیهم الاَنبیاء والأوصیاء والرعیة ، وهی دلیل لا یُنازع فیه على نفی استحالة عودة الأموات إلى الحیاة الدنیا بعد الموت .
وهنا من حقنا أن نتساءل : ما المانع من حدوث ذلك فی المستقبل لغرض لعلّه أسمى من جمیع الإغراض التی حدثت لأجلها الرجعات السابقة ؟ ألا وهو تحقیق مواعید النبوات وأهداف الرسالات فی نشر مبادئ العدالة وتطبیق موازین الحق على أرض دنّستها ید الجناة والظلمة، وأشبعتها ظلماً وجوراً حتى عادت لا تطاق ( وَلَقَد كَتَبنا فی الزَّبُورِ مِنْ بَعدِ الذِكرِ أنَّ الأرض یَرِثُها عِبادیَ الصالِحُونَ )(5.) وقال تعالى : (فتَربَّصُوا حتى یَأتیَ اللهُ بأمرِهِ ) .
ویعزّز الدلیل على حدوث الرجعة فی المستقبل كما حدثت فی الأمم الغابرة ما روی عن الرسول صلى الله علیه وآله وسلم أنه قال : « لتتبعنَّ سنن الذین من قبلكم شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراع حتى لو سلكوا جُحر ضبّ لسلكتموه » قالوا : الیهود والنصارى ؟ قال صلى الله علیه وآله وسلم : « فمن »(51).
ثانیاً : الآیات الدالة على وقوعها قبل القیامة :
أولاً : قوله تعالى : ( وإذا وقعَ القولُ عَلیهم أخرَجنا لَـهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكَلِّمُهُم أنَّ الناسَ كانُوا بآیاتِنا لا یُوقِنُونَ * ویومَ نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً ممن یُكذِّبُ بآیاتِنا فَهُم یُوزعُونَ * حتَّى إذا جاءُوا قال أكذّبتُم بآیاتی ولم تُحیطُوا بها عِلماً أمَّاذا كُنتُم تَعملُونَ )(52)إلى قوله تعالى : ( ویومَ یُنفخُ فی الصُّورِ فَفَزِعَ من فی السَّماواتِ ومن فی الأرض إلاّ من شاءَ اللهُ وكلٌّ أتوهُ داخرینَ )(53).
من أمعن النظر فی سیاق الآیات المباركة وما قیل حولها من تفسیر ، یلاحظ أنّ هناك ثلاثة أحداث مهمة تدلُّ علیها ، وهی بمجموعها تدلُّ على علامات تقع بین یدی الساعة وهی :
1 ـ إخراج دابة من الأرض: ( أخرَجَنا لَـهُم دابَّةً من الأرض ).
2 ـ الحشر الخاص : ( ویومَ نَحشُرُ من كُلِّ أُمّةٍ فَوجاً ) .
3 ـ نفخة النشور ثم القیامة : ( ویومَ یُنفخُ فی الصُّورِ… وكُلٌّ أتوهُ داخِرینَ) ، وسوف نتحدث عمّا فی تلك الآیات من دلالة واضحة على الاعتقاد بالرجعة وعلى النحو الآتی :
فالآیة الأولى تتعلق بالوقائع التی تحدث قبل یوم القیامة باتّفاق المفسرین ، ویدلُّ علیه أیضاً ما أخرجه ابن مردویه عن أبی هریرة ، قال : قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم : « إنَّ بین یدی الساعة الدجال والدابة ویأجوج ومأجوج والدخان وطلوع الشمس من مغربها »(54).
وروى البغوی عن طریق مسلم ، عن عبدا لله بن عمرو ، قال : سمعتُ رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم یقول : « إنَّ أول الآیات خروجاً طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة ضحىً »(55).
ما هی دابة الأرض ؟
الدابة تطلق فی اللغة على كلِّ ما یدبُّ ویتحرك على وجه الأرض من الإنسان والحیوان وغیره ، قال تعالى : ( وَمَا مِن دابَّةٍ فی الأرض إلاّ على اللهِ رِزقُها )(56)، وقال تعالى :
(( ولو یُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلمِهِم مَّا تَرَكَ عَلیها مِن دَابّةٍ ))(57) . وخُصصت فی بعض آی القرآن بالإنسان، كقوله تعالى: ( إنَّ شرَّ الدّوابِّ عندَ اللهِ الصُّمُّ البُكمُ الَّذِینَ لا یَعقِلُونَ )(58)، وفی بعض آخر بغیر الإنسان، كقوله تعالى: (( والدّوابُّ وكثیرٌ مِن النَّاسِ )(59)، وقوله تعالى: (( وَمِنَ النَّاسِ والدّوابِّ ))(6.). وقد ذكرت الدابة التی فی قوله تعالى : (( دابةٌ مِنَ الأرض )) بشكل مجمل ، والوصف القرآنی الوحید المذكور لها بأنّها تكلّم الناس ، أما سائر أحوالها وخصوصیاتها وكیفیة ومكان خروجها ، فإنّها مبهمة فی ظهر الغیب ولا یفصح عنها إلاّ المستقبل . والروایات الواردة بشأن تفسیر هذه الآیة كثیرة، ولا دلالة من الكتاب الكریم على شیءٍ منها، فإن صحّ الخبر فیها عن الرسول الأكرم وآله علیهم السلام قبلت، وإلاّ لم یلتفت إلیها، ویمكن تلخیص مضمون هذه الروایات فی نقطتین:
1 ـ إنَّ طائفة منها تدل على أنَّ هذه الدابة كائن حی غیر معروف ومن غیر جنس الإنسان ، ولها شكل مخیف ، فهی ذات وبر وریش ومؤلفة من كل لون ، ولها أربع قوائم ، ولها عنق مشرف یبلغ السحاب ، ویراها من بالمشرق كما یراها من بالمغرب ، تخرج فی آخر الزمان من الصفا لیلة منى، وقیل : من جبل جیاد فی أیام التشریق ، لا یدركها طالب ولا یفوتها هارب ، وتحدّث الناس عن الإیمان والكفر ، وتسم المؤمن بین عینیه ویكتب بین عینیه مؤمن ، وتسم الكافر بین عینیه ویكتب بین عینیه كافر .
2 ـ والطائفة الثانیة تدل على أنّ وجهها كوجه إنسان وجسمها كجسم الطیر ، وأنّها تصرخ بأعلى صوتها بلسان عربی مبین : ( إنَّ النَّاسَ كانُوا بآیاتِنا لا یُوقِنُونَ ) وأن معها عصا موسى وخاتم سلیمان ، وتمیّز بهما بین المؤمنین والكافرین ، فتنكت وجه المؤمن بالخاتم فتكون فی وجهه نكتة بیضاء فتفشو تلك النكتة حتى یضیء لها وجهه ، وتنكت أنف الكافر بالعصا فتكون فی وجهه نكتة سوداء فتفشو تلك النكتة حتى یسودّ لها وجهه(61) . وفی بعض الروایات ما یدل على أنّ أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام هو مصداق لهذه الآیة ، فقد روی بالإسناد عن سفیان بن عیینة ، عن جابر بن یزید الجعفی ، أنّه قال : دابة الأرض علیّ قدس سره(62). وروى الشیخ الكلینی بالإسناد عن الإمام الباقر علیه السلام قال : « قال أمیر المؤمنین علیه السلام : وإنّی لصاحب الكرّات ودولة الدول، وإنّی لصاحب العصا والمیسم، والدابة التی تكلم الناس »(63) . وروى الشیخ علی بن إبراهیم بالإسناد عن الإمام الصادق علیه السلام، أنّه قال: «قال رجل لعمار بن یاسر، یا أبا الیقظان، آیة فی كتاب الله قد أفسدت قلبی وشككتنی. قال عمار : أیّة آیة هی ؟ قال : ( وإذا وقعَ القولُ علیهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكلّمُهُم أنَّ النَّاسَ كانُوا بآیاتِنا لا یُوقنُونَ ) فأیّة دابة هذه ؟ قال عمار : والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى أُریكها ، فجاء عمار مع الرجل إلى أمیر المؤمنین علیه السلام وهو یأكل تمراً وزبداً ، فقال : یا أبا الیقظان، هلمّ ، فجلس عمار ، وأقبل یأكل معه ، فتعجّب الرجل منه ، فلمّا قام قال له الرجل : سبحان الله یا أبا الیقظان ، حلفت أنّك لا تأكل ولا تشرب
ولا تجلس حتى ترینیها . قال عمار : قد أریتكها ، إن كنت تعقل »(64).
وروی أیضاً عن الإمام الصادق علیه السلام قال : « انتهى رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم إلى أمیر المؤمنین علیه السلام وهو نائم فی المسجد ، وقد جمع رملاً ووضع رأسه علیه ، فحركه ثم قال له : قم یا دابة الأرض .
فقال رجل من أصحابه : یا رسول الله ، أیسمی بعضنا بعضاً بهذا الاسم ؟ فقال : لا والله ، ما هو إلاّ له خاصة ، وهو الدابة التی ذكرها الله تعالى فی كتابه: ( وإذا وقعَ القولُ علیهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرض ) »(65).
وروی عن الاَصبغ بن نباتة ، قال : دخلت على أمیر المؤمنین علیه السلام وهو یأكل خبزاً وخلاً وزیتاً ، فقلت : یا أمیر المؤمنین ، قال الله عز وجل : ( وإذا وقعَ القولُ علیهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكلّمُهُم ) الآیة ، فما هذه الدابة؟ قال علیه السلام : « هی دابة تأكل خبزاً وخلاً وزیتاً »(66).
ویقول أبو الفتوح الرازی فی تفسیره : طبقاً للإخبار التی جاءتنا عن طریق الأصحاب ، فإنَّ دابة الأرض كنایة عن المهدی صاحب الزمان علیه السلام(67).
ومع الأخذ بنظر الاعتبار لهذا الحدیث والأحادیث المتقدمة ، یمكن أن یستفاد من دابة الأرض مفهوم واسع ینطبق على أی إمام عظیم یرجع فی آخر الزمان، ویمیّز الحق عن الباطل والمؤمن من الكافر، وهو آیة من آیات عظمة الخالق.
والتعبیر الوارد فی الروایات المتقدمة بأنّ معه عصا موسى التی ترمز إلى القوة والإعجاز ، وخاتم سلیمان الذی یرمز إلى الحكومة الإلهیة ، قرینة على كون الدابة إنساناً مسدّداً بالقدرة الإلهیة العظیمة بحیث یكون آیة للناس ، إضافة إلى ذلك فإنّ قوله تعالى : ( تُكلّمهم ) یساعد على هذا المعنى . الحشر الخاص، قوله تعالى: ( وَیَومَ نَحشُر من كُلِّ أُمّةٍ فَوجاً ). سبق أن بیّنا أنَّ الآیة الأولى ( أخرَجنَا لَهُم دابَّةً مِنَ الأرض ) تتعلق بالحوادث التی تقع قبل یوم القیامة ، وذلك باتّفاق المفسرین ، وعلیه تكون آیة الحشر الخاص ( ویومَ نَحشرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً ) مكملة لها ومرتبطة بها من حیث التسلسل الزمنی للإحداث فضلاً عن سیاق الآیات وترتیبها ، فقد وقعت آیة الحشر الخاص بین علامتین من العلامات التی تقع قبیل الساعة وهی الدابة والنفخة ( ویومَ یُنفَخُ فی الصُورِ ) ممّا یدلُّ على أنّ الحشر الخاص یقع قبل القیامة وأنّه من علاماتها ، وعبّر تعالى عن الحشر العام بعد نفخة النشور بقوله : ( فَفَزِعَ مَن فی السَّماواتِ وَمَن فی الأرض… وكُلٌّ أتوهُ داخِرینَ ) ، إذن فهناك حشران حشر یجمع فیه من كلِّ أمة فوجاً وهو الرجعة ، وحشر یشمل الناس جمیعاً وهو یوم القیامة ، وبما أنّه لیس ثمة حشر بعد القیامة إجماعاً فیتعین وقوع هذا الحشر بین یدی القیامة . وبعبارة أُخرى أنّ ما یدلُّ على منافاة الحشر الخاص لیوم القیامة ، هو أنّ هذه الآیة تدلُّ على حشر فوج من كلِّ أُمّة من أُمم البشریة ممّن كان یكذّب بآیات الله ، و ( من ) فی قوله تعالى (( مِن كلِّ أُمّة )) تفید التبعیض ، وهذا یعنی الاستثناء ، وقد دلنا الكتاب الكریم فی آیات عدیدة على أنّ حشر القیامة لا یختصّ بقوم دون آخرین ، ولا بجماعة دون أُخرى، بل یشمل الجمیع دون استثناء ((ویومَ یَحشُرُهُم جمیعاً ))(68)، فطالما حصل الاستثناء فإنَّ ذلك لا یتعلق بأحداث یوم القیامة الذی ینهی الحیاة برمّتها على وجه الأرض ، ومن خلال ما تقدم اتضح الكلام عن دلالة الآیة الثانیة التی ذكرناها كعلامة بین یدی الساعة . إذن فالآیة تأكید لحدوث الرجعة التی تعتقد بها الشیعة الإمامیة فی حق جماعة خاصة ممّن محضوا الكفر أو الإیمان ، والإیمان هذه الجماعة للحیاة قبل یوم القیامة ، أما خصوصیات هذه العودة وكیفیتها وطبیعتها وما یجری فیها ، فلم یتحدث عنها القرآن الكریم ، بل جاء تفصیلها فی السُنّة المباركة ، فإنّ صحت الإخبار بها توجّب قبولها والاعتقاد بها ، وإلاّ وجب طرحه(69).
استدلال الأئمة علیهم السلام :
لقد استدل أئمة الهدى من آل البیت علیهم السلام بهذه الآیة على صحة الاعتقاد بالرجعة ، فقد روی عن أبی بصیر ، أنّه قال : قال لی أبو جعفر علیه السلام : « ینكر أهل العراق الرجعة ؟ » قلتُ : نعم ، قال : « أما یقرأون القرآن ( ویومَ نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً ) ؟ »(7.). وروى علی بن إبراهیم فی تفسیره بالاسناد عن حماد ، عن الصادق علیه السلام ، قال : « ما یقول الناس فی هذه الآیة ( ویومَ نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً ) ؟ » . قلتُ : یقولون إنّها فی القیامة
قال علیه السلام : « لیس كما یقولون ، إنّ ذلك فی الرجعة ، أیحشر الله فی القیامة من كلِّ أُمّة فوجاً ویدع الباقین ؟ إنّما آیة القیامة قوله : ( وَحَشَرناهُم فَلَم نُغادِر مِنهُم أحداً ) »(71).
استدلال أعلام الشیعة :
واستدل بها أیضاً جملة علماء الشیعة ومفسریهم على صحة عودة الاَموات إلى الحیاة قبل یوم القیامة ، قال الشیخ المفید قدس سره : إنَّ الله تعالى یحیی قوماً من أُمة محمد صلى الله علیه وآله وسلم بعد موتهم قبل یوم القیامة ، وهذا مذهب یختص به آل محمد صلى الله علیه وآله وسلم ، وقد أخبر الله عزَّ وجل فی ذكر الحشر الاَكبر یوم القیامة ( وَحَشَرناهُم فلم نُغادِر منهُم أحداً )(72) ، وقال سبحانه فی حشر الرجعة قبل یوم القیامة : ( ویومَ نحشرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً مِمن یُكذِّبُ بآیاتِنَا ) فأخبر أنَّ الحشر حشران عام وخاص(73).
وقال الشیخ الطبرسی قدس سره : استدل بهذه الآیة على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الاِمامیة ، بأن قال : أنّ دخول (من) فی الكلام یوجب التبعیض ، فدلّ ذلك على أنَّ الیوم المشار إلیه فی الآیة یحشر فیه قوم دون قوم ، ولیس ذلك صفة یوم القیامة الذی یقول فیه سبحانه :
( وَحَشَرناهُم فلم نُغادِر منهُم أحداً ) . وقد تظاهرت الاَخبار عن أئمة الهدى من آل محمد علیهم السلام فی أنّ الله تعالى سیعید عند قیام القائم علیه السلام قوماً ممن تقدم موتهم من أولیائه وشیعته لیفوزوا بثواب نصرته ومعونته ، ویبتهجوا بظهور دولته ، ویعید أیضاً قوماً من أعدائه لینتقم منهم وینالوا بعض ما یستحقونه من العقاب فی الدنیا من القتل على أیدی شیعته والذلّ والخزی بما یشاهدون من علوّ كلمته ، ولایشكّ عاقل أنَّ هذا مقدور لله تعالى غیر مستحیل فی نفسه ، وقد فعل الله ذلك فی الاُمم الخالیة ونطق القرآن بذلك فی عدة مواضع مثل قصة عزیر وغیره ، وقد صحّ عن النبی صلى الله علیه وآله وسلم أنّه قال : « سیكون فی أُمتی كل ما كان فی بنی إسرائیل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو أنَّ أحدهم دخل جُحر ضبٍّ لدخلتموه ».
الأشكال العقلی فی الرجعة
و بعضهم رام ابطال الرجعة بما زعمه من الدلیل العقلی فقال ما حاصله إن الموت بحسب العنایة الإلهیة لا یطرأ على حىّ حتى یستكمل كمال الحیاة و یخرج من القوة الى الفعل فى كل ماله من الكمال فرجوعه إلى الدنیا بعد موته رجوع الى القوة و هو بالفعل، هذا محال الا ان یخبر به مخبر صادق و هو الله سبحانه أو خلیفة من خلفائه كما اخبر به فى قصص موسى و عیسى و إبراهیم(علیهم السلام) و غیرهم.
و لم یرو منه تعالى و لا منهم فى أمر الرجعة شىء و ما یتمسك به المثبتون غیر تام، ثم أخذ فی تضعیف الروایات فلم یدع منها صحیحة ولا سقیمة، هذا.
و لم یدر هذا المسكین أنّ دلیله هذا لو تم دلیلا عقلیاً أبطل صدره ذیله، فما كان محالا ذاتیاً لم یقبل استثنائاً و لم ینقلب باخبار المخبر الصادق ممكناً و أن المخبر بوقوع المحال لایكون صادقاً ولو فرض صدقه فى اخباره اوجب ذلك اضطراراً تأویل كلامه الى ما یكون ممكناً كما لو أخبر بأن الواحد لیس نصف الاثنین و ان كل صادق فهو بعینه كاذب.
و ما ذكره من امتناع عود ما خرج من القوه الى الفعل، الى القوه ثانیاً، حق لكن الصغرى ممنوعة، فانه انما یلزم المحال المذكور فى احیاء الموتى و رجوعهم الى الدنیا بعد الخروج عنها اذا كان ذلك بعد الموت الطبیعى الذى افترضوه و هو أن تفارق النفس البدن بعد خروجها من القوة الى الفعل خروجاً تاماً مفارقتها البدن بطباعها و اما الموت الاخترامی الذی یكون بقسر قاسر، كقتل او مرض فلا یستلزم الرجوع الى الدنیا بعده محذوراً فان من الجائز ان یستعد الانسان لكمال موجود فى زمان بعد زمان حیاته الدنیویة الاولى، فیموت ثم یحیى لحیازة الكمال المعدّ له فى الزمان الثانى، او یستعد لكمال مشروط بتخلل حیاة ما فى البرزخ فیعود الى الدنیا بعد استیفاء الشرط. فیجوز على احد الفرضین الرجعة الى الدنیا من غیر محذور المحال…
الجواب عن مناقشة الروایات: و اما ما ناقشه فى كل واحد من الروایات ففیه: أن الروایات متواترةٌ معنى عن أئمة اهل البیت، حتى عدّ القول بالرجعة عند المخالفین من مختصات الشیعة و أئمتهم من لدن الصدر الاول. والتواتر لایبطل بقبول آحاد الروایات للخدشة والمناقشة، على أن عدة من الایات النازلة فیها، والروایات الوارده فیها تامة الدلالة قابلة للاعتماد…. و الروایات المثبة للرجعة و ان كانت مختلفة الاحاد الا أنها على كثرتها متحدة فى معنى واحد و هو أن سیر النظام الدنیوی متوجه الى یوم تظهر فیه آیات الله كل الظهور، فلا یعصى فیه سبحانه و تعالى، بل یعبد عبادة خالصة لایشوبها هوى نفس و لا یعتریه اغواء الشیطان و یعود فیه بعض الاموات من اولیاء الله تعالى و أعدائه الى الدنیا و یفصل الحق من الباطل.
و هذا یفید أن یوم الرجعة من مراتب یوم القیامة و ان كان دونه فى الظهور لامكان الشر والفساد فیه فى الجملة دون یوم القیامة و لذلك ربما الحق به یوم ظهور المهدى(علیه السلام) ایضاً تمام الظهور و ان كان هو أیضاً دون الرجعة.
و قد ورد عن ائمة اهل البیت: أیام الله ثلاثة: یوم الظهور و یوم الكرة و یوم القیامة.
و فى بعضها: أیام الله ثلاثة یوم الموت و یوم الكرة و یوم القیامة و هذا المعنى أعنى الاتحاد بحسب الحقیقة و الاختلاف بحسب المراتب هو الموجب لما ورد من تفسیرهم(علیهم السلام). بعض الایات بالقیامة تارة و بالرجعة أخرى و بالظهور ثالثة و قد عرفت…. أن هذا الیوم ممكن فى نفسه بل واقع، ولا دلیل مع المنكر یدل على نفیه»(74).
الاستدلال بالقرآن الكریم:
بعد هذا البسط و التفصیل من الاستدلال والشواهد لایبقى مجال الشبهة والاشكال، لمن له اذن صاغیة و ترك اللجاج والعصبیة واراد فهم الحقائق ولكن لاجل تكملة البحث نتطرّق لبعض الایات الكریمة التى استدل بها علمائنا و ان كانت الایات فى غایة الوضوح والظهور:
1- و حرام على قریة اهلكناها هم أنهم لایرجعون(75) و هى من اعظم الدلائل القرآنیة فى الرجعة، لان احداً من اهل الاسلام لاینكر ان الناس كلهم یرجعون الى القیامة: من هلك منهم و من لم یهلك… فلابد ان یكون المراد بقوله تعالى «لایرجعون» غیر القیامة و هوالرجعة ـ فى الدنیا، أما القیامة: فیرجعون حتى یدخلوا النار.
قال الشیخ الوالد: هذه الایة الشریفة اكبر برهان على صحة القول بالرجعة ضرورة أنه فى الرجعة الكبرى جمیع الخلق یحشرون فتخصیصه تبارك و تعالى بمن أهلكه بالعذاب اقوى دلیل علیه نظیر ما یأتى فى قوله تعالى: «یوم نحشر من كل امة فوجاً»(76).
توجیهات على خلاف الظاهر:
للقوم فى تفسیر الآیة توجیهات:
1- انَّ «لا» زائدة والاصل انهم یرجعون.
2- أن الحرام بمعنى الواجب، اى واجب على قریة اهلكناها انهم لایرجعون و استدل على اتیان الحرام بمعنى الواجب بقول خنساء.
3ـ و منها أن متعلق الحرمة محذوف والتقدیر حرام على قریة اهلكناها بالذنوب اى وجدناها هالكة بها أن یتقبل منهم عمل لانهم لایرجعون الى التوبة.
4ـ و منها أن المراد بعدم الرجوع عدم الرجوع الى الله سبحانه لاعدم الرجوع الى الدنیا والمعنى على استقامة اللفظ و ممتنع على قریة اهلكناها بطغیان اهلها أن لایرجعوا الینا للمجازاة. اجاب العلامة الطباطبایى عن هذه الوجوه بقوله: و انت خبیر بما فى كل من هذه الوجوه من الضعف(77).
2- و یوم نحشر من كل امة فوجاً ممن یكذب بایاتنا فهم یوزعون(78).
قال الطبرسى: واستدل بهذه الایة على صحة الرجعة من ذهب الى ذلك من الامامیة بأن قال ان دخول «من» فى الكلام یوجب التبعیض فدّل ذلك على ان الیوم المشار الیه فى الایة یحشر فیه قوم دون قوم و لیس ذلك صفة یوم القیامة الذى یقول فیه سبحانه و حشرناهم فلم نغادر منهم احداً. و قد تظاهرت الاخبار عن ائمة الهدى من أل محمد(صلى الله علیه وآله) فى ان الله تعالى سیعید عند قیام المهدی(علیه السلام) قوماً ممن تقدم موتهم من أولیائه و شیعته لیفوزوا بثواب نصرته و معونته و یبتهجوا بظهور دولته و یعید ایضاً قوماً من اعدائه لینتقم منهم و ینالوا بعض ما یستحقونه من العذاب فى القتل على ایدى شیعته والذل والخزى بما یشاهدون من علّو كلمته ولا یشك عاقل أن هذا مقدور لله تعالى غیر مستحیل فى نفسه و قد فعل الله ذلك فى الامم الخالیه….. على ان جماعة من الامامیة تأولوا ما ورد من الاخبار فى الرجعة على رجوع الدولة والامر والنهى دون رجوع الاشخاص و احیاء الاموات و اوّلوا الاخبار الواردة فى ذلك لماظنوا ان الرجعة تنافى التكلیف و لیس كذلك لانه لیس فیها ما یلجى الى فعل الواجب و الامتناع من القبیح والتكلیف یصح معها كما یصح مع ظهور المعجزات الباهرة والایات القاهرة كفلق البحر و قلب العصا ثعبانا و ما اشبه ذلك و لأن الرجعة لم تثبت بظواهر الاخبار المنقولة فیتطرق التأویل علیها و انما المعول فى ذلك على اجماع الشیعة الامامیة و ان كانت الاخبار تعضده و تؤیده.
قال الشیخ: «ما افاده من ان الرجعة لم تثبت بظواهر الاخبار المنقوله. حق، ضرورة آنها ثبتت بالاخبار المتواترة المفیدة للقطع و سیأتى انَّ الاخبار الدالة علیها مع قطع النظر عما ورد فى تفسیر الایات متواترة لاینهض معها شىٌ و لا معارض لها اصلا لكونها موافقه للقرآن فطرق اثبات الرجعة لا اختصاص بالاجماع نعم احد الادلة الدالة على صحة القول بالرجعة هو الاجماع الذى ذكره.
و اما التأویل فى الاخبار لا دلیل علیه و مخالف لضرورة المذهب. على ان التأویل من غیر المعصوم لاقیمة له ولا دلیل علیه لانّ الاخبار الصادرة عنهم حجة فعلیة قویة و رفع الید عن ظهورها والتأویل فیها أمر غیر مرخص فیه شرعاً.
ان أحادیث الرجعة على _ كثرتها _ مطابقة لمقتضى الحكمة الألهیة .. فأن من اللطف أن یحقق المولى لولیه آمله التی لم یحققها فی حیاته، وخاصة مع ملاحظة قصر حیاة بعضهم كائمة من نسل الإمام الرضا (ع) إذ لم یدع ولاة الجور فرصة كما أرادوه ،فكانهم أرسلوا هذه الحیاة لمهمة لم تكتمل نظراً للظروف التی أكتنفتهم من ظلم الحكام وإعراض الخلق عنهم فیكون من الطبیعی إعطاؤهم أخرى لا ستكمال تلك المهمة بعد قابلیات الخلق بلوغاً علمیاً وعملیاً وذلك عند قیام قائمهم (ع) الذی یضع یده على رؤوس العباد ، فیجمع بها عقولهم ، ویكمل به أحلامهم .
بسم الله الرحمن الرحیم
((قالوا ربنا أمتنا اثنتین وأحییتنا اثنتین فاعترفنا بذنوبنا فهل الى خروج من سبیل)) 11/ غافر.
المصادر:
الرجعة للشیخ الطوسی.
الرجعة للشیخ أحمد الإحسائی.
الرجعة إصدار مركز الرسالة.
أجوبة الشبهات للسید عبد الحسین دستغیب.
بحار الأنوار ج52. للشیخ محمد باقر المجلسی.
الإمام المهدی من المهد الى الظهور. للسید محمد كاظم القزوینی.
(( ….. ما فرطنا فی الكتاب من شیء …)) 38/الأنعام
الهوامش:
(1) سورة الكهف:الآیة 47
(2) سورة الإسراء: لآیة 5
(3) سورة الدخان الآیات 16،15،11،1.
(4) سورة الدخان الآیات 16،15،11،1.
(5) سورة الدخان الآیات 16،15،11،1.
(6) معجم مقائیس اللغة، ج 2، ص 49..
(7) النهایة، ج2، ص 2.2.
(8) القاموس، ج 3، ص 28 ـ مثله فى صحاح اللغة للجوهرى، ج 3، ص 1216.
(9) مجمع البحرین، 4، 334.
(10) معیار اللغة ،مادة رجعة.
(11) اعیان الشیعة، 1، 132 .
(12) اوائل المقالات، 46 .
(13) تصحیح الاعتقاد، 9. .
(14) الاعتقادات: 76.اعیان الشیعة، 1، 132.
(15) البدایة والنهایة، 11، 71 .
(16) انظر مجمع البیان، 1، ص 115 .
(17) رسائل الشریف المرتضى 3: 135 ـ الدمشقیات ـ دار القرآن الكریم ـ قم.
(18) روح المعانی 2. : 27 دار إحیاء التراث العربی ـ بیروت .
(19) سورة یس 36 : 78 ـ 79 .
(20) سورة آل عمران 3: 49.
(21) عقائد الإمامیة ، للشیخ المظفر : 111 ـ 112 . والآیة من سورة البقرة 2 : 259 .
(22) سورة النور 24 : 24 .
(23) سورة الأحزاب 33: 62.
(24) بحار الأنوار 53 : 59 | 45 .
(25) سورة البقرة 2: 243.
(26) فی روایة الشیخ الكلینی فی الكافی 8 : 17. | 237 عن الإمام الباقر علیه السلام وروایة السیوطی عن السدّی عن أبی مالك وغیره : یقال له حزقیل .
(27) الاعتقادات، للصدوق: 6. نشر مؤتمر الذكرى الألفیة للشیخ المفید. والدر المنثور ، للسیوطی 1 : 741 ـ 743 دار الفكر ـ بیروت .
(28) تفسیر العیاشی 1 : 13. | 433 المكتبة العلمیة ـ طهران .
(29) سورة البقرة 2 : 259 .
(30) مجمع البیان ، للطبرسی 2 : 639 دار المعرفة ـ بیروت .
(31) تفسیر العیاشی 1 : 141 | 468 المكتبة العلمیة ـ طهران .
(32) سورة البقرة 2 : 55 ـ 56 .
(33) الاعتقادات، للصدوق: 61.
(34) سورة الأعراف 7: 155.
(35) سورة المائدة 5: 11. .
(36) سورة آل عمران 3: 49 .
(37) الكافی 8: 337 | 532 . وتفسیر العیاشی 1 : 174 | 51 .
(38) سورة الكهف 18 : 25 .
(39) سورة الكهف 18 : 18 .
(4.) سورة یس 36 : 51 ـ 52 .
(41) راجع الاعتقادات ، للصدوق : 62 .
(42) عقد الدرر : 192 نشر دار النصایح ـ قم .
(43) سورة البقرة 2 : 73 . وراجع قصص الاَنبیاء، للثعلبی : 2.4 ـ 2.7 المكتبة الثقافیة ـ بیروت.
(44) سورة البقرة 2 : 26. .
(45) راجع تفسیر القمی 1 : 91 . وتفسیر العیاشی 1 : 142 | 469 .
(46) تفسیر الطبری 16 : 8 دار المعرفة ـ بیروت .
(47) تفسیر الطبرسی 6 : 756 دار المعرفة ـ بیروت .
(48) تفسیر القمی 2 : 4. .
(49) تفسیر الطبرسی 7 : 94 . وتفسیر الطبری 17 : 58 . وقصص الاَنبیاء ، للثعلبی : 144 . والآیة من سورة الاَنبیاء 21 : 84 .
(5.) سورة الاَنبیاء 21 : 1.5 .
(51) كنز العمال ، للمتقی الهندی 11 : 133 | 3.923 . وروى نحوه الشیخ الصدوق فی كمال الدین: 576 جماعة المدرسین ـ قم .
(52) سورة النمل 27 : 82 ـ 84 .
(53) سورة النمل 27 : 87 .
(54) الدر المنثور ، للسیوطی 6 : 38. .
(55) مسند أحمد 2 : 2.1 دار الفكر . ونظم الدرر ، للبقاعی 5 : 451 دار الكتب العلمیّة.
(56) سورة هود 11 : 6 .
(57) سورة النحل 16 : 61 .
(58) سورة الأنفال 8: 22.
(59) سورة الحج 22 : 18 .
(6.) سورة فاطر 35 : 28 .
(61) مجمع البیان ، للطبرسی 7 : 366 . وتفسیر القرطبی 13 : 237 . والدر المنثور 6 : 378 . وروح المعانی ،
للآلوسی 2. : 21 . وتفسیر الرازی 24 : 217 . وتفسیر ابن كثیر 3 : 387 . والآیة من سورة النمل 27 : 82 .
(62) میزان الاعتدال ، للذهبی 1 : 384 دار المعرفة .
(63) الكافی 1: 198 | 3 باب أنّ الأئمة علیهم السلام هم أركان الأرض.
(64) تفسیر القمی 2 : 131 . ومجمع البیان 7 : 366 .
(65) تفسیر القمی 2 : 13. . وتفسیر البرهان ، للبحرانی 4 : 228 | 8.43 تحقیق مؤسسة البعثة.
(66) تأویل الآیات، للسید شرف الدین 1: 4.4 | 1.9. والرجعة ، للاستر آبادی : 166 | 95 دار الاعتصام .
(67) تفسیر الأمثل ، للشیخ ناصر مكارم الشیرازی12 : 129 مؤسسة البعثة ـ بیروت . عن تفسیر أبی الفتوح 8 : 423 .
(68) سورة الانعام 6 : 128 .
(69) راجع نقض الوشیعة ، للسید محسن الاَمین : 473 طبعة 1951 م .
(7.) مختصر بصائر الدرجات : 25 . وبحار الاَنوار، للمجلسی 53 : 4. | 6 . والایقاظ من الهجعة : 278 | 91 . والرجعة ، للاسترآبادی : 55 | 3. .
(71) تفسیر القمی 1 : 24 . ومختصر بصائر الدرجات ، للحسن بن سلیمان : 41 . وبحار الاَنوار 53 : 6. | 49 . والرجعة ، للاسترآبادی : 77 | 48 .
(72) سورة الكهف 18 : 47 .
(73) المسائل السرویة ، تحقیق الاُستاذ صائب عبدالحمید : 33 نشر مؤتمر الشیخ المفید قدس سره .
(74) تفسیر المیزان، 2، 1.8 .
(75) الأنبیاء، 95 .
(76) الشیعة والرجعة، 2، 161 .
(77) تفسیر المیزان، 14، 356 .
(78) النمل، 83
ولاء ایاد الدلال