صورة العرب والمسلمین فى السینما العالمیة 1

ولكن دعنا بدایة نبین تلك الصورة التى رسمتها السینما العالمیة ممثلة فى السینما الأمریكیة والأوروبیة والأسیویة للشخصیة العربیة. إن شركات السینما العالمیة التى یهیمن علیها الیهود— كشركة فوكس القرن العشرین وكولومبیا والوارنر وجولدن مایر— نجحت فى نقل صورة مشوهة للشخصیة العربیة وذلك من خلال الأفلام العدیدة التى أنتجتها…

 

ثارت الشعوب الإسلامیة ثورة عارمة عندما قامت الصحیفة الدنماركیة یولاندز بوستن بنشر الرسوم البذیئة التى تسىء لرسولنا الكریم وتراوحت ردود الأفعال بین التظاهرات السلمیة وأصوات المقاطعة وأحیانا اللجوء للعنف وإشعال الحرائق فى القنصلیة أو السفارة الدنمركیة والنرویجیة كما حدث فى لبنان وسوریا، وتجدر الإشارة إلى أن تشویه صورة العرب والإسلام فى الغرب لیس بجدید، فقد سعت أجهزة الإعلام الأوروبیة والأمریكیة منذ أمد طویل إلى تقدیم العدید والعدید من الأفلام السینمائیة والتلفزیونیة التى تسیء للعرب والمسلمین الذین لم یحركوا ساكنا لتصحیح هذه المواقف وتغییر الصورة السلبیة التى ترسخت فى أذهان المواطنین الأوروبیین والأمریكیین. والجدیر بالذكر أن عددا لا یتجاوز أصابع الید الواحدة من الكتاب العرب قد تصدوا لهذه الأفلام ومنهم أحمد رأفت بهجت وجاك شاهین وادوارد سعید وعابدین جبرا، والغریب أن معظم الكتاب الذین هبوا للدفاع عن صورة العرب والمسلمین فى السینما الأمریكیة والأوروبیة لا ینتمون للدول العربیة، ومنهم على سبیل المثال لا الحصر أكبر أحمد وفیلیب دود ولورى جودشتین وارثر جونز ودانیال ماندل.

صورة العرب والمسلمین فى السینما العالمیة
ولكن دعنا بدایة نبین تلك الصورة التى رسمتها السینما العالمیة ممثلة فى السینما الأمریكیة والأوروبیة والأسیویة للشخصیة العربیة. إن شركات السینما العالمیة التى یهیمن علیها الیهود— كشركة فوكس القرن العشرین وكولومبیا والوارنر وجولدن مایر— نجحت فى نقل صورة مشوهة للشخصیة العربیة وذلك من خلال الأفلام العدیدة التى أنتجتها، یقول أحمد رأفت بهجت فى جریدة الأسبوع الصادرة فى 27/9/1999م إن فیلم “علاء الدین” كان أكبر دلیل على العداء الواضح تجاه العرب وكان العفریت الطیب الذى ظهر فى الفیلم یمثل رمزاً للولایات المتحدة. ویستعرض أحمد رأفت بهجت فى كتابه القیم (الشخصیة العربیة فى السینما العالمیة) مجموعة من أفلام السینما الغربیة، منها الفیلم المأخوذ من روایة “التعویذة” والذى یقدم صلاح الدین الأیوبى “كمهرج تحركه نزواته الشخصیة…فهو الفارس المقنع الذى ینتحل شخصیة أمیر لیعالج ریتشارد قلب الأسد بهدف التقرب من شقیقته الحسناء”. ویحرص فیلم “جنكیز خان” الذى قام بتمثیله الممثل المصرى العالمى عمر الشریف وقام بإخراجه المخرج الیهودى هنرى لیفین على أن “یقدم شاه خوارزم كشخصیة شهوانیة جبانة وحافلة بالطموح الهزیل والخداع المتأصل..فهو یتحالف مع یوماجا التتارى لیقود له جیشه فى مواجهة جنكیز خان..”

كما أن كل الأفلام التى تناولت الصحراء تهدف إلى إبراز الجوانب السلبیة فى الشخصیة العربیة: فالشاب جمیل فى فیلم “العرب” 1915م یكرس جل وقته فى سرقة القوافل ثم نكتشف بعد ذلك أنه ابن شیخ القبیلة.. ومحمود بارودى فى “بیللا دونا” (1923م) لا هدف له سوى تعاطى المخدرات فى أوكار الحشاشین.. ونشاهد فى فیلم “فى ظلال الحریم” (1928م) أمیرا عربیا لا یتورع فى خطف أطفال صدیقه بغرض إجبار والدتهم الأوروبیة الحسناء على ممارسة الجنس معه. ویبین لنا أحمد رأفت بهجت أن المرشد المتطفل على سیدته البیضاء فى فیلم “الهمجى” (1933م) “لم یكن سوى “أمیر لأحدى قبائل الصحراء”، وأن الفیلم الألمانی “الحكیم” (1957م) بطولة الممثل الألمانی الشهیر اوتوفیلهلم فیشر یصور مدینة إدفو فى صعید مصر كقریة “صغیرة ترزخ..فى جو من الفقر والقذارة..والفلاحون ملابسهم زرقاء غیر نظیفة..صور البؤس والشقاء أكثر وضوحا فى وجوه الأطفال الذین یلعبون فى التراب تحت الشمس”.

وتجدر الإشارة أن فیلم “الخروج” الذى تم إنتاجه عام 1960م یصور العرب القساة وهم یقتلون فتاة یهودیة دون العشرین. أما فیلم “الریشات الأربع” فقد أنتج خصیصا لمهاجمة الثورة المهدیة التى قادها الإمام المهدى فى السودان، ویؤكد أحمد بهجت أن فیلم “الخرطوم” الذى أنتج عام 1963م “یعد بحق أقوى الجرعات الهجومیة الموجهة ضد الثورة المهدیة والإسلام ورغم أن تصویره تم فى مصر والسودان … إلا أنه منع من العرض فى جمیع أنحاء العالم العربى”، وأن فیلم لورنس العرب” بطولة عمر الشریف والذى أخرجه دیفید لین یصور عرب الشرق الأوسط للعالم على “أنهم جهلة وخدم وشحاذون… وعلى أنهم قتلة یقتل بعضهم بعضاً، وبخلاء لا یقدمون الطعام لضیوفهم. وربما یتذكر القارئ فیلم “الأحد الأسود” (إنتاج عام 1977م) حیث نرى إسرائیلیا یلعب دور البطولة فى مواجهة حفنة من العرب الأشرار الإرهابیین الذین یسعون لقتل متفرجى كرة البیسبول بما فیهم الرئیس الأمریكى.

وقد یفسر البعض هذا العداء للعرب والمسلمین بالصراع العربى- الإسرائیلى الذى بلغ ذروته خلال حكم الزعیم الراحل جمال عبد الناصر وامتد حتى توقیع اتفاقیة كامب دیفید فى عهد الرئیس الراحل أنور السادات. وربما أعتقد البعض أن هذا العداء السینمائى سوف ینحصر فى الثمانینات والعقود التالیة بید أن هذا الاعتقاد یجانبه الصواب لأن الفترة التى تلت اتفاقیة السلام شهدت أفلاما تتسم بالعداء المحكم كما سنبین فى مقال آخر.

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

شاهد أيضاً

نفاق

ما هو النفاق من منظور الإمام علي(ع)؟

مقالات العربیة – ایكنا: یقول القرآن الکریم “لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ” وهکذا یبیّن لنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *