یهدف هذا البحث إلى التعرف على صورة العرب والمسلمین فی الكتب الدراسیة المقررة فی الولایات المتحدة الأمریكیة، وكیفیة إسهام هذه الكتب فی بناء الصورة النمطیة عن العرب والمسلمین فی المجتمع الأمریكی، ودورها فی صیاغة ذهن الطالب، وتحدید كیفیة تعامله مع مجتمعه ونوعیة تفاعله مع المجتمعات المحیطة به، وذلك من خلال الصور النمطیة التی تغرسها فی عقله ووجدانه خلال المراحل التعلیمیة المختلفة
أحمد بن عبد الله البنیان
یهدف هذا البحث إلى التعرف على صورة العرب والمسلمین فی الكتب الدراسیة المقررة فی الولایات المتحدة الأمریكیة، وكیفیة إسهام هذه الكتب فی بناء الصورة النمطیة عن العرب والمسلمین فی المجتمع الأمریكی، ودورها فی صیاغة ذهن الطالب، وتحدید كیفیة تعامله مع مجتمعه ونوعیة تفاعله مع المجتمعات المحیطة به، وذلك من خلال الصور النمطیة التی تغرسها فی عقله ووجدانه خلال المراحل التعلیمیة المختلفة. ومعظم الكتب یقدم صورة إیجابیة أو محایدة. ولتحقیق أغراض هذا البحث فلقد تم دراسة 18 كتاباً وتغطی الكتب المختارة أكثر من سنة دراسیة. وتناولت هذه الكتب الدراسات الاجتماعیة والتاریخ والجغرافیا والثقافة والأدب. بالإضافة إلى ذلك فإن معظم هذه الكتب تدرس فی العدید من الولایات الأمریكیة، وتم نشرها عن طریق دور نشر كبیرة وموثوق فیها كدار برنتس هول.Prentice Hall
وتتناول الدراسة والتحلیل التوجهات العامة للكتب الدراسیة نحو العرب والمسلمین فی الولایات المتحدة الأمریكیة. وتم عرض الدراسة وتحلیلها وفقاً للأبعاد التالیة: البعد القومی والبعد الاجتماعی والبعد الحضاری والبعد الاقتصادی والبعد الإسلامی.
البعد الإسلامی:
تتناول دراسة البعد الإسلامی بعض الموضوعات مثل الدین الإسلامی والإرهاب والجهاد ووضع المرأة فی الإسلام وشخصیة الرسول محمد والقرآن والقصاص وأركان الدین الإسلامی.
قدمت جمیع الكتب موضوع الدین الإسلامی، ولكن العرض یختلف من كتاب إلى آخر من حیث الإسهاب والإیجاز سلباً أو إیجاباً. معظم الكتب تصف الدین الإسلامی بأنه أحد الأدیان الرئیسة فی العالم. فمثلاً كتاب الجغرافیا: العالم وسكانه Geography: The World and its People یشیر فی معرض الحدیث عن الأدیان العالمیة فی صفحة (79) إلى أن الإسلام هو أحد الأدیان الرئیسة فی العالم، ویذكر اشتراك الإسلام والمسیحیة مع الیهودیة فی معتقدات كثیرة. بینما یذكر كتاب مستكشف العالم: الناس والأماكن والثقافات Places and Cultures World Explorer: people، فی صفحة (50) أن المعبود فی الإسلام هو الله وأن المؤسس هو محمد، وأن الكتاب المقدس هو القرآن. تناسی المؤلف احترام مشاعر المسلمین ولم یقل: النبی محمد بدلا من: “المؤسس هو محمد” ویذكر كتاب تاریخ العالم: الروابط إلى الیوم، فی صفحة 188 بأنه وفی خلال 200 سنة بنى المسلمون -وهم المصدِّقون بالدین الإسلامی- إمبراطوریة عظیمة وأسسوا حضارة رئیسیة جدیدة.
ویضیف الكتاب بأن الوجود الإسلامی كان بالنسبة للمسیحیین الأوربیین مصدر قلق وخوف، حتى عندما لم یعد الإسلام مصدر تهدید فإن المسیحیین استمروا بوجهة النظر العدائیة للعالم الإسلامی. ولكن الإسلام دین السلام والآیات القرآنیة تبیح الجهاد بمعنی القتال للدفاع فقط » وقاتلوا فی سبیل الله الذین یقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا یحب المعتدین« [البقرة: 190]. كما ینهی القرآن عن إكراه الناس علی اعتناق الإسلام »لا إكراه فی الدین« [البقرة:256].
یربط كتاب العالم وسكانه فی أكثر من موضع (مثلاً الصفحات 221 و222 و223) الإسلام بالعرب وهنا محاولة لتمریر فكرة الربط بینهما وكأنهما لا ینفصلان وكأنه دین محلی ولیس عالمیا. حاولت بعض الكتب تقدیم معلومات مشوهة ومغلوطة عن أسباب دخول البعض فی الإسلام. ذكر كتاب جغرافیة العالم الیوم فی صفحتی (186، 573) أن غیر المسلمین یُلزمون بدفع الجزیة مما یجعلهم یدخلون فی دین الإسلام للهروب من دفعها، ولم یشر الكتاب إلى قضیة دفع المسلمین للزكاة.
تركز الكتب فی الحدیث عن الإرهاب على ما یمارس من قبل بعض المسلمین ضد غیرهم نتیجة الاضطهاد والقهر، وتتناسى هذه الكتب مجتمعة ما یفعله أقوام آخرون من غیر المسلمین من ظلم وعدوان على الشعوب المسلمة وغیرها تحت حجج واهیة، علماً بأن كتاب الأدب – خیار القارئ یعرف الإرهاب فی صفحة 477 على أنه استخدام العنف ضد أهداف غیر عسكریة وبدون سابق إشعار. وبالرغم من أن الكتاب لا یربط الإرهاب بالعرب إلا أنه یوحی بذلك من خلال الحدیث عن تفجیر المدنیین وتركیزه على جنوب غرب آسیا (الشرق الأوسط) وإیراد قصیدة للشاعر الیهودی یهودا أماتشی یدین فیها استخدام القنابل.
یذكر كتاب تاریخ العالم: الروابط إلى الیوم فی صفحة 258 الجهاد ویذكر أن المسلمین ینظرون إلیه على أنه جهد لخدمة الله، ویذكر الكتاب أن الناس قد دأبوا على ترجمة الجهاد بشكل خاطئ والقول ببساطة بأنه “الحرب المقدسة”. أما كتاب العالم وسكانه فیتحدث فی صفحتی 222 و223 عن جهاد المسلمین بوصفه فتوحات قام بها العرب المسلمون، وأخضعوا بها غیر العرب لدینهم الذی اتّبعه معظم أولئك البشر. وفی صفحة 222 یقول إن المقاتلین العرب قد اكتسحوا كل ما بدا أمامهم، فهم یعتقدون أنهم اختیروا لنشر كلمة الله، وذهب المسلمون للمعارك وفی اعتقادهم أن الموت سیحملهم إلى الجنة.
أما كتاب ثقافات العالم فی صفحة (92) فقد وصف الجهاد بالحرب المقدسة (Holy War) لتطهیر الإسلام، حیث جاء فی صفحة (572) أن الإسلام علّم المسلمین أن المقاتلین الذین یموتون فی خدمة الإسلام سوف یفوزون بمكان فی الجنة.
وصف الجهاد بالحرب المقدسة والمسلم بالمحارب یتعارض مع صریح الآیات القرآنیة. فالإسلام دین السلام والآیات القرآنیة تبیح الجهاد بمعنی القتال للدفاع فقط » وقاتلوا فی سبیل الله الذین یقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا یحب المعتدین« [البقرة: 190]. كما ینهی القرآن عن إكراه الناس علی اعتناق الإسلام »لا إكراه فی الدین« [البقرة: 256]. وأما الآیات التی تأمر المسلمین بالقتال فیجب أن تقرأ فی سیاقها. لقد اضطر المسلمون الأوائل إلی الدخول فی حروب للدفاع عن أنفسهم أو لشن حروب وقائیة.
وقد تناول كتاب ثقافات العالم فی صفحة (583) الحجاب وقال المؤلف: إن المرأة فی المجتمعات الإسلامیة القدیمة كانت تتمتع بحریة أكثر من الوقت الحاضر، وقال إن الحجاب والعیش فی عزلة وفصل الرجال عن النساء فی كل النشاطات كل ذلك یعد معوقات لحریة المرأة. وعندما تحدث عن حیاة النساء فی الشرق الأوسط ذكر فی صفحة (599) أن القوانین فی المناطق المحافظة (الریاض، طهران) تطلب من النساء أن یضعن الحجاب عندما یذهبن خارج بیوتهن، وقارن هذا الوضع بوضع النساء فی بلدان أخرى فی الشرق الأوسط حیث أغلب النساء یمشین بحریة وبدون حجاب. وفی الحدیث عن المرأة وأحوالها، یلمس القارئ تناول قضیة المرأة المسلمة من منطلق المعاییر الثقافیة الغربیة فی محاولة لترسیخ مبدأ أن الإسلام لم یراع حقوق المرأة، وأن حقوقها مهضومة، ویتجاهل الكتاب ما قدمه الإسلام للمرأة من حقوق. لقد مثل القرآن ثورة اجتماعیة بالنسبة للمرأة فی القرن السابع حیث حرم قتلها أو بیعها أو تزویجها بدون موافقتها وأعطاها حقا فی المیراث وألزمها بواجبات مالیة بقدر ما لها من حقوق: »ولهن مثل الذی علیهن« سورة البقرة. والغریب أن المؤلف یعتبر إجبار الرجال والنساء فی تركیا علی ترك الزی التقلیدی أمرا عادیا بالرغم مما فی ذلك من مخالفة لحقوق الإنسان. وحینما ترتدی المرأة بمحض اختیارها زیا یتفق مع ثقافتها ودینها یعتبر الغرب ذلك غیر منطقی!
لم یخل كتاب من الكتب التی تم تحلیلها من ذكر الرسول محمد فكتاب الأدب – خیار القارئ قد تناول فی صفحة 448 حیاته بصورة مختصرة جدًّا. ویورد الكتاب فی صفحة 413 صورة للفن المصغر یقول إنها فارسیة، وقد علق على الصورة “محمد یصعد إلى السماء” وفی الصورة یبدو رجل یركب حصاناً له وجه آدمی والملائكة بأجنحتها من حوله. وهذه الصورة فی الكتب من وحی الخیال لمعراج الرسول محمد. ینبغی تقدیم اللوحات الفنیة كفن والتمییز بین الفن والنصوص الدینیة. وأما كتاب تاریخ وجغرافیة العالم فقد ذكر أن محمداً عندما كان صغیراً سافر فی منطقة الشرق الأوسط فتأثر بمعتقدات الیهود والنصارى الذین التقى بهم. ینبغی أن یعرف التلامیذ أن القرآن یشیر إلى أنه مصدق ومكمل للیهودیة والمسیحیة.
یذكر الكتاب فی صفحة (144) أن محمداً أجبر أهل المدینة علی الاعتراف بأن الله هو إلههم الواحد. ویتضح من هذا بجلاء محاولة الكاتب الطعن فی الدین الإسلامی من خلال الطعن فی محمد وأنه یجبر الآخرین على دخول الإسلام. وهذا القول یتعارض مع مبادئ القرآن الذی ینهی عن الإكراه فی الدین وعن الاعتداء علی الغیر “وقاتلوا فی سبیل الله الذین یقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا یحب المعتدین” [البقرة: 190]. كما ینهی القرآن عن إكراه الناس علی اعتناق الإسلام: “لا إكراه فی الدین” [البقرة: 256]. وأما الآیات التی تأمر المسلمین بالقتال فیجب أن تقرأ فی سیاقها.
كتاب الأدب – خیار القارئ یقول إن القرآن كتب بعد وفاة النبی محمد بثلاثین عاماً (ص 43) وفی موضع آخر (ص 448) بعشرین عاماً- وهذا یعكس عدم الدقة فی تقدیم المعلومة. ویذكر كتاب العالم وسكانه فی صفحة 226 بأن بعض أتباع محمد قاموا بكتابة مواعظه عندما كان یعظ فی المدینة وجمعوها فی كتاب یعرف بالقرآن، وهو كتاب الإسلام المقدس.
ویتفق علماء المسلمین علی ما جاء بكتب السیرة التی تشیر إلی أن أبا بكر قد جمع القرآن الذی كتبه الصحابة وحفظوه عن ظهر قلب ثم أمر عثمان بكتابة المصحف ووزع منه نسخا علی بعض الأمصار. ویلاحظ أن المؤلف یخلط بین القرآن والحدیث.
ویورد كتاب جغرافیة العالم الیوم عند الحدیث عن الحج فی صفحة 109 معلومات تنقصها الدقة عن الصیام وعن عید الأضحى، فمثلاً من الأیام الخاصة للمسلمین صیام رمضان وهو الصیام طیلة الشهر الأول من السنة الإسلامیة. وكما هو معروف فشهر رمضان هو الشهر التاسع من السنة القمریة المؤرخة بالهجرة النبویة، كما یرى الكتاب أن عید الأضحى یكون فی نهایة الحج، وهذه معلومة غیر دقیقة فالحج یستمر إلى نهایة الأیام الثلاثة من أیام التشریق.
البعد القومی: وعلى منوال الإسلام تقدم بعض الكتب الأبعاد الأخرى بنفس الطریقة.
توضح دراسة الكتب أن الكثیر منها یتحیز لإسرائیل ویتحامل على العرب، فعلى سبیل المثال، یتطرق كتاب الجغرافیا: العالم وسكانه فی صفحة 490 عن الحرب الأهلیة فی لبنان، ویذكر أنها كانت بین المسلمین والمسیحیین، وأن المسلمین یشكلون 70% من عدد السكان، ومن ثم یشیر إلى غزو إسرائیل للبنان وانسحابها من الجنوب فی عام 2000م، ولكن الكتاب لا یتحدث عن المذابح التی قام بها الیهود فی صبرا وشاتیلا أو غیرها.
كما تحدث مؤلف كتاب جغرافیا العالم وحضاراته (ثقافته) عن البلاد العربیة وأفرد لها وحدة مستقلة وهی الوحدة الخامسة (ص 206-255)، ویلاحظ تركیز الكتاب على إسرائیل والحدیث عنها بنوع من التفصیل، وذكر قصة والد إبراهیم، وأن الله وعد الیهود بالأرض – أرض فلسطین- عندما یعبدونه. یشیر المؤلف إلى الربط بین الوعد والأرض فیتبنى وجهة النظر الصهیونیة ویتناسى حقوق أهل البلاد الذین سكنوها وعاشوا فیها قبل حضور الیهود واستمروا فیها بعد خروج الیهود. تُجمع جمیع الكتب على أن القدس هی عاصمة إسرائیل، ولا یرد اسم فلسطین فی الخرائط، بینما یرد اسم إسرائیل فیها. ویذكر كتاب الأدب – خیار القارئ فی صفحة 412 علی سبیل المثال أن المستوطنین الیهود قد أعادوا تأسیس دولة إسرائیل القدیمة فی منطقة فلسطین التابعة للإمبراطوریة التركیة سابقاً. واستخدام كلمة إعادة تأسیس (reestablished the ancient state of Israel) تدل على رأی الكتاب أن الأرض هی للیهود، وأنهم قد تمكنوا مؤخراً من استعادتها. ولا یهتم الكاتب بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطینی.
البعد الاجتماعی:
تناول تاریخ العالم: الناس، الأماكن، الأفكار (كتاب المعلم) انتشار الإسلام، وقام بوضع صورة تدل على البداوة والإبل، وحاول التقلیل من أهمیة الجزیرة العربیة، واكتفى بذكر البداوة، وأن الجزیرة العربیة هی جزیرة صحراویة، وأن السكان هم من البدو ویعیشون حول مراكز تجمع المیاه ص156. تحدث كتاب تاریخ وجغرافیة العالم عن الطبقات الاجتماعیة والرق فی المجتمع المسلم، فقد ذكر الكتاب فی صفحتی (187-188) أن النساء لسن المجموعة الوحیدة التی عوملت بعدم المساواة فی المجتمع المسلم، فالمسلمون الذین دخلوا فی الإسلام من غیر العرب لم یحظوا بالامتیازات التی كان یحظى بها المسلمون العرب فی عهد بنی أمیة. كما یذكر الكتاب أن من ضمن طبقات المجتمع طبقة العبید، فیذكر الكتاب أن القرآن یمنع استعباد المسلمین وأهل الذمة، لكنه لا یمنع قیام مؤسسات الرق. والجدیر بالذكر أن القرآن قد حدد مصادر الرق وشجع علی تحریر العبید. منع الإسلام الاستعباد بالخطف أو ببیع الأولاد وحرم الربا لأنه كان أحد مصادر الرق. اقتصر مصدر الرق علی الحروب ومع ذلك حرم الإسلام الاعتداء علی الغیر وأباح القتال للدفاع فقط. شجع الإسلام المسلمین علی عتق العبید ووعد القرآن الجنة لمن یعتق عبدا {فلا اقتحم العقبة * وما أدراك ما العقبة * فك رقبة} [البلد: 11-13]. كما جعل القرآن عتق عبد كفارة لبعض الذنوب، سورة المجادلة /3. ولو طبقت هذه الأحكام لانتهى الرق من المجتمعات الإسلامیة منذ قرون عدیدة.
صورة المرأة العرب
یذكر كتاب العالم وسكانه فی صفحة 502 أن المرأة فی الشرق الأوسط قد وقعت بین المطرقة والسندان، فالغربیون یرون سخافة تقالیدها، ولكن مجتمعها یرى أن أی تغییر هو ضد دینها. وقد وصف مؤلف كتاب جغرافیا العالم وحضاراته (ثقافته) المرأة فی البلاد العربیة بأنها امرأة مقیدة، ویجب أن تقوم بتغطیة وجهها، وذكر أن بعض الدول لدیها شدة تجاه المرأة حیث قال فی ص 225: بعض البلاد الإسلامیة متشددة أكثر من الأخرى، فمثلاً المملكة العربیة السعودیة هی بلد متشدد، فالمرأة لا بد أن تقوم بتغطیة كامل وجهها، ولا یسمح لها بقیادة السیارة ولا السفر وحدها، وأخیراً لا تستطیع العمل خارج بیتها.
ولا شك أن هناك تحاملاً من المؤلف على الإسلام بالنسبة لموضوع المرأة وإظهارها على أنها مكبوتة ومقیدة ولیس لها حریة. كما قد أخطأ عندما قال: إن المرأة لا تعمل خارج بیتها. لقد مثل القرآن ثورة اجتماعیة بالنسبة للمرأة فی القرن السابع، حیث حرم قتلها أو بیعها أو تزویجها بدون موافقتها وأعطاها حقا فی المیراث وألزمها بواجبات مالیة بقدر ما لها من حقوق {ولهن مثل الذی علیهن} سورة البقرة. كما ألزمها الإسلام بطلب العلم طبقا للحدیث النبوی: “طلب العلم فریضة علی كل مسلم وعلی كل مسلمة”. وإذا كانت المرأة المسلمة ترید ارتداء الحجاب طبقا لتعالیم دینها والتفرغ لتربیة أطفالها بالاتفاق مع زوجها فهذا حقها.
الحضارة الإسلامیة
تتحدث الكتب عن الحضارة الإسلامیة وتصفها بالثقافة الغنیة وتشیر إلى التعلم والبحث العلمی والفنون والآداب وإنجازات العلماء المسلمین فی مجالات الجبر والفلك والكیمیاء والفیزیاء والبصریات وإنشاء دار الحكمة والسعی لترجمة العلوم المختلفة من العالم القدیم إلى العربیة وإلى استفادة الشعوب الأخرى من المخترعات التی اخترعها العلماء العرب، مثل الأسالیب الحدیثة فی الأعمال التجاریة: فاتورة التبادل مع الدول الأخرى. وإنشاء فكرة شركات التعاون وبیع الأسهم وكلمات شیك (check)، مخاطر أو مجازفة (risk) هی أصلاً من اللغة العربیة. وسمح القواد المسلمون للیهود والمسیحیین بممارسة شعائرهم الدینیة واتباع قوانینهم الخاصة بهم.
الشخصیة العربیة-الإسلامیة
یرى كتاب العالم وسكانه فی صفحة (506) وتحت عنوان أزمة الهویة أن الأعوام المائتین الماضیتین قد جلبت تغییرات كثیرة فی الشرق الأوسط، وأن تحدی الغرب قد أجبر الناس على البحث عن هویة وولاء جدیدین، وأن استیلاء الدول الغربیة بسلاحها وتقنیتها على أجزاء من المنطقة قد أجبر المفكرین المسلمین على التساؤل لماذا یسمح الله للأوروبیین بالتقدم على المسلمین تقنیاً؟ ولماذا یسمح بأن یهزموا فی المعارك وباحتلال أراضیهم؟ ویرى بعض المسلمین أن هذه علامات لبعدهم عن إتباع التعالیم الدینیة الإسلامیة، وأن إتباع الإسلام بشكل أكثر جدیة قد یحل المشكلة. ولماذا لم یشر المؤلف إلی أن الإسلام دین یحث أتباعه علی طلب العلم وعلی العمل والتمسك بالشورى أی بالنظام الدیمقراطی؟ ویذكر كتاب العالم وسكانه فی الصفحتین (504 و505) أن الخلافات بین الدول العربیة قد استمرت وأن هذه الخلافات قد أحبطت محاولات الوحدة فی الشرق الأوسط. ولم یتحدث الكتاب عن المحاولات الجادة لإقامة السوق العربیة المشتركة.وأشارت الكتب إلى أهمیة البترول فی اقتصاد دول الخلیج والمملكة العربیة السعودیة.
ما ورد فی الكتب التی تم تحلیلها عن المملكة العربیة السعودیة
یورد كتاب جغرافیة العالم الیوم فی صفحتی 430 و431 عن وكالة الاستخبارات الأمریكیة بعض المعلومات عن المملكة العربیة السعودیة منها: إن معدل وفیات الأطفال هو 51 لكل 1000 مولود، وهذا الرقم هو أعلى رابع رقم بعد أفغانستـان (147) والیمن (69) والعراق (60)، وهذا قد یعطى القارئ انطباعاً عن انخفاض مستوى الرعایة الصحیة المقدمة للمواطنین مع أنه توجد المستشفیات الكثیرة والمجهزة بأحدث الأجهزة الطبیة بجانب الإمكانیات البشریة فی جمیع أنحاء المملكة.
كذلك یتطرق كتاب مستكشف العالم: الناس والأماكن والثقافات للمرأة فی المملكة العربیة السعودیة بقوله فی صفحة 529: وتتعامل قوانین عدیدة فی المملكة العربیة السعودیة مع دور النساء، فهی تحمیهن بطرق معینة، ولكنها تحرم علیهن عمل أشیاء أخرى. ویضیف الكتاب أن النساء عند خروجهن للأماكن العامة یلبسن عباءة طویلة سوداء، وحتى الوجوه فإنها عادة تغطى، وهذا أحد قوانین الدولة، والقانون الآخر هو أن النساء لا یستطعن قیادة السیارات، وفی المنزل تبقى المرأة فی جزء مخصص لها إذا كان هناك بعض الضیوف. ولا شك أن العادات والتقالید تختلف من بلد لآخر وثقافة بلد ما تمثل جزءا من شخصیة أهله. ومن الطبیعی أن تختلف الثقافات ویثری بعضها البعض الآخر.
ومما لا بد من التنبیه إلیه هنا، أن بعض الكتب لم تشر من بعید أو قریب إلى الدور الهام والمؤثر الذی قامت به المملكة العربیة السعودیة فی تحریر الكویت، والمشاركة الفعالة على المستویین الرسمی والشعبی فی تلك الأثناء. ففی كتاب دراسات اجتماعیة، ومن خلال ذكر الكتاب للحروب التی خاضها الأمریكیون تحدث الكتاب عن دور الولایات المتحدة الأمریكیة فی عملیة عاصفة الصحراء (Desert storm) فی أثناء حرب الخلیج صفحة 660
وخلاصة القول فإن الحدیث عن المملكة العربیة السعودیة كان موضوعیًّا فی مجمله، ولكن هناك بعض الملاحظات السلبیة فی تقدیم بعض المعلومات.
بلغ عدد عینة الكتب الدراسیة المقررة فی التعلیم العام فی أمریكا والتی خضعت لتحلیل المحتوى والخطاب 18 كتاب مدرسی. تبین نتائج التحلیلات أن ما نسبته 50.0% من جملة الكتب، كانت توجهاتها العامة نحو العرب والمسلمین تتصف فی جملتها بأنها محایدة وأن ما نسبته 27.8% من جملة الكتب كانت توجهاتها العامة تتصف فی جملتها بأنها سلبیة التوجه نحو العرب والمسلمین وأن ما نسبته 22.2% من جملة الكتب، كانت توجهاتها العامة نحو العرب والمسلمین تتصف فی جملتها بأنها إیجابیة.
والربط بین الإسلام والإرهاب والتحیز للإسرائیلیین علی حساب التعصب ضد الفلسطینیین والعرب قد لا یلیق بالمدرسة الأمریكیة التی تعد من بین أرقی مدارس العالم، ویتنافى أیضا مع مهمة المدرسة وأهداف المناهج الدراسیة التی تهدف إلی تعلیم التلامیذ احترام الآخر وثقافته. ویفضل تحری الدقة عند الحدیث عن بعض المفاهیم الإسلامیة مثل القرآن والحدیث وعدم الخلط بینهما ووضع المرأة فی الإسلام وكذلك التمییز بین تعالیم الإسلام وسلوكیات بعض المسلمین المتطرفین.
ینبغی علی المدرسة فی الغرب أو فی الشرق إظهار مبادئ الثقافات ومبادئ وروح الأدیان السماویة. فهذه الأدیان والثقافات تدعو شعوب العالم للتضامن والتعاون والتسامح والعیش معا فی سلام.