عاشوراء بين شخصيتين

سيدي هاهي ايامك الحزينة التي تلون الكون سوادا وحمرة… وتفيض علينا نشاطا في الحركة غير معهود واستفاقة لمشاعر ينبع منها سيل من الدموع… وكأننا كنا نخزنها طيلة العام في مستودعات الدموع ونفرغها في هذه الايام… هذه الايام الاستثنائية من الزخم العاطفي وسخاء النفس ومنح معظم الوقت للمجالس الحسينية والفعاليات المتنوعة لانه لا يوم كيومك يا ابا عبدالله ولكنها قليلة جدا عليك.

 

سيدي هاهي ايامك الحزينة التي تلون الكون سوادا وحمرة… وتفيض علينا نشاطا في الحركة غير معهود واستفاقة لمشاعر ينبع منها سيل من الدموع… وكأننا كنا نخزنها طيلة العام في مستودعات الدموع ونفرغها في هذه الايام… هذه الايام الاستثنائية من الزخم العاطفي وسخاء النفس ومنح معظم الوقت للمجالس الحسينية والفعاليات المتنوعة لانه لا يوم كيومك يا ابا عبدالله ولكنها قليلة جدا عليك.
• نعم قليلة وربما لا يحصد البعض ثوابه لعدم وعيه الكامل بحقيقة قضية الامام الحسين وابسط مراميها على المستوى الشخصي التمرد على الذات المتغطرسة والضعيفة والخائفة والمتقوقعة والمترددة والمزاجية والحاقدة والغيورة… والتي لا تشبع من ملذات الدنيا….
– يقول الامام الحسين (عليه السلام): « النّاس عبيد الدّنيا والدّين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معايشهم، فإذا مُحّصوا بالبلاء قل الدّيانون»
أيضا نلحظ الازدواجية بين ما يعلنه البعض كشعارات وبين ما يمارسه في الحياة اليومية… فيكون ذا شخصيتين منفصلتين لكل واحده لها سماتها وطبائعها ومنظومة قيم خاصة بها وتنتهج سلوكا يوازي ما تحمله من فكر واعتقادات…. فمع ايام الحسين (عليه السلام) في الايام العاشورائية يتغير نمط الحياة فيتقمص دورا تفرضه الاجواء الحسينية من حرارة المشاعر التي تعم المجالس والفعاليات والتي يتزود منها ويشرب من كأس الاحزان وتتوقف حلقة مشاغله من الشهوات ما عدا انها للحسين ويحط بتصوراته وأحاسيسه الى أرض الحدث في كربلاء ويتمنى ان لو كنا هناك وشارك بدمه وروحه… وهذا ما يسعد قلب الزهراء…
ويمضي الليل ويطوي النهار ساعاته ويسفرالصباح عن انقضاء العشر والى الثالث عشر بعد ذلك نخلع لباس الشخصية الكربلائية ونلبس رداء الواقع وكاننا كنا ابطالا وكومبارس على مسرح انتهت مسرحيتة وأغلقت ستائره… ثم يخلفها في زاوية حتى يحين حينها الى العام القادم.
ما يدلل على وصفي هذا…
الحسين منظومة من القيم الحية والتي تشعل جذوة الحياة الحقيقية الكريمة لمن يعيها ويعمل بها ونحن في أيامها ولم نتعلم ادارة خلافاتنا… بل تحكمنا العصبية الجاهلية والتطرف وهوى النفس وفي ماذا في اختلافات الشعائر المرتبطة بالامام الحسين والتي ليس لاي طرف منا البت في إقامتها ومارستها مادام هناك المختصون في شرعيتها ام عدمها ومع ذلك نجعل من الاختلاف خلافا نضخمه وتنشأ الفرقة والقطيعة بين ابناء المذهب الواحد… ويحصل التراشق والسب والشتم… فعلا ممثلون بارعون في التوحد مع الشخصية ومن ثم الخروج منها… والعجيب أن من يقومون بعملية التمثيل تؤثر المادة والسيناريو على حياتهم… فكيف لو كان الحسين (عليه السلام) هو المعلم الذي تخلق بأخلاق الانبياء وعفا وسامح وفهم وقدر وتواضع…..
– أيام الحسين هي يوم الشهيد والشهادة…. نسينا او تناسينا ان هناك شهداء على خطى الحسين استشهدوا لمطالبة حق ولا زالت دمائهم حية تغلي واسرى بحاجة الى دعائنا في كل لحظة والدعاء في ايام عاشوراء له رمزية خاصة… قليل من الخطباء كان يذكرهم ويترحم عليهم في نهاية خطبه اليس هذا انفصالا!!!!! وبعدا عن القضية.
– تنوع الفعاليات والمناشط العاشورائية وتعددها يعمق النهضة الحسينية في قلوب محبية وخصوصا اذا كانت لها أهداف انبثقت من روح النهضة الحسينية.. كما انها تطلق وتصقل المواهب ويتنافس المبدعون والمبدعات في أعمال خلاقة…. البعض يستنكر على غيره ان يكون عمله افضل منه ويصر على انه الافضل منه بشهادته هو وليس بتزكية الآخرين ويعدد ما يعتقد انه سلبي في عمل الاخر ليثبت انه المتميز… في الفن الحسيني تسقط كل معادلات التنافس الغير شريف فالنوايا هي المقياس للقبول وكفى….
نعم ان ثورة الحسين تدخلت فيها السماء لكن التأثير البشري كان واضحا وبارزا في كل موقف وفي كل شعار نعلنه… نستنتج قيمة واقعية على المستوى البشري فالعباس (عليه السلام) عندما وصل الى الماء لم يكن ليشرب ولكن محاولاته للشرب وتذكر اخيه كان ليعطينا درسا في الايثار والاثرة والمحبة والوفاء…
احترام كل طرف للاخر وبما يقوم به والثناء عليه وتشجيعه ومباركة عمله يجعل منا وحدة صلبة لا يستطيع الاعداء تفكيكها.
هلال كل سنة من عاشوراء هي لتجديد العهد بمسار الحسين فلنسأل ما مدى الاستفادة من دخولنا في الشخصية الكربلائية.
لنسعى ان نضيق المسافات بين الشخصيتين لتكون روحا حسينية واحدة طوال العام.
في ايامك سيدي نجدد العهد بتحررنا من عبودية الخوف والضعف والشهوات… نجدد العهد بأن تكون قيمك نفسا نتنفسه ونهج سلوك نسلكه وطريقة عمل نتبناها.. السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.

شاهد أيضاً

الإمام المهدي خليفة الله في أرضه(عجّـل الله فرجه)

انّ النعوت التي وردت في وصف الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كثيرة. وأردت أن أستطرق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *