اسماعيل شفيعي سروستاني
إن النظام الراسمالي هو اساس وجوهر التنمية الاقتصادية في الغرب. ومن غير الممكن للغرب ان تطأ قدماه، ارض الراسمالية من دون ان يكون توسعيا وغازيا. وهناك حديث لنبي الاسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما مضمونه ان الشيطان ينصب خيمته في السوق في كل صباح. إن السوق هو مكان يقيم فيه الشيطان وان راس المال يجلب معه الطبيعة الشيطانية. ولذلك فان هناك قيودا كثيرة في الدين فيما يخص الكسب والتجارة تحول دون تجلي هذه الروح الشيطانية، لكن مثل هذه القيود لا تقيد الانسان الغربي الذي ان خاض غمار الراسمالية لا يمكن له ان لا يكون توسعيا.
إن النظام الراسمالي هو اساس وجوهر التنمية الاقتصادية في الغرب. ومن غير الممكن للغرب ان تطأ قدماه، ارض الراسمالية من دون ان يكون توسعيا وغازيا. وهناك حديث لنبي الاسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما مضمونه ان الشيطان ينصب خيمته في السوق في كل صباح.
إن السوق هو مكان يقيم فيه الشيطان وان راس المال يجلب معه الطبيعة الشيطانية. ولذلك فان هناك قيودا كثيرة في الدين فيما يخص الكسب والتجارة تحول دون تجلي هذه الروح الشيطانية، لكن مثل هذه القيود لا تقيد الانسان الغربي الذي ان خاض غمار الراسمالية لا يمكن له ان لا يكون توسعيا.
وكل شعب يدخل ساحة القتال من دون معرفة عدوه، فانه سيهزم ويفنى من دون شك. بعبارة اخرى ليس من العقل والحكمة دخول ساحة القتال والمعركة من دون التعرف الشامل على العدو. ولهذا السبب فان الاستراتيجيين ان ارادوا وضع استراتيجية الحرب – الاستراتيجية التي تعتمد في المراحل اللاحقة للحرب – فيجب عليهم بداية معرفة موقع العدو وحيثياته وعِدته وعُدته. لان هذا الاستطلاع ينسحب على الارض والموقع المكاني والملكي للعدو اضافة الى قدراته البدنية والنفسية. وعندما يحققون الجهوزية في جبهتهم، يقررون البدء في العمليات للاستيلاء على منطقة استراتيجية ما. وهذا الاستطلاع الاستراتيجي الجاد، يجب ان يحدث ايضا في الميدان الثقافي. ويجب ان نعرف ما هي ظروفنا في الجبهة الثقافية وان هذه الحشود التي تقف امامنا ما هي خصائصها وما هي الخصائص التي نتمتع بها نحن.
والهدف من هذه المجموعة من البحوث هو التعرف الاجتماعي والثقافي والسياسي الشامل على الجبهة التي وقفت في جميع الابعاد بوجه المسلمين.
وربما لم يكن احد يتصور في تلك الحقبة التي وقفت حركة الاصلاح الديني او البروتستانتية التي قادها مارثن لوتر وكالفين في مواجهة الكنيسة الكاثوليكية واحلت “الربا” متاثرة بالتعاليم اليهودية وازالت عنه صفة الحرام، ان ماردا غريبا سينطلق من قمقم اوروبا ولا احد قادر على السيطرة عليه.
ان التجار ورجال الاعمال الاوروبيين الناشئين ممن حصلوا على ثروة طائلة من خلال توافدهم على القارة الجديدة اي “اميركا” وسلكوا الطريق الذي يجب ان يسلك في مائة عام، في ليلة واحدة واستحدثوا الطبقة البرجوازية الناشئة الى جانب سائر الطبقات الاجتماعية في اوروبا، كانوا اول من رحب بالديانة الجديدة. الديانة التي ازالت صفة الحرام عن الربا لتفسح لهم المجال ليصولوا ويجولوا ويستثمروا رساميلهم كاليهود من دون مانع او رادع.
إن الثراء الفاحش الذي حصل عليه مسافرو القارة الجديدة والديانة الجديدة، اخرجتا في الحقيقة مارد الراسمالية من قمقمه وحتى انهما تحولتا تدريجيا الى مصدر لنشوء تيارات ثقافية وفكرية. وغيرتا كل مجريات حياة الشعوب الغربية وانتزعتا البعد الديني للمسيحية من الثقافة والحياة.
إن التنافس التجاري بين التجار اليهود والمسيحيين لزيادة راس المال والاستحواذ على السوق وشراء وبيع السلع اضفى معنى جديدا على “المال” في المراحل الاولية من الراسمالية. وهذا المعنى كان معروفا لدى اليهود الذين انفقوا كل شئ بما في ذلك “الانسان والاخلاق” من اجل حفظ زيادة قيمة المال ولم يطيقوا اي مانع وحاجز لدرجة انهم اقتحموا المجال السياسي والعسكري وانفقوا الكثير الكثير من اجل اكتساب الوسائل الضرورية لحفظ سلطة راس المال. ومن هنا بدا “حكم الراسماليين” وتوسع تدريجيا.
فالمال لدى اليهود له الكلمة الاولى والاخيرة. فالمال لديهم يعني “كل شئ”. والراسمالي يبحث عن الربح فضلا عن ان راس المال يجلب معه الربح. وكان “مقتضى الراسمالية الهجوم والاستيلاء” ولم يكن احد يظن بان الراسمالية تزرع بباطنها نطفة العدوان والاستيلاء. ومن هنا كانت “انطلاقة مارد الامبريالية” كامر لا يمكن تجنبه.
ان الامبريالية الابن غير الشرعي لنظام الراسمالية، كانت ظاهرة نفخت في نار شهوة العدوان لدى الراسماليين الحاكمين في سبيل تشغيل راس المال الفائض واستخدامه في الاسواق الخارجية الكبرى.
وخلال القرن او القرنين الاخيرين، كانت صادرات السلع وراس المال وتوسيع الاسواق وراء العديد من الحروب الاقليمية والعالمية. ويكمن سر الحربين العالميتين الاولى والثانية في هذه القضية. وقد ساعدت هذه الحروب الضارية، الامبريالية في توفير المصادر الجديدة والمواد الخام وتوسيع الاسواق ومهاجمة الاراضي التي لم تستخدم وفرص الاستثمارات في ما وراء البحار، وحتى بثمن استخدام القنبلة الذرية وقتل الملايين من الناس. وربما لهذا السبب يعتبر البعض، الامبريالية بانها حكم حاكم قوى على عدد كبير من البلدان. التيار الذي نمّا بداخلة النطفة اللاشرعية لنزوة اتحاد البلدان التابعة، تحت مظلة امبراطورية عالمية و “الحكم العالمي” للاشرار اليهود.
ويشرح باحث يدعى ويليام هالغارتن الذي له نظريات حول الامبريالية الجديدة، الاطوار التي تجاوزتها الامبريالية ويقول في احد مقالاته:
“إن الامبريالية ومن اجل المضي قدما في مسيرتها العالمية، تجند جيشا جرارا من المتطوعين والراغبين والمسعفين بمن فيهم الالوف من المندوبين الماليين والتجاريين والخبراء العسكريين والاطباء والمهندسين والجغرافيين وعلماء الجيولوجيا وخبراء السياسة والصناعة والمعلمين وحتى الدعاة الدينيين. ان هدف وضحية كل هذه الفعاليات تتمثلان في كل البلدان التي تخلفت عن ركب التنمية الاقتصادية نسبة الى القوى الراسمالية الاوروبية. وهذه البلدان تشمل بعض الدول الكبيرة والمتخلفة والنامية من الناحية الاقتصادية مثل روسيا القيصرية او البلدان الشابة التي لم تشهد انفتاحا اقتصاديا لحد الان. مثل دول البلقان واميركا اللاتينية آنذاك او الملكيات العريقة مثل اليابان والصين وتركيا وايران او ضحايا المستعمرين التجاريين في القرون الماضية مثل الهند او سكان المستعمرات في اسيا وافريقيا والمحيط الهادي والتي تم تعريفها في عصر الامبريالية. ويمكن استنتاج ان ضحايا الامبريالية هم جميع الاعراق على الكرة الارضية وكذلك البيض”.
وواضح ان الامبريالية الغربية، تطالب بادخال تغير وتبدل على ثقافة الشرق الاسلامي لتحبط القوة الثقافية والدينية الدافعة فضلا عن تمهيد الطريق امامها للاستيلاء والتنمية ومن جهة اخرى تطالب بالوصول الى الموارد والمصادر والثروات الموجودة في الشرق الاسلامي.
وكما نعرف، فان الشرق الاسلامي – في الشرق الاوسط – يعيش على بحر من الطاقة. الطاقة التي تعتمد عليها التكنولوجيا والحضارة الغربية بشدة.
والنفط هو واحد من مصادر واحتياطيات الشرق الاسلامي والتي يطمع بها الغرب. ولا يجب نسيان ان البلاد الاسلامية مترامية الاطراف والتي تعد اكثر من مليار نسمة، تشكل اكبر سوق لبيع السلع.
إن “سوق البيع” يعد احد الاركان الرئيسة للنظام الراسمالي الغربي. ان العوائد النفطية اتاحت للمسلمين انعاش سوق بيع السلع الغربية. والا يكفي كل هذا لنفهم بان “الغرب” لن يتخلى عن الشرق الاسلامي؟
ولا يجب نسيان ان الاسلام والاحكام الاسلامية، تضم اقوى العناصر المناهضة للامبريالية وتستحدث اكبر الدوافع الجهادية لدى الشبان المسلمين، لمقارعة الغرب والصهيونية. ان الغرب يضع الاسلام في الحقيقة في خانة “الخصم”.
وتعتبر النزعة التوسعية والغزو جزء لا يتجزأ من الثقافة والحضارة الغربية. لان هذه الثقافة لا تحدها حدود، وهي لا تحتمل اي عقبة او حاجز يعترض طريقها.
إن حد توقف الثقافة الدينية والانسان الديني، هو “حكم الله” و “التكليف”. لذلك فان الانسان الديني، يستسلم امام الله.
وبالنسبة للامبريالية والثقافة الامبريالية، لا حد وحدود للتوقف. فهي تريد ان تكون طليقة ومتحررة من اي قيد ديني لتصول وتجول الى ما لا نهاية. وهي تلجا الى اي وسيلة وعمل لازالة العوائق والعقبات من على طريقها. وهي لا تعرف بذلك الحرام والحلال. وهذه المقولة معروفة في الثقافة المادية بان:
“الغاية تبرر الوسيلة”
اي ان الغاية تدفع المرء لاستعمال اي وسيلة كانت لتحقيق مآربه.
والسياسي “ماكيافيلي” يعرف بانه أب السياسة في الغرب. وهو في هذا الحكم والسياسة يجيز اقتراف اي عمل، بما في ذلك الكذب والحيلة والخداع واي ممارسة غير اخلاقية لنيل الهدف والغاية.
ويجب القول بان النفس الامارة لدى الانسان قد تسير قدما حتى الادعاء بالالوهية وذلك من اجل ان تنال ما تطلبه.
إن الثقافة والحضارة الغربية نابعة من النفس الامارة للانسان الغربي الذي يحمل جميع صفات النفس الامارة.
إن الشيطان يمثل التجسيد الحقيقي ل “النفس الامارة” والاستبداد. ان الشيطان عصى الله وذهب حتى النهاية. ان التوسعية والهجوم ومعاداة الله تسير قدما حتى تبلغ مرحلة عصيان الله، الامر الذي حدث. انها تحل الاحكام الانسانية المتمردة محل جميع الاحكام السماوية. ألم يضفوا الطابع القانوني على المثلية الجنسية، ويروجوا للاعمال المنافية للحشمة والاخلاق، وييبحوا النهب والسلب ويستهزئوا بجميع الفضائل الالهية والانسانية.
يتبع إن شاء الله
جـميع الحقـوق مـحفوظـة لمركز موعود الثقافي
لا يسمح باستخدام أي مادة بشكل تجاريّ دون أذن خطّيّ من ادارة الموقع
ولا يسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.