الامام المهدی (علیه السلام) ودولة العدل الالهی

ان الطریق الوحید للخلاص هو عثور المستضعفین على هویتهم المفقودة وشخصیتهم الضائعة . ثم اكتشافهم قدراتهم الكامنة وعندما یجدون ذلك تحدث المعجزة فتحطم القیود والسلاسل ویتهاوى الطواغیت فالطواغیت قوتهم یستندون الیها من قدرة المستضعفین المستغلین الغافلین . ولو انتبه المستضعفون الى ذلك لما بقی طاغوت فی الحكم لحظة واحدة .

 

بسم الله الرحمن الرحیم
المقدمة

الحمد لله الذی جعل الحمد مجازاً الى حقیقة شكره وذریعة الى بلوغ رضوانه وجمیل ذكره والصلاة والسلام على محمد الذی اجاز لح الحق قرب (قاب قوسین او ادنى وعلى اوصیائه وحملة عبئه أئمة الهدى ومصابیح الدجى (ذریة بعضها من بعض والله سمیع علیم ) .لا سیما سیر الموحدین وسلطان العارفین وامیر المؤمنین علی بن ابی طالب (علیه السلام ) .

وبعد یعیش العالم الیوم صراعات تنذر بأتون حروب مدمرة ویعصف القلق بشعوبها المقهورة ولا هیة قادتها بأعداد ترسانتها من اسلحة مدمرة تنذر بفناء البشریة .

و لابد لهذا الحال من منقذ یرفع الضیم ویبعث فیها روح الامل ویأخذ بیدها الى جادة الصواب وهذا لا یكون الا بمعجزة الهیة اعدت لمثل هذا الحال .

وما هو ومن یكون ؟

اجل ان المنقذ یمثل الامل للمؤمنین الذین جعلوا الاصلاح همهم الوحید وبدون الامل لا یمكن ان یكون هناك سعی وحركة ونشاط . فالجماعة التی تشعر بالیأس لا تملك مقومات الاستمرار فضلاً عن النجاح .

اجل ان اوضاع العالم تبعث على الحزن لقد طغت المادة على الحیاة الانسانیة وانتشر الفساد وعم الظلم وما زال الاستعمار یبطش بالشعوب المقهورة والامم المستضعفة والحروب مشتعلة هنا وهناك والارض ملیئة بترسانات الاسلحة المدمرة والمصلحون فی العالم اصابهم الیأس والقنوط حتى ان بعضهم یرى ان لا طریق للأصلاح ابداً وان البشریة تنزلق بأتجاه الهاویة والفناء وفی خضم هذا الوضع الرهیب والمظلم فأن هناك بارقة امل نطمئن لها ونحیا من اجلها لبزوغ نور الفرج والانتظار المطلوب یجب ان یكون ایجابیاً كی یبعث فی القلوب المنكسرة الطمأنینة والسلام . وكل هذه البشارة متوجة بیوم موعود یوم الانتصار على الظلم ونصرة المستضعفین . فكوة الامل المضیئة هی اعظم ما یملكه الانسان المنتظر لمستقبل اخضر بلون الربیع الطلق .

ان نبینا محمد (ص واله) وهو یرسخ فی اذهان المؤمنین فكرة المهدی انما یهدف الى القضاء على جبروت الیأس والقنوط وسد الطریق امام التخاذل والهزیمة ام الانحراف والفساد والظلم و لابد لرایة الاسلام ان تخفق فوق ربوع العالم بأسره ولنسمع الى عملاق البلاغة علی بن ابی طالب (علیه السلام ) وهو یخطب بالمسلمین . (( وأخذوا یمیناً وشمالاً فی مسالك الغی وتركاً لمذاهب الرشد فلا تستعجلوا ما هو كائن مرصد . ولا تستبطئوا ما یجیء به الغد . فكم من مستعجل بما أن ادركه ودانه لم یدركه وما أقرب الیوم بتباشیر غد . یاقوم اهذا ابان ورود كل موعد ودنو من طلعه ما لا تعرفون الا وان من أدركها منا یسری فیها بسراج منیر ویحذوا فیها على مثال الصالحین . لیحل فیها ریقاً ویعتق رقاً ویصدع شقیاً فی ستره عن الناس لا یبصر الفائق اثره ولو تابع نظرة ثم یتخذن بالتفسیر مسامعهم ویعبقون كأس الحكمة بعد الصبوح )) (1) ونستشف من هذه الخطبة ان الناس فی عهد امیر المؤمنین علی بن ابی طالب (ع) كانوا ینتظرون وقوع الحوادث التی اخبر بها رسول الله (ص واله) وجو الخطبة یدور حول الغیبة وان الامام (ع)خلالها یسعى بتبصیره من الله فی الدفاع عم دینه وامنه ویدفع عن المظلومین الاذى ویشتت قوى الكفر التی تسعى لتدمیر الدین وببركة وجوده یستمر الاسلام والقرآن ووجود المؤمنین وان فكرة الیوم الموعود والمنقذ المهدی عمیقة الجذور وتعود الى عهد النبی الذی بشر بظهوره لیملأ الارض قسطاً وعدلا بعد ما ملئت ظلماً وجورا ومن اجل هذا كان املا كبیراً للمقهورین والمستضعفین تدفعهم الى الحركة والنشاط والاستمرار فی المقاومة خاصة فی الظروف الصعبة والمنعطفات التاریخیة الخطیرة .

ولقد ارسل الله الانبیاء لیوقظوا هؤلاء المقهورین المغلوبین على امرهم فكان الانبیاء رسل الحریة لأنقاذ الناس من الظلم ومعلمی البشریة لأضاءة القلوب وطرد ظلام الجهل من العقول والنفوس . وكانوا یجهرون بكلمة الحق قائلین للمستضعفین انهضوا فما للطواغیت الا قوة كاذبة وان قوتهم تكمن فی خوفهم وفی جهلهم وفی غفلتهم عن الله امنوا بالله وحده واكفروا بالطاغوت .

لقد نهض ابراهیم (ع) فی وجه النمرود وصرخ موسى (ع) فی وجه فرعون وقام عیسى (ع) فی وجه الجبابرة وثار محمد (ص واله) فی وجه طغاة مكة من امثال ابی جهل وابی سفیان وابی لهب . وكان جهاد الانبیاء جمیعاً ضد الكفر والشرك والفساد وقهر الناس (( ولقد بعثنا فی كل امة رسولاً ان اعبد الله واجتنبوا الطاغوت )) (2) (( فمن یكفر بالطاغوت ویؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ))(3) (( ومالكم لا تقاتلون فی سبیل الله والمستضعفین من الرجال والنساء والولدان الذین یقولون ربنا اخرجنا من هذه القریة الظالم اهلها واجعل لنا من لدنك ولیا واجعل لنا من لدنك نصیرا . الذین امنوا یقاتلون فی سبیل الله والذین كفروا یقاتلون فی سبیل الطاغوت فقاتلوا اولیاء الشیطان ان كید الشیطان كان ضعیفا ))(4) صدق الله العظیم .

وتؤشر هذه الایات نقاط عدیدة منها ان المستكبرین ماهم الا قلة ضعیفة وان قوتهم مستمدة من مقدرات المستضعفین واستغلالهم . المستضعفون اكثریة ساحقة وهم یملكون كل اسباب القدرة والقوة الحقیقیة انهم لیسوا ضعفاء وان ضعفهم جاء من انخداعهم بالاباطیل التی یلقنها المستكبرون و ان اسوأ العوامل فی شقاء المستضعفین هو احساسهم بالضعف وانهم لا یملكون لأنفسهم ضراً و لا نفعا . ولهذا انقادوا للمستكبرین خائفین متحملین صنوف العذاب والقهر والذل وهذا الاحساس هو اساس المشكلة لقد نسوا انفسهم والقوة التی ینطوون علیها وتصوروا خاطئن ان الطواغیت لا تغلب .

ان الطریق الوحید للخلاص هو عثور المستضعفین على هویتهم المفقودة وشخصیتهم الضائعة . ثم اكتشافهم قدراتهم الكامنة وعندما یجدون ذلك تحدث المعجزة فتحطم القیود والسلاسل ویتهاوى الطواغیت فالطواغیت قوتهم یستندون الیها من قدرة المستضعفین المستغلین الغافلین . ولو انتبه المستضعفون الى ذلك لما بقی طاغوت فی الحكم لحظة واحدة .

ان قوة المستضعفین عظیمة تنطوی على الاف العقول المفكرة والسواعد المفتولة والقلوب الطاهرة التی یمكنها ان تغیر وجه الدنیا وها هو العالم شئنا ام ابینا یسیر بأتجاه الیوم الموعود یثور فیه المظلوم على الظالم . (( ونرید ان نمن على الذین استضعفوا فی الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثین )) (5) وهو یوم وعد الله الذین امنوا ان یسود السلام والامن (( وعد الله الذین امنوا منكم وعملوا الصالحات لیستخلفهم فی الارض كما استخلف الذین من قبلهم ولیبدلهم من بعد خوفهم امناً یعبدونی ولا یشركون بی شیئاً )) (6) كل هذه التباشیر لنصرة المظلومین والمستضعفین توضح بشكل عام بیوم موعود ینتصر فیه عباد الله الصالحون ویرثون الارض بالحق ویسود الاسلام ربوع الارض وستحل عباد الله وحدهُ بدل الشرك والكفر والوثنیة وتتجسد دولة الحق والعدل وسیعم العالم بعصر مشرق مفعم بالایمان والسلام على ید منقذ البشریة الذی بشر به نبینا محمد (ص واله) .

من هو المنقذ ومن یكون

ان البشریة تحتاج الى انسان كامل یجسد التعالیم الالهیة وتتمثل فیه الشرائع والاحكام السماویة دون نقص او زیادة وان یكون معصوماً عن الخطأ والعصیان وكل ما یعتور الانسان العادی من انحراف . فالامام وجود ضروری لازم لأستمرار معرفة الله وعبادته فهو مستودع علم الله وسره وهو كالمرآة تتجلى فیه حقائق العالم فتعشوا البشریة الى نوره لأنهم یعیشون عالم الشهود على بصیرة من امرهم منعمین بلذائذ الكمال . فكل بنی البشر من مسلمین وغیر المسلمین ینتظرون شخصاً یمثل هذه المواصفات ویؤمنون بظهور المصلح والمنقذ والمخلص الذی یصلح شأن العالم بعد ان یعم الظلم وینتشر الفساد وتنه مدعوم بقوة غیبیة وان النصر سیكون حلیفه . وكل امة من الامم تدعی انه فیها لكن هذه العقیدة واضحة كوضوح الشمس عند المسلمین اكثر من غیرهم الا ان الاعتقاد بالمصلح الموعود وهو عقیدة قدیمة بشر بها الانبیاء اممهم وان مصدرها الوحی الالهی وقد قال تعالى . (( ولقد كتبنا فی الزبور من بعد الذكر ان الارض یرثها عبادی الصالحون ))(7) ولقد اكد رسولنا الكریم بأحادیث كثیرة بأن المهدی او المنقذ هو من ال محمد ومن ذریة علی بن ابی طالب التاسع من ولد الحسین (ع) . حیث قال .(( قال رسول الله (ص واله) (( الائمة بعدی اثنا عشر اولهم علی بن ابی طالب واخرهم القائم خلفائی واوصیائی واولیائی وحجج الله الله على امتی بعدی المقر بهم مؤمن والمنكر لهم كافر ))(8) . وقال (ص واله) (( ان خلفائی واوصیائی وحجج الله على الخلق بعدی الاثنا عشر اولهم اخی واخرهم ولدی قیل یا رسول الله ومن اخوك ؟ قال علی بن ابی طالب (ع) قیل فمن ولدك ؟ قال (المهدی الذی یملأها قسطاً وعدلا كما ملئت ظلما وجورا او ظلما والذی بعثنی بالحق بشیرا لو لم یبق من الدنیا الا یوماً واحداً لطول الله ذلك الیوم حتى یخرج فیه ولدی فینزل روح الله عیسى بن مریم فیصلی خلفه وتشرق الارض بنور ربها ))(9). وقال (ص واله) (( القائم المهدی من ولدی اسمه اسمی وكنیته كنیتی اشبه الناس بی خلقاً))(10) . وقال (( لا تقوم الساعة حتى یقوم قائم للحق منا ، وذلك حین یأذن الله عز وجل له . ومن تبعه نجا ومن تخلف عنه هلك الله الله عباد الله .فاتوه ولو حبواً على الثلج ، فانه خلیفة الله عز وجل وخلیفتی )) (11). والذی بعثنی بالحق ، ان منهما مهدی هذه الامة اذا صارت الدنیا هرجاً مرجاً ، وتظاهرت الفتن ، وتقطعت السبل ، واغار بعضهم على بعض فلا كبیر یرحم صغیراً ، ولا صغیراً یوقر كبیراً. یبعث الله عند الله منهما من یفتح حصون الضلالة ، وقلوباً غلفاً . . یقوم بالدین فی اخر الزمان كما قمت فی اول الزمان) وكلمتا اول الزمان واخره ، تعنیان زمان الدعوة الاسلامیة . وحصون الضلالة قائمة فی كل مكان قلوب اكثر الناس فی ایامنا هذه غلف .(( وقال محیی الدین بن العربی )) یشبه رسول الله فی الخلق وینزل عنه فی الخلق ، اذ لا یكون احد قبل رسول الله ی اخلاقه )(12). ( وهكذا فان الحجة ، عجل الله فرجه ، معین بذلته وصفاته ، لا یمكن ان یشك فیه احد حین ظهوره . اذ لا بد ان یجتمع فیه الخلال التی لغته بها اباؤه وواصفوه فمن رآه خلة خلة بلا استثناء . ولذلك قال ابن حجر فی حدیثه عن المهدی الذی یظهر فی اخر الزمان : (( ان المهدی المنتظر واحد لا تعدد فیه ))(13) ( قال ابن حجر فی كتابه الصواعق المحرقة ایضاً ) لو لم یكن فی الایتین أی فی نسل علی وفاطمة علیهم السلام الا الامام المهدی لكفى . (14) . ویدل علیه الى جانب الصفات ، كل ما یسبق عهد ظهوره ، وكل ما یرافقه من علامات ممیزة ستراها مفصلة تفصیلاً لم یسبق له مثیل لم یأل النبی (ص واله ) ولا الائمة (ع) جهداً عن التلمیح الیها مرة ، والتصریح بها ثانیة ، كیلا یلتبس الامر على احد وبحیث لا یمكن ان یتفق لواحد ان یجمع كافة الصفات الجسدیة والخلقیة غیره ، الى جانب البیعة وعدد الانصار ، ومكان الخروج ، ویوم الظهور ، وغیر ذلك مما یختص به دون سواه مما تراه موضحاً خطوة خطوة .

وقال الصادقان علیهم السلام فی حدیث مقنع .

…. ان امرنا ابین من هذه الشمس (15) فهو یدل على نفسه بنفسه .. لم تؤثر عوامل تعاقب الزمان فی بنیته الشریفة ، فیخرج على الناس كما قال جده واباؤه صلوات الله علیهم :علیه جلاییب النور تتوقد بشعاع القدس ، فیكون رحمة للمؤمنین ، وعذاباً على الكافرین ، ینجی الله به من الضلالة ، ویبرئ من العمى ویشفی من المرض ، ویكون منصوراً بالرعب ، مؤیداً بالنصر قد فتح الله تعالى بمحمد (ص واله) ثم یختم به . بیده عصا موسى التی تصنع العجائب وتفلق البحر ، وخاتم سلیمان، وتابوت السكینة الذی یفعل ما لاتفعله القنابل الهیدروجینیة ، وبیه جملة مواریث الانبیاء .. وهو یعد اكثر الناس علماً وصلح(16).لأن الائمة احلم الناس صغاراً ، واعلمهم كباراً لا تعلموهم فانهم اعلم منكم )) هذا وقد عرف الامام الرضا (ع) اما الناس بحدیث طویل وهذا بعض منه (( یكون اعلم لناس ، واحكم الناس ، واتقى الناس واحلم الناس ، واسخى الناس ، واعدل الناس : ویرى من خلفه كما یرى من بین یدیه ، ولا یكون له ظل : وتنام عینیه ولا ینام قلبه ، ویكون محدثاً .. وتكون رائحته اطیب من رائحة المسك … ودعاءه مستجاباً حتى انه لو دعا على صخرة لنسفت نصفین … (17) مكتوباً على عضده بالنور : جاء الحق وزهق الباطل )(18) .

مقومات الظهور

1. وجود المناخ العام المؤید لبزوغ الثورة . لقد اودع الله فی الذات البشریة غریزة السعی نحو الكمال . فهو ومنذ وطأة قدماه الارض یسعى من اجل تحقیق حیاة هادئة مطمئنة وما یزال یرنو نحو غد افضل ومستقبل مشرق ویبقى یأمل فی تحقیق هذا الحلم . وعندما یفكر بطریقة سلیمة ویكتشف ان قوانین الارض قد أخفقت وانها عاجزة عن تحقیق هذا الهدف عندها یتجه نحو السماء مؤمناً بشریعة الله . عندما یكون جو الثورة ماموناً لأن الانظار متجهة نحو المنقذ المؤید من الله ورسوله .

2. یجب ان تكون هذه الثورة عمیقة وشاملة ومتجذرة وانسانیة تتجاوز فوارق اللغة واللون والعرق والقومیة والدین هدفها تحری الانسان ورد اعتباره وكرامته المهدورة عبر العصور وانهاء الفساد والانحراف والظلم بكل اشكاله والوانه وهدایة البشریة نحو شریعة الله الخالدة التی تحقق للانسان سعادته الضائعة وتتجاوز (19) الحدود المصطنعة للون والقومیة وبفكرة انسانیة خالصة تتعاطف مع المظلومین والمقهورین فی كل مكان ویغیر العالم اسرة واحدة لا فرق بین اسود وابیض واصفر واحمر ولا امتیاز للأمریكی والاوربی على الافریقی والاسیوی عندها یكون الظرف مناسباً لظهور الامام المنقذ .

3. یفیق الضمیر العالمی من حالة الصراع التی یعیشها وتتفتح الامال للعدل بعد الظلم الذی یدمر بعض القارات من جراء حرب عالمیة تسبق ظهوره المبارك فتهفوا النفوس الى حاكم عادل .. ویتمهد الطریق بقبول الدعوة .. ویصیر الامام والخصم على الخصم ..

4. یظهر انقلاب فكری وتغیر عقائدی ، ومفاهیم جدیدة لدى انتشار نص خطاب عرش المجد الذی یلفظه اثناء البیعة فی مكة ویبین فیه دستور دولة الحق فیقرر عدداً لا یحصى من الناس السیر تحت رایة العدل للتخلص من معاناة الظلم .

5. یكون قد سئم الناس من الفتن التی هزت اطراف الارض – كما اصابنا فی لبنان ، وكما اصاب الشر الاقصى وایران واصاب مناطق كثیرة من افریقیا وامریكا وغیرها ز ثم عقبها الحرب العامة والامراض فتصیر القوى خائرة ، متفرقة ، متفككة ، ویصبح باستطاعة ضابط عادی قوی فی نفسه ان یقوم بالانقلاب ویحقق الانتصارات فی مناطق محددة . فأحر بمن یتسلحون بأیمان یزیل الجبال ویعمر قلوباً كزبر الحدید ، ان ینتصروا ویحققوا هدفهم المقدس .

6. یفتتن الناس بالدعوة الكریمة لكثرة ما تجرعوا من الباطل ویطمعون بالدعة والراحة ، وبحكم عادل بیده سیف كحریق النار یؤمن لهم دعة الدنیا والاخرة . كل هذه الاحداث لا نستغرب معه انتصار قائم بالقسط یهز سیف السماء زسیف رسول الله (ص واله) فی وثبة شعارها : أمت أمت .. لاتقبل الجزیة ولا الحیاد ، لأن شعارها قد أعلنه الخبر الشریف المروی عن النبی والائمة (ع) الذی یقول .. وما هو والله الا الموت تحت ظل الاسنة …. فهو اعمق من ذلك فی العقیدة واخلص من ذلك للمبدأ ؟ لا والله .. فان الاكثریة الساحقة من الطبقة الرشیدة ستضع نفسها فی خدمة ماحی الظلم ومقیم العدل .. ویومها یتنفس المظلومین الصعداء .. اذ ترون سیف الایمان فی رقبة الكفر ، ومدیة الحق فی ضمیر الباطل .. لا یقبل حیاد ولا تقبل جزیة .

ثم ماذا ؟

ثم ما ادراك ان ینصر الله عز وجل من یظنه الجاهلون أعزل فی معركة ارضیة یشاء الله تعالى فیها فناء قردة الناس لیعید العدل الى الارض .

سیكون ذلك … وستظهر عصا موسى ثانیة بید حجة الله على الخلق لتصنع العجائب . وسیقف سلاح الامام وتابوت السكینة بوجه القنابل الذریة والهیدروجینیة .. والنتروجینیة ویضع اعجب العجائب .. وسترهص الایام الادمة . من عمر الارض بمشیئة الله تعالى عن یوم الخلاص وقیام الحق الالهی(20) .

یوم الفتح

(( ونرید ان نمن على الذین استضعفوا فی الارض ، ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثین )) هم آل محمد یبعث الله مهدیهم بعد جهدهم ، فیعزهم ویذل عدوهم(21) قال الامام الباقر (ع) (جاء عنه فی تأویل الایة) ( وقل جاء الحق وزهق الباطل ) اذا قام القائم ذهبت دولة الباطل (22) ( ومن ذاق مرارة دولة الباطل كما ذقت یامولای وكما ذاق اباؤك واجدادك ؟ فلا عجب ان تزف الینا هذه البشرى ، وتعدنا فیها بزوال كابوس الباطل التی ترزح تحته الانسانیة فی عصرنا الحاضر .. ثم قال (ع) القائم منا منصور بالرعب مؤید بالنصر ، تطوى له الارض ، وتظهر له الكنوز ، ویبلغ سلطانه المشرق والمغرب(23) وقد روی عن الصادق (ع) مثله ( ومنا احرى الارض بأن تطوى لنا حین نثیب بالطائرة من قارة الى قارة كالبراق الخاطف وبذلك تقصر المسافات، وتنعدم المشقات ، كما انها تقصر بالسیارة وتزداد قصراً وطیاً . بالمركبة الفضائیة ، بل ان الصاروخ لیطوی الارض كلها بأقل مما یرتد الینا طرفاً .. وهذا مضافاً الى ما فی امر المهدی (ع) وامر انصاره من عنایة الهیة وتأیید ربانی سیذلل كل صعب ویسهل كل عسر ، فیدفع بعض العقول التی اصبحت رجوماً للشیاطین(24) . وقال الباقر (ع) ایضاً.

یصف ساعة الصفر المباركة . یظهر وحده – ویأتی البیت وجده ، ویلج الكعبة وحده ، ویجن اللیل علیه وحده . فاذا نامت العیون وغسق اللیل نزل الیه جبرائیل ومیكائیل والملائكة صفوفاً فیقول جبرائیل : یاسیدی قولك مقبول وامرك جائز فیمسح یده على وجهه ویقول (الحمد لله الذی صدقنا وعده ، واورثنا الارض نتبوأ من الجنة غرفاً فنعم اجر العاملین ) ثم یقف بین الركن والمقام فیصرخ قائلاً (( یا معاشر نقبائی ، واهل خاصتی ، ومن ذحرهم الله لنصرتی قبل ظهوری على وجه الارض : إئتونی طائعین ، فترد الصیحة علیهم وهم فی محاریبهم وعلى فرشهم فی شرق الارض وغربها فیسمعونه فی صیحة واحدة فی أذن كل رجل فیجیئون نحوها ولا یمضی الا كلمحة بصر حتى یكونوا كلهم بین یدیه ویكون هذا قبیل طلوع الشمس(25) وقال الامام العسكری (ع) كأنی انظر الى الاعلام البیض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة (كان (ع) قد خاطبه مرة وهو على غیبة بقاعه ، قائلاً له ) .. وكأنك یابنی ، بتأیید نصر الله وقد آن – أی حین یكون قد آن وجاء وقته – وبتیسیر الفرج وعلو الكعب وقد حان ، وبالرایات الصفر والاعلام البیض تخفق على اثناء اعطافك مابین الحطیم وزمزم- وكأنك بترادف البیعة وتصادف الولی ، یتناظم علیل الدر فی مثانی العقود وتصادف الالف على جنبات الحجر الاسود تلوذ نضاك من ملأ برأهم الله فی طهارة الولادة ونفاسة التربة ، مقدسة قلوبهم من دنس النفاق ، مهذبة أفئدتهم من رجس الشقاق لینة عرائكم للدین ، خشنة ضرائبهم على المعتدین ، واضحة بالقبول وجوههم ، نضرة بالفضل عیونهم ، یدینون بدین الحق واهله . فأذا اشتدت اركانهم ، وتقومت اعمدتهم ، قدمت بمكانفتهم طبقات الامم الى مبایعتك ، فی ظلال دوحةٍ بسقت غصونها على حافات بحیرة طریة-طبریة- فعندها یتلألأ لأصبح الحق، وینجلی ظلام الباطل ، ویقصم الله بك الطغیان ، ویعید معالم الایمان . فیطهر بك اقسام الافاق ، ویظهر بك السلام للرفاق … یود الطفل فی المهد لو استطاع الیك نهوضاً. ونواشط الوحش لو وجد نحوك مجازاً .. تهتز بك اطراف الدنیا بهجة وتهتز بك اعطاف العز نصرة وتستقر یواقی الحق من قرارها، وتؤون شوارد الدین الى اوكارها .. تتهاطل علیك سحائب الظفر ویخنق كل عدو ، وینصر كل ولی ، فلا یبقى على وجه الارض جبار ولا جاحد غامط، ولا شاتیء مبغض(26) ، ولا معاند كاشح – (ومن یتوكل على الله فهو حسبه ، ان الله بالغ امره ، قد جعل الله لكل شیء قدراً)(27)قال الحجة المنتظر (ع) لبعض من حظی برؤیته الكریمة ( علامة الظهور امر، كثرة الهرج والمرج والفتن . وآتی مكة فأكون فی المسجد الحرام ، فیقول الناس – انصبوا لنا اماماً .. ویكثر الكلام ، حتى یقول رجل من الناس ینظر فی وجهی : یا معشر الناس هذا هو المهدی : انظروا الیه : فیأخذون بیدی وینصبونی بین الركن والمقام فیبایع الناس بعد ایاسهم فی .. وفی الاخبار : ان الذی یرشد الیه هو جبرئیل (ع)(28) وقد قال الله تعالى فی كتابه الكریم

(ویقولون متى هذا الفتح ان كنتم صادقین ؟ یوم الفتح لا ینفع الذین كفروا ایمانهم ، ولاهم ینظرون ، فأعرض عنهم . وانتظر انهم منتظرون )(29) وقد قال الامام الصادق (ع) محذراً بعد تلاوة هذه الایة الكریمة – یوم الفتح یوم تفتح الدنیا على القائم (ع) ولا ینفع احداً تقرب بالایمان لم یكن قبل ذلك مؤمناً بأمامته ومنتظراً لخروجه فذاك الذی ینفعه ایمانه ویعظم الله عزوجل عنده قدره وشأنه . وهو اجر الموالین لأهل البیت (ع) (فلیختر العاقل . قبل انی یصیر الایمان غیر مقبول . ونحن على ابواب الفتح بإذن الله .

ملامح الدولة العالمیة

دولة العدل الالهی

ان مهمة الامام (ع) فی هذه الدولة مهمة ربانیة ضخمة متعددة الجوانب جلیلة الاهداف .. فهی عملیة تغییر شاملة للحیاة الانسانیة على وجه الارض فأقامة فصل جدید منها بكل معنى الكلمة وفیما یلی لمحات من بعض جوانب مهمته (ع) .

أولاً. تطهیر الارض من الظلم والظالمین (30)

ان للظلم على الارض نهایة جاء فی تفسیر قوله تعالى ( یعرف المجرمون بسیماهم فیؤخذ بالنواصی والاقدام ) (31) عن الامام الصادق (ع) قال (( الله یعرفهم ، ولكن نزلت فی القائم یعرفهم بسیماهم فیخبطهم بالسیف هو واصحابة خبطاً)) وعن امیر المؤمنین (ع) قال (( فلیفرجن الله بغتة برجل منا اهل البیت بأبی ابن خیرة الاماء .. لا یعطیهم الا السیف هرجاً ومرجاً (أی قتلاً قتلاً) موضوعاً على عاتقه ثمانیة اشهر .

وقد یرى البعض فی سیاسة القتل والابادة للظالمین التی یعتمدها الامام المهدی (ع) ، انها قسوة واسراف فی القتل . ولكنها فی الواقع عملیة جراحیة ضروریة لتطهیر مجتمع المسلمین ومجتمعات العالم من الطغاة والظالمین وبدونها لا یمكن انهاء الظلم واقامة العدل ولا القضاء على اسباب المؤامرات الجدیدة التی سیقوم بها بقایاهم فیما لو استعمل الامام معهم سیاسة اللین والعفو فالظالمون فی مجتمعات العالم كالغصون الیابسة من الشجرة بل كالغدة السرطانیة ، لابد من استئصالها من اجل نجاة المریض مهما كلف الامر . والامر الذی یوجب الاطمئنان عند المترددین فی هذه السیاسة انها بعهد معهود من النبی (ص واله) وان الله تعالى یعطی الامام المهدی (ع) العالم بالناس وشخصیاتهم فهو ینظر الى الشخص بنور الله جل وعلا فیعرف ما هو داوؤه ولا یخشى ان یقتل احداً من الذین یؤمل اهتداؤهم وصلاحهم . وتدل الاحادیث على ان الخضر (ع) یظهر مع الامام ویكون من اعوانه ویبدو انه یستعمل علمه اللدنی (( آتیناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علماً )) (32) فی تنمیة بذور الخیر ، ودفع الشر عن المؤمنین . وقد ورد فی الاحادیث الشریفة ان الامام المهدی (ع) یقضی بین الناس بحكم الله الواقعی الذی یریه ایاه الله تعالى فلا یطلب من احد شاهد او بینة وكذلك یستعمل علمه الواقعی فی تقتیل الظالمین والفجار ویكون للخضر واصحابه صلاحیاتهم الخاصة (33). (وفیه بأسناده عن عاصم بن حمید عن ابی حمزة الثمالی عن ابی جعفر (ع) قال : قال رسول الله (ص واله) لأمیر المؤمنین (ع) (یا علی ان قریشاً ستظهر علیك – الى ان یقول – واعلم ان ابنی (ینتقم) من ظالمیك وظالمی اولادك وشیعتك فی الدنیا ویعذبهم الله فی الاخرة عذاباً شدیداً . فقال : سلمان : من هو یا رسول الله ؟ قال : التاسع من ولد ابنی الحسین (ع) الذی یظهر بعد غیبته الطویلة فیعلن امر الله ویظهر دین الله (وینتقم ) من اعدائه(34) . وستتهاوى كل حصون الجبابرة امام دعوة الله وتتحقق احلام الانسانیة فی الحیاة الطیبة ویتحقق وعد الله الذی وعد به عباده الصالحین . (( ولقد كتبنا فی الزبور من بعد الذكر ان الارض یرثها عبادی الصالحون )) (35).

ثانیاً. بعث الاسلام مجدداً وتعمیمه على العالم

قال تعالى (( هو الذی ارسل رسوله بالهدى ودین الحق لیظهره على الدین كله ولو كره المشركون )) (36).

عن امیر المؤمنین (ع) (( أظهر ذلك بعد ؟ كلا والذی نفسی بیده . حتى لا تبقى قریة الا نودی فیها بشهادة الا اله الا الله وان محمداً رسول الله بكرة وعشیا )) وحتى لا یبقى یهودی ولا نصرانی ولا صاحب ملة الا صار الى الاسلام وحتى ترفع الجزیة ویكسر الصلیب ویقتل الخنزیر وهو قوله تعالى (( لیظهره على الدین كله ولو كره المشركون )) وذلك یكون عند قیام القائم (ع) وعن النبی (ص واله) قال (( لو لم یبق من الدنیا الا یوم واحد لبعث الله رجلاً اسمه اسمی وخلقه خلقی یكنى ابا عبد الله ، یبایع له الناس بین الركن والمقام ، یرد الله به الدین ، ویفتح له فتوح فلا یبقى على ظهر الارض الا من یقول لا اله الا الله . فقام سلمان الفارسی وقال یا رسول الله من أی ولدك ؟ قال : هو من ولد ابنی هذا وضرب بیده على الحسین (ع) (37). خلال هذا التاریخ الطویل هناك كم متراكم من البدع والضلالات والافكار الخاطئة تؤثر سلباً فی تفسیر القرآن وفهم الاحكام الالهیة . وان المهدی فی ظهوره سوف یزیل كل الشكوك ویطهر الشریعة من كل الانحرافات والبدع وسیكون تطبیق الشریعة الالهیة كما انزلها الله لا كما یفهمها البعض بشكل ناقص او مغلوط(38) . فو الله لیرفع عن الملل والادیان الاختلاف ، ویكون الدین كله واحداً كما قال جل ذكره (ان الدین عند الله الاسلام ) (39) (فالدین هو الاسلام بالفطرة أی التسلیم بالوحدانیة ، وبالقدرة والاستطالة والازلیة وقد صرح القرآن الكریم بان دین الانبیاء جمیعاً هو الاسلام منذ البدْ فمن قوله فی الاقرآن الكریم . (( ملة ابیكم ابراهیم ، هو سماكم المسلمین ))(40) الى قوله فی قصة ابراهیم واسماعیل (( ربنا واجعلنا مسلمین لك ، ومن ذریتنا امة مسلمة لك ))(41). الى قوله تعالى فی قصة فرعون :

(( حتى اذا ادركه الغرق قال امنت انه لا اله الا الذی امنت به بنو اسرائیل وانا من المسلمین ))(42) الى قصة سلیمان وبلقیس (واتونی مسلمین ) (43) ( وأسلمت مع سلیمان لله رب العالمین ) (44) وقول عیسى علیه السلام ( من انصاری الى الله ؟ قال الحواریون : نحن انصار الله ، امنا بالله واشهد بانا مسلمون ) وقوله عز وجل : (وله اسلم من فی السموات والارض طوعاً وكرهاً ) وقوله على لسان محمد (ص و اله) ( لا نفرق بین احد منهم ونحن له مسلمون ) (45)وقوله فی قصة لوط (ع) ( فما وجدنا فیها غیر بیت من المسلمین ) (46)وقوله تعالى (ام كنتم بشهداء اذ حضر یعقوب الموت ) الى قوله على لسان بنیه(الهاً واحداً ، ونحن له مسلمون )(47) . هذا هو الدین عند الله: انه الاسلام أی التسلیم لله والاعتراف به مهما سمیناه فی

اعرافنا الارضیة (48).

ثالثاً. تطویر الحیاة المادیة وتحقیق الرفاهیة

من الامور البارزة فی احادیث المهدی (ع) الرخا الاقتصادی والتقدم التكنولوجی فی الدولة العالمیة التی یقیمها وتطور العلوم بالجهود البشریة الاعتیادیة وفیما یلی بعضها.

1. یستخرج كنوز الارض ویقسمها على الناس والاحادیث فی ذلك كثیرة منها ما ورد عن النبی (ص واله) قال (( نخرج له الارض افلاذ اكبادها ویحثوا المال ولا یعده عداً)(49) قال رسول الله (ص واله) : یكون فی اخر الزمان خلیفة یقسم المال ویعده وفی روایة یكون فی اخر امتی خلیفة یحثو المال حثیاً ولا یعده عداً) وقال فیجیء الرجل فیقول یامهدی )) اعطنی اعطنی اعطنی قال : فیحثی له ثوبه ما أستطاع ان یحمله(50). وقال (ص واله) یسقیه الله الغیث ، وتخرج الارض نباتاتها ، وتكثر الماشیة . وتعظم الامة ویعیش سبعاً او ثمانیاً ، تنعم امتی نعمة لم ینعموا مثلها . ثم قال (ص واله) فعند ذلك تفرح الطیور فی اوكارها ، والحیتان فی بحارها وتفیض العیون ، وتنبت الارض ضعف اكلها .. وقال (ص واله) یحیه ساكن الارض وساكن السماء . وترسل السماء قطرها ، وتخرج الارض نباتها لا تمسك منه شیئ(51).فحینئذ تظهر الارض له كنوزها ، وتبدی بركاتها حتى لا یجد الرجل منكم موضعاً لصدقته و لبره ، لشمول الغنى جمیع المؤمنین .

وقال (ص واله) یكون فی اخر امتی خلیفة یحثی المال حثیاً ، لایعده عداً وذلك حین یضرب الاسلام بجرانه(یعنی انه یعطی الناس بلا حساب بعد توطید اركان دولته فیعم الغنى جمیع الناس ویزول تكالبهم على الدینار .

2.یطور العلوم الطبیعیة ووسائل المعیشة .

تتطور غی عصر الامام المهدی (ع) وسائل الرؤیة والمعرفة ووسائل الحرب ، واسالیب الاقتصاد ، والحكم والفضاء ویظهر ان بعضها یكون على شكل كرامات ومعجزات یجریها الله على یده وایدی اصحابه (ع) وتشیر هذه الاحادیث الى ان تطویره علیه السلام العلوم الطبیعیة سیكون قفزة فی تقدم الحیاة الانسانیة على الارض فی جمیع مرافقها حیث قال الصادق (ع) (( العلم سبعة وعشرون حرفاً . فجمیع ما جاءت به الرسل حرفان فلم یعرف الناس حتى الیوم غیر الحرفین فأذا قام قائمنا اخرج الخمسة والعشرون حرفاً فیها فی الناس وضم الیها الحرفین حتى یبنها سبعة وعشرون حرف(52). وقد قال امیر المؤمنین (ع)انا اعطینا علم المنایا والبلایا ، والتأویل والتنزیل ، وفصل الخطاب ، وعلم التوازن والوقائع ، ولا یغرب عنا شیء( وكان الصادق (ع) قد قال (ان المؤمن فی زمن القائم ، وهو فی المشرق ، لیرى اخاه الذی هو فی المغرب وكذا الذی فی المغرب یرى أخاه فی المشرق .(فما اعظم هذهین الامامین اللذین تخطیا معقول زمانهما ، وبرهنا على معرفة كل ما كان وكل ما سیكون فی مجال كل علم(53) . وعن الامام الصادق (ع) قال (اذا تناهت الامور الى صاحب هذا الامر رفع الله له تبارك وتعالى كل منخفض من الارض ، وخفض له كل مرتفع حتى تكون الدنیا عنده بمنزلة راحته؟ فأیكم لو كانت فی راحته شعرة ولم یبصره(54) ((السموات والارض عند الامام كیده من راحته ، یعرف ظاهرها من باطنها ویعلم برها من فاجرها ثم جاء عن الامامین الصادق والرضا (ع) ان الدنیا لتمثل للأمام مثل فلقة الجوز فلا یعزب عنه منها شیء وانه لیتناولها من اطرافها كما یتناول احدكم من فوق مائدته ما یشاء(55) .

رابعاً. ملكه اعظم من ملك سلیمان وذی القرن

ان دولة الامام المهدی تشمل مناطق العالم حتى لا یبقى الا تودی فیها بالشهادتین ولا یبقى فی الارض خراب الا عمر ، وان الامكانیات التی سخرها الله للأمام تفوق التی سخرها الله لسلیمان سواء ما كان منها على نحو الاعجاز والكرامة الربانیة او ما كان تطویراً للعلوم واستثمار الامكانات الطبیعیة وكذلك مدة دولة الامام تستمر الى اخر الدنیا وانه یحكم من بعده المهدیون من اولاده ثم تكون رجعة بعض الانبیاء والائمة علیهم السلام فیحكمون الى اخر الدنیا . ان الله سبحانه مكن لذی القریتین و اأتاه من كل شیء سببا وبلغ المشرق والمغرب حتى لا یبقى سهل ولا موضع من سهل ولا جبل الا وطأه ویظهر الله له أی للمهدی كل كنوز الارض ومعادنها وینصره بالرعب ویملأ به الارض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً (56).

خامساً. الانفتاح على عوالم السماء

ویدل على ذلك عدة احادیث واشارات حیث قال الامام الباقر (ع) (( اما ان ذی القرنین قد خیر السحابین فاختار الذلول وذخر لصاحبكم الصعب . قال سورة : قلت وما الصعب ؟ قال: ما كان فیه رعد وصاعقة او برق فصاحبكم بركة – اما انه سیركب السحاب ویرقى فی الاسباب اسباب السموات السبع والارضین السبع خمس عواملا واثنتان خرابات ویدل على ان صعوده یشمل عوالم السموات السبع والارضین الست غیر ارضنا و لایعنی ذلم انه یستعمل هذه المصاعد والمركبات بنفسه(57). بل قد یصل الامر فی عصره علیه السلام الى ان یكون السفر الى كواكب السموات والى الارضین الاخرى كالسفر فی عصرنا من قارة الى اخرى ویشیر قوله (ع) بأن خمساً من الارضین اومنها من السموات معمورة الى انه سیتم الاتصال بمجتمعاتها .. وقد ذكرت احادیث شریفة متعددة انه توجد فی السموات كواكب كثیرة عامرة بمجتماعات من مخلوقات الله تعالى من غیر نوع الانسان والملائكة والجن وقد اورد العلامة المجلس فی بحار الانوار وقد اشارت الى ذلك عدة ایات قرآنیة كقوله تعالى (( یا معشر الجن والانس ان استطعتم ان تنفذوا من اقطار السموات والارض فانفذوالا تنفذون الا بسلطان وهذا یعنی ان الحیاة على الارض سوف تدخل فی عصره علیه السلام مرحلة جدیدة تختلف عن كل ما سبقها من مراحل(58) .

سادساً. الانفتاح على عالم الاخرة والجنة

من اعمق انواع الحركة التی یعیش فیها عالمنا بزمانه ومكانه واشیائه حركة عالم الشهادة نحو عالم الغیب التی یكشف عنها القرآن والاسلام ویؤكد على الاهتمام بها والانسجام معها ویسمیها حركة رجوع الانسان الى الله تعالى . ان دولة المهدی(ع) من اشراط الساعة الا ان المتفق علیه ان اشراط الساعة تبدأ بعدها .

الامام النتظر الموعود

طال انتظار یامغیب عنا ورجاءنانحظى بقربك ننعما

فلقد ظلمنا ولابد من منجد عبر العصور تحكم الظلما

توارثوا حقداً لقطع رحمكم وبقیة الال وطمس الانجما

قطعوا الطریق بدرب وصلكم ذبح الموالی وجذ المعصما

بك یركن الحق القدیم صغره ویزول ظلم للعباد ویغلب

تقصم بعدلك شوكة المفكر وتهدم صروح الشرك والغمر

یاصاحب الفتح القرب وناشراً رایة الاصلاح والبر والرضا

متى تأخذ الثأر وترفع ساعداً وتطالب بدم الشهید بكربلا

تستأصل الالحاد من میته وتذل قوماً كافرین فسقا

ترفع لواء الحمد شاهر للعلى ونحف حولك عالمنابر بثرا

انت المقدم للخلاص مجنداَ توط أبدعوتك شرقاً ومغرباً

فیك العلوم المستودعات نقیة مدارس علم مرشدا ومعلما

انت الخلیفة للرسول محمد وابن صفی الخلق ابن المصطفى

انت ابن من شمر البراق لنقله نحو السماء بروجه قد اعرجا

یتوضح الاسلام فیك مجددا وتعلم الاحكام بأصدق منها

كل المناقب اجمعت فی وصفكم طول الدهور منازل لا تلحقا

انت ابن اول بیوت الله قاطبة تعنى الحجیج لها تطوف وتركعا

تملك من الخلق القویم اجله وبین عباد الله اكثر تعبدا

یاصولة للحق سل سیوفها یقطع الكفار فی یوم الوغى

یاملجماً صوت الریاء بكفه ومعلناً للحق صوتاً اجهرا

یامن تنابذه الطغاةمخافة من بطشه عند الملاحم تهزما

انت الذی شهد الرسول بذكره یخرج الیكم حجة منتصرا

مآثر للعلم بان وجودها شهادة بالدلائل العبرا

الابواب تفتح للدعاء بذكركم یاسادة الارض الكرام الانجبا

نتعلم الایمان من افعالكم وتهتدی سبل العبادة والتقى

بین الاطایب بین آل محمد انتم شموساً غطت الافقا .

انت المدخر تجدد ما محا یتوحد الایمان فیك مجددا

تحصد العصیان والبدعا وتزیل شقاق وللغی اخرى

انت بن من دنا فتدنى تجلى بالافاق قاب قوسین دنا

متى تأتی للقضاء وتحكم وتذل عروشاً افنت البلدا

شوقی للقیاكم صار امنیة ونحق صولك وانت تأم الملأ

بأی وقت بین احمد نلتقی ویتصل یومنا بحضورك نحظى

متى نراك یامولای متى نحتار فی بعدك فقد طال الصدى

ولسوف ننعم باللقاء محتماً قولاً سدیداً اكبره خیر الورى

ونشرف بطلعتك البهیة ننعم ونرد عنك لا نخاف اللوما

المصادر:

1. الشیعة وارجعة (الجزء الاول) المؤلف المذهب الامامی محمد رضا النجفی

2. حوارات حول المنقذ المؤلف العلامة الشیخ ابراهیم الامینی

3. یوم الخلاص فی ظل القائم المؤلف كامل سلمان

4. عصر الظهور المؤلف علی الكورانی

ملاحظة:

ان الواضیع التی كتبتها من هذه الكتب مجموعة من مصادر كثیرة وذكرت فقط اسم الكتاب الذی ذكر فیه الخبر وابتعدت عن التكرار فی ذكر المصادر المنقول منها .

========================
الهوامش:

(1) نهج البلاغة الخطبة 146.

(2) النحل الایة 36 .

(3) البقرة الایة 256 .

(4) النساء الایة 76 .

(5) الانبیاء ایة 105 .

(6) اكمال الدین ص 55 .

(7) الانبیاء ایة 105 .

(8) كمال الدین ص 150 .

(9) الشیعة والرجعة ص 56 .

(10) یوم الخلاص ص 25 .

(11) یوم الخلاص ص 26-27.

(12) الزام الناصب ص 96 واسعاف الراغبین ص 142 .

(13) المهدی ص 97.

(14) الصواعق المحرقة ص 161.

(15) الصواعق المحرقة ص 161.

(16) یوم الخلاص ص61

(17) المصدر نفسه .

(18) المصدر نفسه .

(19) حوارات حول النقذ ص 234.

(20) یوم الخلاص ص 231.

(21) الامام المهدی،ص267 نقلاً عن یوم الخلاص ص 232.

(22) یوم الخلاص ص 249.

(23) المصدر نفسه .

(24) المصدر نفسه ص250.

(25) سورة الزمر آیة 74 فتقول من عدة مصادر فی كتاب یوم الخلاص ص 267.

(26) یوم الخلاص ص285.

(27) الطلاق ایة 3 .

(28) یوم الخلاص ص 285.

(29) السجدة ایة 28/29/30.

(30) عصر الظهور ص318.

(31) الرحمن

(32) الكهف ایة 65.

(33) عصر الظهور ، ص319.

(34) الشیعة والرجعة ص221.

(35) الانبیاء الایة 105

(36) التوبة الایة 33.

(37) عصر الظهور ص 321.

(38) حوارات حول المنقذ ص 306.

(39) ال عمران ایة 19.

(40) الحج ایة 78.

(41) البقرة ایة 128.

(42) یونس ایة 90.

(43) النمل ایة 31.

(44) النمل ایة 44.

(45) ال عمران ایة 52، 82، 84.

(46) الذاریات ایة 36.

(47) البقرة الایة 133.

(48) یوم الخلاص ص 1339-340.

(49) عصر الظهور ص324.

(50) الشیعة والرجعة ص208.

(51) یوم الخلاص ص306-303.

(52) عصر الظهور ص327.

(53) یوم الخلاص ص 320.

(54) عصر الظهور ص328

(55) یوم الخلاص ص323.

(56) عصر الظهور ص330.

(57) نفس المصدر ص331.

(58) نفس المصدر .

زكیة كاظم جبار

Check Also

نفاق

ما هو النفاق من منظور الإمام علي(ع)؟

مقالات العربیة – ایكنا: یقول القرآن الکریم “لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ” وهکذا یبیّن لنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *