الزيارة الحمراء؛ معنى الحياة في عصر الغيبة
إسماعيل شفيعي سروستاني
إن كل الإرتباك والإضطراب والإنفعال والغفلة يعود إلى غياب المعنى السامي للحياة. إن من يسير في بيداء الحياة من دون دليل ومرشد، يمر بتقلباتها وتيهها وحيرتها. وكل هذا ينمي بذر الفساد والضياع في عقر جسم الانسان وروحه، لكي يضع ثمرة سوداء على أغصان حياته.
تقديم
إن معنى الحياة، هو جوهر الحياة ووجود الإنسان في الكون.
إن كل الإرتباك والإضطراب والإنفعال والغفلة يعود إلى غياب المعنى السامي للحياة. إن من يسير في بيداء الحياة من دون دليل ومرشد، يمر بتقلباتها وتيهها وحيرتها. وكل هذا ينمي بذر الفساد والضياع في عقر جسم الانسان وروحه، لكي يضع ثمرة سوداء على أغصان حياته.
إن الإنهماك بالروتين اليومي والصورة المنسوخة والممسوخة للحياة، يعمي الإنسان ويجله أصم ويحثه على الدوران العبثي حتى تصبح خلاصة روحه، شرابا لمجلس نزوات الأبالسة.
قرأت في مقال: ان روبرت فولغام سأل في كتاب عنوانه “المرآة” فيلسوفا يونانيا يدعى بابادروس حول معنى الحياة؛ وتابع يقول:
لم ينته سؤالي حتى انفجر التلامذة في الضحك عند سماعهم عادة هكذا اسئلة. فرفع المعلم يده إلى أعلى لتهدئتهم. ومن ثم نظر إلي لعدة دقائق. كنت أشعر أنه يسألني بنظراته عما إذا كان سؤالي جادا أم لا؟! وعندما تقين باني لا أنوي المزاح معه، قال: سارد على سؤالك. ومن ثم أخرج محفظة نقوده من جيبه واستخرج منها قطعة مرآة صغيرة مستديرة حجمها كحجم العملة المعدنية وقال:
لقد كانت الحرب قد بدأت عندما كنت طفلا صغيرا. لقد كنا فقراء جدا ونعيش في قرية نائية. عثرت ذات يوم على قطعة مرآة متكسرة في الطريق بالقرب من منزلنا. [وهناك] كانت دراجة نارية لجندي ألماني قد تحطمت بشدة. لقد حاولت كثيرا العثور على جميع قطع المرآة وارتبها بعضا مع بعض؛ لكن الأمر كان مستحيلا. ولذلك احتفظت باكبر قطعة منها ومن ثم صقلت حافة المرآة بحجر وجعلتها مستديرة. ولاحقا كنت ألعب بهذه المرآة وانجذبت لهذا من أن بوسعي بواسطة هذه المرآة أن أجلب النور إلى الأماكن المعتمة التي لا تنفذ اليها الشمس إطلاقا، أي الثقوب المعمقة والثغرات وخزائن الملابس. ان إيصال النور إلى المواقع التي لم يكن يصل إليها النور أبدا، كان لي بمثابة لعبة ممتعة. فاحتفظت بالمرآة الصغيرة وواصلت هذه اللعبة في أوقات الفراغ. وعندما كبرت، فهمت بان هذه لم تكن لعبة طفولية فقط ، إنما استعارة لإسلوب يجب أن أتبعه في الحياة. كنت أعرف باني لم أكن النور أو مصدر ايجاده، لكني أقدر من خلال التفكير والمعرفة أن أعكس النور إلى اكثر المواقع ظلمة وعتامة.
والان أعرف بأني قطعة صغيرة جدا من مرآة ضخمة. إني لا أعرف التصميم والشكل العام لتلك المرآة، لكني على ثقة بان هذه القطعة الصغيرة، تملك بحد ذاتها، خصوصية وميزة تلك المرآة الكبيرة وهي قادرة على إيصال نور الحقيقة إلى الزاويا المعتمة للقلوب. وإن صدّق الاخرون بانهم قطعة من تلك المرآة فان بوسعنا جنبا الى جنب، صنع مرآة كبيرة واضاءة جميع المواقع المظلمة.
وهذا بالضبط هو الشئ الذي أبحث عنه. فهذا هو معنى حياتي.
ومن ثم أمسك بابادروس بالمرآة بدقة، وعكس شعاعا من نور كان يسطع من عمود من نور الشمس كان يدخل إلى الصالة عبر نافذة، على وجهي ويدي. ربما كان يريد القول بأن نوصل النور إلى المواقع المظلمة والمعتمة، أن نجلب الأمل إلى المواقع التي تفتقد اليه وأن نخطو على وقع النور الإلهي.
إن من الصعوبة بمكان، الحديث عن سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (ع). وهذا الكتاب، لا يزعم معرفة ودرك المقام الرفيع لهذا الامام ونهضته الدامية، بل جعل من الحوار ذريعة عسى أن يكون جزءا من لطف هذا الامام الخالد في التاريخ باذن الله.
إن التوجه الرئيسي للكتاب، وجهود الكاتب، منصبان لتبيان موقع واهمية معنى الحياة في رحلة الانسان في ميدان التاريخ والمعنى المستتر في “زيارة عاشوراء”، الوجه المهم الذي يُغفل دائما أثناء قراءة هذه الزيارة الاصيلة، وآمل ان أكون قد أديت واجبي.
وعشية شهر محرم الحرام لعام 1435 للهجرة، أقدم هذا الكتاب إلى الساحة القدسية للحسين بن علي عليه السلام، عسى أن ينال رضاه. إن شاء الله.
إسماعيل شفيعي سروستاني
23 ذي الحجة 1434 للهجرة