بعد أنْ أكملنا الحديث عن المنهجية ولو بشكل مجمل في الحلقة السابقة، نأتي للحديث عن النقاط التي أثرناها ونقاط أخرى لم نثرها في هذا الموضوع، ونبدأ بالحديث عن كون الرجعة عامة ام خاصة.
والحقيقة انّ الروايات التي تشير إلى كون الراجعين هم ممحضو الإيمان أو الكفر، لابدّ أنْ ينظر اليها على اساس ما تمثّله والمرحلة الزمنية التي تحدث فيها، فإنّ بعض الروايات أشارت إلى وجود مجموعة من الرجعات والكرّات لأمير المؤمنين عليه السلام وحده، فكيف ببقية الأئمة عليهم السلام وكذلك فإنّ بعض الروايات تحدثت عن رجوع مجموعة من الأنبياء عليهم السلام والصحابة (رض) وشخصيات أخرى رجالية أو نسائية في اثناء حركة الإمام المهدي عليه السلام وأوائل ظهوره المبارك، وعلى هذا الأساس فإنّ الرجعة لا تقرأ على انّها واحدة، وانّ جميع ما جاء من الروايات أو تحدثت عنه الأخبار سيقع كله في رجعة واحدة، بل لابدّ أنْ يقرأ على أساس تعدّد الرجعات، إذ هناك رجعة في دولة الإمام المهدي عليه السلام التي هي مفتاح دولة أهل البيت عليهم السلام الكبرى والتي ستقع فيها الرجعات، ولعل اغلب الروايات ناظر إليها، فيما بعض آخر منها ناظر إلى الرجعة ابان دولة الإمام عليه السلام، وعلى هذا الأساس يمكن أنْ نقول إنّ هناك رجعة خاصة، وهي تلك التي تقع لبعض محدود جداً من الناس في زمان الظهور واوائله، ورجعة اخرى وهي بالنسبة إلى هذه عامة وإنْ كانت هي في حد ذاتها خاصة، أي أنّ من يرجع ليس مطلق البشر، بل من يتمتع بخصوصيات معينة سنسلط الضوء عليها لاحقاً إنْ شاء الله تعالى.
ومن هنا ينفتح الباب أمامنا للبحث عن كون حقيقة العالم اثناء الرجعة الأولى _على اقل تقدير_ هل هو نفسه وانّ قوانينه هي نفس القوانين أو انها تختلف، ونجيب بشكل إجمالي تاركين تفصيل البحث إلى حلقة قادمة بانّ الأدلة التي دلت على انّ الظهور المبارك لصاحب الزمان عليه السلام سواء كانت منها الأدلة العامة أو الأدلة الخاصة تقتضي سريان القوانين والأنظمة التي نعيش فيها الآن إلى ذلك الزمان ومن أهمّها بقاء التكليف وخصوصيات الوجود الإنساني على الأرض، من التزاوج والتناسل وكل ما يرتبط بالوجود الاجتماعي أو الاقتصادي أو بناء الدولة، فانّ ذلك كله باق على حاله، نعم قد تقودنا الأدلة إلى وجود خصوصيات معينة في بعض رجعات الأئمة عليهم السلام التي تكون بعد الإمام المهدي عليهم السلام جميعاً، وهذا ما سنتحدث عنه في الحلقة القادمة إنْ شاء الله تعالى.