التعايش بين الشيعة وأهل السنة

تعقيباً على ما نشر في جريدة الوطن السعودية عدد رقم 3475 في يوم الإثنين 20 ربيع الآخر 1431هـ تحت عنوان: (ولكن أين مرجعية إخوتنا الشيعة في السعودية) بقلم الأستاذ عبد العزيز محمد قاسم، الذي أشار إلى البرنامج الحواري الذي بُث في قناة (الدليل)، بين الشيخ حسن الصفار والشيخ سعد البريك، وهو برنامج لم تكن له سابقة في الفضائيات العربية، سُلط فيه الضوء على كلمة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله: (الوطن للجميع)، التي ينبغي أن تكون نبراساً ومنهاجا لجميع السعوديين في وطننا العزيز.

 

ولعل أهم مسألتين أثارهما الكاتب في مقاله كشرط للتعايش بين الشيعة وأهل السنة هما:
الأولى: سب الصحابة وأمهات المؤمنين:
ومع أن الأستاذ عبد العزيز قاسم أبدى ترحيبه وفرحه في المقال بفكرة التعايش بين الشيعة وأهل السنة، بل أظهر حماساً شديداً لهذه الفكرة، ونقل عن الشيخ سعد البريك قوله: (إن التعايش مصلحة شرعية وضرورة أمنية)، إلا أنه ذكر مسألة سب بعض الصحابة وتكفيرهم، والطعن في بعض أمهات المؤمنين، بحيث ربما يظن القارئ أن مسألة سب الصحابة هي أعظم المعضلات التي تقف أمام التعايش بين الشيعة وأهل السنة.
ولا شك في أن التعايش بين الشيعة وأهل السنة مصلحة وطنية وضرورة حياتية، بل هو واجب من الواجبات الشرعية المهمة، إلا أنا إذا أردنا أن نضع بعض المسائل الخلافية كشرط للتعايش بين الشيعة وأهل السنة فلنقرأ السلام على كل تعايش؛ لأن الخلاف بين الشيعة وأهل السنة متعمق الجذور منذ أكثر من 1400 سنة، وليس من السهل أن نوجد له حلولاً في جلسة أو جلسات في بعض الفضائيات، كما أن بعض المسائل مرتبطة بعقيدة هذه الطائفة أو تلك، وليس من السهل أن تترك أي طائفة عقيدة درجت عليها أكثر من 1400 سنة، أو كانت عندها عليها أدلة صحيحة بنظرها، بغض النظر عن كون تلك الأدلة صحيحة بنظر الآخرين أو لا.
وعليه، فإن التعايش في وطننا الغالي ينبغي أن يكون بين جميع أبناء الوطن من دون أن تفرض أي فئة أو طائفة وصايتها على عقائد الآخرين، أو تحاسبهم عليها؛ لأن الوطن للجميع، وكل أبناء هذا الوطن سواء في الحقوق والواجبات بغض النظر عن صحة عقائدهم أو بطلانها.
ومسألة السب أو التكفير مسألة مشتركة، فإن مشهور أهل السنة يذهبون إلى كفر والدي رسول الله (عبد الله بن عبد المطلب، وآمنة بنت وهب)، وأنهما من أهل النار، كما أنهم كفروا أجداد رسول الله كعبد المطلب وهاشم، وكفروا بعض أعمامه كأبي طالب، وذكروا أنه في ضحضاح من نار.
وأما الشيعة فإنهم ذهبوا إلى نجاة كل هؤلاء المذكورين، بل يرونهم من أعاظم المؤمنين وصفوة الصالحين، والخطأ في تكفيرهم بنظر الشيعة لا يقل سوءاً عن الخطأ في تكفير بعض صحابة النبي بنظر أهل السنة.
وبما أن أهل السنة ذهبوا إلى أن الإمامة أو الخلافة ليست من جملة أصول الدين، فإن اللازم حينئذ أن يقال: إن من أخطأ في الاجتهاد في الخلافة، فأنكر خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أو خالف الخلفاء السابقين، فسبَّهم أو لعنهم أو كفَّرهم فإنه لا يخرج بذلك عن الإيمان أو الإسلام، ولا سيما أنه روي عن رسول الله أنه قال: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر. (صحيح البخاري 4/1909)؛ فإن من سب بعضهم لم ينكر ضرورة من ضرورات الدين، ولم يجحد آية من القرآن، ولم يترك ركناً من أركان الإسلام، ولا سيما إذا صدر ذلك عن اجتهاد وتأول، فأقصى ما يقال عنه: إنه اجتهد فأخطأ.
ومن الواضح بمكان أن الاجتهاد في سب بعض الصحابة أهون من الاجتهاد في قتالهم وقتلهم، ومع ذلك فإن بعض علماء أهل السنة كفروا الروافض الذين يسبّون أبا بكر وعمر، ولم يكفروا الذين كانوا يسبّون علي بن أبي طالب ، كحريز بن عثمان الذي روى له البخاري والأربعة، ووثقه ابن معين، والعجلي، وأبو حاتم، وابن عدي، والقطان. قال ابن المديني: (لم يزل من أدركناه من أصحابنا يوثقونه). مع أن حريزاً هذا كان يلعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وينتقصه، وينال منه. قال ابن حبان: كان يلعن علياً بالغداة سبعين مرة، وبالعشي سبعين مرة. (تهذيب التهذيب 2/207).
ولعل من المفارقات الغريبة أن يُحكم بكفر من سبَّ صحابياً، ولا يُحكم بكفر من خرج لقتال الإمام الحسين ، ولا كفر من أمر بقتله، أو باشر قتله، مع أن الإمام الحسين أحد أجلاء صحابة رسول الله ، بل سيد شباب أهل الجنة، وتواتر عن النبي أنه كان يحبه، ويحب من يحبه.
بل إن عمر بن سعد بن أبي وقاص الذي كان قائد الجيش الأموي الذي قتل الحسين ، روى له النسائي في سننه، ووثقه العجلي في تاريخ الثقات: 357.
كما أنا لم نجد المتشددين في تكفير الروافض حكموا بكفر الذين حاربوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ولا سيما أن بعضهم قتل بعض أجلاء الصحابة كعمار بن ياسر، وخزيمة بن ثابت رضي الله عنهما وغيرهما.
وإني لم أطلع بعد البحث والتتبع على دليل واحد صحيح يدل صراحة على كفر من سبَّ صحابياً، أو سب واحدة من أمهات المؤمنين عن اجتهاد وتأول؛ لأن الكفر لا يتحقق إلا بأمور معروفة، وليس كل ذنب عظيم مخرجاً للمسلم عن الملة، ولهذا لم يحكم العلماء بكفر مرتكبي الموبقات والجرائر الكبيرة، وإن أوجبت تلك الموبقات إقامة الحدود على فاعليها، والدخول في النار، فقد يُحكم على المرء بالقتل، ولا يحكم عليه بالكفر، كقاتل النفس المحترمة، فإنه يُقتل ولكن لا يُكفر.
ولا بد من لفت النظر في المقام إلى أن الذين يشترطون من أجل التعايش مع الشيعة عدم تعرض الشيعة لبعض الصحابة بالنقد والجرح قد تأثروا ببعض الفتاوى التي قرؤوها في كتب علماء عاشوا في قرون سابقة، قد صارت لهم مرجعاً مهماً، وصار ما فيها من آراء وفتاوى أشبه بآيات القرآن الكريم التي لا يجوز لأحد أن يخالفها أو يتجاوزها إلى غيرها.
ولا ينبغي أن يفهم من كلامي أني أدعو إلى سب الصحابة، أو لعنهم، أو تكفيرهم، والعياذ بالله، وإنما الأمر بالعكس، فأنا أرفض الإساءة إلى رموز الطوائف الأخرى، سواء أكانوا صحابة، أم علماء، أم حكاماً، وأرى أن ذلك لا يصدر إلا عن الجهال الذين يظنون أنهم يحسنون صنعاً، ويقفون عائقاً أمام التعايش بين أطياف المجتمع السعودي.
المسألة الثانية: مسألة المرجعية الشيعية:
قال الأستاذ عبد العزيز قاسم: (وتبقى قضية المرجعية الخارجية، كإحدى الإشكالات الكبرى والمستعصية، وهي التي تقف حجر عثرة كبيرة أمام تجذير روح التعايش، ولعلي أضرب مثالا بسيطا، يوضح مدى خطورة المسألة. فبفرض أن أمريكا ضربت إيران، ودكتها بـ(التوماهوك) وأغارت على منشآتها النووية، وأحالتها قاعا صفصفا، وأفتى خامنئي أو السيستاني، في الرمق الأخير، بضرب المنشآت النفطية – لا سمح الله – فماذا سيفعل إخوتنا، ومرجعيتهم الدينية تفتي لهم بعينية الأمر؟!).
وهذه المسألة يمكن إيضاحها بأن نقول: إن المرجع هو المفتي العام للشيعة، الذي يأخذون منه فتاواهم الدينية، سواء أكان في داخل المملكة أم خارجها، كما هو حال أهل السنة الذين يأخذون أحكام الدين من مفتين في بلاد أخرى غير بلادهم، وليس هناك علماء للداخل وعلماء للخارج، والإسلام لم يفرق بين عربي وأعجمي، ولم يمايز بين الشعوب المختلفة إلا بالتقوى.
كما أن الشيعة يتلقون من المرجع الأعلى التوجيهات والنصائح والإرشادات، التي تصب في الصالح العام للشيعة خاصة وللمسلمين عامة، ولم نجد واحداً من مراجع الشيعة العظام عبر تاريخ المرجعية الطويل، كان يحرض الشيعة على عصيان أوامر الدولة التي يعيشون فيها، أو كان يؤلبهم على إثارة الفتن والقلاقل مع شركائهم في الأوطان من أهل السنة وغيرهم.
ومن المعلوم أن أكثر مراجع الشيعة لم يكونوا ساسة، ولم يقحموا أنفسهم أو يزجوا بالشيعة في القضايا السياسية، ولم يتاجروا بالشيعة خدمة لبعض قضاياهم، ورغم شدة الحوادث التي ألمت بالشيعة ومراجعهم العظام فإن مراجع الشيعة لم يتخذوا الإرهاب سياسة لهم، ولم يفت أحد من مراجع الشيعة في العراق أو إيران إبان الحرب العراقية الإيرانية كمثال بأي فتوى تحريضية ضد أي دولة إسلامية، أو ضد أي طائفة من الطوائف الأخرى.
وهنا لا بد من لفت النظر إلى أن التقليد إنما هو في الفتاوى الشرعية، لا في الموضوعات الخارجية التي ربما يكون العامي أعرف بها من المرجع نفسه، والشيعة وإن كان بينهم وبين مرجعهم الأعلى ارتباط روحي وفكري إلا أنهم لا يتلقون أوامر من خارج بلدهم تخالف قوانين الدول التي يعيشون فيها.
بل إن المرجع الأعلى للشيعة السيد علي السيستاني دام ظله أفتى بعدم جواز مخالفة أنظمة الدولة التي يعيش فيها الشيعة، وأوجب عليهم مراعاة النظام. (استفتاءات السيد السيستاني: 470).
والحاصل أن الشيعة ليسوا إرهابيين، وإنما هم مسالمون كما هو معلوم من تاريخهم الطويل، عملاً بوصايا أئمة أهل البيت عليهم السلام التي حثتهم على حسن المعاشرة مع مخالفيهم، مع أنهم كانوا ولا يزالون يعانون من الإقصاء والتهميش والتمييز الطائفي المعلن على جميع الأصعدة، وفي أكثر البلدان الإسلامية، ومع ذلك فإنهم قابلوا كل تلك الأمور بالسمع والطاعة، وعدم مخالفة أنظمة دولهم وقوانينها، وكان ولاؤهم لأوطانهم لا لغيرها.
والأستاذ عبد العزيز قاسم طالب في مقاله بضرورة اختيار مرجع ديني من شيعة المملكة، ونحن لا نختلف معه في أن هذا مطلب أساس، ولكن المرجعية لها أسس ومقدمات، ولهذا فإنا نأمل من الدولة أن تأذن للشيعة بإقامة الحوزات الدينية الشيعية بشكل رسمي وبحجم الحوزات الموجودة في الخارج؛ ليتسنى للشيعة أن يخرج منهم مراجع تقليد، بدلاً من أن يتجشم شيعة الداخل عناء الدراسة في بلدان أخرى يكون السفر إليها ممنوعاً من قبل الدولة، لدرجة أن طالب العلم الديني ربما يعاقب على مخالفة ذلك المنع، مع ما في الدراسة في تلك البلدان من العراقيل الكثيرة التي تحول دون حصول طالب العلم من شيعة الداخل على ما يؤهله لتسنم مقام المرجعية الدينية.
وأختم حديثي بالتأكيد على أن كل المخلصين يرون أن التعايش بين الشيعة وأهل السنة ضرورة ملحة، وأنه ينبغي لكل أطياف المجتمع السعودي العمل الجاد الدؤوب لتعزيز هذا التعايش، وتجاهل أصوات المتطرفين من الشيعة وأهل السنة الذين يضعون العراقيل للحيلولة دون حصول هذه الضرورة الحياتية المهمة.
الکاتب: الشيخ علي آل محسن

التمهيد للظهور
كل العالم ينتظر المصلح الذي يغير العالم وينصف المظلوم من الظالم ويعطي لكل ذي حق حقه مع اختلاف النظريات والأفكار والاطروحات التي تتعلق بالمصلح والإصلاح ولكل وجهة نظر قد تختلف عن الأخر لكن الجميع يحملون نفس الفكرة الأساسية وهي وجود مصلح سوف يأتي ويغير الموازين ليجعلها متعادلة.
ونحن كشيعة نتبع مدرسة أهل البيت عليهم السلام نعتقد إن المصلح هو الإمام الحجة بن الحسن صلوات الله عليه وعلى إبائه الطاهرين وهو سوف يظهر أخر الزمان يملئ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا .
بعد هذه المقدمة نطرح سؤال يتداول في الأوساط العلمية الدينية وهو التمهيد لظهور الإمام عجل الله فرجه الشريف والسؤال يتفرع لعدة استفهامات نحتاج للإجابة عنها منها هل الإمام يحتاج الى تمهيد وهل نحن نستطيع ان نمهد لظهوره المبارك وكيف ذلك هل نحن مستعدون استعداد نفسي وفكري وعقائدي للظهور المقدس ام نحن غائبون عن هذه الحقيقة ونتعامل مع الموضوع بشكل عاطفي واذا كنا كذلك فلابد من الاستدراك وتصحيح الوضع ويبقى السؤال كيف نمهد ونستعد استعداد واقعي للظهور المقدس.
لا يخفى على متتبع مدى الضرر الذي لحق بنسيج الثقافة لدينا جراء تراكم السياسات الخاطئة في معالجة المشكلات الاجتماعية المتجذرة التي طرأت خلال هذه الفترة السريعة التحول من خلال وسائل الإعلام المختلفة المرئي منها والمقروء وأجهزة الاتصالات بمختلف أنواعها وسوء استخدام بعض مجتمعاتنا لهذه الوسائل وكذلك تهميش دور المثقف في الحياة العامة وتفكك الأسر ولتي نجدها اليوم من أهم المشكلات التي تواجه مجتمعنا .
و الذي نتج عنها قائمة طويلة من المشكلات انتشرت وبشكل سريع في المجتمع، مثل: سلوكيات سوء التوافق المدرسي لدى الطلبة والطالبات، وتزايد انحراف المراهقين والمراهقات، ومشكلة تعاطي الخمور والمخدرات، وشيوع سلوك السرقة لدى هؤلاء المنحرفين ، وتكاثر الأمراض النفسية الناتجة عن الخلافات الأسرية بين الآباء والأمهات والأبناء والبنات، والبطالة المنتشرة التي تؤثر سلبيا على سلوك الفرد، وغير ذلك كثير من المشكلات التي يصعب حصرها . مما أسس لنوع من الاعتقاد بهامشية الثقافة وعدم مقدرتها على معالجة المشكلات الاجتماعية ،أو الإسهام في بلورة حلولها.
كل هذه السلوكيات والأخلاقيات أفرزت لنا بعض العادات السلبية التي تفسد علينا فرحتنا بهذه المناسبة وباقي المناسبات في ذكر أهل البيت عليهم السلام .
ففي كل عام نحتفل بهذه الذكرى العزيزة والغالية على قلوبنا ونعاهد الله ونجدد البيعة والعهد لله ورسوله والإمام المهدي بالسير على طريق الهداية لاستقبال اليوم العظيم للظهور الشريف ونحن نمر بتلك الأنوار العظيمة نحيي أفراح أل البيت ومسراتهم عليهم السلام لأننا نريد أن ننال الشفاعة الكبرى عند رب العالمين.حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) صدق الله العلي العظيم.
إن ليلة النصف من شعبان والاحتفال بولادة الإمام المهدي (عليه السلام) شيء جميل لو عرفنا معنى هذه أليلة وراعى مراسيمها بخلق إسلامي رفيع، لكن الملاحظ أن الوسائل والطرق تخرج عن حد الضوابط الشرعية كالتصفيق والرقص بإيقاعات وطرق غريبة لا تليق بقدسية هذه المناسبة، والغناء والطرب الذي يمارسه بعض الإفراد، كل هذا يحصل في مناسبة ولادة أمل الأمة وبقية الله في خلقه .
وظهور خفافيش الظلام بتلك الظواهر الغريبة والدخيلة على مجتمعنا وقيام هؤلاء بالتعبير عن فرحتهم بطريقة متخلفة نتاجه عن انحراف سلوكي حيث يقوم هؤلاء بقيادة دراجاتهم النارية او وسائل أخرى خارقين الطرقات طولاً وعرضاً وقيام البعض منهم بحركات مزرية تخل برجولة هؤلاء الإفراد وكرامتهم ، ضاربين بأنظمة الأمن عرض الحائط على مسمع ومرئي رجال الأمن ولمسؤولين عن امن المرور الذين يقفون في تلك الليلة وقفة المتفرج فرحين ومسرورين بهذه المناظر لكي ينقلوا صورة مشوه لقدسية هذه أليلة وغيرها من المناسبات ، فهل هذه الطريقة هي التي تجمعنا وتعبر عن فرحتنا بميلاد الأمل المنشود الذي ينقذ هذه الأمة من هذا الظلم آدا كنا نبحث عن التغير فيجب ان نغير أنفسنا أولا ونحرك مجتمعنا إلى الأفضل.
وعلينا إن ننظر إلى ما وراء الميلاد من حكم وعبر ومعاني جوهرية لا تخفى على ذوي عقل وفكر يحب المهدي ونعمل من اجل الاستعداد لظهوره الشريف ولقائه المرتقب في اليوم المحتسب في الأجل المسمى وفي اليوم الموعود.
فلنسأل أنفسنا عندما نحيي أمر أهل البيت( عليهم السلام) فنحزن لأحزانهم ونفرح لأفراحهم ،فهل نبقى ويستمر حالنا من الولاء والإحسان والموعظة التي نأخذها من مدارس أل البيت الكرام أم أنها مرحلة حزن أو فرح تمر دون اهتمام ووعي وتفكر.
قد يخطى من يظن إن إحياء مولد الإمام المنتظر هو فقط بإشعار مظاهر الفرح وترديد الأناشيد والمواليد بحب أل البيت ، نعم هو تعبير عن الحب والولاء لعتره النبي واله ولكننا في مرحلة خاصة جدا تمر بها الأمة الإسلامية وكل الأمم مرحلة تتطلب منا الاهتمام الكبير لتهيئة النفس البشرية لتقبل الأطروحة العالمية المقدسة للإمام المهدي وقبل كل شيء يجب توفر القاعدة الأساسية لذلك عن طريق الانتظار والاستعداد التام والشامل ان اهم الممارسات من “الأدعية والمناجاة والزيارات” لما تحمله من أهمية كبيرة، حيث تصنع في داخلنا حالة الانصهار الروحي والوجداني مع الإمام الحجة أرواحنا فداه وهذا الانصهار عنصر مهم من عناصر الانتظار، الارتباط النفسي والروحي والوجداني مع الإمام المنتظر، بمعنى أن يكون الإمام (ع) حاضرا دائما في قلوبنا، في مشاعرنا، في وجداننا، في أحاديثنا، في لقاءاتنا، في محافلنا .
إن الارتباط الروحي والنفسي مع الإمام المنتظر له ثمرات كبيرة منها.
يخلق الأمل في داخلنا، فلا نصاب باليأس والإحباط، رغم ما يعانيه واقعنا من إرهاصات ومحن وفتن وتحديات صعبة،
الارتباط بالإمام المنتظر يملؤنا بالقوة والعزيمة والصمود والثبات، فرغم المواجهات القاسية، واستنفار القوى الطاغوتية ضد المؤمنين إلا أن المرتبطين بالإمام المنتظر لا يصابون بالضعف والانهزام.
هذا الالتحام يخلق عندنا حالة الانضباط والاستقامة، فحينما نعيش إحساسا نفسيا عميقا بأن الإمام المنتظر يعيش معنا، يرقب مسيرتنا، يتألم حينما يرانا نمارس أي لون من ألوان الانحرافات أو المخالفات أو التجاوزات الشرعية, إن شعورنا بأن هذه المخالفات والمفارقات تشكل إزعاجات وتألمات عند إمامنا وقائدنا يجعلنا نراقب تلك الممارسات والسلوكيات والتصرفات بالشكل الذي يمنحها رضا الإمام وارتياحه.
أن الانتظار لظهور العدل الإلهي المقدس المتمثل بالإمام الحجة المنتظر هو واحدة من الرحمات الإلهية ولطف من ألطاف الله عز وجل ، ومسألة الانتظار هي عملية استغراق دائمة بالعبادة والطاعة لله ولرسوله الكريم وال بيته الطاهرين.
نقول صحيح أن المجتمع الذي يترك بعض الوصايا ويعمل بالبعض الآخر لن تتحقق له السعادة المطلقة ولكنه سوف لن يشقى الشقاء المطلق.
أن ما يحز في النفس حقاً إننا ننادي في كل زمان ومكان يا مهدي ياحسين ولكن هل نحن على ما يريده أهل البيت وما يريده الإمام الغائب بهذه الظواهر الغريبة وهذا التخلف الفكري والاجتماعي والعلمي من قبل هؤلاء الإفراد الذين ينتظرون هذه المناسبات كي ينالون من هذه الذكرى وكأنهم قدموا الأعداء أهل البيت خدمة مجانية .
نحن الآن أمام الأمر الذي يستدعي السؤال التالي :
إن الإمام على أتم الاستعداد للظهور ولا يحتاج الا الى القاعدة المخلصة والجنود الأوفياء الذين يمكنه الاعتماد عليهم في حركته التغيرية العالمية وعليه فيكون هو المنتظـِر لنا لا نحن الذين ننتظره، وهذا لا يعني ان ظهوره خارج عن الإرادة والمشيئة الإلهية بل ان مشيئة الله اقتضت الظهور عند تحقق مقدماته وليس من المصلحة ظهور الإمام دون تحقيق تلك المقدمات، والفهم الأول يبعث على التقاعس والتكاسل والانزواء والاتكال على الأمر الغيبي بينما الفهم الثاني يدفع الأمة الى التحرك ويبعث فيها روح الحماس ويشعرها بمسؤوليتها التاريخية، وهذا هو الفهم الصحيح.
فعلى الامة ان تعي انها هي المسؤولة عن تأخير الظهور بابتعادها عن الشريعة وعدم إصلاحها لنفسها وعدم ارتقاءها الى المستوى المنشود في العقيدة والوعي الأخلاق والتضحية لتكون السيف الذي يضرب به الإمام (عج) بطون الكفر والإلحاد والضلال، فالإمام ينتظر منا ان نكون امة رسالية قادرة على تغيير العالم ونشر لواء الحق في ربوعه لا الظهور بهذه المظاهر المسيئة والتي تعبر عن تخلف هؤلاء البشر المحسوبين على شيعة أمير المؤمنين وممن سوف يناصرون المهدي عج الله تعالى فرجه الشريف .
الكاتب: علي آل ثاني

شاهد أيضاً

تقرير: ثلثا مسلمي أمريكا تعرضوا لحوادث إسلاموفوبيا

أفاد تقرير حديث بأن ثلثي المسلمين في أمريكا تعرضوا لحوادث إسلاموفوبيا، أي الكراهية المرتبطة بالخوف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *