إن أشهر قوم في الاهتمام بالعلوم الغريبة والشعوذة هم “بني اسرائيل”. وقد تعلموا في عصر الفراعنة هذه العلوم من السحرة والمشعوذين. وفي عصر النبي موسى (ع)، كان السامري ملم بالشعوذة والسحر واستخدمهما في أول فرصة للنفوذ إلى الديانة الموسوية لبني اسرائيل. ولهذا فإنه طرد من لدن المؤمنين.
بقلم اسماعیل شفیعی سروستانی
إن أشهر قوم في الاهتمام بالعلوم الغريبة والشعوذة هم “بني اسرائيل”. وقد تعلموا في عصر الفراعنة هذه العلوم من السحرة والمشعوذين. وفي عصر النبي موسى (ع)، كان السامري ملم بالشعوذة والسحر واستخدمهما في أول فرصة للنفوذ إلى الديانة الموسوية لبني اسرائيل. ولهذا فإنه طرد من لدن المؤمنين.
وعاد السامري بعد رحيل النبي موسى (ع)، مرة آخرى إلى بني اسرائيل في عصر النبي صمويل وأثر على عمل نبي الله والمؤمنين من خلال ممارسة السحر وتعليمه. ومذاك ، تدنس بنو اسرائيل بالممارسة السحرية ثانية وتنقلت هذه الممارسة بينهم من جيل إلى جيل. وكما ذكرنا، واستنادا إلى آيات سورة البقرة، فإن شياطين ملك سليمان، كانوا يعلمون الناس السحر والشعوذة. فما كان من الله تعإلى إلا أن يرسل من منطلق اللطف، ملكين اسمهما هاروت وماروت بين الناس ليعلمونهم طرق إحباط السحر.
وبما أن السحر والشعوذة، يشبهان القنبلة التي يجب أن يعرف من يحبط مفعولها آلية عملها، فإن بني اسرائيل استخدموا ما كانوا قد تعلموه في الاتجاه المعاكس من أجل نيل أهدافهم المقيتة أيضا.
وفي الدين الإسلام الحنيف، أعلن بأن هذا العمل القذر والشيطاني، حرام، ويقول القرآن الكريم عن مصير اولئك الذين يمارسون السحر:
“وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أحد حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أحد إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخرةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَون”؛
إن تدنيس ساحة الحياة العقائدية والثقافية للمستضعفين والتاثير الجائر على أذهان ونفوس الناس – من دون أن يكون لهم علم وتدخل حول العمل الساحري – واستغلال القوى الماورائية الشيطانية المنتشرة في الطبيعة، يعد أكثر الأعمال التي تمارس ضد الإنسان ظلما.
وبناء على ذلك فإن مرتكبي هذه الأعمال ، سيكونون بعيدين كل البعد عن الرحمة الإلهية وستطالهم اللعنة الأبدية.
إن هؤلاء يطلقون يد الشياطين في الميادين المختلفة من الحياة الفردية والاجتماعية للناس، بل وبسبب تعهدهم للشيطان، يتحولون هم إلى يد الشيطان وأذنه وقدمه وعينه ويواصلون حياتهم في هيئة “أداة الشيطان”.
وكان أتباع الديانات المختلفة يطبقون عقوبات صارمة وخاصة ضد السحرة والمشعوذين.
وفي الإسلام، يصنف السحر والشعوذة ضمن الكبائر. وورد في المصادر الوحيانية والروائية لأهل البيت (ع) ذكر أكثر من أربعين ذنبا بوصفها الكبائر من الذنوب.
إن السحر والشعوذة وبجانب الشرك بالله، تعد من الذنوب التي تمسخ روح الإنسان على أثرها ويفقد الإنسان فطرته الطاهرة.
وفي الإسلام، فإن من يذهب إلى السحرة لا تقبل صلاته وذلك بسبب كراهية عمل الساحر وكونه مبغوضا عند الله. وقال النبي الأكرم (ص):
وعَنْ أَبِي مُوسَى ، عَنِ النَّبِيِّ (ص) قَالَ : ” ثَلاثَةٌ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ : مُدْمِنُ الْخَمْرِ ، وَقَاطِعُ الرَّحِمِ ، وَمُصَدِّقٌ بِالسِّحْر”؛
إن السحرة ومستدعي الشيطان، لا يتراجعون عن معتقداتهم الشيطانية قيد أنملة لأنهم سلموا روحهم للشيطان ويصرون على الاستعانة بالشياطين للمضي قدما بمآربهم أو مآرب الآخرين ويثقون بقدرة الشياطين وأعوانهم وأنصارهم من الجن ويمهدون لانتشار الذنوب والمعاصي والأهم من ذلك الظلم والجور بين عباد الله. لذلك فانهم يعتبرون من أكثر فئات الناس بغضا ونفورا في كل عصر.
وجاء في سورة طه، الاية 69:
“وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى”؛
وفي الديانة المسيحية في القرون الوسطى، كانوا يلقون السحرة والمشعوذين في النار وهم أحياء وذلك بجريرة السحر.
إن نبذ السحر وطرد السحرة ومعاقبتهم، يأتي لسبب أن السحرة ومن أجل نيل مقاصدهم الشيطانية، يتخلون عن الإيمان ويطيعون أوامر الشيطان ويكفرون ويسيئون للمقدسات ويقتلون الإنسان والحيوان ويقومون بأعمال حرمها الشرع.
وورد في مصادر أهل السنة عن رسول الله (ص) حول من يتعلم السحر:
“مَنْ تَعَلَّمَ شَيْئًا مِنَ السِّحْرِ قَلِيلا أو كَثِيرًا , كَانَ آخر عَهْدِهِ من اللَّه”.
وفي الأعوام الاخيرة ومع انتشار الانترنت، قام أنصار وأعوان الشيطان بنشر أنواع وأشكال كتب السحرة والمشعوذين وأنواع الأوراد والعزائم والطلاسم، وهذا ما دفع البعض – لاسيما الشبان – إلى التعرف على هذه المصادر من منطلق حب الاستطلاع أو الجهل، وبالتالي إيجاد مشاكل عديدة لهم وللآخرين من خلال العبث بهذه الأوراد والطلاسم، وهي مشاكل لا تسوى أبدا بالطرق العادية.
وقد بذل الشياطين قصارى جهدهم لجعل السحر والشعوذة رديفا لمعجزة الأنبياء الإلهيين وسعوا من خلال الأدوات الحديثة مثل إنتاج أنواع الأفلام السينمائية وأفلام الكارتون لتوجيه ذهن وقلب الاطفال والأحداث وعامة الناس نحو السحر والشعوذة والقبول بهذا العمل الشيطاني ك “امر رحماني”. بحيث أن الأطفال والأحداث أخذوا يبحثون من دون علم، عن العصا السحرية (أو هوليوود) والارتباط بالقوى السحرية الشيطانية من أجل بلوغ مطالبهم وأحلامهم.
إن هذه الواقعة الشاملة في عصر الاتصال الحديث قربت عالم الاجنبة الشيطانيين من العالم الإنساني ووسعت من نطاق عملهم.
وبجانب هذه الأعمال السمعية والبصرية تم إدخال الكثير من الطلاسم والعزائم إلى بيوت الناس عن طريق الدعاية والإعلام (وأدوات الزينة مثل الخواتم و…).
ويعلق الشبان هذه الرموز والعلامات على رقبتهم ويضعونها في أيديهم أو على ثيابهم وذلك على سبيل التسلية واستعراض الذات. وكل هذا أزال الجدران الحافظة والامنة للناس وأصابهم بالطلاسم البسيطة.
وخلال العقدين الأخيرين، ظهرت أنواع وأقسام رموز وعلامات السحرة والمشعوذين والماسونيين واليهود على هيئة المباني والعمارات والرسومات على جدران المدن والأزقة والأحياء والطرق السريعة. ويقوم المعمارون والبناؤون عديمو الخبرة والمغرضون أحيانا، بتدنيس المدن ليمهدوا بذلك مسارات تردد القوى الشيطانية في العالم الإنساني.
إن قسما كبيرا من تفشي القبائح السافرة بين الناس، وتجرؤهم على ارتكاب الذنوب وهتك الحرمات وميلهم نحو المعاصي والإعراض عن الشعائر الدينية نابع بلا شك من هذه الأسباب.
وللأسف فإن غياب الوعي الثقافي والديني لدى رؤساء البلديات ومخططي المدن والرسامين ومنتجي البرامج التلفزيونية والسينمائية وخائطي الملابس والثياب وعدم اكتراث الأجهزة الثقافية المسؤولة، يزيد من نطاق هذه الكارثة الاجتماعية الكبرى ويجعل المجتمع الاسلامي متورطا أكثر فأكثر بالنجاسات الميتافيزيقية.
وقد شاع وانتشر هذا الأمر لدرجة أن الناس أصبحوا يوجهون أصابع اتهام التلوث بالقوى الشيطانية، نحو بعض رجال السياسة.
وكأنه يجب على الدوام قراءة المعوذتين وقول “أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم”.
انتهى .
جـميع الحقـوق مـحفوظـة لمركز موعود الثقافي
لا يسمح باستخدام أي مادة بشكل تجاريّ دون أذن خطّيّ من ادارة الموقع
ولا يسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.