الاصولیة المسیحیة فی الغرب

صحیحا على الاطلاق، ویكفیان نلقی نظرة على التاریخ القریب والبعید لكی نتأكد من ذلك. فمحاكم التفتیش نشأت فی اوروبا المسیحیة منذ بدایة القرن الثالث عشر واستمرت حتى القرن الثامن عشر. وبلغت ذررتها فی اسبانیا الكاثولیكیة المتشددة، حیث تم طردا لمسلمین العرب حتى بعد ان اعتنقوا المسیحیة وتخلوا عن دینهم تحت الضغط، ومحاربة المفكرین والعلماء استمرت ایضا منذ ذلك الحین وحتى مشارف القرن العشرین. وقد انشئت لجنه خاصه لتحریم الكتب والفاتیكان (1). ومهمتها تكمن فی ملاحقة الكتب الفلسفیه او العلمیة التی یشتبه فیها او فی انحرافها عن العقیدة المسیحیة الصارمة.

صحیحا على الاطلاق، ویكفیان نلقی نظرة على التاریخ القریب والبعید لكی نتأكد من ذلك. فمحاكم التفتیش نشأت فی اوروبا المسیحیة منذ بدایة القرن الثالث عشر واستمرت حتى القرن الثامن عشر. وبلغت ذررتها فی اسبانیا الكاثولیكیة المتشددة، حیث تم طردا لمسلمین العرب حتى بعد ان اعتنقوا المسیحیة وتخلوا عن دینهم تحت الضغط، ومحاربة المفكرین والعلماء استمرت ایضا منذ ذلك الحین وحتى مشارف القرن العشرین. وقد انشئت لجنه خاصه لتحریم الكتب والفاتیكان (1). ومهمتها تكمن فی ملاحقة الكتب الفلسفیه او العلمیة التی یشتبه فیها او فی انحرافها عن العقیدة المسیحیة الصارمة.

هكذا حوربت كتب جالیلیو ودیكارت وسبینوزا ودیارو وجان جاك روسو وفولتیر وغیرهم كثیر. وكان الفلاسفة یطبعون عادة كتبهم فی هولندا- البلد الاكثر حریة فی ذلك الزمان – ثم یدخلونها تحت المعطف الى فرنسا. وبما ان كل ممنوع مرغوب فان الناس كانوا ینكبون على هذه الكتب المحرمة ویبحثون عنها فی كل مكان. وقد نشر المؤرخ الامریكی المعاصر روبیرت  دارنتون(2) عدة ابحاث حول هذا الموضوع الحساس: موضوع الكتب المحرمة وكیفیة دخولها سرا الى المملكة الفرنسیة فی القرن الثامن عشر. ویمكن القول ان هناك مرحلتین اساسیتین للاصولیة المسیحیة: مرحلة العصور الوسطى. ومرحلة العصور الحدیثة، وسوف نفصل الكلام فیهما على التوالی.

العصور الوسطى ومحاكم التفتیش

اصبحت محاكم التفتیش السیئة الذكر مثلا یضرب على ذروة التعصب وعدم التسامح.. وقد انشئت فی اوائل القرن الثالث عشر بقرار من البابا جرینوار التاسع وذلك عام 1233. وكان هدفها محاربة الهرطقة فی كل انحاء العالم المسیحی. والمقصود بالهرطقة هنا ای انحراف ولو بسیط، عن العقائد المسیحیة الرسمیة. وقد كلف بها رجال الدین فی مختلف المحافظات والامصار. فكل واحد منهم كان مسؤولا عن ملاحقة المشبوهین فی ابرشیته. وكان الناس تساق سوقا الى محكمة التفتیش عن طریق الشبهة فقط، او عن طریق وشایة احد الجیران. كانوا یعرضون المشبوه به للاستجواب حتى یعترف بذنبه، فاذا لم یعترف انتقلوا الى مرحلة أعلى فهددوه بالتعذیب. وعندئذ كان الكثیرون ینهارون ویعترفون بذنوبهم ویطلبون التوبة. واحیانا كانت تعطى لهم ویبرأون. ولكن اذا شكوا بان توبتهم لیست صادقة عرضوهم للتعذیب الجسدی حتى ینهاروا كلیا. واذا اصر المذنب على افكاره ورفض التراجع عنها فانهم یشعلون الخشب والنار ویرمونه فی المحرقة. وقد قتل خلق كثیر بهذه الطریقة الوحشیة التی اصبحت علامة على العصور الوسطى.

ویقال ان عدد الضحایا الذین ماتوا بهذه الطریقة یتجاوز عشرات الالوف، بل ومئات الألوف فی كل انحاء العالم المسیحی ومن اشهر الذین ماتوا حرقا المصلح التشیكی المشهور جان هوس (3) وكان راهبا مشهورا باخلاصه وتقواه واستقامته الاخلاقیة. كما كان یحتل ارفع المناصب الاكادیمیة بصفته عمیدا لجامعة براج فی بدایة القرن الخامس عشر. ولكنهم حقدوا علیه لانه كشف عن التجاوزات التعسفیة التی ترتكبها الكنیسة بخروجها عن مبادىء الدین. كما ونبه الى انحراف بعض القساوسة والمطارنة عن واجبهم الحقیقی واهتمامهم بمصالحهم الشخصیة واستغلالهم المادی للناس البسطاء، وقد التم حوله ناس كثیرون بعد ان احسوا بصدقه واخلاصه. وعندئذ رأت فیه الكنیسة الكاثولیكیة خطرا علیها فاصدرت فتوى بتكفیره بتهمة الزندقة، وعلى الرغم من انهم اعطوه الامان بعد ان استدعوه للمحاكمة الا انهم غدروا به فاعتقلوه والقوه طعمة للنیران فی نفس الیوم، ای بتاریخ 6یولیو من عام 1415. ثم یقولون لك بعد ذلك ان المسیحیة لا تعرف التعصب ولا تدعو الا للمحبة والسلام والتسامح !

ولكن المبادىء الانجیلیة شیء والتطبیق شیء آخر، على الاقل فی تلك الفترة المظلمة من حیاة المسیحیة الاوروبیة. ومن اهم الذین مثلوا امام محاكم التفتیش الفیلسوف الایطالی جیوردانوبرینو(4) والعالم الشهیر جالیلیو، بل ان كوبرنیكوس القائل بدوران الارض حول الشمس لم ینج منها إلا بسبب حذره الشدید. فقد أجل نشر كتابه الذی یحتوی على نظریته الجدیدة حتى یوم وفاته بالضبط ! فماذا یستطیعون ان یفعلوا به بعد ان مات او وهو فی طور الاحتضار؟.. ولكن لم یكن هذا خط برینو المسكین الذی هرب من ایطالیا بعد ان انخرط فی سلك الرهبنة لفترة من الزمن، فبسبب من تعلقه بالافكار الفلسفیة وتبنیه لنظریة كوبرنیكوس المدانة من قبل البابا والاصولیة المسیحیة، فانهم راحوا یشتبهون به ویلاحقونه، وعندئذ اضطر للفرار والعیش متنقلا بین فرنسا وسویسرا وانجلترا والمانیا. وكان یشتغل استاذا فی جامعات هذه البلدان التی یمر بها. واشتهر بالتفوق والنبوغ العلمی، بل واستبق على الكثیر من النظریات الحدیثة التی ثبتت صحتها فیما بعد. وبعد ان غاب سنوات طویلة عن بلاده وشعر بالحنین الیها استدرجه احد التجار الاغنیاء من فینیسیا. وطلب منه العودة لتعلیم اولاده والعیش بأمان واطمئنان فی بلاده ایطالیا ولكنه سرعان ما غدر به وسلمه الى محاكم التفتیش فی الفاتیكان. فقطعوا لسانه واحرقوه. واصبح جیوردانوبرینو مثلا یضرب على الاستشهاد فی سبیل الحقیقة وحریة الفكر وأصبح منارة مشعة على مدار التاریخ الاوروبی. ومات الاصولیون الظلامیون وبقی اسمه یلمع على صفحة التاریخ. واما العالم الشهیر جالیلیو فقد كان مهددا بنفس المصیر لولا انه استدرك الامر فی آخر لحظة وقبل بالتراجع عن نظریته المشهورة. وهكذا عفوا عنه. ولم ینفذوا فیه حكم الاعدام. ثم احیل الى الاقامة الجبریة فی ضواحی فلورنسا واتیح له ان یكمل بحوثه حتى وهو تحت المراقبة. ولم تعترف الكنیسة الكاثولیكیة بغلطتها فی حق جالیلیو إلا بعد مرور اكثر من ثلاثمائة سنة على محاكمته ! وقد استمرت محرقة محاكم التفتیش موقدة حتى القرن السابع عشر، بل وحتى الثامن عشر. ولم ینطفیء اوارها الا بعد ان انتصر عصر التنویر على عصر الظلام وضیق الافق. نضرب على ذلك مثلا حادثة شهیرة حصلت فی عز عصر التنویر لشخص یدعى “لابار”.(5)  فقد قطعوا یده لانه كسر الصلیب واقتلعوا لسانه ثم احرقوه اخیرا.. وكان شابا مراهقا لا یتجاوز عمره التاسعة عشر. وقد استغل فولتیر هذه القضیة وهاجم الاصولیین المسیحیین هجوما شدیدا ومن الامثلة الاخری الشنیعة على الظلامیة المسیحیة ما حصل للفیلسوف “میشیل سیرفیه ” الذی أحر قوه حیا فی جینیف بتهمة التشكیك بعقیدة التثلیث، وهی من العقائد الاساسیة فی المسیحیة. فبمجرد ان شكك بصحتها ألقی طعمة للنیران ولم یشفع له علمه ولا فلسفته ولا انسانیته.

واما عن محاكم التفتیش الاسبانیة فحدث ولا حرج ! فعندما استسلمت مملكة غرناطة (وهی أخر دولة اسلامیة فی اسبانیا) عام 1492 وعدوا المسلمین بالسماح لهم بممارسة شعائرهم الدینیة مقابل خضوعهم للسلطة الجدیدة. ولكنهم سرعان ما نقضوا هذا الوعد وراحوا یلاحقونهم. ووضعتهم الملكة الشهیرة “ایزابیل ” امام خیارین لا ثالث لهما: اما اعتناق المسیحیة، واما الطرد من البلاد. وقد اضطر قسم كبیر منهم لاعتناق الدین الغالب من اجل البقاء على قید الحیاة. ولكن مع ذلك ظلوا یلاحقونهم ویشتبهون بهم وبأنهم یمارسون شعائرهم الاسلامیة سرا واتهموهم بالزندقة واشعلوا المحرقة لمعاقبتهم جسدیا. ولكن حتى هذا الحل لم ینجح كلیا فی حل المشكلة الاسلامیة فی اسبانیا فكان ان لجأرا الى الطرد الجماعی.(6) ففی عام 1609- 1610 تم طرد ما لا یقل عن ( 275000) شخص الى البلدان الاسلامیة المجاورة كالمغرب وتونس والجزائر بل وبعض البلدان المسیحیة الاخری. وهكذا تم حل المشكلة عن طریق الاستئصال الرادیكالی.. ثم یقولون لك بان التعصب خاص فقط بالاسلام ولا علاقة له بالمسیحیة !

الأصولیة المسیحیة والعصور الحدیثة

ننتقل الآن الى ما حصل بعد عصر النهضة والاصلاح الدینی فی القرن السادس عشر. فمنذ تلك الفترة یؤرخ عادة للعصور الحدیثة. نقول ذلك على الرغم من ان هذه العصور لم تنتصر حقیقة الا بعد مائتی سنة: ای فی اواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر. عندئذ حصلت القطیعة الابستمولوجیة (او المعرفیة) الكبرى بین العصور الوسطى والعصور الحدیثة. بعد اندلاع حركة الاصلاح الدینی وحركة النهضة فی القرن السادس عشر اصبح العدو الاول لروما والفاتیكان شخصین اثنین هما: البروتستانتی والنهضوی. بمعنى آخر اصبح لوثر(7) هو العدو، وكذلك ایراسم (8) زعیم عصر النهضة. ولذلك اطلق البابا فتواه الشهیرة بتكفیر لوثر وفصله من الكنیسة عام 1521.

وبدءا من تلك اللحظة انقسم العالم المسیحی فی اوروبا الى قسمین: قسم كاثولیكی وقسم بروتستانتی. ودارت بینهما المعارك والحروب على مدار مائتی سنة تقریبا. وهی حروب الادیان الشهیرة التی ذهب ضحیتها عشرات الألاف، بل ومئات الآلاف من القتل. وبلغت هذه الحروب ذررتها فی فرنسا فی الفترة الواقعة بین عامی 1562-1598. فقد هاجت الجماهیر الكاثولیكیة على افراد الاقلیة البروتستانتیة ومزقتهم اربا فی مختلف المدن والاریاف الفرنسیة. وكان ان حصلت تلك المجزرة الشهیرة باسم مجزرة سانت بارتیلیمی” التی ذهب ضحیتها اكثر من خمسة آلاف شخص خلال یوم واحد او ثلاثة ایام فی باریس. وفر البروتستانت الفرنسیون الى مختلف انحاء اوروبا، بل والى مختلف اصقاع العالم. ولا تزال بعض عائلاتهم تحافظ على اسمائها الفرنسیة حتى الآن بعد ثلاثمائة سنة من اقامتها فی المانیا، او هولندا، او السوید، او انجلترا، او حتى كندا.

وكان ذلك ابان عهد الملك لویس الرابع عشر، الملقب بالملك – الشمس نظرا لسطوته وهیبته. وقد اعتذر البابا للبروتستانت هذا العام عن مجزرة سانت بارتیلیمی واعترف ضمنیا بالتعصب الكاثولیكی والاعمال الوحشیة التی ارتكبوها بحق اخوانهم البروتستانت. فعلى الرغم من انهم جمیعا مسیحیون، الا ان الحزازات المذهبیة كانت شدیدة بینهم، ولكن البروتستانت فعلوا الشیء ذاته مع الكاثولیك فی البلدان التی كانوا یمثلون فیها الاغلبیة. فالتعصب اذن یجیء من جهتین لا من جهة واحدة.

وفی أواخر القرن السادس عشر تمت ملاحقة كتب ایراسم ولوثر ووضعت على قائمة الكتب الممنوعة (او المحرمة). بل واحرقت فی الساحات العامة وفی القرن السابع عشر حصل الشیء  نفسه لكتب دیكارت التی اعتبرت خارجة على الدین. واما الفیلسوف سبنیوزا فقد عانى من التعصب الیهودی والمسیحی فی آن معا. فقد حاول احد الیهود المتعصبین اغتیاله، ولكن ضربة الخنجر لم تمزق الا معطفه السمیك لحسن الحظ. واما فی القرن الثامن عشر فان المعركة اندلعت على المكشوف بین فلاسفة التنویر وبین زعماء الاصولیة المسیحیة. وكانت معركة ضاریة استخدمت فیها كافة الاسلحة من فكریة وغیر فكریة. وتوجت اخیرا بانتصار عصر التنویر على الظلامیة المسیحیة. وهكذا انتصرت القوى الجدیدة الصاعدة على القوى القدیمة الماضویة. وبدءا من تلك اللحظة انطلقت اوروبا واقلعت حضاریا بسرعة مذهلة وسیطرت على العالم. ولكن هذا لا یعنی ان القوى الاصولیة قد سلمت نفسها بسهولة. فالواقع انها ظلت تحارب قوى الاستنارة وتحاول عرقلة التقدم طیلة القرن التاسع عشر وحتى مشارف القرن العشرین. والدلیل على ذلك ما حصل للأب “الفرید لوازی”(9) الذی فصل من كل مناصبه الجامعیة بسبب آرائه الجریئة. فعلى الرغم من انه رجل دین مؤمن الا ان الاصولیین لم یستطیعوا تحمل استنارته الفكریة وسعة أفقه واطلاعه. ومن المعلوم انه كان قد تزعم فی فرنسا تلك الحركة الشهیرة المدعوة: بالحركة الحداثیة. (le modernisme).  فقد حاول تطبیق المنهج التاریخی على النصوص المسیحیة الاساسیة واضاءها من الداخل بشكل لم یسبق له مثیل من قبل. واثبت ان عیسى ابن مریم (علیه السلام) هو نبی فقط ولا یتصف بصفة الالوهیة التی تتجاوز النبوة كما یزعم المسیحیون. فقامت الدنیا علیه ولم تقعد فترك باریس وهاجر الى الریف معزولا ومنبوذا. ثم أصدر البابا قرار تكفیره وفصله من الكنیسة عام 1908. وكانت كتبه قد وضعت على قائمة الكتب المحرمة قبل ثلاث سنوات فقط من ذلك التاریخ: الى عام 1953. وأصدر البابا بیوس العاشر عندئذ قرارا بادانة الاشتراكیة واللیبرالیة والدیمقراطیة وحقوق الانسان ومجمل الافكار الحدیثة. واعتبرها كفرا ما بعده كفر.

وهكذا اندلع الصراع من جدید بین الحداثة الفكریة الصاعدة وبین الاصولیة المسیحیة المتشددة. ولم یحسم هذا الصراع الا عام (1962) عندما انعقد المجمع الكنسی الشهیر باسم الفاتیكان الثانی. فقد شعر المسیحیون عندئذ انه لا جدوى من مناطحة العصر الى ما لا نهایة، وانهم سوف یخسرون آخر مواقعهم اذا ما استمروا على خط التشدد والتزمت. وهكذا اعترفوا لاول مرة بشرعیة المنهج التاریخی والتأویلی الحدیث للدین. كما وقدموا تنازلات أخرى عدیدة لأفكار وتوجهات العصور الحدیثة. وهكذا توصلوا الى صیغة تصالحیة بین المسیحیة والحداثة، صیغة توفیقیة تعطی لكل ذی حق حقه. ولكن بقیت هناك نواة متشددة ترفض مقررات هذا المجمع الكنسی الجریء وتصر على مواقعها التقلیدیة. واندلع الصراع عندئذ بین المسیحیین انفسهم: ای بین الاتجاه اللیبرالی التحدیثی/ والاتجاه الاصولی المنغلق. ولا یزال هذا الصراع دائرا حتى الیوم وان كانت الغلبة قد تحققت للاتجاه الاول. والواقع انه لولا تطور المجتمعات الاوروبیة على كافة الاصعدة من علمیة وتكنولوجیة واقتصادیة وارتفاع مستوى المعیشة لما استطاع الاتجاه العقلانی ان ینتصر على الاتجاه السلفی المتشدد. هكذا نجد ان هذه المعركة، ای معركة الاصولیة، قد استغرقت من اوروبا مدة ثلاثمائة سنة حتى حلت مما یدل على مدى صعوبتها ووعورتها وخطورتها. ولولا انتشار العقلانیة والروح العلمیة فی اوساط واسعة من المسیحیین الاوروبیین لما استطاع خط التقدم والتنویر ان ینتصر اخیرا.

هوامش البحث

1- انشیء مكتب خاص لتحریم الكتب فی الفاتیكان فی القرن السادس عشر. ولم یلغ هذا المكتب الا عام 5 196: هذا یعنی ان الفاتیكان كان یمنع المسیحیین من قراءة الكتب التی یعتبرها ضارة بالعقول او خطرة على العقیدة. وقد وضعت معظم الكتب الفلسفیة والعلمیة على لائحة الكتب الممنوعة. ولكنها اصبحت مباحة فیما بعد على اثر انتصار العصور الحدیثة على العصور القدیمة. ولم یعد احد یعبأ برأی الفاتیكان فیما یخص هذه النقطة، اللهم الا بعض المسیحیین المتزمتین.
2- من الممتع والمفید جدا الاطلاع على كتب هذا المؤرخ المعروف. فهی تعطینا فكرة عن كیفیة منع الكتب فی اوروبا اثناء العهد القدیم، وكیف ان التوصل الى الحریة لم یتم بسهولة كما نتوهم. فاوروبا القدیمة كانت تخشی من الكتب وتراقبها مثلنا واكثر.
روبیرت دارنتون:
انظر: النشر والعصیان، مناخ الادبیات السریة فی القرن الثامن عشر، منشورات جالیمار، اووا.
Robert Darnton: Editiou et sedihou: l’uniuers de la lilterature clandestine au xviiie siecle Galliward.1991,.
3- جان هوس ( 1271- ه 141): كان راهبا تقیا وعمیدا لجامعة براج. وقد سبق لوثر الى الاصلاح الدینی بحوالی المائة سنة. ولكنه جاء قبل الاوان كما یقال ففشل وقتل. واما لوثر فجاء فی اللحظة المناسبة ولذلك نجح. ولكن هناك علاقة وثیقة بینهما او بین افكارهما الاصلاحیة ان لم نقل الثوریة.
4- جیوردانو برینو: (1371-1415) فیلسوف ایطالی شهیر. كان راهبا ایضا فی البدایة ولكنه انتقل من الدراسات اللاهوتیة الى الفلسفة فیما بعد. وقد اعتنق نظریة كوبرنیكوس عن دوران الارض على الرغم من انها كانت محرمة من قبل رجال الدین آنذاك. ولذلك لاحقوه وقبضوا علیه ثم سجنوه لمدة ثمانی سنوات. وبعدئذ قطعوا لسانه واحرقوه بتهمة الكفر!
5- جان فرانسولابار (1747-1766). كان القرن التاسع عشر یرى فیه أحد ضحایا الاستبداد الاصولی المطلق فی المسیحیة.
6- للمزید من الاطلاع حول هذه النقطة نحیل القارىء الى المرجع التالی:
جاكلین مارتان باجنودیز: محاكم التفتیش، الاسطورة والحقیقة، باریس.1992 ص97  وما بعدها.
Jacgueline Martin- Bagnau dez:
INQUISITION’ I
Mythes et realites
paris,1992
7- مارتن لوثر: (1483-1546)هو زعیم الاصلاح الدینی فی المانیا وعموم اوروبا. استطاع ان یهز الاستبداد المسیحی من جذوره وان یفتح الآفاق لایمان جدید یلیق بالعصور الحدیثة. ولذا یعتبره الالمان الشخصیة الاهم فی تاریخهم كله. فقد استطاع تأسیس دین جدید هو البروتستانتیة.
8- ایراسم: (1469- 1536) هو زعیم الاتجاه الانسانی النهضوی فی كل انحاء اوروبا ایضا. وقد سبق لوثر الى نقد الكنیسة ورجال الدین بفترة قصیرة. والبعض یعتبرهم استاذه من هذه الناحیة. من اهم كتبه: «ثناء على الجنون ».
9- الفرید لوازی: (1857-1940) كان زعیما للتفسیر الدینی الحدیث فی فرنسا واستاذا لشرح الكتاب المقدس فی المعهد الكاثولیكی بباریس. ولكنهم فصلوه من منصبه بتهمة الزندقة فعین استاذا لتاریخ الادیان فی الكولیج دوفرانس، وهی أعلى مؤسسة علمیة فی فرنسا (أعلى من السوربون).

هاشم صالح (كاتب عربی یقیم فی باریس)

شاهد أيضاً

نفاق

ما هو النفاق من منظور الإمام علي(ع)؟

مقالات العربیة – ایكنا: یقول القرآن الکریم “لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ” وهکذا یبیّن لنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *