النيابة في عصر الغيبة الصغرى(1)

النيابة هي النظام الذي اعتمده الإمام المهدي عليه السلام إبان غيبته الصغرى، والذي كان لابد من اتباعه في هذه المدة الحرجة والخطرة، من أجل إثبات وجوده الشخصي، وانه هو الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام أولاً، وممارسة دوره القيادي، وأداء واجبه الرسالي كإمام ثانياً، إذ كوّن النواب (رضوان الله عليهم) قنوات الاتصال الدقيقة بينه وبين شيعته، من أجل اصدار تعليماته وأوامره للمؤتمين به من المسلمين.

النيابة هي النظام الذي اعتمده الإمام المهدي عليه السلام إبان غيبته الصغرى، والذي كان لابد من اتباعه في هذه المدة الحرجة والخطرة، من أجل إثبات وجوده الشخصي، وانه هو الإمام محمد بن الحسن العسكري عليه السلام أولاً، وممارسة دوره القيادي، وأداء واجبه الرسالي كإمام ثانياً، إذ كوّن النواب (رضوان الله عليهم) قنوات الاتصال الدقيقة بينه وبين شيعته، من أجل اصدار تعليماته وأوامره للمؤتمين به من المسلمين.
فقد مارس هؤلاء النواب دوراً بارزاً في حفظ كيان الجماعة الصالحة بما بذلوه من التزام عال بتوجيهات الإمام عليه السلام ووصاياه لهم ولشيعته، منذ بدء الغيبة الصغرى بعد استشهاد الإمام العسكري عليه السلام عام (260هـ)، وحتى وفاة النائب الرابع علي بن محمد السّمري عام (329هـ)، أي على نحو سبعين عاماً تقريباً.
إذن فنظام النيابة يعد النظام الأمثل الذي أثبت نجاحه طيلة مدة الغيبة الصغرى، فبوجود هؤلاء النواب، لم تستشعر الشيعة الفراغ الناجم عن غياب الإمام المهدي عليه السلام إبان عهد الغيبة الصغرى، فكان بحق النظام الأنسب الذي أثبت جدارة مهمة الإمام عليه السلام في غيبته.
وقبل الولوج في خضم حياة النواب الأربعة الذين تولوا النيابة الخاصة عن الإمام المهدي عليه السلام خلال غيبته الصغرى، لابد من الحديث عن نظام النيابة، وهذا ما سنتناوله في ضوء النقاط الآتية:

أولاً: مفهوم النيابة.
ثانياً: لمحات عن نظام النيابة.
ثالثاً: أقسام النيابة.
رابعاً: فلسفة النيابة الخاصة.
أولاً: مفهوم النيابة:
النيابة لغة: النيابة بكسر النون من ناب، وناب عني فلان ينوب نوباً ومنابا، أي قام مقامي، وناب عنك في هذا الأمر نيابة إذا قام مقامك، وناب الوكيل عني في كذا، ينوب نيابة فهو نائب، وجمع النائب نواب.(2)
وقيل (النوب): اسم لجمع نائب مثل: زائر وزر، وقيل هو جمع ويقال: انبته (أنا) عنه، واستنبته، والإنابة والاستنابة بمعنى: التفويض والتوكيل.
النيابة اصطلاحا: هي قيام شخص مقام غيره في التصرف بإذن منه، أو من وليه في أمر أو عمل ما، يقال: نائب الإمام، ونائب الرئيس، ونائب القاضي، ونائب الشعب.(3)
ونائب الإمام: هو من ينوب عن الإمام الغائب المهدي المنتظر عليه السلام.(4)
لمحات عن نظام النيابة:
إن القراءة الدقيقة لحياة أئمة أهل البيت وسيرتهم عليهم السلام ترشدنا إلى أن نظام النيابة لم يكن خاصاً بالإمام المهدي عليه السلام، وإنه قد تم اعتماد مثل هذا النظام من عصر الإمامين الباقر والصادقL وانتهاءً بالإمامين الهادي والعسكريL إلى أن استقر وتجلى أمر هذا النظام بشكل أوضح في زمن غيبة الإمام المهدي عليه السلام، فقد اتخذوا (صلوات الله وسلامه عليهم) عدداً من الثقات المخلصين في إيمانهم من شيعتهم وجعلوهم وكلاء ونواباً عنهم، يتحركون بإذنهم وبأمرهم، ويشكلون قنوات للارتباط بالمؤمنين الموالين.
ويؤيد ما ذكرناه من وجود وكلاء ونواب للأئمة المعصومين عليهم السلام ما ذكره الشيخ الطوسي (ت/ 460هـ) حيث قال: (… وقبل ذكر من كان سفيراً حال الغيبة نذكر طرفا من أخبار من كان يختص بكل إمام ويتولى له الأمر على وجه من الإيجاز ونذكر من كان ممدوحاً منهم حسن الطريقة، ومن كان مذموماً سيء المذهب ليعرف الحال في ذلك).(5)
ثم قال: فمن الممدوحين حمران بن أعين الذي قال فيه الإمام الباقر عليه السلام: (لا يرتد والله أبدا)، ومنهم المفضل بن عمر الذي كان بواباً للإمام الصادق عليه السلام إلى أن قال: ومنهم أيوب بن نوح بن دراج، الذي كان وكيلاً للإمام الهادي عليه السلام، ومنهم علي بن جعفر الهماني، كان من وكلاء الإمامين العسكريينL وغيرهم من الأصحاب الذين لا يتسع المجال لذكرهم. ثم ذكر أسماء جماعة من الوكلاء المذمومين.(6)
إلا أن نظام النيابة الذي أنشأ في عصر الإمام المهدي عليه السلام يختلف عما كان عليه في عصر الأئمة السابقين عليهم السلام، ونوضح ذلك من خلال الآتي:
أولاً: إن وكلاء ونواب الأئمة عليهم السلام كانوا بمنزلة مراجع للناس في المناطق التي كانوا يسكنونها بعيداً عن منطقة سكن الإمام المعصوم عليه السلام إضافة إلى أن الأئمة عليهم السلام كانوا يقابلون الناس ويشاهدونهم حتى مع وجود هؤلاء الوكلاء، وكان موضع سكناهم معلوماً عند عامة الناس، ولم يكن هذا الأمر متوافراً لكافة الناس في مدة الغيبة الصغرى، بل كان محصوراً بالنواب الأربعةS وبعض خواص الإمام عليه السلام، الذين يتمتعون بأعلى درجات الثقة.(7)
ثانياً: إن الإمامين الهادي والعسكريL عاشا في ظروف قاسية اقتضت غيابهما عن الساحة العامة نوعا ما، لذا عملا على تأسيس نظام النيابة، بمعنى أوسع مما كان عليه في عصر الأئمة السابقين عليهم السلام بحيث أنهم عليهم السلام أرادوا أن يُعْنى هذا النظام بالقيام بجميع مهمات الإمام عليه السلام الاجتماعية والسياسية والفكرية والفقهية، ولكن ليس بالشكل المستقل عن الإمام عليه السلام، وإنما بشكله النيابي، كل هذا من أجل تحضير عقول الناس لقبول مسألة غيبة الإمام المهدي عليه السلام، ولكي لا يكون الأمر مستهجناً، كان الاتصال بهم في كثير من الأحيان يتم عبر بعض الموثوق بهم حتى يعوّدوا شيعتهم فكراً وسلوكاً على غيبة الإمام عليه السلام.
إذن كان نظام النيابة في زمن العسكريين تمهيدا لعصر غيبة الإمام الحجة عليه السلام، بينما كان في زمن الغيبة الصغرى تمهيداً من الإمام المهدي عليه السلام للغيبة الكبرى.(8)
ثانياً: أقسام النيابة:
كما أن غيبة الإمام المهدي عليه السلام انقسمت إلى مرحلتين (الصغرى والكبرى)، كذلك النيابة انقسمت إلى مرحلتين(9):
1 ـ النيابة الخاصة في الغيبة الصغرى.
2 ـ النيابة العامة في الغيبة الكبرى.
1 ـ النيابة الخاصة: وهي أن الإمام عليه السلام يتخذ أشخاصاً خاصين كنواب عنه ويحددهم بالاسم والصفات، ويسهم كل منهم في تعريف الأمة باللاحق له،(10) وهم ينوبون عن الإمام (أرواحنا لمقدمه الفداء) في مختلف المسائل التي خولهم إياها.(11)
ولا يليق بهذا المقام السامي إلا من تتوفر فيه الصفات المطلوبة والمؤهلات اللازمة والشروط الخاصة التي هي:(12)
أ ـ الأمانة. ب ـ التقوى. ج ـ الورع. د ـ كتمان الأمور التي لا ينبغي إفشاؤها. هـ ـ عدم التصرف في القضايا الخاصة بالرأي الشخصي. و ـ تنفيذ الأوامر والتعليمات الواصلة إليه من الإمام عليه السلام، إلى غير ذلك من الشروط.
ويطلق على النواب الخاصين (النواب الأربعة) وهم أربعة على ما يفهم من التعبير الأخير، وكانوا جميعهم من علماء الشيعة وزهادهم وكبارهم وهم(13):
1 ـ عثمان بن سعيد العمري رحمه الله، وهو أول النواب الخاصين بالإمام المهدي عليه السلام وكان باباً لأبيه وجدهL من قبل وثقة لهما، ثم تولى الوكالة الخاصة للإمام الحجة عليه السلام، وظهرت المعجزات على يده.
2 ـ محمد بن عثمان بن سعيد العمري رحمه الله، وهو النائب الثاني للإمام الحجة عليه السلام، وقام مقام أبيه عثمان بن سعيد بعد وفاته بنص الإمام أبي محمد العسكري عليه السلام ونص أبيه عثمان عليه بأمر الإمام المنتظر عليه السلام.
3 ـ الحسين بن روح النوبختي رحمه الله، وهو الذي قام بأمر النيابة والوكالة بعد مضي محمد بن عثمان إلى رحمة ربه ورضوانه، فكان ثالث النواب الخاصين بالإمام الحجة عليه السلام، وذلك بالنص عليه من قبل محمد بن عثمان، بأمر الإمام المهدي عليه السلام.
4 ـ علي بن محمد السمري رحمه الله وهو آخر النواب الأربعة، والذي بوفاته عام (329 هـ) انتهت مدة النيابة الخاصة ووقعت الغيبة الكبرى، وقد نص عليه أبو  القاسم الحسين بن روح النوبختي قبل وفاته من الإمام الحجة عليه السلام.
وقد مارس هؤلاء الأربعة مهام النيابة بالترتيب المذكور كلما مات أحدهم خلفه الآخر الذي يليه، بمعنى أنهم (رضوان الله عليهم) قد حددوا بالأسماء والصفات وثبتت نيابتهم بالنص عليهم من الإمام عليه السلام، وأسهم كل واحد منهم بالتعريف باللاحق له، ويُعد كل واحد منهم من أكابر علماء الشيعة، فكان الشيعة يرجعون إليهم في أمورهم لما ثبت عندهم من نيابتهم بالخصوص عن الإمام المهدي عليه السلام، وقد مارسوا دورهم النيابي ببدء مرحلة الغيبة الصغرى مدة سبعين عاماً تقريباً، استطاعوا أن يتحملوا خلالها أعباء هذه المسؤولية الثقيلة والخطرة، بأحسن وجه، وقد اضطلعوا خلال هذه المدة بعدة مهام نذكر بعضاً منها:
1 ـ قيادة القواعد الشعبية الموالية للإمام المهدي عليه السلام، من الناحية الفكرية والسلوكية، امتثالا لأوامره عليه السلام.(14)
2 ـ إخراج توقيعات الإمام المهدي عليه السلام، وحل المشكلات وتذليل العقبات التي قد تواجه بعض قواعدهم الشعبية، فكانت المشكلات تحل وفقا لتعاليم الإمام المهدي عليه السلام الواردة في توقيعاته.(15)
3 ـ قبض الأموال وتوزيعها وإيصالها إلى حيث يجب دفعها، وهو من واضحات وظائفهم ومهمات أعمالهم، والمال المقبوض يكون عادة من الحقوق الشرعية التي يعطيها أصحابها من الموالين للإمام عليه السلام في مختلف البلاد الإسلامية.(16)
4 ـ المساهمة في إخفاء الإمام المهدي عليه السلام، وذلك بالتزامهم مبدأ التقية مهما أحوجهم الأمر إلى ذلك، ويجعلونها طريقا لتهدئة الخواطر عليهم، وإبعاد النظر عنهم وعن الإمام الحجة عليه السلام(17) إلى غير ذلك من المهام الأخرى التي لا يسعنا ذكرها جميعاً تجنباً للإطالة.
ويجب الالتفات إلى انه كان للنواب الأربعة وكلاء في كثير من البلاد الإسلامية، يقومون بدور كبير في تسهيل مهمة النواب ووظائفهم. وكان هؤلاء الوكلاء محمودين في سلوكهم، مستقيمين في عقيدتهم معروفين بالزهد والتقوى والصلاح، وكانت مهمتهم الاتصال بالناس ومراسلة النواب الأربعة في القضايا والأسئلة الموجهة إلى الإمام الحجة عليه السلام، ويأخذون منهم الأموال ويوصلونها، أو يصرفونها حسب الأوامر الصادرة إليهم في الأمور الخاصة، أو على الشيعة.(18)

وفيما يأتي نذكر أسماء بعض الوكلاء:
1 ـ حاجز بن يزيد الملقب بالوشاء.(19) 2 ـ إبراهيم بن مهزيار.(20) 3 ـ محمد ابراهيم بن مهزيار.(21) 4 ـ أحمد بن إسحاق الأشعري القمي.(22) 5 ـ محمد بن جعفر الأسدي.(23) 6 ـ القاسم بن العلاء.(24) 7 ـ الحسن بن القاسم بن العلاء.(25) 8 ـ محمد بن شاذان.(26)
2 ـ النيابة العامة: وهي النيابة التي لم تحدد بالتشخيص لشخص ما إنما حددت بعنوان عام ينطبق على هذا الفقيه، أو على ذاك الفقيه، فيعبر عن الفقهاء في عصر الغيبة الكبرى بأنهم (نواب عامون).(27)
ـ أو هي: ان الإمام عليه السلام يحدد ضابطاً عاماً يكون الشخص الذي يصدق عليه هذا الضابط العام صدقا كاملا نائبا للإمام، ويحتل مركز الولاية العامة بحكم هذه النيابة، ويكون الوالي العام لشؤون الأمة الدينية والدنيوية.(28)
ـ أو هي: النيابة المتمثلة بفقهاء الشيعة ومجتهديهم المؤهلين من نواحي العدالة، والأعلمية، والخبرة، ويطلق عليهم اسم (مراجع الدين)، ومفردها المرجع الديني، لرجوع الناس اليهم في أخذ الفتوى والإرشاد، ويتم وصول المجتهد إلى مرتبة المرجعية من خلال تأييد الناس والمؤسسات الدينية له.(29)
وإن من يتولى المرجعية العامة للمسلمين في زمن غيبة الإمام (أرواحنا لمقدمه الفداء)، لابد أن تتوفر فيه الشروط الآتية:(30) 1 ـ البلوغ. 2 ـ العقل. 3 ـ العدالة. 4 ـ الرجولة. 5 ـ الاجتهاد. 6 ـ الحرية.
قال السيد محمد باقر الصدرH: (إن مجموعة من الشروط التي يجب أن يتوافر عليها من يتصدى لقيادة الأمة وتولي زمام الأمر وهي: العدالة، العلم، الوعي بالواقع وما يدور به من مستجدات، وكيفية استيعاب المبادئ الإسلامية لاشكالياته المختلفة. قال تعالى: (بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ)،(31) الرقابة).(32)
وقد ثبت منصب النيابة العامة بنصوص النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام، والإجماع والسيرة المتصلة القطعية للعلماء العاملين، والفقهاء الراشدين، ورواة أحاديث الأئمة الطاهرين، فيجب على كافة المكلفين الرجوع إلى العلماء حفظة العلوم والأخبار وآثار الأئمة الأطهار عليهم السلام العارفين بالأحكام الصادرة عنهم بالنظر والاستنباط والعقل والتدبر، ولابد للمكلفين أن يأخذوا مسائل الحلال والحرام منهم، ويرجعوا في قطع المنازعات إليهم، وكل ما يقولون هو حجة عليهم، لأنهم جمعوا شرائط الفتوى من قوة الاستنباط إلى العدالة والبلوغ، والعقل وسائر شرائط الاجتهاد، ولهم النيابة العامة، فالناس مكلفون بالرجوع إليهم اضطراراً لعدم تعين نائب مخصوص في زمن الغيبة الكبرى. والروايات الواردة في حقهم كثيرة وهي مذكورة في كتب الحديث والفقه منها:
أ ـ ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم ارحم خلفائي ثلاثا فقيل: يا رسول الله، ومن خلفاؤك؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: الذين يأتون من بعدي، ويروون حديثي وسنتي).(33)
ب ـ ما جاء في التوقيع الشريف الصادر عن الإمام الحجة عليه السلام على يد نائبه الثاني محمد بن عثمان العمري، قال عليه السلام: (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله عليهم).(34)
ج ـ ما روي عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام في حديث طويل، جاء في طرف منه: (فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفاً لهواه مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم).
وغير ذلك من الروايات الأخرى التي تبيّن انه عليه السلام لم يترك المسلمين لاسيما شيعته سدى من غير مرجع ومفزع، فكان العلماء هم المرجع الوحيد لحل المشاكل التي كانت تواجه الشيعة منذ ذلك اليوم حتى يوم الناس هذا.
هذا وإن المرجع الذي يتقلد منصب النيابة العامة عن الإمام المنتظر عليه السلام تقع عليه مسؤوليات أهمها ما يأتي:
1 ـ رعاية العالم الإسلامي بجميع طوائفه وفرقه، وتفقد شؤونهم والذب عنهم إذا دهمهم عدو، وغزا أرضهم كافر.
2 ـ الإنفاق على الحوزات العلمية الدينية، وتفقد جميع شؤونها الاقتصادية والعلمية والاجتماعية.
3 ـ الإنفاق على الفقراء والبؤساء والمحرومين.
ثالثاً: فلسفة النيابة الخاصة:
كما أن الحكمة الإلهية هي التي اقتضت غيبة الإمام الحجة عليه السلام كذلك فإنها هي التي اقتضت وجود النواب الأربعة (رضوان الله عليهم)، حيث أن وجودهم الشريف، كان من الضرورات المسلّم بها خلال مرحلة الغيبة الصغرى.
والنقاط الآتية توضح لنا بعضاً من أهم الأسباب والدواعي التي أدت إلى وجود النواب (رضوان الله عليهم).
1 ـ كونهم همزة الوصل بين الإمام عليه السلام وبين مواليه، حيث كان النائب يتصل بالشيعة ويحمل أسئلتهم إلى الإمام، ويعرض مشاكلهم عليه ويحمل إليهم أجوبته شفهية أحياناً وتحريرية في كثير من الأحيان، وقد وجدت الجماهير التي فقدت رؤية إمامها العزاء والسلوة في هذه المراسلات والاتصالات غير المباشرة، خصوصاً بعد أن كانت التوقيعات والرسائل ترد من الإمام المهدي عليه السلام بخط واحد وسليقة واحدة طيلة نيابة النواب الأربعة (رضي الله عنهم).
2 ـ تخفيف أزمة الصدمة والشعور بالفراغ الهائل باحتجاب الإمام المهدي عليه السلام عن قواعده الشعبية، فقد أشار قول الإمام الحسن العسكري عليه السلام: (أن عثمان بن سعيد العمري وكيلي، وأن ابنه محمداً وكيل ابني مهديكم)، إلى أهمية خاصة، وهي زرع الاطمئنان الحسي في نفوس الخاصة والعامة من خلال تنصيب نائب عنه وعن ابنهL، حتى لا تفاجأ الأمة بعد ذلك، حيث بدأ الإمام عليه السلام غيبته بالنواب، وهذا أقرب إلى أذهان الناس وأشد أنسا، لاسيما وأن هؤلاء النواب أولهم نص عليه الإمام الحاضر وهو الإمام العسكري عليه السلام، وفي نفس الوقت نص على من يأتي بعده، فبهذه الخصوصيات وغيرها تكون الأمة مهيّأة ذهنياً ونفسياً لتلقي خبر غيبة الإمام عليه السلام، بلا أدنى تشكيك، وبالخصوص عندما كانت تأتي توقيعات من الإمام نفسه، بيد النواب المعينين من قبل أبيه ومن قبله عليه السلام.
3 ـ وجود النواب سوف يؤدي إلى الحفاظ على أسرار الإمامة من التسرب إلى الأعداء والمخالفين، فقد نهج النواب منهج التكتم والحذر، حتى لا يكون عملهم لافتا للنظر، وحرصوا (رضوان الله عليهم) على أن تكون حياتهم وتجارتهم طبيعية جداً غير مثيرة لأي تساؤل أمام الدولة، وعملائها.
4 ـ القيام بمصالح المجتمع، وخاصة القواعد الشعبية الموالية للأئمة عليهم السلام خاصةً تلك المصالح التي تفوت بطبيعة الحال بانعزال الإمام، واختفائه عن مسرح الحياة، شأن أي مصلحة للمجموع تفوت بفوات القائد والموجه.
5 ـ إعداد الشيعة لتقبل فكرة النيابة العامة عن الإمام عليه السلام، عند تحول النيابة من أفراد منصوصين إلى خط عام، هو خط المجتهد العادل البصير بأمور الدنيا والدين، تبعاً للتحول من الغيبة الصغرى إلى الغيبة الكبرى.

الهوامش
(1) من البحوث المشاركة في المؤتمر العلمي الأول الذي أقامه مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام في مدينة النجف الشرف في 22/7/2007م.
(2) ظ: الخليل الفراهيدي، كتاب العين، 8/ 381، الجوهري، الصحاح، 1/ 228، ابن منظور، لسان العرب، 1/ 774،الفيروز آبادي، القاموس المحيط، 1/ 134 ـ 135، الطريحي، مجمع البحرين، 4/ 387، الزبيدي، تاج العروس، 1/ 495 ـ 496، احمد فتح الله، معجم ألفاظ الفقه الجعفري، 71.
(3) ظ: إبراهيم أنيس، المعجم الوسيط، 22/ 961، محمد قلعجي، معجم لغة الفقهاء، 490.
(4) أحمد فتح الله، معجم ألفاظ الفقه الجعفري، 419.
(5) الطوسي، الغيبة: 345.
(6) ظ: المصدر نفسه، 346 ـ 351.
(7) ظ: ياسين الموسوي، الحيرة في عصر الغيبة الصغرى، 91 ـ 94.
(8) ظ: ياسين الموسوي، الحيرة في عصر الغيبة الصغرى، 143 ـ 144.
(9) المفيد، أوائل المقالات، 311، المفيد، المسائل العشر في الغيبة، 21.
(10) محمد رضا حكيمي، كتاب شمس المغرب، 41.
(11) فاضل المالكي، الغيبة الصغرى والسفراء الأربعة، 9.
(12) محمد كاظم القزويني، الإمام المهدي من المهد إلى الظهور، 163.
(13) الطبرسي، اعلام الورى، 2/ 259 ـ 260، الطبرسي، تاج المواليد، 67 ـ 68، هاشم البحراني، مدينة المعاجز، 7/ 8 ـ 9، محسن الأمين، أعيان اليعة، 2/ 596 ـ 598.
(14) محمد محمد صادق الصدر، تاريخ الغيبة الصغرى، 383، حسين الشاكري، المهدي المنتظر عليه السلام، 1 / 498.
(15) محمد محمد صادق الصدر، تاريخ الغيبة الصغرى، 472.
(16) المصدر نفسه، 478.
(17) ظ: محمد محمد صادق الصدر، تاريخ الغيبة الصغرى، 466، حسين الشاكرين، المهدي المنتظر، 1/ 499.
(18) محمد كاظم القزويني، الإمام المهدي من المهد إلى الظهور، 174 ـ 175.
(19) التفرشي، نقد الرجال، 1/ 380، علي البروجردي، طرائف المقال، 1/ 231.
(20) النجاشي، رجال النجاشي، 16.
(21) محمد علي الأردبيلي، جامع الرواة، 2 / 44، علي البروجردي، طرائف المقال، 1 / 249.
(22) النجاشي، رجال النجاسي، 91، الطوسي، رجال الطوسي، 398.
(23) النجاشي، رجال النجاشي، 373، الطوسي، رجال الطوسي، 439.
(24) التفرشي، نقد الرجال، 4/ 42، علي البروجردي، طرائف المقال، 1 / 231.
(25) محمد علي الابطحي، تهذيب المقال، 2/ 337 ـ 338.
(26) التفرشي، نقد الرجال، 4/ 228، محمد علي الاردبيلي، جامع الرواة، 2/ 130.
(27) فاضل المالكي، الغيبة الصغرى والسفراء الأربعة، 10.
(28) محمد رضا حكيمي، كتاب شمس المغرب، 41.
(29) اسعد وحيد القاسم، أزمة الخلافة والإمامة، 181 ـ 182.
(30) اليزدي، العروة الوثقى، 1/ 24، محسن الحكيم، مستمسك العروة، 1/ 40.
(31) المائدة: 44.
(32) محمد باقر الصدر، أهل البيت عليهم السلام تنوع أدوار ووحدة هدف، 493.
(33) الصدوق، من لا يحضره الفقيه، 4/ 420، الصدوق، عيون أخبار الرضا، 1 /40، نور الدين الهيثمي، مجمع الزوائد، 1/ 126، جلال الدين السيوطي، الجامع الصغير، 1/ 233، المتقي الهندي، كنز العمال، 10/ 221، الحر العاملي، وسائل الشيعة، 27/ 139.
(34) الصدوق: كمال الدين، 2/ 439 ـ 440، الطوسي: الغيبة، 290 ـ 291، الطبرسي، اعلام الورى، 2/ 270 ـ 271، الراوندي، الخرائج والجرائح، 3/ 1113 ـ 1114، الحر العاملي، وسائل الشيعة، 27/ 140.

شاهد أيضاً

عِللُ الغيبة و فلسفتها

«اللّهمّ عرّفني حُجّتك، فإنّك إنّ لم تُعرّفني حُجّتك ضَلَلْتُ عن ديني»لا نعرف شيئاً بعد معرفة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *