الحجة

اسماعيل شفيعي سروستاني
في اليوم الذي خاطب فيه اميرالمؤمنين (ع) الناس (الخطبة ال 92 من نهج البلاغة ) وقال : ” فَاسْأَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَوَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لاَ تَسْأَلُونِی عَنْ شَیْ‏ءٍ فِیمَا بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَ اَلسَّاعَةِ اِلاَّ اَنْبَأْتُکُمْ ” سئل جماعة بُلهاء عديم الفهم والر‍ؤية والدراية عليا الذي كان آية الله الكبرى عن عدد شعرات وجوهم ولحيتهم .

اسماعيل شفيعي سروستاني

في اليوم الذي خاطب فيه اميرالمؤمنين (ع) الناس (الخطبة ال 92 من نهج البلاغة ) وقال : ” فَاسْأَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَوَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لاَ تَسْأَلُونِی عَنْ شَیْ‏ءٍ فِیمَا بَیْنَکُمْ وَ بَیْنَ اَلسَّاعَةِ اِلاَّ اَنْبَأْتُکُمْ ” سئل جماعة بُلهاء عديم الفهم والر‍ؤية والدراية عليا الذي كان آية الله الكبرى عن عدد شعرات وجوهم ولحيتهم .

أین رؤية علي (ع) الذي قال : «سلوني عن طرق السّموات فانّي أعرفُ بها من طرق الأرض ” من هؤلاء؟ علماء النجوم يعتقدون أن مادام البشر موجود على وجه الأرض والمنجّمون يواصلون البحث عن النجوم فلايمكن لهم الحصول على عدد جميع المجرات والنجوم .

كلما تم الحصول عليه إلى الآن من رؤية المجرات والنجوم والكواكب من خلال استخدام جميع الأجهزة والتقنية الحديثة المتطورة جداً فهو قسم من الأجرام السماوية.

ضوء نجمة في أبعد مجرة تم اكتشافها من خلال مرصد فضائي يصل إلى الأرض بعد 13 مليار عام وليس من الواضح أن لو تم إرسال مرصد أقوى إلى الفضاء كم سيكون وراء هذه المجرة عدد المجرات التي سيتم الكشف عنها.

مع أن كلام اميرالمؤمنين علي (ع) لم يشر إلى العلم بطرق سماء الدنيا فحسب بل يشمل جميع عوالم ماوراء الطبيعة أيضاً لكن لابأس أن نرى ماذا يحدث في سماء الدنيا وما يحتويه الذي نسبح فيه نحن والإمام كان على علم بجميع تفاصيله.

عدد المجرات الكبيرة في سماء نا هذا هو 350 مليار مجرة وأن المسافة بين مجرة وأخرى تبلغ عشرين ضعف قطر المجرة و إن المسافة بين نجم وأخرى في أي من هذه المجرات يبلغ عشرة ملايين ضعف قطر النجمة وأن مجرة درب التبانة المتوسطة والتي تحتوي على نظامنا الشمسي تمتلك 200 مليار نجمة. عسى أن تصابوا بالدهشة لو قالوا لكم العدد المحتمل للنجوم . عدد النجوم هو بين 1022 إلى 1024 أي عليك أن تضع 24 صفر أمام رقم عشرة. عليكم أيضاً أن تضيفوا عدد الكواكب إلى هذا العدد أي بين 1011 إلى 1012 كوكب.

لو استطعتم أن تعدوا عدد خلايا البدن فسيكون بإمكانكم أن تعدوا عدد النجوم .

إضافة إلى هذا فإن البشر من بين هذا الكم الهائل من الكواكب اكتشف إلى الآن فقط 500 كوكب.

إن عدد النجوم التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة لم يتجاوز 7000 نجمة . الآن إذا رصدتم النجوم التي يمكن رؤيتها في ليل صاف لم تجد فيه للقمر أثر فإن عدد النجوم لم يتجاوز ثلاثة آلاف نجمة.

من خلال مرصد “مونت ويلسون” الفلكي القوي في ولاية كاليفورنيا الأمريكي والذي يحتوي على مرآة قطرها عشرة أمتار ونصف متر يمكن رؤية 500 مليون نجمة أي إذا أردنا عدها منذ المغرب وحتى الصباح ونعد في كل ثانية نجمة يأخذ تقريبا قرنا من الوقت حتى نتمكن من عد النجوم التي احتواها هذا المرصد ومن خلال العد البسيط سيتضح لنا أن الأمر سيستغرق أربعين ألف عام حتى يتمكن الإنسان من عد النجوم الموجودة في مجرة درب التبانة فقط.

إن الشمس إحدى النجوم من بين 200 مليار نجمة الواقعة فقط في مجرة درب التبانة. هذه المجرة تحتوي علي 400 مليار نجمة.

الآن وبعد كل هذه الأمور بإمكاننا أن يكون لنا صورة بعيدة عن دائرة علم الإمام علي (ع) حول طرق السماوات والذي قال : ” «سلوني عن طرق السّموات فانّي أعرفُ بها من طرق الأرض “.

الآن ما هو شعوركم عندما توجهون التحية والتقدير لإمام الحجة (عج) قائلين: «اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا ناظِرَ شَجَرَةِ طُوبي‏ وَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهي »[1]

أي نظرتکم الثاقبة ستخترق جميع العوالم وستكون ناظرة إلى شجرة الطوبى وسدرة المنتهى. إن إمام العصر (عج) ينظر إلى جميع الكون بعين الله من أعماق التراب إلى الأفلاك وإلى شجرة طوبى وسدرة المنتهى الواقعة في السماء السابع وإن حجة الله هو الخبير والعالم بشفقة بقلوب الناس وأصحابه. إنه الذخيرة الإلهية و كل شي ءٍ حاضر أمامه.

ليس جميع المخلوقات والكائنات الموجودة في أي من العوالم حاضرة أمام الإمام فحسب بل الجميع يرزقون بسببه وبواسطته . أولم تسمعوا أو تقرءوا مراراً أن ” بِيُمْنِهِ رِزْقُ الوُري “.

والأهم من ذلك أن الدنيا باقية بوجوده وهو «الَّذي بِبَقائِهِ بَقيْتُ الدُّنيا و بوُجُودِهِ ثَبِّتَتِ الأرْضِ وَ السَّماء» ولو لم يكن الأمر هكذا كما قال الإمام الصادق (ع): «لولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها»

كما قال الامام الصادق (ع) أيضاً : ” نحن أهل البيت النعيم الذي أنعم الله بنا على العباد …وهي النعمة التي لا تنقطع ، والله سائلهم عن حقّ النعيم الذي أنعم به عليهم ، وهو النبي (صلى الله عليه وآله) وعترته (عليهم السلام) ” [2]

كما جاء في باب الحجة في أصول الكافي : ” أن الدنيا وما فيها لله تبارك وتعالى ولرسوله ولنا، فمن غلب على شيء منها فليتق الله، وليؤد حق الله تبارك وتعالى وليبر إخوانه، فإن لم يفعل ذلك فالله ورسوله ونحن براء منه.” [3]

إن هذا هو معنى النعم والخيرات والتي كما قال الإمام الهادي (ع) فإن المعصومين (ع) هم مصادرها وبدايتها ونهايتها وأصلها وفرعها ومعدنها حيث قال :” إن ذكر الخير كنتم أوّله و أصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه”

يا للأسف فإننا أصبحنا تلاميذ مدرسة الشرك والنفاق الذين ضيعنا مسبب الأسباب وعند الحاجة والضيق لم نتوجه إلى صاحب النعم وكأننا متروكون في حال سبيلنا . لو لم يكن الأمر هكذا لما كنا على هذا الحال الذي نحن عليه في الوقت الراهن. أصبحنا غرقى في الدخان ونتنفس الحياة من منافذه ولم نذكر صاحب النعم علينا لحظة.

العجب كل العجب من أهل هذا الديار الذي ينبغي لهم أن يذكروا أصل وفرع  ومعدن ومأوى الخيرات والنعم لكنهم في مغبة الازدحام والاضطرار، الطريق الوحيد الذي يبحثون فيه النجاة هو الدوائر المغلقه . فأين هؤلاء المومنون والمصلون حتى يرفعوا في ليلة ما أيديهم بالدعاء ويطلبوا الخلاص من صاحبهم ؟ 

عند ولادة الإمام الحسين بن علي (ع) قدموا لوحاً أخضر من الزمرد له هدية من السماء جاء فيه أسماء المعصومين (عليهم السلام).

إن الله عند بلوغ ذكر اسم صاحب العصر والزمان في هذا اللوح يستخدم عبارة أوليائي لأصحاب الإمام الحجة وينسبهم لنفسه قائلا : ” أولئك أوليائي حقاً ، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس، وبهم أكشف الزلازل وأدفع “.

من كثرة ما شغلتنا وغرّتنا أنفسنا فقد نيسنا أن ” الإمام الأنيس الرّفيق و الوالد الشّفيق و الأخ الشقيق و الأمّ البرّه الصّغير و مفزع العباد في تداهيد النّار.”[4]

قال الإمام الحسن العسكري (ع) :” يا أحمد بن اسحاق إن الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم، ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجة لله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه ينزل الغيث، وبه يخرج بركات الأرض.” [5]

بسبب مكانة حجة الله الحي الرفيعة والوطيدة قد أعلنوا الدعاء للفرج والتعجيل في ظهور إمام العصر (عج) بأنه طريق خلاص الشيعة من المتاعب والمشاكل. «و أكثر الدّعا بتعجيل الفرج فانّ ذلك فرجكم.»[6]

أين الرجال الذين تخلصوا من أنفسهم أن يرفعوا أيدي القلوب نحو السماء وأن يطلبوا فرج الإمام من رب العظيم؟ أين الرجال الذين وصفهم الله بأنهم أوليائه وبسببهم ودعائهم اعتبر دفع الفتن والزلازل والمصاعب فريضة على نفسه؟

أصحاب الإمام يعملون كما كان يعمل عاصف بن برخيا .العارفون بحق الإمام لم يكن أحد منهم حاضر بيننا ولهذا فنحن قد أصبحنا في بلاء هكذا . إغتنموا ساعات يوم الجمعة وبصلاة إستغيثوا بالإمام عسى أن يستجاب دعوة قلب مكسور. ان شاء الله.

[1]. بحارالأنوار، ج 8، ص 133؛ مفاتيح الجنان، زيارة سرداب، ص 495.
[2]. حويزي، عبدعلي بن جمعه، تفسير نور الثّقلين، مترجم: سيّد هاشم رسولي محلّاتي، ج 5، ص 663.
[3]. اصول كافي، باب الارض كلّها للامام، ج 2.
[4]. تفسير امام عسكري(ع)، ص 112.
[5]. كمال الدّين، ج 2، ص 56.
[6]. همان، ص 485.

شاهد أيضاً

إمام العصر علیه السلام بانتظار شاب مكافح للظلم ومجدد ومناد بالعدالة

إن المهدوية منسجمة ومتناغمة مع روح الشاب، ومنسجمة ومتناغمة مع قلب الشاب، فقلب الشاب لا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *