وردت من مركز(الرسالة) في اليمن عشرون شبهة وإشكالاً حول حقيقة الإمام المهدي عليه السلام وقد ارتأت (الانتظار) إيراد هذه الشبهات تباعاً مع الرد عليها لبيان الحقيقة الناصعة التي هي من أسس الاعتقاد.
الغيبة سُنّة إلهيّة
الشبهة التاسعة
لم يرد أن أحد الأئمة الاثني عشر غاب؛ فلماذا اختلفت السنة الإلهية في الأئمة عند المهدي حتى غاب هذا الزمن الطويل، خاصة وأن معظم الأئمة الإثني عشر ينطبق عليهم نفس علة غياب المهدي وهي الخوف وعدم الناصر (كما تقولون)؟!
الجواب:
متى ما توفر مقتضى الغيبة عند أي إمام فإنه يغيب دون أدنى شك كما غاب الإمام المهدي، والغيبة هي سنة في بعض الأنبياء دون البعض الآخر، فمتى ما ألجأته إلى أن يغيب غاب، ألا ترى أن موسى عليه السلام غاب أربعين ليلة عن قومه ولم يغب مثله عيسى عليه السلام هذه المدة، وقد غاب عيسى في ظروف لم يغب فيها موسى وهكذا، فلا يعني عدم غيبة أحد الأنبياء وغيبة غيرهم ملاكاً على نبوة من غاب دون من لم يغب.
وقد عرفنا أن الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام احتجبا عن شيعتهما مدةً من الزمن، ومعنى هذا امكانية غيبة أي إمام إذا اقتضت ظروفه ذلك.
وإذا علمنا أن مهمة الإمام المهدي عليه السلام تختلف عن مهمة آبائه، ودعوته تبعث على قلق الظالمين إذا ما عرفوا أنه يدعو إلى إقامة دولة عدلٍ إلهية عامة شاملة تتهاوى معها عروش الظالمين، علمنا دواعي حذر الحكام من هذه الدعوة وتوجسهم من بثها فهي تحريضٌ على معارضة مـثـل هكذا حكومات لا تقيم للعدل وزناً ولا ترى للقسط محلاً، ومتى ما كان هدف الإمام المهدي هذا فإن دواعي ملاحقة الظالمين له أكثر، مع أن آباءه لا يدعون إلى إقامة دولة على أنقاض دولة الظالمين وقد التزموا النهج السلمي مع الحاكم. وهم مع هذا لم يسلموا من بطش الظالمين وملاحقتهم، حتى لم يبق أحد منهم إلا وتعرض للتنكيل ثم ينتهي بعد ذلك بقتله سماً وبمحاولات شتى تعرض إليها جميع المؤرخين. إذا عرفنا هذا، فإن الذي يدعو إلى الإطاحة بأنظمة الضلال حريٌ به أن يحفظ نفسه عن كل محاولةٍ يسعى إليها الظالمون لتصفيته، والإمام المهدي يجب عليه الابتعاد عن مواطن الضرر، والتحفظ من الهلكة حتى يأذن الله له بالفرج والنصر على الظالمين، وهو لم يملك بعد مقومات التغيير وإقامة دولة الحق لعدم الناصر ووجود المؤازر.