معوقات الوحدة الإسلامية

لا شك أن الوحدة الإسلامية تشكل النواة الأولى لقوة الأمة بمختلف مجالات الحياة التي تمر بها، كما أن تشكل ردعاً لقوى الاستكبار العالمي التي كانت ولا زالت تحيك المؤامرات من أجل التقليل من قدراتنا للاعتماد على أنفسنا من خلال وحدتنا التي دعا إليها قرآننا الكريم ” وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا “، فالمراد بالإعتصام في الآية الكريمة “الوحدة” من أجل أن يحفظ الإنسان نفسه ويمنع العوائق التي يمكن أن تطرأ عليه.

فموضوع الوحدة واجه تحديات وعوائق من قبل أعداء الأمة، فتارة تكون هذه التحديات من داخل الصف الإسلامي وأخرى من خارجه. فمن الطرق الداخلية التي تزرعها قوى الخارج في مجتمعاتنا، هي إسلوب التشكيك عبر بث الشبهات من أن الإسلام ليس قادراً على تنظيم حياة المجتمع.

فالقرآن الكريم دائماً يلامس الواقع تماماً فيقول ” يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ”، فهي تشير إلى أن المسلم عندما يصغى ويطيع الكافر ويخرجه بكفره عن الإسلام إلى جبهة الشرك والكفر، فهذا يعني الهزيمة الداخلية، التي تعني التخلي عن دور القيادة التي منحها الله سبحانه وتعالى للمسلمين “كنتم خير أمة أخرجت للناس” وهي تعني أن الأمة الإسلامية التي كانت مؤهلة لقيادة العالم والبشرية عندما تتبع الكافرين وتطيعهم تخرج عن دور القيادة وهذا ما يرفه الإسلام؛ لأن القيادة شرف ولا يمكن أن يتخلى عنها الإنسان حتى لا يصبح مقوداً.

كما أن الضرر الذي يترتب على إطاعة الكافرين وإتباعهم، فهو الشك في الإسلام بأنه غير قادر على تنظيم الحياة وقيادة الناس، وهذا ما شاهدناه عندما كانت بعض الجهات تدعو للقومية ببعض البلدان الإسلامية، طًرح شعار ان الإسلام جاء لفترة من الزمن وأدى رسالته فما عاد يصلح لهذا الزمن.

وهذا الأسلوب من أحد الأساليب النفسية التي تجعل الآخر يشكك فيما لديه من فكر، فأي شخص تريد أن تكسبه لجنبك أو صفك تحتاج أولاً أن تزرع الشك فيما لديه من فكر ومبادئ وعندما تتمكن من انتزاع الأفكار التي يؤمن بها يصبح ذهنه فارغاً وعندها تستطيع أن تضع فيه ما لديك من أفكار بديلة. ولهذا حذرنا القرآن الكريم في عدة موارد من أن نكون ضحية لمثل هذه الأساليب.

أما الطريق الآخر الذي انتهجه أعداء الوحدة الإسلامية هو إسلوب “الإغراء والإغواء”، فقد انتهج العدو هذا الطريق وبدئوا بمحاولة سلب الهوية الإسلامية من الإنسان المسلم، وهي طريقة لزرع وبث المنافقين في الداخل ليلعبواً دوراً كبيراً في بلبلة المجتمع وشق صفوفه.

فكثير ما نسمع في مجتمعاتنا ويرددون “إن الغرب هم أصحاب حضارة” لكن في الواقع لا نجد من هذا الشعار إلا ثلاثة أمور هي: التصنيع المتقدم، والعلوم الحديثة في الجامعات والمعاهد، والفساد والإفساد، أما الجانب الأخلاقي فأصبح في معزل عن حياتهم، لأن من يعطي الجانب الأخلاقي هو الدين المتمثل بالكنيسة، والكنسية اليوم أصبحت في معزل عن واقعهم.

والأخطر هو الأسلوب الأول وهو سلب الهوية الإسلامية من المسلم، وبث المنافقين في الداخل ليلعبوا دوراً كبيراً جداً في بلبلة المجتمع، فترى أن أي قضية ما تحدث وتمر عليها السنين وقد تنسى، لكن القوى المنافقة تثير هذه القضية مرة أخرى ويتمسكون بها إذا ما رأوا أن مصالحهم اقتضت ذلك، لأنهم يريدون أن يبقى خط التفرقة والتمزيق فعالاً في صفوف الأمة والمجتمع.

فإن الطريق الوحيد لمواجهة هذه الأخطار المحدقة بمجتمعاتنا الإسلامية هو عن طريق تنامي الوعي لدى المسلمين، كما أن إقامة المؤتمرات التي تعقد كدعوة للوحدة الإسلامية، فهي أيضاً نوع من نشر الفكرة لتصل إلى مستوى رأي عام يساعد على تذليل العقبات والصعاب.

فالوحدة الإسلامية من الناحية العملية ممكنة التحقق لكنها تحتاج إلى زمن طويل وعمل دءوب لأن العوائق موجودة وكبيرة. فإيران بعد انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني الراحل (قدس سره) تبنت موضوع الوحدة وطرحت أكثر من شعار يدعو المسلمين إلى الإتحاد بمواجهة قوى الإستكبار.

كما أن الإمام الخميني بعد رحيله اختار فعلاً من يستطيع أن يواصل مسيرة الوحدة الإسلامية هو آية الله السيد علي الخامنئي حفظه الله، الذي بادر إلى تفعيل نهج التقريب والوحدة ولهذا نجد تجاوباً كبيراً من مختلف المسلمين عندما ينعقد المؤتمر في كل سنة ويكون هناك حضور مكثف.

شاهد أيضاً

تقرير: ثلثا مسلمي أمريكا تعرضوا لحوادث إسلاموفوبيا

أفاد تقرير حديث بأن ثلثي المسلمين في أمريكا تعرضوا لحوادث إسلاموفوبيا، أي الكراهية المرتبطة بالخوف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *