الامام المهدي ودوره الرسالي

أحببت بداية التعريف بالإمام  ولكن توقفت لما ما هنالك من الاختلاف حتى في مجرد تسميته في كونه هو المهدي. ونحن لايهمنا الاختلاف بقدر ما يهمنا الدليل وكثرة رواياته وتوافرها وما عليه المدار، ففي الروايات أن اسمه محمد حيث قال الأمير  اسم المهدي محمد[1] . واستفاضت الروايات أنه ابن الإمام الحسن العسكري  من ولد الحسين  ، يقول الامام الحسين لرجل من همدان: «قائم هذه الأمة هو التاسع من ولدي، وهو صاحب الغيبة، وهو الذي يقسم ميراثه وهو حي»

أحببت بداية التعريف بالإمام  ولكن توقفت لما ما هنالك من الاختلاف حتى في مجرد تسميته في كونه هو المهدي.
ونحن لايهمنا الاختلاف بقدر ما يهمنا الدليل وكثرة رواياته وتوافرها وما عليه المدار، ففي الروايات أن اسمه محمد حيث قال الأمير  اسم المهدي محمد[1] .
واستفاضت الروايات أنه ابن الإمام الحسن العسكري  من ولد الحسين  ، يقول الامام الحسين لرجل من همدان: «قائم هذه الأمة هو التاسع من ولدي، وهو صاحب الغيبة، وهو الذي يقسم ميراثه وهو حي» [2] .
أما من قال أن اسمه محمد بن عبدالله على اعتبار الحديث القائل «لو لم يبقى من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلا منّي أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي»، فنقول مردود بأكثر من وجه: –
أولا: – أن هذا الحديث في زيادة بهذه الألفاظ «واسم أبيه اسم أبي» عن بقية الأحاديث الأخرى والتي لم ترد هذه الألفاظ في أي منها، هذا من حيث المتن.
ثانيا: – من حيث السند، في رواة الحديث راوي يسمى «زائدة» وقد ذكر علماء الدراية في علم الرجال في ترجمة «زائدة» أنه ممن يزيد في الأحاديث.
فعلى هذا لم بيقى إلا أنه من أبناء الامام الحسن العسكري من صلب الامام الحسين  وقد وردت آيات كريمة وأحاديث شريفة كثيرة تصل إلى حد التواتر تشير إلى فضله وصفاته وخروجه ودولته، قال تعالى ﴿ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين﴾[3] .
قال الطبري في تفسيره ﴿ونجعلهم الوارثين، أي يرثون الارض﴾[4] ، وفي رواية عن الإمام الصادق  قال «إن هذه الآية مخصوصة بصاحب الأمر الذي يظهر في آخر الزمان ويبيد الجبابرة والفراعنة ويملك الارض شرقا وغربا» [5] .
وفي آية أخرى ﴿ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون﴾[6]  قال العلامة الأجل الشيخ الطبرسي في «مجمع البيان» في رواية عن الامام الباقر  «أنهم أصحاب المهدي في آخر الزمان» [7] .
وأما في الحديث فقلنا أنه بلغ حد التواتر [8]  لكثرته، ونذكر النزر اليسير من هذه الاحاديث: –
عن رسول الله  قال: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة» [9] .
وعنه  قوله: «لو لم يبقى من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا[10] .
وكذلك يقول «صلوات الله عليه»: «لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» [11] .
وبعد كل ما ذكرنا من آيات وأحاديث في الإمام المهدي «عج» وعلمنا أنه إمام من صلب الامام الحسين  ينبغي معرفة دوره الرسالي فهو ولاشك ذو دور رسالي في حياته وعمره الذي ناهز 1176 عاما.
ويكمن دوره الرسالي في الغيبة الصغرى في تسمية وتخصيص النواب الأربعة للقيام بواجبهم في حفظ الشريعة وتبليغها من أحكام وحقوق وحدود وغيرها.
وفي الغيبة الكبرى إرشاده للناس عمّن يأخذون أحكام دينهم بأن أرشدهم إلى العلماء التي تتوفر الشروط فيهم، قال «عج»: «من كان منكم صائنا لدينه، مخالفا لهواه، طائعا لأمر مولاه، فعلى العوام أن يقلدوه».
كما أن من دوره الرسالي إرشاد المؤمنين شخصيا في بعض الاحيان إلى مصالحهم الآخروية على وجه الخصوص إذا أقتضى الأمر بأن يلتقي بهم ليحثهم على نصرة الحق بهذه الكيفية أو الطريقة مثلا أو يدفع عنهم جور الجائرين في أحاييين أخرى ولعل البعض لا يؤكد ذلك أو يستبعده ونقول له لا تجتمع أمة على ضلالة أو عدم توثيق وخاصة إذا الكثير ممن روى ذلك من العلماء في مؤلفاتهم وكتبهم، ومن ذلك: –
لقاء العلامة الحلي «قده» بالامام «عج» عندما كتب أحد المخالفين كتابا في الرد على الشيعة، واستطاع العلامة بعد جهد أخذ الكتاب منه ولكن شرط عليه أخذه ليلة واحدة فقط، فأخذ العلامة الكتاب وبدأ ينقل فصوله لمحاولة إتمامه في ليلة واحدة للرد عليه ولكنه شعر بضغط السهر عليه في منتصف الليل وفي هذه الاثناء دخل عليه ضيف نوراني جليل ملأ الغرفة برائحة زكية وقال له نم ياحلي ودع كتابة بقية الكتاب عليّ وعندما استيقظ في الصباح هرع إلى الكتاب وإذا به يجده منقولا كاملا وفي نهاية الكتاب كتبت العبارة التالية «كتبه الحجة» [12] .
وفي لقاء آخر بأهل البحرين وكيف أن الإمام  خلصهم من القتل والتهجير بسبب
الرمانة التي كان وزير الوالي قد أخذها وكتب فيها أسماء الخلفاء الثلاثة ليهام الوالي بأنها معجزة وإن الشيعة على باطل في معتقد فأمهلهم الوالي ثلاثة أيام أما أن يثبتوا صحة معتقدهم أو القتل والتهجير ظنا منه أن الحق مع الوزير بدليل المعجزة المزعومة، فالتقى الإمام بهم مبينا الحقيقة بأن الرمانة ما هي إلا خدعة من صنع الوزير الحاقد على الشيعة وبعد اكتشاف الحقيقة تخلص الشيعة من القتل وتشيع الوالي[13]  بفضل دور الامام الحجة وحضوره.
وهكذا يتضح لنا مدى عناية الامام بالموالدين وإطلاعه على أحوالهم وكيف يرعاهم وتضل هذه الرعاية نصب عينيه «عج» حتى تحل أيام دولته المباركة حيث الرعاية الشخصية الدائمة من لدنه  .
ففي دولته يكمل دوره الرسالي بكل ما من شأنه أن يمد الأنسان أكثر بالإيمان والأمن والعلم.. الخ
فالحياة في عهده تتغير وتتطور برمّتها وفي كل جوانبها الثقافية والتربوية والاقتصادية حتى أن السيد محمد كاظم القزويني «رح» قد أفرد لكل جانب من هذه الجوانب فصلا خاصا في كتابه «الامام المهدي من المهد إلى الظهور[14] .
ونتوقف قليلا عند الجانب الاقتصادي على وجه التحديد، فالحالة المادية اليوم عند العدد غير القليل من الناس سيئة فالبعض منهم لا يكاد يحصل على لقمة عيشه أما في زمان دولته «عج» فإنه يحثو المال حثوا حتى لاتجد من يطلب المال، ففي رواية عن رسول الله  «مطولة نأخذ منها الشاهد» يقول: «يجئ إليه رجل فيقول يامهدي، أعطني، أعطني. قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله» [15] .
فهذا نزر يسير من دوره الذي قام ويقوم به  إلى ظهوره وبعده، فما دورنا نحن اتجاهه واتجاه غيبته؟
بطبيعة الحال ينبغي علينا التهيؤ والاستعداد لظهوره ونصرته في كل آن وحين ولاسيما في الوقت الذي نتوقع فيه قرب الظهور بحسب توفر العلامات التي دلت عليها الروايات وأن نكون خير عون له من خلال تسلحنا بالإيمان والانقياد له بالطاعة والقوة بالاعداد لها مسبقا سواء على مستوى الأفراد ام الجماعات أم الدول.
وبهذا يتحقق انتظار الفرج الذي يعد أفضل العبادة، قال رسول الله  «سلو الله من فضله فإن الله يحب أن يسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج» [16] .
نسأل الله تعالى أن نكون من المنتظرين الواقعين له وأن نكون من المنقادين له بالطاعة الممتثلين لأوامره ونسأل الباري سبحانه أن يعجل له في الفرج «اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائهفي هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا».
17 / 7 / 2011م – 1:08م
[1]  القزويني، محمد كاظم – الامام المهدي من المهد إلى الظهور ص27 – مؤسسة النور للمطبوعات – 1415، 1995 – ط1.
[2]  المجلسي، محمد باقر – بحار الأنوار – ج51، ص233 – مؤسسة الوفاء – 1403، 1983 – ط3
[3]  القصص \ آية «5»
[4]  الطبري، أبو جعفر محمد بن جعفر – مختصر تفسير الطبري – ج2 ص 150 – ت \ الشيخ محمد علي الصابوني ود\ صالح أحمد رضا – دار يوسف.
[5]  البحراني، السيد هاشم – البرهان في تفسير القرآن – ج6 ص 58 – مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – 1427 – 2006 – ط2.
[6]  الأنبياء \ آية «105».
[7]  الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن ـ مجمع البيان لعلوم القرآن – ج7ص127 – رابطة الثقافة والعلوم الاسلامية «الجمهورية الاسلامية الايرانية» – 1417، 1997 – ط1.
[8]  الصفار، حسن موسى – الحضور في زمن الغيبة – ص15.
[9]  السجستاني، ابو داود سليمان بن الأشعث – سنن ابي داود – ج4، ص 107، ح4284 – ت\ محمد محي الدين عبالحميد – المكتبة العصرية.
[10]  نفس المصدر السابق – ح\ 4283
[11]  الترمذي، ابو عيسى محمد بن عيسى – سنن الترمذي – ج4ص438 – ت\ كمال يوسف الحوت – دار الحديث، القاهرة – 1408، 1987 – ط1.
[12]  الأبطحي، السيد حسن – اللقاء مع الإمام صاحب الزمان – ص 157 – 158 – «بتصرف». ترجمة\ السيد هادي السليماني – مؤسسة البلاغ – 1425، 2004 – ط2.
[13]  الزبيدي، ماجد ناصر – أروع القصص في من رأى المهدي  في غيبته الكبرى ص49 – 54 «بتصرف» – دار المحجة البيضاء – 1426، 2005 – ط1.
[14]  من أراد الأستزادة فعليه مراجعة الكتاب المذكور للسيد محمد كاظم القزويني.
[15]  سنن الترمذي، ح\ 2232
[16]  الطبراني، ابو القاسم سليمان بن أحمد، المعجم الكبير – ج10 ص 101 – ت\ حمدي عبد المجيد السلفي – دار إحياء التراث العربي – 1422، 2002 – ط2.

شاهد أيضاً

الإمام المهدي خليفة الله في أرضه(عجّـل الله فرجه)

انّ النعوت التي وردت في وصف الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كثيرة. وأردت أن أستطرق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *