اسماعیل شفیعي سروستانی: یعتبر الاسلام أکمل الأدیان والنبي الأکرم (ص) آخر نبي مرسل إلی البشر لکن کما رأینا لم یتم الحفاظ علیه بشکل جید والأئمة المعصومین علیهم السلام والعلماء الذین تربوا في مدرستهم هم وحدهم حالوا دون تحریف واستحالة هذا الدین وسنة النبی الأعظم (ص) بین الآراء غیرالدینیة کما وعدنا الله سبحانه وتعالی قائلا : ” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ”
اسماعیل شفیعي سروستاني
یعتبر الاسلام أکمل الأدیان والنبي الأکرم (ص) آخر نبي مرسل إلی البشر لکن کما رأینا لم یتم الحفاظ علیه بشکل جید والأئمة المعصومین علیهم السلام والعلماء الذین تربوا في مدرستهم هم وحدهم حالوا دون تحریف واستحالة هذا الدین وسنة النبی الأعظم (ص) بین الآراء غیرالدینیة کما وعدنا الله سبحانه وتعالی قائلا : ” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” .
لکن هذا لیس معناه أن المسلمین ومن بینهم الشیعة تبنوا الشرع المقدس في حیاتهم المادیة والمعنویة بل جعلوا أنفسهم محرومین من جمیع تلک النعم بسبب غفلتهم التامة ووقعوا فی فخ التغافل ومغبة عصیان
الأوامر الإلهیة ولهذا بین الأحداث المتتالیة واجهوا الکثیر من الصعوبات ولو لم تکن العنایة الربانیة وإغاثة کبار أهل الدین لم یبق لهم اسم في التاریخ بین الأحداث بسبب تغافلهم . کما أن الیوم جمیع البلدان الإسلامیة والمسلمین یعانون الکثیر من المشاکل الناجمة عن هیمنة الثقافة والحضارة الغربیة المشرکة. لکنه جدیر بالانتباه أن النبي الاأعظم(ص) والأئمة المعصومین (ع) والعلماء الربانیین قبل مئات السنین عرضوا صورة عن العالم في عصر الغیبة.
إن دراسة الکثیر من المصادر ومن ضمنها الأحادیث المنتشرة في النصوص الإسلامیة تثیر الدهشة لدی القاریء لأن الأخبار والأقوال تظهر لنا کمرآة صافیة مراحل مسار تطور العالم والمجتمع الاسلامي ومصیر الأقوام المختلفهة مرحلة تلو الأخری.
وضوح تلک الأخبار وتلائمها مع وضع العالم بحیث تجعل القارِیء یدرک أن العلاقة مع مصدر الغیب هو العامل الوحید الذي جعل القائلین بهذه الاأخبار عن مستقبل العالم أن یکون إطلاعهم لاحدود له.
الاطلاع علی تلک الأخبار یجعل المسلمین خاصة الشیعة أن ینتبهوا إلی مهمتهم الکبیرة تجاه الابتلاءات التي أحاطت بأهل العالم في عصرنا الحاضر مما ینبغي لهم أن یثبتوا جدارتهم فی حفظ اسم أتباع أهل بیت الرسول (ص).
إن الثقافة والحضارة الغربیة قد نشرت الظلم بکل معنی الکلمة في العالم علی مدی أوسع مما سبق في التاریخ. إن غطرسة ال؛نسان علی مدی القرون الأخیرة قد صنعت من الإنسان موجودا مستکبرا لم یکن ملتزما بأي من القوانین والسنن ولم یخضع لأي نبي من الأنبیاء المرسلین والکتب السماویة ویلهث فقط وراء شهواته وأمیاله النفسیة.
إن الثقافة والحضارة الغربیة لن تعیر أي اهتمام للمعاییر والقیم السماویة والأدیان كما أنها لا تعير أي قیمة للأفکار الماضیة وتعتبرها غیرعلمیة والآراء لدیها مقبولة ثابته فقط فی جهاز العقل الکمي التجریبي ولهذا تشک فی جمیع المعتقدات الدینیة المرتکزة علی عالم الغیب لأن عقل الإنسان وحواسه الظاهریة غیرقادرة علی استیعابها.
الهیمنه والعنجهیة والغطرسة تکون طبیعة هذه الثقافة والحضارة وکلما مر من حیاتها تجلی هذا الأمر أکثر فأکثر والآن ظهرت بأقوی أشکالها وأن الانسان المتغطرس یرید أن یعلن بأنه الإله من وراء الهیمنة علی العالم.
إن المظلومین فی شتی أنحاء العالم یدفعون ثمن هیمنة الأقویاء والأثریاء. إن الحروب والفوضی وانعدام الأمن جعلت حیاة أتباع جمیع الأدیان سوداء. جمیع القیم قد تم اجتیازها واختراقها ولم یعد لها أي حرمة. إن الانسان إعتدی علی حریم المیاه والسماء والغابات والأرض لکي یتمتع أکثر مما أدی إلی الإخلال فی الطبیعة وانتشار الأمراض والجفاف والتلوث في مصادر الحیاة والکثیر من البلایا الطبیعیة واضمحلال الشأن الإنسانی للنساء والرجال والأطفال أدی إلی إنهیار النظام العائلی وتفشی الأمراض مستعصیة وخطیرة. إن الظلم واستغلال القدرة وانعدام العدالة أدت إلی تفشی الفقر والسرقة والقتل والأعمال المنافیة للعفة.
إن اجهزة المواصلات اخترقت جمیع الحدود ومن خلال اجتیازها جمیع العوائق والقیود نشرت الفساد الأخلاقی بین الناس ولم یعد أي انسان في أمن وأمان ولم یعد أي حریم مکان أمن له.
یتم القضاء علی أي صوت ینادي بالعدالة والدین في شتی أنحاء العالم قضاء تاما وبشدة. إن الدین والشعب لهؤلاء المعتدین المتغطرسین لایعنیان شیئا. إن الأسود والأصفر والأبیض إن الأفریقی والأوروبي والآسیوي جمیعهم یمضون حیاتهم تحت سیاط هؤلاء المستکبرین.
إن الرسول الأکرم (ص) والأئمة المعصومین (ع) قد نبهوا المسلمین قبل ألف سنة عن جمیع هذه الأحداث.
عن جابر بن عبدالله الأنصاری قال: “حججت مع رسول الله صلی الله علیه و آله حجة الوداع فلما قضی النبي صلی الله علیه و آله ما افترض علیه من الحج أتی مودع الکعبة فلزم حلقة الباب و نادی برفیع صوته أیها الناس اسمعوا اني قائل ما هو بعدي کائن فلیبلغ شاهد کم غائبکم ثم بکی رسول الله صلی الله علیه و آله حتی بکی لبکائه الناس أجمعین ثم ذکر عند الاجابة علی أسئلة الحاضرین عبارات کثیرة من ضمنها :”اعلموا رحمکم الله أن مثلکم فی هذا الیوم کمثل ورق لا شوک فیه إلی أربعین و مئة سنة ثم یأتی من بعد ذلک شوک و ورق إلی مئتی سنة ثم یأتی من بعد ذلک شوک لاورق فیه حتی لایری فیه إلا سلطان جائر أو غني بخیل أو عالم مراغب في المال أو فقیر کذاب أو شیخ فاجر أو صبي وقح … و أظهرتم منکراتکم و جعلتم الدنیا فوق رؤوسکم و العلم تحت اأقدامکم و الکذب حدیثکم و الغیبة فاکهتکم و الحرام غنیمتکم و تزین الرجال بثیاب النساء … و هونت العظائم و طلبوا المدح بالمال و … و شغلوا بالدنیا عن الآخرة ”
هناك الكثير من هذه الأخبار والروايات حول الفتن والفوضى في مستقبل العالم حيث جعلت بعض الرواة والعلماء يؤلفون كتبا تحت عنوان “الفتن والفوضى أو الملاحم والأحداث”.
هنا نتحدث عن مدينة كبيرة لاحدود لها تم تأسيسها باسم الحضارة الغربية. مدينة كان يتحدث المنظرون الغربيون يوما ما عنها باأنها المدينة الفاضلة لكنها الآن تحولت إلى مدينة الفساد والعلمانية ومحطة للانحطاط الأخلاقي ويمكننا أن نعلن صراحة بأنها مصداق بارز لفتنة كبيرة أعلن رسول الله (ص) والأئمة المعصومين (ع) عن أوصافها وميزاتها.
قال الرسول الأكرم (ص) :” أربع فتن تكون بعدي: الأولى: يسفك فيها الدماء، والثانية: يستحل فيها الدماء والأموال، والثالثة: يستحل فيها الدماء والأموال والفروج، والرابعة: صماء عمياء مطبقة تمور مور الموج في البحر حتى لا يجد أحد من الناس ملجأ … ثم لا يستطيع أحد من الناس أن يقول فيها مه.. مه.. لا يدفعونها من ناحية إلا انفتقت من ناحية أخرى.”
هل هذه الفتن العمياء الصماء الشاملة التي لم يأمن أمامها أحد هي سوى الحضارة والثقافة الغربية التي حطمت جميع الأبواب والجدران وأصبحت جليسة دائمية للناس في شتى أنحاء العالم ؟ وجاء في حديث آخر: فتنة لايبقي بيت الا دخلته و لا تدع احد من هذه الامة الا لطمته لطمة فإذا قيل إنقضت تمادت…”
نحن من خلال ذكر هذه الاحاديث اردنا أن نؤكد بأن عالمنا المعاصر هو مبني على أفكار وثقافة غيردينية تم تأسيسها من قبل الغرب خلال ثلاثمائة أربعمائة عام الأخيرة وإنها لم تؤد بإرتقاء مستوى البشر بل أدت به إلى حضيض الظلم والظلمة والابتعاد عن الحقيقة . إن الظلم وانعدام العدل في شتى المجالات هو النتيجة المحتومة لهذا الابتعاد والانحراف الكبير لأن على أساس الفكر والثقافة والحضارة الغربية فإن جميع الأأشياء قد خرجت عن إطارها وتم عرض التعريف حول الإنسان وخالق الكون وغاية الوجود والعلم والأدب والحقيقة والفكر والغيبة والمعرفة والعدالة والمساواة والسلام والحرية في إطار علماني ملوث بالشرك.
وإن جميع السنن والآداب والأساليب والسياسات والأوامر والنواهي تم وضعها والإعلان عنها على أساس أمنيات إنسان علماني ذي معرفة إلحادية عن العالم والإنسان.
جميع أعمال الإنسان وجدول أعمال حياته تم أخذها من مصادر علمانية غيرإلهية.
إن الإنسان المؤمن بدين الإسلام والنبي الأكرم(ص) في هذا السياق يتحمل مسؤولية ومهمة صعبة كبيرة لكي يقوم بتقديم تعريف الحقيقة ونفي الكفر والإلحاد والعمل بكل ما يجعله في مسار العدالة المنشودة التي دعا بها الله والأئمة المعصومون (ع).
انتهى.
……………………………………………………………………………….
. سورة حجر (15)، آية 9
. ابن طاووس، عليّ بن موسي، الملاحم و الفتن، صص 17 ـ 19.
. كلمة الملاحم تعني الحروب والاحداث الهامه التي أخبر عن وقوعها الرسول الاكرم (ص).
. كوراني، علي، عصر ظهور، ص 41.
. نفس المصدر
*****************