الحقيقة ان ما يجري في ليبيا طيلة العام المنصرم ليس إلّا حرباً بالنيابة، فخليفة حفتر زعم السيطرة على طرابلس وتأسيس حكومة موحدة في كل أنحاء ليبيا، وبعد السيطرة على شرق ليبيا اتجه إلى الغرب والعاصمة، منذ بداية تحركات حفتر، دخلت أنقرة والقاهرة في حرب بالنيابة، إذ تدعم مصر قوات حفتر وتقوم بإعدادها عسكرياً ولوجستياً في مصر وفي الجهة الأخرى تقوم تركيا بدعم حكومة الوفاق الوطني والقوات التابعة لها.
في الأشهر المنصرمة قامت تركيا بإرسال جيشها إلى الأراضي الليبية دعماً لحكومة الوفاق الوطني، وبعد دخول القوات التركية وزيادة دعمها لحكومة الوفاق بقيادة السراج القوات الإسلامية، تم وضع حد لانتصارات حفتر. اثبت عام من الحرب للسيطرة على طرابلس، بأنه بالرغم من دعم مصر والإمارات والسعودية وفرنسا وبريطانيا لخليفة حفتر إلّا انه لم يمتلك ما يمكنه من إلقاء الهزيمة بالمنافسين والقوات الإسلامية في ليبيا. فالسراج وبدعم من تركيا لم يقم بإلقاء الهزيمة بمنافسه بل يتجه نحو الشرق ويقترب من حقول النفط الليبية.
بعدما وجه الرئيس المصري تهديداته حول استعداد بلاده للتدخل العسكري المباشر في ليبيا، يذهب البعض بان الحرب بالنيابة في ليبيا بين تركيا ومصر تحولت إلى حرب مباشرة، بين البلدين. لكن ليس هناك ما يدور في الأفق ليدل على اندلاع مثل هذه الحرب، بالرغم من الخلافات الحادة بين تركيا ومصر، لكن الوضع الاقتصادي والعسكري للبلدين لا يسمح لهما خوض الحرب في ليبيا وإدارتها. فتركيا بعيدة جداً عن ليبيا وفضلا عن هذا فانها لم تحقق الانتصار في العمليات التي قامت بها في دولة جارة لها أي سوريا، ناهيك عن ليبيا.
قد أخفق أردوغان في سوريا ولم يتمكن من إلقاء الهزيمة بالقوات التي كانت تحاربه رغم ما تعاني الحكومة السورية من مشاكل عديدة، لهذا لا يرغب في الدخول في حرب مع مصر، ومن جهة أخرى حتى لو ذهبنا بان الدول العربية الثرية مستعدة لدفع تكاليف الحرب، فان المشكلة الرئيسية التي تواجهها مصر هي انها تواجه الإسلاميين وأنصار إخوان المسلمين في ليبيا وان كانت قد صنفتها داخل أراضيها ضمن الحركات الإرهابية وقامت بإعدام قادتها أو نفيهم، لكن الأفكار الاخوانية مازالت منتشرة في صفوف الشعب. لهذا لو دخلت حرباً في ليبيا ستواجه مشاكل عدة نتيجة تحركات الإسلاميين في أراضيها. لهذا قدم السيسي خطة وقف إطلاق النار لكن هذه الخطة لم توقف الحرب هناك، فلجا إلى التهديد بالدخول المباشر في ساحة الحرب، حتى يقنع حلفاءه الغربيين بالدخول في الساحة ودعم حفتر. ملخص القول ان ليبيا تحولت إلى ساحة تنافس دولية يقف في جهة منها مصر وفي الجهة الأخرى تركيا.
المصدر: صحيفة اعتماد