اليمن وليبيا وشبح التقسيم الذي أخذ يلوح في الأفق

تحول ما بات يعرف بثورات الربيع العربي الى شتاء خيم على العديد من الدول العربية منذ عام 2011 وحتى اليوم، واضحى وجودها كدول مهدد وبشكل جدي، بعد ان جند الغرب وعلى راسه امريكا، كل امكانات حلف الناتو، كما جند العصابات التكفيرية لزرع الفوضى والدمار في ربوعها.

امريكا ومن ورائها الصهيونية العالمية، لم تجند العصابات التكفيرية من اجل خلق الفوضى فقط، بل من اجل هدف محدد و واضح ، وهو تجزئة هذه الدول وتقسيمها الى دويلات متناحرة وشرذمة شعوبها، من اجل الابقاء على الكيان الاسرائيلي ، الكيان الوحيد القوي والمتماسك في بحر من الدمار والحروب والفوضى.

هذه الحقيقة المرة حذر منها منذ البداية عقلاء الامة الذين دعوا الشباب العربي الى عدم الوقوع في فخ المخططات الامريكية وفتاوى شيوخ الفتنة، ولكن للاسف الشديد كان صوت الجهل اقوى من صوت العقل والحكمة، بعد ان تحول عدد كبير من الشباب العربي الى حطم لنار الفتنة الامريكية الصهيونية.

من اجل ان لا يكون حديثنا مجردا من المصاديق، سنمر مرورا سريعا على حالتين خطيرتين يمران بها بلدان عربيان، بات خطر تقسيمهما يلوح في الافق بسبب التدخل الخارجي وخاصة التدخل الامريكي الاسرائيلي وبعض الجهات العربية التي للاسف الشديد تنفذ الاجندة الصهيونية بعلم او بدونه.

الحاله الاولى، حالة اليمن الذي بات شبح تقسيمه يلوح بالافق بعد ان اعلن ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم اماراتيا، الادارة الذاتية في عدن وعموم محافظات الجنوب، وكذلك اعلان حالة الطوارىء، وقامت القوات الجنوبية بطرد قوات عبدربه منصور هادي من جميع تلك المناطق، ضاربا بعرض الحائط باتفاق الرياض الذي رعته السعودية بين حكومة هادي المدعوم سعوديا، والمجلس الانتقالي الجنوبي، بهدف وضع حد  للقتال الذي اتسع نطاقه بين الجانبين وبات يهدد التحالف السعودي الاماراتي.

اعلان المجلس الانتقالي الجنوبي يعتبر اكبر خطوة نحو تحقيق الهدف الامريكي الاسرائيلي من راء الحرب على اليمن، والمتمثل بتقسيم اليمن، رغم انه جاء تحت عناوين فضفاضة مثل مكافحة الفساد والفاسدين والتمييز ضد الجنوبيين.

اما الحالة الثانية فهي حالة لبيبا، التي اخذ يلوح في افقها كما لاح في افق اليمن شبح التقسيم، بعد ان  اعلن اللواء خليفة حفتر عن إسقاط اتفاق الصخيرات السياسي واعلانه أنه حصل على تفويض شعبي لإدارة ليبيا، وهو ما اعتبر من دعوة واضحة لتقسيم ليبيا، التي تسيطر على غربها حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج.

اعلان حفتر لقي رد فعل قوي من حكومة السراج التي اعلنت انها ستواصل القتال ضد قوات حفتر، ورفضت اعلانه تنصيب نفسه حاكما على ليبيا، كما لقي حفتر والسراج دعما من دول تتعارض مصالحهما في ليبيا، الامر الذي يؤكد ان ليبيا دخلت في نفق مظلم لن تخرج منه قريبا، ونرجو ان لا تخرج منه مقسمة.

الحالتان اليمنية والليبية، والحالات العربية الاخرى كالحالات السورية والعراقية والسودانية والصومالية و..، تؤكد ان العدو ينفذ مخططه على نار هادئة، وان خطر تقسيم الدول العربية قد يتحول الى حقيقة واقعة، بينما الشعوب العربية غارقة في قضايا جانبية مثل القضايا الطائفية.

فيروز بغدادي

 

المصدر: https://ar.shafaqna.com/AR/212048/

شاهد أيضاً

داعش خراسان

داعش خراسان.. أضعف مما تبدو للعلن

السياسة – شفقنا العربي: منذ العملية الانتحارية التي استهدفت مطار كابول الدولي في أغسطس عام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *