الإنتظار حالة ترقب لنبأ عظيم

مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلام قال سماحة السيد على السبزواري في حديثه عن الانتظار:

الانتظار حالة ترقّب لنبأ عظيم، له الأثر في نظام العالم, وهو في حدّ نفسه من الامور الإيجابية، فإنّ فيه جمع كلمة المؤمنيـــن وشدّ أواصرهم وجعلهم مستعدّين لإستقبال قائـــد عظيم ينجّي الإنسانية المعذبة من الضياع ويُنقذ الناس من الهلاك، كما أن له الأثر في النفوس فيخرجها من الاحباط الذي يصيبها عند تراكم الظلم الذي هو ظلمات، كما يبعث الأمل فيها بالتغيير النوعي من جميع الوجوه والأنحاء، فهو عمليّة تربوية هادفة يحصل بها ارتباط خاص بين المؤمنين والمهدي الموعود علیه السلام، فيترقبون خروجه ويأملون أن يدخلوا تحت لوائـــــه، فيعمل المؤمن عندئذٍ بما يرتضيه ليحظى بقبوله ويدخل في رفقته وينضوي تحت لوائه، فليس الانتظار مجرد بارقة أمل عند اليائسين أو إنقاذ المعرضين عن الدين وتعاليم سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم.
فإذا كان المقصود من الانتظار هذا المعنى كانت سلبياته أكثر من ايجابياته، فيكون الواقع العملي حينئذٍ دائراً بين اليأس والأمل وكلاهما بعيدان عن الواقع. فلابد أن يكون الانتظار الذي أمر به الأئمة الهداة عليهم السلام شيعتهم من الأمور الإيجابية وهو الذي ذكرناه آنفاً، فيكون الانتظار من أهم المقتضيات لخروج المنقذ العظيم  عليه السلام وله الأثر في اقتراب موعد ظهوره، بل هو نوع ظهور، فَلْنُسَمِّه الظهور الأصغر مقابل الغيبة الصغرى. والاّ كان سبباً في تعاسة الإنسان، ويزيد في إحباطه.
والى ما ذكرنا تشير الممهدات التي وردت في جملة من الأخبار، وهي تبين حالة الانتظار الذي يعيش معه المؤمن المكابد ويتحلى بالصبر الذي لابدّ منه في تحمل المهمة.

* هل تعني حالة الانتظار طقوساً تمارس من قبل المكلفين فحسب؟ أم أنّ الانتظار يعني ديناميكية العمل، الفكر، الرؤية، الموقف؟
يقول سماحته مجيباً عن هذا السؤال: الانتظار ليس مجرد طقوس، بل عمل ورؤية وتربية، وموقف يتخذه المؤمن ليكون مستعداً لتلقي الفيض الربوبي بظهوره الشريف، وبذلك يدخل المنتظر في زمرة المؤمنين به عليه السلام والراضين بفعله، السالكين على نهجه والعاملين بتوجيهاته, لكونه عليه السلام امامهم وقائدهم، فإن كانت الطقوس من دعاء ونجوى من روافد هذه العملية التربوية للانتظار فلا بأس بها، وإلاّ لم يكن لها التأثير المطلوب.

*ماذا تعني علامات الظهور في نظركم؟ إنذار؟ بشارة؟ تأسيس رؤية مستقبلية جديدة؟ أم لا هذا ولا ذاك، وإنما هي سرد لتكهّنات أو احتمالات لمستقبل؟
اجاب سماحته: ما ذكرناه آنفاً يظهر إن العلامات التي تكون قبل ظهوره عليه السلام إنما هي إنذار للعاقلين ليرجعوا إلى رشدهم وتحضير أنفسهم للمساءلة أو الخروج من زمرة المنافقين والدخول في رفقة الصالحين المؤمنين، كما أنها بشارة للمؤمنين وزيادة الثقة في نفوسهم، وبعث الأمل فيها، وجعل الصبر شعارهم ودثارهم لأنه العماد في كفاحهم، وليست علامات الظهور مجرد احتمالات لمستقبل منظور أو سرد تكهنات بل هي حوادث تمهيدية تحقق وفق ضوابط دقيقة يبتلى بها المؤمن وغيره على حدّ سواء، فتكون بلاءً حسنا للمؤمنين، وفتنة وشقاءً للمنافقين المعاندين.

* اذا كانت التوقيعات الصادرة عن الإمام عليه السلام تعني معايشته وكونه حاضراً في ضمير الاحداث فعلاً، فماذا يعني الاعراض عن هذه التوقيعات من خلال:
ـ عملية الاستنباط الفقهي.
ـ التعاطي العملي مع هذه التوقيعات.
ـ حالة الحضور التي يعيشها المكلف مع الإمام عليه السلام.مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلام
اجاب سماحته قائلاً: التوقيعات الصادرة عن الناحية المقدسة (روحي له الفداء) على انحاء مختلفة, منها ما يتعلق بالتشريع فلا بد فيها من الرجوع الى القواعد المعمولة عند الفقهاء، ومنها ما يتعلق بالروايات والمعاجز والحوادث وغيرها، والقاعدة فيها.
وحينئذٍ يكون التعاطي العملي مع تلك التوقيعات وفق الضوابط والأصول المقررة هو تعايش عملي مع الإمام عليه السلام لأنه عمل بالشريعة وهو (روحي له الفداء) من أهم عمدها.

* دعاء الندبة ماذا يعني لكم؟
اجاب سماحته قائلاً: ذكرت في الجواب الثاني إن الطقوس العبادية كدعاء الندبة، ودعاء التوسل، والصلوات الخاصة، والرقع المرقومة وغيرها هي معايشة مع الإمام عليه السلام فيما إذا كان الممارس لها عنده الإستعداد الكافي للدخول في حزب الإمام عليه السلام ويكون من جنده اذا ظهر فتكون تلك الطقوس من السبل المحمودة التي تقرّب المؤمن الى إمامه، ويكون سعيداً بقربه إليه، ويحسّ بها اقتراب ظهوره لأنها تحدث حالة روحانية شفافة عنده, وفي غير ذلك لا تؤثر تلك الطقوس التأثير المطلوب.

*إذا كانت هذه أهمية دعاء الندبة هل ترون أن الفرد العراقي إبّان العهد الجديد، وقد رفعت محاذير الرقيب من قبل السلطة قد أدى دوره في إحياء دعاء الندبة على مستوى:
ـ المجالس الخاصة المنعقدة في البيوت.
ـ الحسينيات والمساجد.
ـ المراقد المقدسة.

وما هي مسؤولية الفرد فضلا عن رجال الدين عندئذٍ؟
اجاب سماحته قائلاً: الفرد العراقي بعد ماقاساه من الظلم والطغيان والحرمان من كثير من الأمور التي كانت تعينه في الرقى في مجالات الفكر والثقافة والعلم والدين والاخلاق، فهو يحتاج الى ثقافة معينة وجهاد مضاعف في سبيل اعداده اعداداً جيداً دينياً وثقافياً واخلاقياً وفكرياً بعيداً عن المهاترات والنوازع الفردية ليصبح فرداً منتظراً بالمعنى المنظور كما عرفت، وتكون الممارسة لها اكثر واقعية من كونها عواطف جياشة يستغلها ذوو النفوس المريضة.

* نعرف أن التواتر في القول او الرواية دليل قطعي على المدعى ولكننا نجد في الواقع مشكلة يمكن أن نصطلح عليها أزمة حقيقية وهي كيفية معالجة ادعاء أهل السنة بعدم ولادة الإمام المهدي عليه السلام ودعوى تواتره، هل هذه حجة قطعية لديهم؟
اجاب سماحته قائلاً: من الشروط المعروفة في الاعتماد على الخبر المتواتر أن لا يتواطأُ طبقة من الرواة لهذا الخبر على الكذب وهذا الشرط غير متوفر في ادعاء تواترهم على عدم ولادة الإمام المهدي عليه السلام، واقصى ما يمكن قوله في توجيه ادعائهم هو عدم العلم بولادته عليه السلام, وهو يرتفع بالرجوع الى أهل البيت عليهم السلام الذّين هم المرجع في هذا الأمر المهم، وكيف كان فبطلان دعواهم ظاهر، وعلى المدعين نبذ التعصب والتفحص في الأدلة والحكم بعده والله الهادي الى الصواب.

* نجد في هذا الوقت من ينتحل زوراً أنه وكيل الإمام الخاص وان هناك اتصالاً يحدث بينه وبين الإمام صاحب العصر عليه السلام، ونجد بعضاً من أصحاب النفوس الضعيفة والمغرر بهم يلتفون حوله  فما هي نصيحتكم لهؤلاء؟
اجاب سماحته قائلاً: انتحال صفة الوكالة الخاصة والنيابة كذلك من الامور التي اتفق علماؤنا على بطلانه وكذب المنتحل بها مهما بلغ من الدرجة في العلم، ويجب على الناس رد هؤلاء المنتحلين والتشنيع عليهم، كما يجب على الجميع نبذ العاطفة والرجوع الى العقل والحكمة والا وقعوا في المساءلة والعقاب يوم القيامة.

* كيف يرتبط الإنسان من الناحية العملية بالإمام المهدي عليه السلام؟
اجاب سماحته قائلاً: إن الارتباط يحصل باتباع احكام القرآن وشريعة سيد الأنام صلى الله عليه وآله وسلم والسير على منهجهم حتى يكون الانسان مؤمناً مصدقاً لما ورد عنهم موالياً لهم ومعادياً لاعدائهم ويتميز هذا الارتباط بالدعاء لظهوره والتعجيل في فرجه الشريف، وطلب العون منه عز وجل في جعل القابلية والاستعداد للقائه والدخول تحت لوائه عليه السلام  فانه ليس لكل مؤمن القابلية على هذا الأمر.

* كما هو واضح لدى سماحتكم من تواتر الروايات وإجماع المسلمين واتفاق الفرق الإسلامية جميعاً على أن (عيسى بن مريم عليه السلام) يصلي خلف (الإمام المهدي عليه السلام) حين ظهوره،السؤال هو: ما هي الدلالات والمعطيات العلمية والعقائدية التي يمكن أن نستفيدها من خلال هذه الظاهرة؟
اجاب سماحته قائلاً: المستفاد من ظاهرة صلاة عيسى بن مريم عليه السلام خلف الامام الحجة عليه السلام, أمور:
الأول: بيان كون الإمام هو الحجة على وجه الارض لا غيره فيجب على غيره مهما بلغ من المنزلة عند الله تعالى أن يتبعه ويشايعه.
الثاني: كذب المنتحلين وظهور زيفهم وبطلان دعاويهم.
الثالث: كشف القناع عن المعاندين والمنكرين لامامته عليه السلام فانه بعد ائتمام نبي من انبياء الله تعالى وكونه من اولي العزم خلف الامام عليه السلام يكون من أقوى الحجج والبراهين على إمامة المهدي عليه السلام إذ لا يصح عقلاً ونقلاً ايتمام نبي خلف أحد من أمته.
الرابع: اتمام الحجة على أهل الكتاب على صدق إمامة المهدي وواقعيته عليه السلام.

 

المصدر: http://m-mahdi.net/sada-almahdi/articles-186

شاهد أيضاً

نصوص في التوراة والإنجيل تبشر بظهور قائم آل محمد(عج)

تبشّر بظهور قائم آل محمّد (عجّل الله تعالى فرجه)(*)تعتبر كلُّ الشرائع والرسالات السماوية عبارة عن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *