واشنطن تطالب “القوات الأجنبية” الخروج من سوريا!!..

فی الوقت الذي جدّدت فيه الجماعات الإرهابية خرقها لاتفاق “المنطقة منزوعة السلاح” في إدلب وأصبحت الإشتباكات فيما بينها مستعرة منذ ثلاثة أيام في عدد من القرى والبلدات الآمنة بريفي حماة وإدلب، والتي تبعتها عمليات جوية عراقية استهدفت ضرب مواقع ارهابيین داخل الراضي السورية، أطل المبعوث الخاص للولايات المتحدة المعني بشؤون سوريا، جيمس جيفري، على وسائل الإعلام ليقول ان على كافة الدول الاجنبية سحب قواتها من سوريا باستثناء روسيا..!

تصريحات جيفري هذه جاءت بعد يوم من قيام طائرات، F16 العراقية بتنفيذ ضربات جوية داخل الاراضي السورية، قال مركز الإعلام الأمني العراقي إنها استهدفت تجمعات للدواعش الإرهابيين الذي كانوا يتمترسون في “خلية الصقور الاستخباراتية”، وتشير تحركاتهم المشبوهة أنهم ينوون التحرك بإتجاه جنوب غرب الموصل.

كما سبقت التصريحات المسؤول الاميركي طلعات جوية لأحدث طائرة روسية سو-57″ لتختبر إستخداماتها في الأوقات الراهنة داخل الأراضي السورية، واجتماع لوزيري الدفاع الروسي والتركي حول الوضع في سوريا يوم امس الثلاثاء بمدينة سوتشي الروسية، شمل الحديث عن مواصلة العمل المشترك في “المنطقة منزوعة السلاح” في محافظة ادلب وتطور الأوضاع في سوريا بشكل عام.

ويرى المراقبون ان كل هذه المؤشرات دفعت بالولايات المتحدة الأميركية لإطلاق هذه التصريحات لتوصل للعالم والمعنيين بالشأن السوري حاليا رسالتين اولاهما هي أنها مازالت تتصرف حيث شاءت ومتى شاءت لأنها سيدة العالم، وبشكل خاص وكأنها هي المتحكم الأول والأخير بالساحة السورية.

ما حمل مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري ليؤكد أن القرارات السيادية لسوريا وفي مقدمتها الدستور، شأن سيادي يقرره السوريون ولا يمكن قبول أي فكرة تشكل تدخلا في الشؤون الداخلية السورية أو قد تؤدي إلى ذلك مشددا على أن حتى مهمة المبعوث الأممي الخاص هي تيسير أعمال لجنة مناقشة الدستور الحالي ولا يمكن أن ينصب نفسه طرفا ثالثا.

لكن ما حمل الجانب الأميركي للتحرك باتجاه الخطوة الحالية حسب المراقبين، هو ان واقع الساحة السورية اصبح لغير صالح القوات الأميركية، وكما يقول المثل: “ان الكي آخر الدواء”، اراد المبعوث الاميركي، كيّ الأوضاع السائدة في الشمال السوري وخاصة في منطقة شرقي الفرات.

فقد أكدت التقارير والأنباء المتسربة من المنطقة ان الجماعات الارهابية التي بدأت التناحر فيما بينها، واجهت قصفا عنيفا من القوات التركية التي كانت تدعم بعضها ذات يوم، فيما أخذت القوة الجوية العراقية مأخذها من الذين كانوا ينوون إستناف زعزعة أمن العراق عبر فلول داعش، وعلى مرأى ومسمع من الحضور غير الشرعي للقوات الأميركية في منطقة التنف القريبة من الحدود التركية السورية وشرقي الفرات.

وكانت جهود أميركا بتدعيم قواتها بمئات المجندين خلال الأيام القليلة الماضية حسب صحيفة “يني شفق” التركية، تقترب من الفشل، أو إنها اصبحت تفتقر لأي تأثير على تطورات الساحة السورية.

فالجيش السوري وقوات المقاومة الشعبية تتصدى لأي محاولة يحاول الارهابيون التسلل عبرها الى أرياف القرى والمدن القريبة من المدن السورية وخاصة إدلب وحماة، فيما تواصل القوات الحليفة لسوريا قصف مواقع الإرهابيين من البر والجو.

وقد أكدت مصادر تركية محلية لصحيفة يني شفق ان واشنطن إستجمعت هذه القوات من الميليشيات الكردية المعارضة للحكومة السورية والمتعاونة مع حزب العمال الكردستاني المحظور (في سوريا وتركيا) والمصنف في قائمة الإرهاب دوليا، إضافة الى بعض الميليشيات التي إستقدمتها من شمال العراق، لتستقر في منطقة التنف وعين العرب واليعربية في الشمال السوري بغية التحضير للمشاركة في الهجوم الذي تحضر له القوات التركية في شمال سوريا وشرقي الفرات.

اما الرسالة الثانية التي ارادت اميركا ايصالها عبر هذه التصريحات، هي ان تفهم المستشارين الإيرانيين، ان لامكان لهم بعد اليوم في سوريا، رسالة تلقت ردها أكثر من مرة على لسان كبار المسؤولين الإيرانيين، بأن ايران لم تبعث بمستشاريها لسوريا إلا بعد طلب رسمي من الحكومة الشرعية للدولة السورية المعترف بها دوليا. اي تلك الدولة التي مازالت تعتبر دخول القوات الاميركية الى اراضيها أمرا غير شرعي وانها مازالت قوات غازية ومعتدية على السيادة السورية وعليها الإنسحاب وفق القوانين الدولية فورا.

وسيبقى المستشارون الايرانيون في سوريا مازالت الحكومة السورية الشرعية تطلب ذلك، أضف الى ذلك ان ايران وسوريا بلدان حليفان تربطهما إتفاقيات إستراتيجية منها الدفاع المشترك.

وعلى هذا الأساس لا يبقى أمام مسؤولي الولايات المتحدة سوى خيارين احلاهما مر، الاول ان يخرجوا حتى على حليفهم التركي، ويستمروا بتجهيز الجماعات الإرهابية كداعش وأخواتها بآلاف الشاحنات المحملة بالأسلحة والعتاد بمختلف احجامها الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، كي تستمر بالعبث بأمن واستقرار المنطقة، وإما أن ترضخ للأمر الواقع، وتبقى تنسق مع القوات الروسية الحليفة للدولة السورية، إن ارادت ان تكون صادقة في مزاعمها حول مكافحة الإرهاب.

فإن سلكت واشنطن الخيار الأول فسيعود بالردود السلبية عليها وعلى حلفائها الإقليميين، لأنها إتبعت المثل العربي الجاهلي القائل: “عليَّ وعلى عدواني”، الأمر الذي لم ولن يكن لصالحها ولا لصالح عميلاتها وحليفاتها الإقليميات اللواتي يغصن في بحر لجي من الأزمات والإنتقادات الداخلية والإقليمة والدولية، بدءا من السعودية والإمارات المتورطتين في وحل اليمن والبحرين، وصولا الى أقوى حلفائها الذي كانت تروج له بأنه صاحب خامس جيش في العالم، وانه صاحب الجيش “الذي لا يقهر”، كيان الإحتلال الإسرائيلي الذي تحطمت اسطورة جيشه وهو الان يمر بأحلك الظروف وأشد الإنقسامات والإنهزامات الداخلية والإقليمية.

أما ظهور أميركا وكأنها تسمح للحليف الروسي بإبقاء قواته في سوريا ليعملا بالتنسيق معا لحلحلة الأزمة السورية، فهو زعم لا أساس له، خاصة وان سوريا وروسيا اكدتا اكثر من مرة ان دخول القوات الأميركية الى الأراضي السورية لم يكن بدعوة من الحكومة السورية، وان الأخيرة تعتبره إعتداء سافرا على سيادتها وإحتلالا لأراضيها، وقد أكدت ذلك في عدة رسائل وجهتها للأمم المتحدة ومجلس الأمن عبر مندوبيها فيهما. ولايبقى من الكلام سوى القول والتأكيد أن التصريحات الأخيرة لما يسمى مندوب اميركا الخاص بشؤون سوريا، سوى فقاعة إعلامية، كان الهدف منها التهويل للدور الأميركي في سوريا، أو إعتباره هروبا للأمام من المآزق التي تمر بها الدول الأميركية الحالية وعميلاتها الإقليميات.

*عبدالهادي الضيغمي

شاهد أيضاً

بن غفير: زعيم الإرهاب قائدا للأمن!

بن غفير: زعيم الإرهاب قائدا للأمن!

الاخبار – القدس العربي: قام جندي إسرائيلي بتهديد نشطاء فلسطينيين وإسرائيليين كانوا يتضامنون مع أهالي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.