إن المهدوية منسجمة ومتناغمة مع روح الشاب، ومنسجمة ومتناغمة مع قلب الشاب، فقلب الشاب لا يجب أن يكون 25 عاما حتما لكي يكون شابا، فالكثير من الرجال والنساء، مات قلبهم في عهد الحداثة والشباب، والكثير من الرجال والنساء، قلبهم شاب وهم في منتصف العمر والشيخوخة، فشباب القلب لا علاقة له بالعمر والجسد.
فهناك الكثير من الشبان الذين مات قلبهم، وثمة شيوخ ومسنون ممن يحظون بقلب مبتهج ومزدهر. إن المهدوية تتواصل مع القلب الشاب، القلب الذي لم يمت بعد، والسبب يعود إلى إن إمام العصرعلیه السلام ، هو إمام الوحي ورمز الحياة. وعندما نسلم عليهعلیه السلام ، نقول «السلام على ربيع الأنام»، أي سلام على ربيع العصور ومبعث بهجة وفرح الأزمنة.
إن الإمام صانع الربيع، وحيثما يمرّ يحلّ الربيع، وعندما يأتي، يأتي الربيع. فالطبيعة والجن والإنس والكون والوجود، مدينون ببهجتهم وفرحتهم للإمام الحي، فعندما يكون الإمام صانعا للربيع، فانه يقيم تناسبا مع القلب الشاب والحيّ.
والسبب الاخر هو أن البحث عن التطلعات والمثالية موجود في عهد الشباب، فالشباب مصحوب بالمثالية في السيرة والسلوك. إن الشبان، هم أقل تعلقا وحبا للحياة، ولذلك فانهم يعشقون ويحبون سريعا. لان قلبهم شاب، وسريعا ما ينخرطون في الصداقة، لانهم شباب ولا يلتصقون بالأرض وسريعا ما يصفحون ويتسامحون. لان قلبهم لم يصبح أرضيا وترابيا بعد، وسريعا ما يبكون، وينفعلون ويعشقون، وسريعا ما يتضجرون ويسأمون، لأنهم لم يصبحوا متعلقين بالأرض ولم يخيم السواد والظلام عليهم بعد.
إن خاصية القلب الشاب تعود إلى أنه لم يصبح أرضيا وترابيا ومعتما، فسريعا ما يعشق ويحب، ويظهر محبته، وسريعا ما يصفح، ويضحك جميلا، وسريعا ما يبكي، فالشاب أقرب إلى حقيقة الانسان، وكلما اقترب من منتصف العمر والشيخوخة، يصبح أرضيا وترابيا وغليظا وفظا، فلا يبكي بسهولة ولا يعشق ويعقد صفقات بدلا من العشق والحب. ويدخل في صفقات عوضا عن إبداء المحبة والعشق، ويميل إلى الصفقات والتجارة والربحية.
إن الشاب يضحي من أجل صديقه بكل شئ، لكن الشخص في منتصف العمر ليس كذلك. فيفكر كثيرا، وقلبه لا ينفصل ولا يتخلى عن المال ببساطة، إن جذور النخلة القديمة ملتصقة بشدة في الأرض أكثر من فترة الشباب.
وعندما ينطلق النداء والدعوة للميدان، فان الشاب ينخرط في الجهاد، فلا يدخل في حسابات، لان قلبه ليس أرضيا وترابيا. لكنه عندما يبلغ منتصف العمر والشيخوخة، فانه لا يفارق الروح بسهولة وبساطة. إنه يموت بصعوبة. لان تعلقه بالأرض هائل جدا، إنه ملتصق بالتراب.
إن التقلبات والصعود والهبوط كثيرة في عهد الشباب، فالمثالية خاصة بالشبان، والجهاد خاص بالشبان، ومكافحة الظلم خاصة بالشبان، والتمرد على الجور والعسف خاص بالشبان، وإرباك الوضع القائم من أجل إرساء الوضع المنشود، خاص بالشبان، وكسر التقاليد المألوفة خاص بالشبان. كما أن التأسيس والحداثة خاص بالشبان.
إن الشاب مثالي، ولهذا السبب فانه أقرب كثيرا إلى المهدوية، فقلب الشاب قريب من المهدوية، لان الإمام حي، وصانع للربيع وقلب الشاب ربيعي، لذلك فانه يقيم تواصلا سريعا مع الإمام، إن قلب الشاب، يربك الوضع القائم ليصل إلى الوضع المنشود. إن إمام الزمانعلیه السلام هو مجدد، مثل الإمام الحسين، مجدد للدين. وعندما يموت دين محمد، فان الحسين ينهض، وعندما تموت القلوب، ويتآكل الدين ويفقد بريقه وتألقه، ويصبح كالفرو الذي يلبس مقلوبا، فان الإمام سيظهر.
إن الشاب سيكون مجددا لأمر الإمام ويربط ويوصل روحه ونفسه بالإمام سريعا، ويقول الإمام علي في رواية، إن أنصار إمام الزمانعلیه السلام هم من الشبان بشكل عام. والشيوخ والمسنون بينهم قلائل، إلا عددا قليلا منهم، إن الشباب مجبول على الحركة للتجديد والإحياء والإصلاح والدعوة إلى العدالة، وأن إمام العصرعلیه السلام هو إمام العدل. وأقرب الى الشباب.
وعندما يشاهد الشاب، إن ثمة ارتباكا وعدم انتظام في موقع ما، سينهض وينتفض، وعندما يرى الشاب، إن بطونا متدلية ومليئة وأصحاب هذه البطون يتقلبون في فراشهم، فانه لا يطيق ذلك، والإمام لا يطيق ذلك، وعندما يرى الشاب، أن رجالا ونساء لا أصل لهم ولا نسب، ينهبون ويسلبون أموال الناس، وتنام جموع غفيرة من الناس الليل وهم جياع، وتبقى وحيدة فريدة، فان الشاب لا يحتمل ولا يطيق هذا، والإمام لا يحتمل ولا يطيق هذا أيضا.
إن الشاب ينقبض قلبه ويعتصره الالم عندما يرى الظلم والإضطراب والفسق والفجور. وعندما يرى الشاب، الظلم والعسف والجور، ينهض وينتفض. إنه لا يفهم البرد والفقر، فهو يثور، والإمام هكذا مثل الشاب، فالإمام هو إمام الشباب، الإمام الذي ينشده الشبان، الإمام هو ضالة الشبان، فالإمام يبحث عن الشباب والشباب يبحثون عن الإمام.
وإن كان الإمام يشاهد أنصارا شبانا، لكان ينهض بشكل أسرع، وإن لم ينتفض وينهض، لانه لا يرى بجانبه حملة أقلام من الشبان المتحمسين والمثاليين والمتلهفين، ولا يرى هناك من يحارب الظلم.
إن من يقدم على أي عمل قذر وبشع، فهو ليس مهدويا. إن من لا يحزن لحزن المحرومين، ليس بشاب. ومن لا يتضور ألما في غم وحزن المحرومين، ليس مهدويا. إن من يساوم الظلم والظالم، ليس بشاب. ومن لا يحارب الظلم، ليس مهدويا. ومن لا ينهض من أجل العدل والعدالة، ليس بشاب. ومن لا يتحرك لاقتلاع الظلم، ليس مهدويا. ومن لا تكون صداقاته من أجل إرساء السلام والعدالة وتحطيم الظلم، ليس بشاب. بل ميت، ومن لا يتواصل مع الإمام للقضاء على الظلم، ليس مهدويا.
ومن هو مهدوي، يحارب الظلم، ومتيقظ ويشعر بجميع طبقات الظلم والجور، ويرى ويسمع لانه شاب. إن حاسة الشم لدي الشاب تعمل. وتشعر أذنه وعينه وقلبه، لانه شاب، ويشخص كل نوع من الظلم والجور والعسف سريعا، وينبذه، ومن لا ينبذه، ليس بشاب. ومن لا ينبذ الظلم والجور والفساد، ليس مهدويا.
ومن لا يطلب الإصلاح، ليس بشاب. ومن لا يعمل من أجل الإصلاح، ليس مهدويا. إن من يتصدى لكل شئ، ويتصدى للوضع القائم الملئ بالظلم والجور، هو شاب. والشاب يتصدى للإستبكار والمستكبر ويثور ضدهما، وأي لباس يرتديه فانه يشخص ذلك ويثور ضده، ومن لا يثور على الإستكبار فليس بمهدوي.
إن الإمام المهديعلیه السلام هو قلب عالم الإمكان، فالإمام هو فؤادكم، وفؤاد الشاب، يبحث عن الإمام. لذلك قدروا قدر فؤادكم حق قدره، وتحركوا لنصرة إمامكم، فالشاب يعرف أن الإمام ينتظرهم، إن الإمام ينتظرنا، ينتظر الشباب ونحن ننتظر الإمام.
إن الإمام المنتظر، ينتظرنا، فان التقينا معا وننهض من أجل نصرته، فانه سينهض، وإن أتينا على ذكر اسمه فحسب ونأكل ونشرب باسمه، فاننا لن نرى الإمام أبدا، وطالما لم يتهيأ الزمان والأرضية لاستقبال الإمام، فان الإمام لن يأتي، وينتظرون الإمام عبثا، بينما هم ظالمون. ينتظرون عبثا بينما هم إنتهازيون. ويظلمون. ويبتلعون أموال الناس وينهشونها ويخزنونها في بطونهم. يأكلون مال الإمام، والإمام قال: «من خزن درهما من مالنا في أحشائه، فانه يخزن النار في أحشائه.»
كلمة ألقاها الأستاذ إسماعيل شفيعي سروستاني مدير مؤسسة الموعود يوم 17 ربيع الأول، حول موضوع نصرة إمام العصرعلیه السلام وأنصاره الشبان.