يقف الكثيرون مبهورين امام البيانات الرقمية التي تعرضها موسوعة غينس للأرقام بصيغ التفضيل التي لاتعد ولاتحصى حول الأطول والاقصر والاعرض والاعلى لشيء ما في العالم (موسوعة غينيس للأرقام القياسية “Guinness World Records” هي كتاب مرجعي يصدر سنويًا، يحتوي على الأرقام القياسية العالمية المعروفة ويعتبر من سلسلة الكتب الأكثر بيعاً على الإطلاق. تم إصدار أول نسخة من الموسوعة في 1955 بواسطة شركة غينيس.وتعد هذه الموسوعة من اكبر المراجع التي يتم الرجوع إليها في معرفة الأرقام القياسية).وتتنافس دول العالم والكثير من المؤسسات والأشخاص على عرض مهاراتهم وأرقامهم التنافسية التي “تكسر” الأرقام السابقة ولو بعشر واحد من الثانية او بمليمتر واحد من السنتيمتر او بطابوقة واحدة او طابق واحد، ويتنافس الكل على وضع بصمة تفضيلية واحدة يبذلون فيها الكثير من الجهد والمال وبأجواء استعراضية حافلة علهم ينالون الشهرة من باب موسوعة غينيس بتقديم رقم تنافسي معين يؤهلهم للدخول في التاريخ مجانا عبر هذه البوابة ولهذا نرى ان في كل يوم تطرح هذه الموسوعة رقما جديدا لموضوع قد يكون جديدا او مبتكرا على سبيل المثال: اكبر كلب في العالم واصغر قطة فيه واطول رجل واقصر امرأة وأسرع حلزونة في الدنيا واعرض او أضيق شارع وأشرس سمكة او اضخم حوت وأسرع عداء او سباح بفارق ثوانٍ معدودات عن السابق واعلى ناطحة سحاب وأطول جسر او اقصر طريق وهلم جرا…والامثلة تتجاوز الملايين كل عام ولأرقام مذهلة.
ولكن لسنوات عديدة وطويلة من عمر هذه الموسوعة الذي يمتد الى منتصف الخمسينيات من القرن الماضي كانت هذه الموسوعة العالمية تدير ظهرها عمدا او سهوا للكرنفال الحسيني الهادر في زيارة الأربعين الخالدة الذي بدأ يأخذ صفة العالمية والكونية خاصة بعد سقوط النظام العفلقي الكافر وهي زيارة مليونية منذ القدم وبكل المقاييس البشرية والحضرية، يقوم بها ملايين من المؤمنين لايبحثون عن اية صيغة تفضيلية او شهرة يدخلون بها أية موسوعة كانت سوى موسوعة الحسين التي هي اكبر موسوعة للعشق والتضحية والفداء في التاريخ، موسوعة غينيس للأرقام تتجاهل منذ عقود الحدث الحسيني المكتظ بما لايعد ولايحصى من الأرقام والحوادث والنشاطات والفعاليات التي تصلح كلها بان تدخل اكبر موسوعة للأرقام بدون ان “تكسر” تلك الأرقام الا عن سبيل المنافسة الشريفة لأرقام اخرى مماثلة تضاف للتعديل في الكرنفال الحسيني الكوني.
موسوعة غينس تتكلم عن مهرجان ديني في الهند يحييه ملايين من السيخ وكل ثلاث سنوات مرة واحدة لكنها لاتتكلم عن مهرجان الحسين الذي يحييه سنويا ملايين الزائرين القادمين من كل قارات العالم ومن كل الجنسيات بدلالة أعلام الدول التي يرفعها مواطنوها في شوارع كربلاء، وتذكر هذه الموسوعة في احد إصداراتها اكبر طبق للبيتزا او اكبر صحن حساء او فنجان قهوة لكنها لاتذكر ملايين الوجبات التي تقدمها آلاف المواكب الحسينية في مضمار تقديم الخدمة لزائري الأربعين مايشكل اكبر مائدة طعام وشراب وشاي وتحلية تقدم لأكبر عدد من الناس مجتمعين في مكان واحد ومناسبة واحدة،وأطول مسيرة راجلة في التاريخ واكبر احتفال ديني وأضخم تجمع بشري وغيرها من الوثائق والأرقام والبيانات المدعومة بالصور ولقطات الفيديو مايجعل كربلاء في زيارة الأربعين الخالدة هي موسوعة الأرقام الكبرى التي لاتنافس ولاتُكسر من اية جهة كانت وبكل المقاييس والتفاصيل والمستويات اذ لا توجد مناسبة واحدة تكتظ بعشرين مليونا من البشر ومن كافة دول العالم وتحتضنهم مدينة صغيرة وضيقة في حين ان السعوديين على إمكاناتهم المادية والخدماتية الواسعة وكبر مساحة بلادهم يتباهون كل عام في موسم الحجيج بان الموسم انقضى بنجاح ودون “مشاكل” وعدد الحجيج لايكاد يبلغ ربع عدد زائري الأربعين او اقل وفي بلد يعاني من مشاكل مالية وسياسية وامنية كثيرة كالعراق. ومن حق العراقيين التباهي بنجاح زيارة الأربعين وبإمكانات مادية وخدماتية متواضعة والفخر كل الفخر للجمهور الحسيني الزاحف الى كربلاء والمقدم كل ماعنده من إمكانات للحسين وتبقى كربلاء موسوعة الأرقام العليا العصية على التنافس والكسر وعلى موسوعة غينس لـ “الارقام” ان تحفظ ماء وجهها وتدخل التاريخ من بوابة كربلاء ان كانت تسمى موسوعة عالمية واسعة الانتشار.
المصدر : وکالة نون الخبریة