يبدو ان العالم نسي او تناسى الحرب المفروضة على اليمن الى الحد الذي يتم فيه تجاهل اكبر خطر يهدد البيئة البحرية في المنطقة، بعد منع التحالف الذي تقوده السعودية صيانة سفينة النفط “صافر”، التي ترسو على بعد 4.8 أميال عن شاطئ رأس عيسى الذي يبعد حوالي60 كم شمال مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، والتي تستخدم كخزان عائم لتحميل وشحن السفن بالنفط الخام.
حمولة الناقلة صافر التي تُستخدم كمنصة تخزين عائمة تبلغ نحو 1,1 مليون برميل من النفط الخام، ولم تخضع للصيانة منذ أوائل عام 2015 بعد ان شن التحالف السعودي الحرب على اليمن، ما ادى الى تآكل هيكلها وتردي حالتها، وكانت حكومة صنعاء دقت دون جدوى ناقوس الخطر طوال السنوات الماضية، ودعت المجتمع الدولي والمنظمات الدولية للاضطلاع بدورهم، وطالبت بالسماح بعمل الصيانة اللازمة للسفينة لتفادي أسوأ كارثة بيئية بالمنطقة.
حكومة صنعاء طالبت ايضا وفي اكثر من مرة بتزويد الناقلة بالمازوت لتشغيل المولدات الكهربائية التي تعتمد عليها مضخات حفظ التوازن ومعدات الفلترة وتهوية الخزانات للحيلولة دون تراكم الغازات القابلة للاشتعال، الا ان التحالف العربي كان يحول دون تزويد الناقلة بالمازوت، في تماد واضح في تدمير البيئة البحرية، وفي انتهاك صارخ للقوانين والمعاهدات الدولية المتعلقة بحماية البحار.
لحد هذه اللحظة يرفض التحالف العربي بقيادة السعودية، الذي يستخدم السفينة كورقة ضغط في ظل صمت كامل من المجتمع الدولي، السماح لفريق دولي بمعاينة السفينة والعمل على صيانتها، رغم احتمال حدوث تسرب للنفط من السفينة أو انفجارها بسبب تراكم الغاز.
من اجل وضع المجتمع الدولي امام مسؤوليته،وتفنيد مزاعم التحالف السعودي،دعت حكومة صنعاء مرة اخرى الامم المتحدة لارسال فريق أممي الى اليمن لتقييم وضع صهريج صافر وصيانته، الا ان عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن السيد محمد علي الحوثي شكك في نوايا التحالف العربي وجديته في التعامل بمسؤولية مع خطر صافر.
السبب الرئيسي وراء تعنت التحالف الذي تقوده السعودية ورفضه ارسال فريق أممي الى اليمن لتقييم وضع صهريج صافر، هو ممارسة الضغط على حكومة صنعاء عبر حرمانها من عوائد بيع النفط الذي تحاول حكومة صنعاء استخدامها للتقليل من معاناة الشعب اليمني التي تسبب بها الحصار البري والجوي والبحري الذي يفرضه التحالف السعودي على اليمن.
هذه الحقيقة اشار اليها السيد علي الحوثي في تغريدة على تويتر تعليقا على موقف التحالف من المخاطر البيئية التي تشكلها صافر حيث كتب يقول : ” هل سيتم ارسال فريق أممي لتقييم صهريج صافر وصيانته بعد الموافقة على قدومه أم أنها ستبقى ورقة للمزايدة لدول العدوان كما هو الحال مع اتفاقات متعددة لم تنفذها دول العدوان كاتفاق استكهولم والرواتب والاسرى وفك الحصار وتشكيل لجان تقصي التي لم تر النور ولم تستطع الأمم المتحدة الزام العدوان بها؟”.
العالم كله اليوم مدعو للحيلولة دون وقوع كارثة لا تنحصر تداعياتها باليمن وحده وقد تمتد من البحر الأحمر إلى خليج عدن وبحر العرب، وإن بيئة المنطقة ستحتاج، في حال وقوع الكارثة لا سمح الله، إلى أكثر من 30 عاما للتعافي منها، بينما ستفقد حوالي 115 من جزر البحر الأحمر تنوعها البيولوجي، وسيخسر نحو 126 ألف صياد من بينهم 68 ألفا في الحديدة مصدر دخلهم الوحيد، الامر الذي يحتم على الامم المتحدة الا تسمح بتحويل السفينة صافر الى ورقة ضغط تمارس ضد الشعب اليمني، بينما المخاطر تتهدد المنطقة برمتها.
* فيروز بغدادي