بعد كتابته مقالاً لصحيفة “هآرتس” العام الماضي، جدّد فيه عرض “مبادرة السلام العربية” على الصهاينة، أجرى الأمير السعودي تركي الفيصل مقابلة مع الصحيفة الإسرائيلية، أكد فيها طلب السلام مع كيان العدو، والتطبيع معه.
ادّعى الفيصل أن المقابلة «نابعة من ضميره الخاص»، قائلاً إنه لا يمثل البلاط الملكي أو الحكومة السعودية، موضحاً، في الوقت نفسه، أنه «لم يسمع أي شكوى من جانب الحكومة في المملكة» حول آرائه المعلنة. وأشارت الصحيفة إلى أن الأمير موقن، كما الصحافي الذي أجرى معه الحوار، أنه لولا موافقة السلطات السعودية، الصريحة أو الضمنية، لما جرت المقابلة.
أرادت الصحيفة أن يكون الحوار لمناسبة «مبادرة كلينتون العالمية في أفريقيا والشرق الأوسط»، والتي يشارك فيها الفيصل، ليتشعب الحوار في اتجاهات أخرى، أبرزها تحسين صورة المملكة لدى الرأي العام الإسرائيلي، والحديث عن “العدو المشترك”، إيران.
أشار الفيصل إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما استهل ولايته الاولى بمنتهى الحزم (للدفع بـ”عملية السلام”)، إلا أنه تراجع سريعاً، الأمر الذي أصاب العالم العربي بخيبة أمل كبيرة. وأضاف الفيصل «لا أحد يظن أن أميركا ستدفع إسرائيل إلى تبنّي مبادرة السلام العربية والتوصل إلى حل الدولتين، ما يعني أنه لا يوجد غير إسرائيل نفسها كي تكون هي المبادرة إلى ذلك».
وأشار الأمير السعودي إلى أن مبادرة بلاده هي السبيل للخروج من الطريق المسدود لـ”عملية السلام” بين كيان الاحتلال والدول العربية، على أن تشمل انسحاب العدو إلى حدود عام 1967، وإنشاء دولة فلسطينية، وإيجاد «حل متفق عليه» للاجئين الفلسطينيين، وتطبيع العلاقات بين “إسرائيل” ودول المنطقة كافة.
وقال الفيصل إن الماضي شهد على أن العرب هم من كانوا يقولون “لا”، أما اليوم فإسرائيل هي التي ترفض (التطبيع)، معرباً عن اعتقاده بأن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ليس زعيماً بعيد النظر، وهو لن يطلق تحركاً سياسياً دراماتيكاً، «لذلك يجب أن تنطلق المبادرة من مصدر آخر، من الرأي العام في إسرائيل… وأتمنى أن يقرأ الإسرائيليون ما أقوله هنا».
ويعتقد تركي الفيصل بأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ملتزمان بالحل التفاوضي، معيداً إلى الأذهان أن حركة “حماس” أيضاً قد تعهدت بقبول كل ما توافق عليه منظمة التحرير، ومضيفاً أن «هذا هو موقفهم العلني، ويمكن اختباره».
أما في ما يتعلق بإيران، فأشار الفيصل إلى أن العلاقات بين المملكة والجمهورية الاسلامية تحسّنت في عهدي الرئيسين الايرانيين السابقين، هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، إلا أنها تراجعت في عهد محمود أحمدي نجاد، وأن «ذلك يعود أساساً إلى رغبته في بسط النفوذ الإيراني على الشرق الأوسط بأسره، من سوريا والعراق، حتى البحرين واليمن». ويضيف الفيصل أن الرئيس حسن روحاني “وإن كان صدر عنه بعض الكلام الجميل، إلا أنه لم يغيّر الاتجاه حتى الآن… وهناك شك في تصريحات روحاني حول رغبته في تحسين العلاقات معنا».
رفض تركي الفيصل ما يحكى عن أن السعودية تنشر في العالم الاسلامي التطرف الاصولي، مشيراً إلى أن المملكة تقف منذ الهجوم على مركز التجارة العالمي عام 2001 على رأس “الكفاح ضد الإرهاب”، وأن المملكة «اتخذت إجراءات صارمة، شملت منع تحويل أموال وتصدير خطاب تحريض أو السماح بانتقال الاشخاص إلى مناطق حساسة».
وتشير الصحيفة إلى أن تركي الفيصل، الابن الثامن للملك فيصل بن عبد العزيز، يتولى مهمة الإلحاح على قادة الصهاينة كي يصنعوا السلام، وهو في سبيل ذلك التقى في السنوات الماضية، علناً، شخصيات صهيونية مختلفة، منها الوزيران مئير شطريت ودان مريدور، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق اللواء عاموس يدلين، وأخيرا وزير المالية السابق يائير لابيد.
المصدر : فلسطين اليوم