روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (سيأتي قوم من بعدكم، الرجل الواحد منهم له اجر خمسين منكم)، قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نحن كنا معك ببدر واحد وحنين ونزل فينا القرآن، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (إنكم لو حملتم ما حملوا لم تصبروا صبرهم).
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (سيأتي قوم من بعدكم، الرجل الواحد منهم له اجر خمسين منكم)، قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نحن كنا معك ببدر واحد وحنين ونزل فينا القرآن، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (إنكم لو حملتم ما حملوا لم تصبروا صبرهم).
ان مصطلح الانتظار في الفكر الإسلامي وبالأخص الإمامي منه هو الترقب لظهور دولة الحق على يد الإمام المهدي عليه السلام، وهذا الترقب يحمل في طياته جوانب عديدة يتحملها المنتظِر، وتشكل هذه الجوانب ثقافة متكاملة وأسساً حضارية يمكن ان يقام عليها بناء الدولة المستقبلية للإمام المهدي عليه السلام لأنه من المعلوم ان غيبة الإمام الحجة عليه السلام يرجع أمرها إلى عدم توفر الظروف المواتية لإقامة الدولة العالمية، وبالتالي فالمنتظرون لابد ان يهيئوا هذه الظروف التي يمكن ان تساعد الإمام المهدي عليه السلام لإقامة هذه الدولة، _دولة العدل_ على كل ربوع الكرة الأرضية.
ومن هنا نقول ان من المهم جدا ان يفهم المسلم ما هو الانتظار، والذي ينسجم مع الثقافة التي نراها في كثير من الآيات القرآنية، والأحاديث والروايات الشريفة.
إنّ مما يؤسف له ان هناك تصوراً خاطئاً للانتظار يعبّر عنه بالانتظار السلبي، وهو الانتظار غير المنسجم مع هذه الثقافة الحضارية لانتظار الإمام عليه السلام وأسباب هذا الانتظار السلبي أمور عديدة ومن هذه الأمور او المظاهر هو ما عند بعض الإفراد من اللامبالاة وهو أمر لا يشكل شيئاً في جانب شخصيته الثقافية والفكرية والسلوكية والعملية وبالتالي كيف يمكن ان ينسجم هذا الفرد مع ثقافة الانتظار وهذا هو الأمر الأول.
والأمر الثاني قد يكون دور المنتظر هو فقط رصد العلامات التي ذكرت في الأحاديث والروايات، والتي يمكن ان تحدث قبل ظهور الإمام المهدي عليه السلام ويكون هذا الرصد كما يرصد الإنسان ظهور الشمس وظهور القمر ويترقب ظهورهما دون ان يرتب على هذا الترقب للظهور أي عمل.
ان هذا انتظار جامد، وبلا حركة, وإنه مجرد رصد للعلامات، دون ان يكون فيه للإنسان أي دور في انتظار الإمام المهدي عليه السلام, مع انه من المؤكد ان الروايات عندما ذكرت العلامات أرادت ان تحمّل المنتظر مسؤولية كيفية تعامله من هذه المسؤوليات، وكيف يتعامل مع هذه العلامات وكيف يستعد بالتالي لظهور الإمام عليه السلام.
وعندما تأتي الروايات لتذكر ان من العلامات (الدجال)، الذي يشكل جبهة كفر, وخط انحراف, كذلك السفياني من جهة، ومن جهة أخرى تأتي روايات تذكر لنا جبهة الإيمان والثبات، وهم الموطئين والممهدين للإمام المهدي عليه السلام وبالتالي من المهم ان يعرف المنتظر كيف يتعامل مع هذه العلامة أو تلك وأن يقف موقف الراصد لهذه العلامات فذلك يشكل مشكلة خطيرة جدا في موضوع الانتظار.
وهذا الفهم المتقدم والمعبر عنه بالانتظار الجامد بعيد جداً عن الفهم الإسلامي للمهدوية والثقافة الإسلامية ومعه لا يعيش الفرد واقع المهدوية ولا يكون له دور إطلاقا في التهيئة لظهور الإمام المهدي عليه السلام.
وهناك نوع آخر من الانتظار؛ انه انتظار بشكل آخر، انتظار متحرك ولكنه مفسد، وهو أنّ هناك من يرى انه لابد من ملء الأرض بالجور والفساد تعجيلا لظهور الإمام عليه السلام.
وهذه الحالة تعتبر اخطر من عدم معرفة الانتظار, أو من الانتظار السلبي, وذلك يكون اما عن جهل مركب أو تسييس هذا الفرد أو تلك الجماعة لأن تحمل شعار (انشروا الفساد ليظهر الحجة عليه السلام).
بينما نجد أن الشيخ الطبرسي قدس سره في كتابه (الرسائل العشر) يقول (ان السبب في غياب الإمام المهدي عليه السلام هم الناس) وعلى هذا لابد وان يكون السبب في ظهوره عليه السلام الناس. فلابد للفرد ان يكون موقفه موقفاً ايجابياً وانتظاره انتظاراً ايجابياً، وهذا الانتظار الايجابي يحمل الفرد مسؤوليات عديدة باتجاه حالة الاستبداد والظلم ومظاهر الفساد.
لازلنا والحلقة القادمة نتابع الآثار الأخلاقية للانتظار فانتظرونا.
الشيخ محمد علي العباد