السيد جعفر علم الهدى
قال الله تعالى : ( وابتغوا إليه الوسيلة ) ومن الخطأ ما يذكره الوهابيّون من انّ المراد من الوسيلة الأعمال والطاعات إذ لا دليل على إحضار الوسيلة بذلك ، بل هذه الآية الشريفة عامّة تشمل التوسّل بالأنبياء والرسل والأئمة عليهم السلام لانّ الوسيلة بمعنى التقرّب والعرب استعملت الوسيلة في التوسّل بالإنسان كما في شعر عنترة :
ان الرجال لهم إليك وسيلة * ان يأخذوك تكحلي وتخضبي
بل ورد في رواياتنا ان المراد من الوسيلة المعصومون :
ففي عيون أخبار الرضا عليه السلام عن النبي صلّى الله عليه وآله قال : « الأئمّة من ولد الحسين : من أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله ، هم العروة الوثقى والوسيلة إلى الله ». وعن أمير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالى : ( وابتغوا إليه الوسيلة ) قال : « أنا وسيلته ». وفي خطبة الزهراء عليها السلام المروية في [ دلائل الإمامة للطبري ] ، وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي : « فاحمدوا الله الذي بنوره وعظمته ابتغى من في السماوات ومن في الأرض إليه الوسيله فنحن وسيلة في خلقه ونحن آل رسوله ».
وقد ذكر الحافظ أبي نعيم الإصبهاني في كتابه [ نزول القرآن في علي ] وكذلك الحافظ أبو بكر الشيرازي في [ ما نزل من القرآن في علي ] والإمام الثعلبي في تفسيره انّ المراد من الوسيلة في الآية الشريفه هم عترة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله.
وقد ورد في روايات السنّة والشيعة توسّل الأنبياء والرسل بأهل البيت عليهم السلام منها ما رواه السيوطي في تفسير الدر المنثور في قوله تعالى : ( فتلقى آدم من ربّه كلمات ) قال : وأخرج ابن النجار عن ابن عباس قال : « سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه ، قال : سأل بحقّ محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت عليّ ، فتاب عليه ».
وفي رواية أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله انّ الله تعالى قال لآدم عليه السلام بعد ما رأى أشباحاً بالعرش وسئل عنهم : « هؤلاء خمسة من أولادك لولاهم ما خلقتك ولا خلقت السماوات والأرض ولا الجنّة ولا النار اشتققت أسمائهم من أسمائي ، فأنا المحمود وهذا محمّد وأنا العالي وهذا علي وأنا الفاطر وهذه فاطمة وأنا المحسن وهذا الحسن وأنا الإحسان وهذا الحسين فإذا كانت لك إليّ حاجة فبهؤلاء توسّل ». [ راجع الغدير ج 3 / 300 ].
وفي صحيح البخاري باب مناقب علي بن أبي طالب روى عن عمر استسقائه بالعبّاس قائلاً : « اللهم إنّا كنّا نتوسّل إليك بنبيّنا فتسقينا وانا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا فاسقنا ».
قال الله تعالى : ( ولو انهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توّاباً رحيماً ).
وهذه الآية تذكر ان من شروط قبول التوبة التوسّل بالنبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله حيث قال تعالى : ( جاؤوك واستغفروا الله واستغفر لهم الرسول ) ولم يقل ولو انهم استغفروا الله لكان الله تواباً رحيماً.
و هكذا بالنسبة إلى أولاد يعقوب النبي عليهم السلام : ( قالوا يا أبانا استغفر لنا ربّك إنّا كنّا خاطئين ) فتوسّلوا إلى أبيهم ليستغفر لهم مع انّه كان بإمكانهم ان يستغفروا بينهم و بين الله تعالى. ثم انّ يعقوب النبي عليه السلام لم يردعهم عن ذلك بل وافقهم ووعدهم بقوله : ( سوف استغفر لكم ).
وفي فيض القدير ج 3 / 543 عن علي عليه السلام : « الدعاء محجوب عن الله حتّى يصلّي على محمد وأهل بيته ». وفي الصواعق المحرقه قال : اخرج الديلمي ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : « الدعاء محجوب حتى يصلّي على محمد وأهل بيته » اللهم صل على محمّد وآله.