ماذا لو امتلكت “داعش” أسلحة دمار شامل؟
الاتفاق النووي وتردداته الإيجابية من جهة، والانتشار الدرماتيكيُّ للعمليات الإرهابية التكفيرية من جهة أخرى صعدا من تنامي الرأي العام الدولي الذي يطالب أصحاب القرار الاممي بوجوب إنهاء ظاهرة “داعش”، التي بلغت ذروة انتشارها متخطيةً التوزع السابق لتنظيم “القاعدة” الذي أوجدها، بعدما بات المسخ الذي صنعته الاجهزة الغربية لتحقيق اهدافها خارج السيطرة وتمدّد بشكل سرطاني وخرج أحيانا عن الاهداف المرسومة له.
وهذا ما تجلى بشكل واضح في اعترافات “هيلاري كلنتون” في كتابها “خيارات صعبة”، الذي كشفت فيه عن دور المخابرات الأميركية في رعاية ودعم الإرهاب بما فيه “داعش” من اجل تقسيم المنطقة العربية بالكامل حتى تصبح السيطرة عليها اسهل، وخاصة على منابع النفط والمنافذ البحرية.
الإرهاب المدعوم اميركيا انتشر في العالم وتمدد لكنه بدأ يخرج عن القواعد التي رسمت له، وفقدت السيطرة عليه، مما جعل الجميع يعيد حساباته ومعالجة الخطر الوجودي الذي يشكله تنظيم “داعش” الإرهابي الذي يهدد سوريا والعراق مباشرة لكنه بدا يطرق أبواب أوروبا عبر التفجيرات الإرهابية والمقاتلين الأجانب الذين لا يزالون يتدفقون على سوريا، حيث يكتسبون خبرات ينقلونها فيما بعد الى العالم. يضاف عليها الزيادة المضطردة لانتشار أسلحة الدمار الشامل ومنها الأسلحة الكيميائية، وهنا تتخوف جهات دولية وتتساءل ماذا لو امتلك “داعش” هذه الأسلحة؟ فأي خراب يحل على الانسانية جمعاء؟ وكيف سيتصرف أصحاب القرار الدولي بهذا الشان؟ وكيف ستتم المواجهة؟ خاصة وان هذه التنظيمات تشن حربا عالمية ثالثة ضد المدنية والحضارة باشكالها المتنوعة. وها هي تتوسع في مناطق مختلفة من العالم ولم تعد محصورة في بقعة جغرافية او منطقة محددة او دولة معينة.
الارهاب التكفيري
يتمركز تنظيم “داعش” في سوريا والعراق حيث أسس ما أطلق عليه اسم “الدولة الإسلامية” واعتبره قاعدة لدولة الخلافة التي ستشمل العالم حسب ما خطط له. لكن “داعش” له وجود وانصار في أماكن أخرى تزداد وتتوسع تدريجيا:
فمنذ انتشار التنظيمات المتطرفة والعناصر الأجنبية المنخرطة فيه في ليبيا تخشى دول الجوار الليبي من انتقال الجماعات المتشددة عبر حدودها، فقد رصدت تقارير أعدتها مراكز تعمل لصالح جهات أمنية بمصر “وجود اتصال بين الميليشيات الليبية وجماعات مصرية متطرفة وتتبادل الخبرات والتدريب على أعمال إرهابية”.
فالفوضى العارمة المنتشرة في ليبيا جاءت بمثابة الهدية لتنظيم “داعش” الذي سارع إلى استغلالها بما يناسب مصالحه، ويخطط “داعش” لجعل ليبيا، التي تمتلك إمكانات هائلة، بوابة لغزو افريقية وأوروبا
وذكر أحد التقارير ان الأمر زاد صعوبة، وقد برز في مواجهة المتطرفين في سيناء سواء كانوا مصريين أم أجانب أتوا من ليبيا للعمل مع بؤر الارهاب في سيناء حيث برز”أنصار المقدس” التي بايعت تنظيم “الدولة الاسلامية”، وتشير التقديرات إلى وجود 5000 مسلح، في شبه جزيرة سيناء.
في اليمن، أكدت مصادر متابعة لنشاط الجماعات المتطرفة انتشار خلايا تابعة لتنظيم “داعش” في مناطق متفرقة من البلاد، وجلب التنظيم لمئات المقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية، مستغلاً بذلك الأوضاع السياسية والأمنية التي يعيشها اليمن.
و”بوكو حرام” باتت أيضاً من “جنود الخلافة”، التنظيم الأصولي الذي يعيث خراباً في نيجيريا حيث بات محسوباً على “داعش” أيضاً، وهي خطوة بالغة الخطورة نظراً لمناطق سيطرة هذا التنظيم وحجم الإجرام الذي يتمتع به عناصره.
في المغرب، الجزائر، الصومال، وحتى أثيوبيا والدول المجاورة لها، الأوضاع ليست أفضل حالًا بالأخص بعد أن عبثت أخوات “داعش” بملامحها الداخلية وشوّهت حق العيش فيها، والوضع يتأزم ويتوسع ليشمل الجوار بشكل تصاعدي.
تنظيم “داعش” مصرٌّ على التوسع إلى خارج حدود دول العالم الإسلامي، ليشمل بالاضافة الى منطقة الشرق الأوسط، شمال إفريقيا وجزءاً كبيراً من غرب آسيا وأجزاء من أوروبا، من بينها إسبانيا، التي استبدلها التنظيم باسم الأندلس. وكما أشاروا الى رغبتهم العتيدة في الاستيلاء على دول منطقة البلقان، التي تشمل ألبانيا والبوسنة والهرسك واليونان ورومانيا وبلغاريا وعدد من دول شرق أوروبا وصولاً إلى النمسا.
هذا التمدد الخطير لـ”داعش” الذي يتخطى الحدود الجغرافية وحتى القارية، جعل أسيادهم ينقلبون عليهم، فاتفاق فيينا قلب “اجندة” الاولويات لدى الدول الكبرى حيث “لا عدو دائم ولا صديق دائم بل مصلحة دائمة” وفق المنطق الدولي السائد، حيث تضيف مصادر سياسية ان الانقلاب السحري للسياسة الخارجية التركية واعلان انقرة الحرب على “داعش” بحجة التفجير الذي استهدف مدينة سوروتش واوقع عشرات الضحايا، ليس في مكانه الصحيح بل هو نتيجة لترددات اتفاق فيينا على صعيد المنطقة، حيث تقاطعت مصالح تركيا مع الغرب وايران في سبيل اقتلاع الارهاب، بعدما استنفذت ضرورته، وانقلب على صانعيه لتنضم تركيا الى التحالف الدولي ضد الارهاب رافعة الحظر عن استعمال واشنطن لقاعدة انجرليك الجوية لشن غارات على مقرات «داعش» وأماكن تجمعات مقاتليه في سبيل خلق منطقة آمنة لنقل النازحين السوريين من تركيا اليها.
فالأمور السياسية كما الميدانية العسكرية لم تحسم بعد، وهي آخذة بازدياد مع تزايد المساومات في الصالونات السياسية المغلقة، بانتظار أن تكشف هذه الدول المتآمرة شيئاً فشيئاً عن قبح تعاطيها مع الملف السوري في سبيل الحصول على جوائز ترضية من صفقات الغاز والنفط التي ساوموا فيها على الدماء السورية في سوق النخاسة السياسي العربي والغربي.
كل هذه التطورات سرَّعت إعادة النظر بالسياسات الدولية خاصة بعد ان اكتشف الرأي العام الاممي إمكانية التوصل الى اتفاق تاريخي مع ايران بعدما كان يعتبرها الشر الأكبر، بينما دعم تنظيم “داعش” ووظفه في مخططاته حتى بات خطرا على البشرية لانه يحمل طبيعة متوحشة ومعادية للحضارة خاصة اذا امتلك أسلحة مدمرة فتاكة.
المصدر : وکالةأنباء براثا