العلمانية منهج حكم غربي، وهو ينقسم إلى قسمين أو منهجين،في اطار نظرته إلى الدين، وفي حكم ما هو موجود في واقع الشعوب الغربية ورؤيتها ورأيها بالدين . فالمنهج الأول للعلمانية يجعل الدين عدوا له ويقع في إطار المنافسة والصراع معه، وهذا المنهج هو الأساس في تكوين العلمانية ونشوئها في عصر النهضة الأوربية والثورة ضد الكنيسة، بعد استبداد حكمها وتحكم رجال الكنيسة بالشعوب من خلال الأطر الدينية، فكان هذا المنهج ردة فعل على هذا التسلط والاستعباد .
العلمانية منهج حكم غربي، وهو ينقسم إلى قسمين أو منهجين،في اطار نظرته إلى الدين، وفي حكم ما هو موجود في واقع الشعوب الغربية ورؤيتها ورأيها بالدين . فالمنهج الأول للعلمانية يجعل الدين عدوا له ويقع في إطار المنافسة والصراع معه، وهذا المنهج هو الأساس في تكوين العلمانية ونشوئها في عصر النهضة الأوربية والثورة ضد الكنيسة، بعد استبداد حكمها وتحكم رجال الكنيسة بالشعوب من خلال الأطر الدينية، فكان هذا المنهج ردة فعل على هذا التسلط والاستعباد .
أما المنهج الثاني والذي نراه اليوم شائعا في كثير من دول الغرب فهو المنهج الذي يقف موقفا متسامحا من الدين، أي انه يعترف بوجود الدين وحرية المعتقد لدى كل الشعوب وبحق كل فرد في أن يمارس معتقداته الدينية بكل حرية، ولكن هذا المنهج يرفض أن يتدخل الدين في شؤون الدولة وحركة المجتمع وقوانينه وأنظمته، فهو يرى أن حدود الدين لا تتجاوز الكنيسة أو دار العبادة، وان السياسة وإدارة شؤون البلاد هي من صلاحية واختصاص أهل السياسة والحكم ولا دخل للدين فيها .
وعلى كلا المنهجين فالعلمانية من حيث انها فكر ونظام حكم وضعي أخطأت في تحديد المسار الصحيح الذي يجب أن تتبعه البشرية في سيرها نحو الكمال والرقي، هذا إذا لم نقل إن العلمانية هي في الأصل ذات منهج غير قويم وذات نهج منحرف منذ بدايته .
فالمنهج الأول لها الذي يرفض الدين ويعاديه منهج عقيم لأنه يفرغ المجتمع الإنساني من أهم قوة تعمل على ديمومة الحياة واستمرارها فيه، إذ أن الإنسان منذ وجوده وعلى وفق فطرته التي فطر عليها لا يمكنه أن يستغني عن معتقداته التي يؤمن بها، فالإنسان بدون معتقد يصبح جسداً بلا روح، وهذا ما أكده التاريخ ويؤكده في كل يوم، فلا يمكن فك ارتباط الإنسان بخالقه لمجرد إن فئة ما أو جماعة ما ترفض وجود الدين.
أما المنهج الثاني لها فانه يضع نفسه في مأزق أعظم من المأزق الذي وقع فيه سابقه، إذ انه سوف يقع في مشكلة إيجاد الربط بين الدين والعلم، فهل إن كلا منهما مستقل عن الآخر؟ ام أن هناك ترابطا بينهما؟ وإذا كانا مستقلين فكيف يمكن تفسير التداخل الحاصل بينهما في كثير من القضايا؟ وإذا كانا مترابطين وغير مستقلين فكيف هو شكل هذا الترابط والتداخل وما هو نوعه؟ وهل له حدود معينة يقف عندها؟
إن هذه الأسئلة لا يمكن لأصحاب المنهج العلماني الإجابة عنها، لأنهم حينئذ سوف يناقضون أنفسهم بأنفسهم، ويفتحون على انفسهم أبوابا لا يمكنهم إغلاقها .
فالعلمانية على كلا المنهجين تسير بطريق معوج، وذلك يرجع في حقيقته إلى خطأ في تشخيص المنهج .
فبالعلم وحده لا يمكن تفسير الظواهر الكونية وما يجري في الحياة من أمور تكون في كثير من الأحيان عللها خافية عنا .
ولعل نظريات بعض علماء الغرب عن أصل الخليقة ونشوئها أوضح دليل على فشل هؤلاء في الإجابة عن هذه القضايا من خلال سرد بعض النظريات والفرضيات العلمية العقيمة التي تصطدم مع التفكير العقلاني والمنطقي لكل إنسان سوي، إضافة إلى اصطدامها بالمنهج التفسيري الديني .
وفي الحقيقة ان الإسلام شخّص الطريق القويم وأجاب عن كل الأسئلة المطروحة فالإسلام،الدين والمعتقد, غني بكل القوانين والأنظمة التي يمكن لها إن طبقت بشكل صحيح ان تسعد البشرية، وهو بإعتباره منهجاً وطريقة للحياة يتبنى العلم والمنهج العلمي،بما لا يتعارض مع المنهج التشريعي الإسلامي، وبما يحقق الرقي والتقدم للمجتمعات الإنسانية، كما ان السياسة هي من أهم محاور الفكر الإسلامي لان بها تنتظم أمور المجتمع وتدار شؤونه، والتشريع السياسي الإسلامي يكفل الحقوق ويبين الواجبات لكل فرد من افراد المجتمع على وفق العدالة والمساواة .
نعم ان المشكلة الوحيدة التي تجابه الإسلام والمسلمين اليوم هو غياب القائد المطبق للنظرية الإسلامية، فالمنهج الإسلامي القويم موجود ولكن ما ينقص هذا المنهج هو المطبق والمنفذ وهو الإمام المهدي عليه السلام.
فظهور الإمام عليه السلام سيؤدي إلى تطبيق الشريعة الإسلامية بحذافيرها .
والنظرية المهدوية الإسلامية تشير بوضوح إلى الجمع بين الدين والعلم، وليس المراد من هذا الجمع أن العلم مكمل للدين أو لما في الدين من نقص، فدين الله عز وجل الذي أمرنا أن نتعبد به لا نقص فيه، بل أن المراد من الجمع هنا هو أن من يرسم المنهج ويحدد الطريق هو الدين.
والنظرية المهدوية الإسلامية تؤكد ان الإمام المهدي عليه السلام يحيي الكتاب والسنة، أي يُحْيي الدين،ويعيده كما كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتكون هذه هي المرحلة الأولى لإعادة الناس إلى جادة الصواب وطريق الحق.
ففي الرواية عن أبي جعفرعليه السلام: انه قال : (إن العلم بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ينبت في قلب مهدينا كما ينبت الزرع على أحسن نباته، فمن بقي منكم حتى يراه فليقل حين يراه : السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة).
وفي رواية أخرى عن الحرث بن المغيرة النضري قال : (قلت لأبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام، بأي شيء نعرف المهدي ؟ قال بمعرفة الحلال والحرام وبحاجة الناس إليه ولا يحتاج إلى احد).
فمعرفة الحلال والحرام وأحكام الشريعة هي أساس قيام الحكم واستمراره لضمان العدل والمساواة، كما انه وعلى المستوى الثاني فإن الظهور يتكفل بنشر العلم في ربوع الارض، وهي المرحلة الثانية التي يؤسس لها المنهج المهدوي الإسلامي، فلا تعارض إذا بين الدين والعلم،وهنا نجد ان المنهج العلماني الثاني عقيم ومعوج أيضاً .
في حين ان المنهج المهدوي الإسلامي منهج منتج وأصيل، لأنه يغذي الروح من خلال قيم دينية حقيقية، ويؤسس لمنهج ديني وعلمي قويم لقيادة المجتمع نحو التكامل والرقي.
=========================
صحيفة صدى المهدي عليه السلام العدد 8
أسد حيدر