داعش لا يرحم حجراً ولا مدراً بعد أن قتل الإنسان والحيوان، واستباح القرى والمدن، باسم الاسلام، علماء آثار بعد سنوات تمكنوا من اكتشاف ما تبقى من آثار تدل على ناس لهم تاريخ طويل وحضارة تشهد على حياتهم ودولتهم، جاء دور داعش لهدم البناء القديم، الذي لو استطاع الكلام أخبرنا ما حل به على يد هذا التنظيم التكفيري .
موعود: تعتبر مدينة نمرود (كالخو أو كالحو بالآشورية) التي أعلنت الحكومة العراقية أن «داعش» جرفها، درة الحضارة الآشورية، وموطناً لكنز يعد من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين.
وفيما أعلن المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني هدم الآثار «دليلاً على وحشية الإرهابيين الذين يدمرون الحضارة»، اعتبرته منظمة «يونيسكو» جريمة حرب.
وأكدت وزارة السياحة والآثار أن «عصابات داعش»، «جرفت آثار نمرود بالآلات الثقيلة، مستبيحاً المعالم التي تعود الى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وما بعده».
وتقع نمرود التاريخية عند ضفاف دجلة على مسافة 30 كلم إلى الجنوب من الموصل، وهي كبرى مدن شمال العراق، وأولى المناطق التي سقطت في يد «داعش» في حزيران (يونيو) الماضي.
وقال الباحث والأكاديمي العراقي علي النشمي، إن «كالخو» هي «عالم الأشوريين، شيدوها لتجمع كل ما يمكن أن يغني ساكنيها عن مغادرتها، وهي أيضاً مدينة مقدسة لديهم».
ويعود تاريخ نمرود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وهي أحد أشهر المواقع الأثرية في بلد عرف بأنه مهد الحضارات.
وقال عالم الآثار العراقي في جامعة ستوني بروك الأميركية حيدر حمداني (أ ف ب) إنها «كانت عاصمة آشور خلال العصر الآشوري الحديث».
وهي من المواقع المرشحة للإدراج على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو).
واسمها المعتمد هو الاسم العربي وكانت تعرف أساساً باسم «كالحو أو كالخو».
بدأ علماء الآثار ذكرها عام 1820، وجرت عمليات استكشافها والتنقيب عنها في العقود اللاحقة. وتعرضت للنهب إبان الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003.
ونقل الكثير من آثار نمرود من الموقع الأثري الى متاحف عدة، بينها متحفا الموصل وبغداد، إضافة الى متاحف في باريس ولندن وغيرها. إلا أن أبرز القطع، لا سيما التماثيل الآشورية الضخمة للثيران المجنحة ذات الرأس البشري، والقطع الحجرية المنقوشة، بقيت في الموقع.
وفي شريط تدمير الآثار داخل متحف الموصل، بدا أن العديد من التماثيل والقطع الأثرية هي من موقع المدينة.
ومن أبرز الآثار التي عثر عليها «كنز نمرود» الذي اكتشف في 1988، وهو عبارة عن 613 قطعة من الأحجار الكريمة والمجوهرات المصنوعة من الذهب.
ووصف علماء الآثار هذا الاكتشاف بأنه الأهم منذ اكتشاف قبر الملك الفرعوني توت عنخ آمون عام 1923.
ويعود تاريخ الكنز الى نحو 2800 عام. وأخفته السلطات العراقية بعد فترة قصيرة من العثور عليه.
ثم عثر عليه محفوظاً في المصرف المركزي، بعد أسابيع من سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين، إثر سقوط بغداد في يد القوات الأميركية في نيسان (أبريل) 2003.
وأعيد بعد وقت قصير من العثور عليه إلى خزينة المصرف المركزي.
وفي باريس، قالت المديرة العامة لـ «يونيسكو» إيرينا بوكوفا: «لا يمكننا البقاء صامتين»، مؤكدة أن «التدمير المتعمد للتراث الثقافي يشكل جريمة حرب».
ودعت «كل المسؤولين السياسيين والدينيين في المنطقة إلى الوقوف في وجه هذه الهمجية الجديدة».
وقالت: «تم رفع المسألة إلى مجلس الأمن الدولي والمدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية»، داعية «الأسرة الدولية (إلى) توحيد جهودها» من أجل «وقف هذه الكارثة».
ورأت أن «التطهير الثقافي الجاري في العراق لا يوفر شيئاً ولا أحداً، ويستهدف الأرواح والأقليات ويترافق مع التدمير المنهجي للتراث البشري الذي يعود إلى آلاف السنين».
وطرق ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي خطيب وإمام الجمعة في كربلاء المقدسة في خطبته الثانية من صلاة الجمعة الأمس التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف وقال “في الايام الاخيرة قامت عناصر داعش بهدم واتلاف الكثير من مقتنيات المتحف الوطني في الموصل وتدمير بعض المواقع الاثرية في محافظة نينوى ليدللوا مرة اخرى على مدى وحشيتهم وهمجيتهم وعدائهم للشعب العراقي العظيم لا لحاضره فقط بل حتى لتاريخه وحضارته الضاربة في القدم .
وأضاف “انه يوماً بعد يوم يثبت للعالم اجمع مدى الحاجة في تكاتف الجميع في سبيل محاربة هذا التنظيم المتوحش الذي لا يسلم منه البشر ولا الحجر”
وقال “وتتبين ضرورة وحدة العراقيين بجميع اطيافهم ومكوناتهم في طرد هذه العناصر الاجنبية عن ارض العراق الطاهرة”.