قال المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن محافظة دير الزور باتت شبه خالية من المسيحيين بعد سيطرة تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» على معظم مناطقها، لافتا إلى أنّهما فجّرا القسم الأكبر من كنائسها.
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن محافظة دير الزور باتت شبه خالية من المسيحيين بعد سيطرة تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» على معظم مناطقها، لافتا إلى أنّهما فجّرا القسم الأكبر من كنائسها.
وكان الوجود المسيحي في المحافظة، قبل اندلاع الأزمة في سوريا في مارس (آذار) 2011. يتركز على 3 مدن رئيسية فيها، وهي البوكمال الحدودية مع العراق، والميادين الواقعة في الريف الشرقي، ومدينة دير الزور.
وأوضح المرصد في تقرير أعده بان «جبهة النصرة» في أواخر شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام 2013 بعد ان فرضت سيطرتها على كامل المدينة، أصدر قاضي الهيئة الشرعية التابعة للجبهة قرارا يقضي بهدم الكنيسة بشكل كامل.
وفي بداية شهر يوليو (تموز) من العام المنصرم 2014. فرض تنظيم «داعش» سيطرته على كامل البوكمال ملحقا إياها بـ«ولاية الفرات»، التي تضم مدينة البوكمال وريفها ومدينة القائم العراقية وريفها، فاستولى على أملاك أتباع الديانة المسيحية الذين نزحوا سابقا من المدينة، وكتب على جدران الممتلكات عبارة «ملك للدولة الإسلامية».
وتمسكت عائلة مسيحية واحدة في مدينة الميادين بالبقاء في أرضها مع اندلاع الأزمة السورية، تتألف من 3 إخوة، بينهم طبيبان اثنان، حيث كانت تقطن العائلة في منزل واحد، يقع في أول شارع التكية بسوق مدينة الميادين.
وأوضح المرصد أن هذه العائلة ظلّت متمسكة بمنزلها في المدينة، لحين دخول تنظيم «داعش» إلى الميادين وسيطرته عليها، ممهلا العائلة حتى منتصف سبتمبر (أيلول) من العام 2014، لتختار بين «دفع الجزية» أو من المدينة، إلا أن العائلة اختارت الخروج من المدينة، وانتقلت للعيش في محافظة حمص، ليقوم التنظيم بالاستيلاء على المنزل الذي كانت تقطنه العائلة، والذي يقدر ثمنه بعشرات ملايين الليرات السورية.
وتُعد مدينة دير الزور، المدينة الأكبر في محافظة دير الزور، من حيث تواجد المسيحيين، حيث كانت تضم نحو 150 عائلة، أكثر من نصفهم من طائفة السريان الأرثوذكس .
وأوضح المرصد أن هذه العائلات كانت ترتاد 5 كنائس في المدينة، الأولى كنيسة «السريان الأرثوذكس» فجرتها «جبهة النصرة» في أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول)، من العام 2012. بسيارة مفخخة.
أما كنيسة «الأرمن الأرثوذكس» ففجرها تنظيم «داعش» عبر زرع عبوات ناسفة في مبنى الكنيسة، في الثلث الأخير من شهر سبتمبر من العام المنصرم، كما أقدمت «النصرة» على تفجير كنيسة «اللاتين» (الكبوشيين)، باعتماد نفس الطريقة في منتصف أبريل (نيسان) من العام 2013.
ورجّح مدير المرصد رامي عبد الرحمن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يكون هناك عدد قليل جدا من العائلات المسيحية لا تزال تعيش في دير الزور ولكن دون الإعلان عن انتمائها الطائفي، موضحا أن محافظة دير الزور باتت شبه خالية من المسيحيين.
وأوضح عبد الرحمن أن مسيحيي سوريا، الذين كان عددهم يبلغ قبل اندلاع الأزمة ما بين 10 و12 في المائة من مجمل عدد السوريين، لا يزالون يعيشون في طرطوس واللاذقية ودمشق وريف حماه والسويداء وحلب، لافتا إلى أن معظم الذين ما زالوا يعيشون في محافظة حلب يتمركزون في مناطق تسيطر عليها الدولة السورية .
وكان المطران يوحنا إبراهيم، مطران السريان الأرثوذكس في حلب، قال في العام 2013 (قبل اختطافه مع المطران بولس اليازجي واستمرار مصيرهما مجهولا)، إن نحو ثلث المسيحيين السوريين هاجروا من سوريا منذ مارس 2011.
وأضاف المطران أنه «يجد صعوبة في إقناع المسيحيين البالغ عددهم الإجمالي مليونا ونصف المليون من عدد السكان، بعدم الهجرة نتيجة صعوبة الظروف الأمنية والتهديدات التي يواجهونها يوميا».
يُذكر أن لسوريا أهمية كبيرة في تاريخ المسيحية، فمدينة دمشق هي مقر عدد من الكنائس والبطريركيات المسيحية، أبرزها بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، وبطريركية السريان الأرثوذكس، وبطريركية الملكيين الكاثوليك، وغيرها.
وتُعتبر مدينة حلب ثاني مدينة في الشرق الأوسط بعد بيروت من حيث عدد المسيحيين، إلى جانب انتشار عدد كبير من الأماكن المقدسة المسيحية فيها.
المصدر : الشرق الأوسط