مجتبی السادة
منذ مئات السنين والمؤمنين المنتظرين للإمام (عج) لازالوا يراوحون مكانهم في المراحل الاولى في مسائل الترويج والتمهيد المهدوي ، فبنظرة استراتيجية ورؤية كلية شاملة نجد ان مسيرتنا في طريق التمهيد تحفل بالاتي
أولا : الاستمرار في المسائل الفكرية والعقائدية المهدوية الأصيلة: فمنذ بداية الغيبة الكبرى (عام 329 هـ) وحتى ايآمنا هذه ، ونحن نتكلم ونكتب ونبحث في بعض القضايا الفكرية العقائدية ذات الخصوصية المهدوية ونغذيها باستمرار وهي في الاساس مسائل مهمة وجوهرية وضرورية ولكن بعض منها تم تكراره وبكثرة مثل: استمرار الإمامة وبقاءها حتى يرث الله الارض ومن عليها ، وجود وولادة الامام (عج) ، مسائل الغيبة ، الانتظار والفهم الايجابي والسلبي ، علامات الظهور ، و و و ….. الى غيرها من المسائل التقليدية ، وهي مهمة واساسية ولابد من معرفتها والالمام بها ، وقد اشبعناها بحث ونقاش ودراسة قديما وحديثا.
من المفترض ان تصبح هذه المسائل من البديهيات والمسلمات عند كل المؤمنين ، ويجب ان تكون المعلومات حولها متوفرة ومتاحة للجميع عند أي استفسار أو تساؤل .. وبالتالي لابد من تجاوز مثل تلك المسائل والانطلاق والبحث في مسائل حديثة وجديدة ، يجب أن نتطرق اليها ونكتب فيها تساعد على التمهيد والترويج للقضية المهدوية عند كافة افراد البشر ، والبحث في مسائل تهم كافة الشعوب ومن زوايا القضية المهدوية.
ثانيا : التصدي الى اعداء الاسلام عند محاربتهم للقضية المهدوية وكشف اساليبهم وخدعهم الخبيثة: هناك قفزات ممتازة لبعض الباحثين للخروج من المربع الاول ، وذلك بكشف الخطط القذرة للاعداء باستغلالهم بعض مسائل العقيدة المهدويه للقضاء عليها ، فمن الواضح وبشكل جلي هذه الايام ، كيف ان الايدي الخفية تستغل المنحرفين من الناس والسذج من الافراد لتشويه عقيدة المؤمنين بالقضية المهدوية ، وقد رأينا وبشكل ملفت للنظر كيف ان اعداء الاسلام في دولة العراق وحدها فقط ، وجهت وحركت المدعو كاظم الكرعاوي (جند السماء) في النجف الاشرف للقضاء على المرجعية وعند فشل حركته وأنتهائها ، دعمت ودفعت بـــالمدعو احمد كاطع (اليماني المزعوم) في البصرة لخرق الرآيات الممهدة للإمام (ع) وعند كشف امره وخروجه ، حركت ووجهت المدعو محمود الصرخي (نائب الامام المزعوم) في كربلاء وعند افتضاح امره وهروبه ، دعمت وحركت المدعو فاضل المرسومي (الامام الرباني المزعوم) في ديالي وبغداد .. وكل هذه الحركات المنحرفة المشبوهة حاولت وبشتى الطرق تشويه العقيدة المهدوية والقضاء عليها.
هكذا الاعداء يتحركون وبكل جدية ومثابرة لمحاربة القضية المهدوية ، ونحن للأسف لانزال نتحرك وببطء شديد لكشفهم والتصدي لإدعاءاتهم ، وبنشاط خجول وحركة بسيطة نتحرك في هذا المربع ، وباسلوب الدفاع فقط وليس الوقاية والتحصين والهجوم.
ثالثا: التبشير والدعوة للقضية المهدوية لدى غير المسلمين: نحن مقصرون جدا جدا بالتبشير بالقضية المهدوية عند الشعوب الغير مؤمنة بالدين الاسلامي (الشعوب الغربية والشرقية) ، والتي لم تسمع بأسم الإمام المهدي (ع) ولا تعرف شيئا عنه ، واذا حان موعد ظهوره لا تعرف ماذا سيفعل وماذا سيحقق وماذا سينشر ، فكيف اذا لمثل هذه الشعوب ان تؤمن به حين خروجه وكيف ستؤيده وتأزره وهي لا تعرف ادنى معلومات او حقائق عن قضيته واهدافه.
هل أخذنا على عاتقنا التبشير والتمهيد للقضية المهدوية وبشكل ايجابي وصحيح وبأساليب محببه لدى الغير ، خاصة وان الاعداء يحاولون ان يشوهوا وجه الاسلام الناصع فيضخموا اعلاميا جرائم داعش والافعال الوحشية للحركات والجماعات المشبوهة والمحسوبة على المسلمين .. وفوق كل ذلك للأسف نحن غافلون ومقصرون جدا عن اظهار الوجة المشرق الأصيل للقضية المهدوية ونشر ثقافتها وافكارها والتعريف بالمستقبل الزاهر الذي ينتظر العالم حين يتم تطبيقها وتنفيذها.
يجب علينا ان نستغل القضايا التي تهم الفرد الغربي والشرقي ويشعر بها ويميل اليها كقضايا الحرية والعدالة وحقوق الانسان ، والقضايا الاقتصادية كالتوزيع العادل للدخل والمحافظة على الموارد الطبيعة الناضبة والاستخدام الامثل للطاقة ، وقضايا البيئة وحمايتها من التلوث ، وقضايا الاجتماع السياسي و و و … الخ ، كذلك يجب علينا ان نستفيد من المؤسسات الاكاديمية والتعليمة والاعلامية الغربية لطرح القضية المهدوية ونخاطبهم باللغة التي يفهمونها وتؤثر فيهم ، وبشكل علمي ونفسي وتدريجي سليم لننجح في ترويج فكرة وعقيدة منقذ البشرية الأصيلة.
من المؤسف ليس بأيدينا حاليا أي فلم سينمائي يتحدث عن الإمام المهدي (عج) سواء كان تمثيلي او وثائقي يساعدنا في تعريفه لدى الآخر غير المسلم ، كذلك من المخجل ايضا أنه لا يوجد عندنا أي كتاب خاص عن الإمام (ع) مكتوب بلغة تناسب العقلية الغربية و الشرقية يساعدنا للتمهيد لقضيته .. نحن وحتى هذه اللحظة لم ننتقل للمربع الثالث والى مرحلة التبشير به في مسيرة التمهيد والاعداد لقدومه الشريف ، فيثار لدينا تساؤل كبير ومهم: متى سيتحقق ذلك ؟ ومن سيأخذ هذه المسؤولية والواجب على عاتقه؟.
رابعا: الاستفادة من اساليب ومناهج الدولة المهدوية الفاضلة وتطبيقها حاليا: اذا ظهر الإمام روحي فداه سينشر العدل والقسط على كافة المعمورة ، وسيظهر خيرات الارض وستنعم البشرية بالرخاء والرفاهية .. نحن حاليا بعيدون كل البعد عن اساليب الحكم والادارة والتطور العلمي والتقني الذي سيطبقها الامام (ع) في دولته ، بل نحن لم نتعرف عليها او حتى نفكر بها فكيف بدراستها .. نحن ابعد من ذلك بكثير ، فحتى الان لم ننقل القضية المهدوية الى مؤسساتنا الاكاديمية والتعليمية ، فللأسف لا يوجد عندنا من الرسائل الجامعية (ماجستير و دكتوراه) حول القضية المهدوية إلا اعداد بسيطة تعد على اصابع اليد ، واغلبها تصب في جوانب العقيدة أي في خانة المربع الاول.
فالسؤال المهم في مسيرة التمهيد: متى تصبح القضية المهدوية موضوع مهم وجوهري في الدراسات الجامعية والاكاديمية ؟ .. متى تحين الفرصة وننتقل الى دراسة جميع ابعادها وجوانبها ، فمثلا: هل عرفنا وبحثنا لماذا الإمام (عج) يحثي المال حثيا ولايعده وكذلك لا يجد المزكي من يأخذ منه ؟ هل درسنا كيف يظهر خيرات الارض ، وكيف يجعل الموارد الطبيعية الناضبة تكفي حاجة البشرية؟ كيف يعيد صياغة اخلاق وسلوكيات كل البشر؟ هل تأملنا الاساليب الادارية والسياسية لحكومه مركزية واحدة تسيطير على كافة الارض ومع ذلك تنشر التوحيد والعدل والقسط.
نواحي عديدة في القضية المهدوية تحتاج من المؤمنين الممهدين الى دراستها والتأمل فيها ، ولكن للأسف نحن غافلون ومقصرون عن ذلك .. فكيف اذا نمهد للإمام (ع) ونساعده في بناء دولته الفاضلة ، ونحن لم نفكر حتى في اساليب ادارته ومنهج حكمه ، ولم نحاول تطبيق ابسط معالم دولته ومناهجها .. حقا نحن مقصرون جدا في مسيرة التمهيد والتوطئة المهدوية.
زبدة القول: المؤمنون الممهدون لظهور الإمام (عج) ومنذ مئات السنين لازالوا في المراحل الاولى في مسيرة التمهيد للطور المهدوي ، فكان ولازال شغلهم الشاغل الامور الفكرية والثقافية للعقيدة المهدوية .. حتى الآن لم يتقدم المؤمنون خطوات وقائية وتحصينية او هجومية في مواجهة خطط الاعداء الشرسة ، بل متخذين موقف الدفاع والتصدي لها فقط .. وهل يحق لنا ان نسمى ممهدون ، وللأسف لم نسجل أي خطوات تذكر للدعوة والتبشير لمنقذ البشرية لدى الشعوب غير المسلمة ، حيث لا يوجد لدينا أي كتاب متخصص أو فلم سينمائي معد للترويج و التبشير للقضية المهدوية .. وهل نمتلك القدرة والكفاءة للاستفادة من اساليب ومناهج الدولة المهدوية الفاضلة وتطبيق بعض منها في وقتنا الحالي ، أم نحن غافلون عن كل ذلك.
لازلنا نزحف وببطء شديد في مراحل التمهيد ، وأمامنا طريق طويل غير ممهد حتى نصل الى اعتاب عصر الظهور ، قد نكون ركزنا على انفسنا ونسينا الآخرين ، حاولنا ان نربي انفسنا على الاستعداد والتهيئة وغفلنا عن المجتمع والعالم ، علما بان الامام المهدي (ع) مبعوث لكل البشرية.
نسأل الله ان يساعدنا ويوفقنا في مسيرة التمهيد المهدوي ، وان يجعلنا من الممهدين لظهوره الشريف ، وان نكون واعون لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا وأهل لها ، وان نحظى بخدمته والعيش تحت ظل رآيته ، عجل الله تعالى فرجه وسهل مخرجه.
بقلم : مجتبى الساده
السعودية – صفوى