الشيخ حسين الاسدي
لايختلف اثنان في أنّ الإنسان قد اكتشف في هذا العصر مالم يكتشف عشر معشاره آباؤنا وأجدادنا. فعصر المعلومات اليوم امتدّ ليتعرّف على ما وراء مجرّتنا، فضلاً عنها وعن القوانين التي تحكمها.
ولكنّ هذا التقدّم العلمي على ما عليه من العظمة، فإنّه قد حوى…
لايختلف اثنان في أنّ الإنسان قد اكتشف في هذا العصر مالم يكتشف عشر معشاره آباؤنا وأجدادنا. فعصر المعلومات اليوم امتدّ ليتعرّف على ما وراء مجرّتنا، فضلاً عنها وعن القوانين التي تحكمها.
ولكنّ هذا التقدّم العلمي على ما عليه من العظمة، فإنّه قد حوى في داخله مساحات واسعة للأخطاء والعثرات غير المغتفرة، ومن أناس اعتقد الناس أنهم لا يخطئون، فأنشتاين اعترف بانّ (الثابت) هو اكبر خطأ في حياته. وبطليموس قديما اعتقد أنّ الأرض هي مركز الكون، والدكتور (لي دي فورست) مخترع الراديو كان قد قال: الإنسان لن يصل أبداً إلى القمر.
وهذه الاخطاء امتدّ مداها ليشمل الأفراد والمجتمعات على حد سواء، لنصل في النتيجة إلى أنّ هذا التقدم العلمي قد واكبه على طول الخط مفردات كثيرة جداً من الأخطاء والعثرات.
وهذا الأمر، أعني التقدّم المصحوب بالأخطاء، قد شمل حتى قضية الاعتقادات والأديان، فكم من أفراد اخترعوا عقيدة مزجوها بشيء من النصوص وبثّوها على أنّها عقيدة راسخة، ولكنْ لابدّ أنْ يكون لكل جواد كبوة ولكل سيف نبوة، لتنكشف الحال في مثل تلك العقيدة ولو بعد حين.
في ظروف كهذه، قد تمتدّ العقائد المنحرفة إلى بعض من ينتظرون الإمام المهدي عليه السلام فينخرطوا في دوّامة أدعياء المهدوية والسفارة ويخبطوا فيها خبط عشواء، وانكشاف الحال لهم قد يكون بعد فوات الوقت المناسب (وَ لاتَ حينَ مَناصٍ).
وهنا يأتي القرآن الكريم، ليعطي للمؤمن المنتظر طريقة مناسبة تقيه من السقوط في الحفرة، فيقول عزّ من قائل (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَ مَنْ تابَ مَعَكَ).
إنّها الاستقامة على الطريقة التي أمرنا الله بها. تلك هي الطريقة الصحيحة للوصول إلى الإمام، ومع ما يلزمها من امور مساعدة، والتي من أهمها (التقوى) التي تعني فيما تعنيه الورع عن المحارم والتزام الواجبات. قال تعالى (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقينَ). (والعاقبة للتقوى).
وقد كان أهل البيت عليهم السلام على علم بذلك. ولذلك لم يغب الإمام المهدي عليه السلام حتى رسم الخطوط العامة لتلك الطريقة _طريقة الإستقامة_ لينصب لنا أعلاماً تدلّنا على الطريق فيقول الإمام العسكري عليه السلام: …فأمّا من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا لهواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أنْ يقلّدوه. وذلك لا يكون إلاّ بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم. (بحار الأنوار ج٢-ص ٨٨).
وهكذا ما ورد في مكاتبة الإمام المهدي عليه السلام: (وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله عليكم). (الغيبة-الشيخ الطوسي-ص٢٩١).