انطلقت أعمال الملتقى الدولي تحت شعار «خطر التيارات التكفيرية من وجهة نظر علماء الاسلام» في مدينة قم المقدسة، برعاية المرجع الديني سماحة الشيخ آية الله مكارم الشيرازي، وشارك في هذا المؤتمر الكبير نحو 1000 عالم ومفكر من 83 بلدا في العالم، وكان سماحته ألقى كلمة في هذا المؤتمر تطرق الى اهداف المؤتمر، وبين خطورة التكفير ومعالجتها .
موعود ـ تطرق المرجع الديني سماحة آية الله العظمى الى أهداف المؤتمر وقضايا تخص دين الاسلام بعد ان اثنى بحضور الضيوف في هذا الملتقى الدولي تحت شعار «خطر التيارات التكفيرية من وجهة نظر علماء الاسلام» .
كما أعرب سماحته عن أمله بثقة ان الجهود التي تبذل من قبل علماء الحاضرين في تحقيق اهداف هذا المؤتمر ستأتي بثمرات طيبة تساهم في قضاء معاناة المسلمين في انحاء العالم، محذرا في ذات الوقت من عمق المخاطر المجاميع التكفيرية التي تسعى الى زرع الخلاف بين المسلمين .
وكشف المرجع الديني آية الله العظمى “ناصر مكارم الشيرازي” عن ثلاثة أهداف لهذا المؤتمر الدولي وقال ان الهدف الأول : “أن نؤكد للعالم بإجماع علماء الاسلام انما ترتكبه جماعات تكفيرية من جرائم لا علاقة لها بالاسلام مطلقا، وعليه لا ينبغي أن تُتخذ كذريعة لوصف الاسلام بالعنف، فالاسلام دين الرحمة والرأفة والمحبة والتعايش مع جميع الطوائف والفرق المسالمة” .
وقال سماحته ” ان الهدف الثاني هو “ان نبرهن بان الشباب الغافلين المغرر بهم الذين انضموا الى الجماعات التكفيرية اعتقادا منهم انهم قد سلكوا سبيل الله، وتحقيقا لمرضاته، ان الطريق سينتهي بهم الى نار جهنم خالدين فيها مادامت السموات والأرض، كما قال الله تعالى : ” وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا” موجها كلامه لهم قائلا ” والله عليم بذلك فلا ينخرطوا مع التكفيريين ولا يلقوا بانفسهم الى التهلكة” .
وأشار الى الهدف الثالث ” ان نتشاور لايجاد الاسباب الكفيلة لمواجهة هذا الخطر الداهم وان نضع المسلمين امام مسؤولياتهم بإزاء ما يحدث في هذه الايام”
وأضاف سماحته انه حدد اهدافا لهذا المؤتمر وصفها بالحمراء، انه يجب أولا : الابتعاد عن القضايا السياسية المتخالفة ويكون البحث في مسألة الغلو والتطرف من زاوية فقهية وعلمية اسلامية .
ثانيا : عدم الطرح أي نقاش حول مسائل الخلافية المذاهبية ولو بشطر الكلمة، بل لا بد لنا جميعا ان نضع ايدي بعضنا البعض وان نتبادل الافكار حول خطر التطرف والتكفير فحسب .
ثالثا: أن نحترم مقدسات جميع المذاهب الاسلامية .
وقال ” لقد شهد العالم الاسلامي في الآونة الأخيرة هجمة شرسة من العنف الذي لم يسبقه سابق وكان سببا لاشعال الحروب الدموية، سفكت فيها دماء الابرياء، ودمرت المدن العامرة للمسلمين، ومزقت البنية الاجتماعية وهدمت الآثار الاسلامية بما فيها الساجد واضرحة أولياء الله، وشردت آلاف المسلمين، فيهم الاطفال والنساء والرجال، وانتهكت الحرمات واعراض المسلمين وغير المسلمين الذين تعايشوا مع المسلمين لقرون طويلة، فكانت هذه الجماعات بحق مصداق لهذه الآية الكريمة ” وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ “.
وعبر سماحته عن أسفه لما يقوم به التكفيريون من اعمال ارهابية اعطى لاعداء الاسلام الالداء ذريعة لوصف الاسلام بانه دين العنف والبربرية.
وأضاف ” انه وليس من الصدفة ان يصر المخالفون للاسلام على اطلاق تسمية “الدولة الاسلامية” على تنظيم “داعش” المنحرف الذي هو بالقطع تنظيم ارهابي ضال فيه لا هو دولة ولا اسلامي فقد اخترعوا هذه التسمية ونصبوا لانفسهم، ولكنهم اعداء الاسلام بتكرار هذه التسمية للهجوم على الاسلام والمسلمين” .
وقال”ولسنا بحاجة الى التأكيد هنا على ان علماء الاسلام يقفون امام مسؤولية إلهية كبيرة “.
وأشار سماحته الى انه لا يتم القضاء على هذه الظاهرة المنحرفة المتثملة في التكفيريين بالوسائل، وقال “بل لا بد من تظافر جهود علماء الدين الأفاضل من أجل تجفيف مصادر تمويل الاعتقادية التي تخدع بعض الشباب ليلتحقوا بهم “.
وأضاف “ونعلم جميعا ان النبي الاكرم محمد (ص) قد بعث في مجتمع جاهلي فيه مظاهر العنف والخشونة، نار الحروب والغارات بين قبائله موقدة لا تنطفئ أبدا .
وتابع قائلا ” المجتمع الجاهلي كان يرى في المرأة عارا وشنارا، فنتشرت فيه ظاهرت وأد البنات، وكان الأب يقتل ابناءه خشية الفقر والإملاق، واحيانا أخرى كان يتقرب به الى الاوثان كما قال الله تعالى : ” قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين” إذن في هذا المجتمع بعث النبي (ص) رحمة للعالمين وكان المجتمع على شفا حفرة النار فأنقذه الله منها بظهور نبينا، وجعل القرآن الكريم الذي نزل على قبله الشريف وهو موجود عندنا الآن من دون أي تحريف أو تغير نورا مبينا يضيء المجتمع الجاهلي فدعاهم للخروج من الظلمات الى النور، ومن طروق الظلال الى سبل السلام، فأسفهوا في نهاية المطاف بنعمته اخوانا.
وقال ” ان الاسلام العظيم يخاطب غير المسلمين ايضا الذين لا يؤمنون باي حكم من أحكامه لكنهم ليسوا في حرب مع المسلمين” ويستشهد بالآية الكريمة ” لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ “.
وأشار الى ان كيف استخدم القرآن الكريم كلمة “ان مع” ويقول : ” إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” ليضع طريق حياة المسالمة امام المسلمين وغير المسلمين على الصراع، وبفضل هذه النداءات الصريحة دخلت جميع الأمم عربا وعجما حمرا وسودا تحت لواء هذا الدين القويم، كما أشارت للآية الكريمة اليه “يدخلون في دين الله افواجا”.
وقال ” وشعر أفرادنا بالاخوة الايمانية بعضهم تجاه البعض إلهاما من الخطاب القرآني “إنما المؤمنون الأخوة”، ولكن على حين غفلة المسلمين بدأ عصر جاهلي جديد بين جماعة من الضالين باسم التكفيريين قاموا بإراقة الدماء وإهلاك الحرث والنسل والافساد في الارض، فاعتبروا كل من سواهم كافرا حربيا أو مرتدا، دمه وماله مباح ونساءه سبايا فذهبوا الى ارتكاب جرائم لم تخطر في بال أحد، حتى ألاقوام الجاهلية، ومع الاسف انهم اطلقوا اسم الاسلام على الجاهلية المشؤومة السوداء وفعلوا كلما بوسعهم لتشويه صورة الاسلام والمسلمين.
وأكد سماحته انه يجب بحث عن المصادر الأصلية لهذا الانحراف الخطير، وقال “سأقول لحضراتكم ما يلي بعضا من هذه المصادر، ولا شك في ان خطابنا هذا موجه الى المتطرفين فقط، طبقا لهدى الآية القرآنية الكريم : ” ادعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن”.
وثمن دور المفتي السعودي في استنكاره لما يقوم به التكفيريون وقال “الأمر الذي يبعث على الرجاء هو قيام كثير من اتباع العقيدة السلفية أخيرا، باستنكار العنف الذي يمارسه المتطرفون”.
وأضاف “وقام المفتي الأعظم المملكة العربية السعودية بإصدار فتويين مهمتين في هذا المجال، قال في الفتوى الاولى “أفكار التطفر والتشدد والارهاب الذي يسفد في الارض ويهلك الحرث والنسل ليس من الاسلام في شيء”، كما صرح ايضا “ان هؤلاء هم من أهل جهنم” وفي الفتوى الثانية استنكر بشدة الاعمال الارهابية التي كانت في الاحساء ضد الطائفة الشيعية كانت تقيم مراسم العزاء الحسيني” وطالب المفتي بالقصاص بحق مرتكبيها .
وعبر عن أمله بان تكون هذه الفتاوى بداية لتشكل اجماع لعلماء المسلمين جميعا ضد التكفيريين كما ينبغي من غير المسلمين ايضا الذين يعيشون في سلام بين المسلمين .
وأشار سماحته الى الرسالة التي بعثها الى “بابا” في فاتيكان أكد فيها تحريم الاعمال الارهابية لهذه الجماعات” مخاطبا بابا “انتم ايضا يجب الا تكتفوا بتحريم هجمات ضد المسيحيين بل ان تدافعوا عن المسلمين والمسيحيين كذلك”.
واضاف “فبعث لنا مؤخرا برسالة جوابية يعلن فيها عن تقديره لهذه لهذا الموقف ووعد ان يستنكر الهجمات الموجهة ضد جميع البشر، مسلمين وغير مسلمين”.
وكما لفت سماحته الى ثلاثة قضايا مهمة تحدث عنها في ثلاثة محاور الاول: الاستبداد بالرأي والاحتكار فهم معاني الكتاب والسنة، وأعني التكفيرين انهم يحتكرون فهم الكتاب والسنة، ويقولون ان مفهوم الشرك والايمان والشفاعة والتوسل البدعة، هو ان نطرح رأينا وعلى جميع المسلمين السمع والطاعة، ومن تمرد استحق القتل، وإذا قلنا لهم ان قرائتكم للشرك والايمان غير صحيحة من وجهة نظر علماء المسلمين وان الاواسط العلمية والعلماء الكبار الذين هم أعلم منكم بالكتاب والسنة، يخطئون قرائتكم، قالوا لا “ان رأينا هو الصحيح، وكل العلماء المخالفين لنا في ضلالة، وحتى علماء السلف الذين عاشوا قبل ألف عام أو أكثر وهم كانوا خاطئين، وعد هذا باستبداد بالرأي الذي قال الامام علي عليه السلام في قوله المعروف “من استبد بالرأيه هلك”، واضاف “هو أحد الأسباب الأصلية تقف وراء أعمالهم الشنيعة”
وقال مستدركا “فلو عملوا بالآية الكريمة، “فسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون” أو عملوا بالآية الأخرى : “وامرهم شورى بينهم” وطلبوا المشورة من كبار العلماء والحوزات العلمية في مختلف البلاد لأنقذوا انفسهم من هذا الطريق الوعر الذي اقحموا انفسهم فيه ورجعوا الى طريق المستقيم وسبل السلام، وهذا أحد اسباب انحرافهم عن الحق”.
وأشار الى السبب الثاني “خطأهم في الاخذ بطريقة نؤمن ببعض ونكفر ببعض مع آيات القرآن الكريم، نعتقد انها منشأ أكثر هذه المشاكل وجرت على العالم الاسلامي مصائب وكوارث لا نضير لها، في انهم يختارون عددا من الآيات توافق افكارهم، ويتجاهلون التي تتعارض معهم ويمرون عليها مر الغافلين” وستشهد لذلك على سبيل المثال في مسألة نفي الغيب لأحد من الانبياء وغيرهم، يستدلون بان القرآن الكريم يقول على لسان النبي الأكرم ص : ” قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير “.
ومضى قائلا ” لكنهم لا ينظرون الى قوله تعالى في آية الكرسي المباركة “ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء” أو في الآية آل عمران التي تقول على لسان سيد المسيح “وأنبأكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم”، يعني عندي أخبار غيبية مما يجري في بيوتكم، وكذا في آية في سورة الجن ” عَالِمُ الغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً *إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ”، هذا هو سلوك طريقة نؤمن ببعض ونكفر ببعض، يقبلون ما تنسجم مع أهواءهم وميلوهم، ويجعلونها مسندا لافعالهم وينكرون غيرها، وهذا في الحقيقة مصيبة عظمى، فالقرآن الكريم كله من عند الله تعالى بلا تغيير ولا تحريف، وعلينا ان نؤمن بجميع آياته، لا أن نؤمن بتلك تتوافق مع افكارنا، فنكون مصداقا للآية الكريمة “نؤمن ببعض ونكفر ببعض” .
كما وأشار الى والسبب الثالث ” الخطأ العظيم في تفسير الشرك والايمان وعلى طريقتهم في التعاطي الانتقائي مع الآيات، فقد تمسكوا بالآيات التالية لتبرير افكارهم في تكفير المسلمين جميعا، وكانت الآية الاولى “وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا” والآية الثانية “وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ” والثالثة “وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ” يعني الاصنام شفعاءنا عند الله لذا يستنتجون من هذه الآيات ان من ينادي يا رسول الله أو يا علي ويطلب الشفاعة منهما مشرك مباح دمه وماله وعرضه ولا فرق بين مشرك الجاهلية الاولى الذين كانوا يستشفعون بالاصنام وبين المستولين الذين يوسطون أولياء الله ليشفعوا لهم عند الله، بل ان الفئة الثانية -الموجودن حاليا – أسوأ حالا من مشرك العصر الجاهلي، على الرغم من ان مسألة الشرك والايمان واضحة كل الوضوح في الآيات القرآنية، فالمشرك هو من جعل لله شريكا في مستواه ولذا يطلق على من هم بمستوى واحد شركاء يستوي بعضهم مع البعض وكلمة “مع” في الآية “لا تدعو مع الله” أحد يبين هذا المعنى يعني لا يكون احد مساويا لله تعالى.
ولفت سماحته الى ست آيات من القرآن الكريم نهي فيها عن جعل الانداد لله سبحانه، وقال”ومعلوم ان الانداد بمعنى الامثال”، ويستشهد بقول “الفيروزآبادي” مؤلف كتاب القاموس المحيط “ان الانداد لا يقال لأي مثل، بل ما يكون شبيها في الجوهر والذات “لا تجعلوا لله اندادا” يعني “شبيها لله في الجوهر والذات” وجميع الافراد هذا هو الشرك”.
وتسأل سماحته وقال “هل ان احدا من المسلمين جعل أولياء الله شركاء الله أو أمثالا له في جوهر الذات أو يسميه بالرب العالمين، اليس الجميع يقول ان ما يفعلوه أولياء الله انما هو بإذن الله ومشيئته، لا انهم مستقلون”.
وأشار الى ان القرآن الكريم ينسب صراحة خمس معجزات الى النبي عيسى عليه السلام وهي ” شفاء الاكمة الاعمى الذي لا علاج له، والابرص واحياء الموتى وخلق ما يشبه الطير ثم نفخ الروح فيه فيكون طيران بإذن الله” وقال”ان الله تعالى في نفس الوقت يربط الجميع بإذنه، بمعنى ان صاحب الارادة الاصلية هو الله سبحانه وتعالى”، وتساءل من جديد وقال” وهل هذا هو شرك ؟ وهل المسيح كان مشركا، وأصحابه كانوا مشركين”.
وأضاف “ومن المؤكد ان أولاءك الذين كانوا في عصر المسيح لما سمعوا هذا القول من المسيح طلبوا منه ان يقدم لهم المعجزات، فقام المسيح (ع) بكلها أو ببعضها، فهل نقل هؤلاء كفار وهل ان المسيح الذين استعاونوا به كفارا أو مهدوري الدم ويجب قتلهم” .
وقال مستغربا “وربما لو كان التكفيريون موجدين في عصر المسيح لقالوا مثل هذا في حق المسيح واصحابه، وكانوا يقولون لماذا المسيح “انا أحي الموتى” فهو كافر أو ” أبرئ الأكمة والأبرص” فهو مشرك، ولكن هذا بإذن الله تعالى، هذا هو التوحيد القرآني الواضح، حرفوه عما كانوا عليه “.
وأضاف “ونحن نعتقد ان في كلمة “بإذن الله” تأكيدا واضحا على التوحيد التام في مسألة الشرك والكفر والشفاعة والتوسل لأن التأثير الشفاعة والتوسل والدعاء وما شابه ذلك كله، يحصل بإذن الله تعالى وهذا تأكيد صريح على التوحيد” .
وتأسف سماحته قال “ان هؤلاء لا يملكون من علوم الكتاب والسنة إلا صبابة كأس لأنهم لم يدرسوا على جهابذة علماء الاسلام حتى ينهلوا من علومهم، وأخذوا تفسير القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تفسيرا خاطئا مستندين الى ما التقطوه من علم يسير وهيهات ان يتمكنوا من جميع هذه العلوم ” .
وأشار سماحته الى قضية مهمة في هذا الشأن وقال “وهو أن لا نكتفي بذكر المشاكل وحسب وانما من الضروري ان نزيد على ذلك بالبحث عن الحلول والمعالجة المناسبة الكفيلة بتجفيف منابع التطرف من صفوف المسلمين والذي اصبح مصدر جميع الشرور والجرائم، وشوهت وجه الاسلام في انحاء العالم في الوقت الذي سار العالم مهيئا لقبول الاسلام وان يعيش أهل القبلة وجميع المؤمنين بالشهادتين، شهادة وحدانية حق تعالى، وشهادة النبوة، ان يعيشوا جنبا الى جنب وتتشابك ايديهم على الوحدة والتظامن وحينها لا يجترأ أي أجنبي ان يسيطر عليهم.
وأضاف ” ومم يثير الدهشة ان القرآن الكريم في سورة ياسين المباركة عن رسول انطاكية قائلا “فعززناهما بثالث، فإذا كان اضافة واحد الى الاثنين سببا للعزة، فما بالك بتكاتف جميع المسلمين واتحادهم، ولا ننسى ان القرآن الكريم اعتبر بث الفرقة وإثارة الخلافات كما قال الله تعالى : ” وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ” .
وختم قوله قائلا ” انه سمي عمانا هذا من ناحية المجاميع العالمية بالعالم العاري من التطرف والعنف وغرم ذلك نرى مزيدا من إراقة الدماء واستباحة الاموال والنساء وتخريب المدن، والعلة في ذلك ان المقابل لهؤلاء من ناحية الدول العربية وغيرهم كانت من الطرق الأكثرية، والحال ان ذلك – وان كان واجبا ولازما – ولكنه غير كاف ما لم يكن معها القضاء على جذورها الفكرية واجتثاثها من أذهان جماعة من الشباب الغافلين “.
ودعا سماحته الى تشكل أمانة دائمة للمؤتمر يكون مقرها احدى المدن المهمة في العالم الاسلامي وتكون مهمتها التصدي الفكري والثقافي للتيارات التكفيرية وان تضم في عضويتها كبرى المؤسسات العلمية الاسلامية، على ان يتشاروا اعضاءها لايجاد الحلول لاجتثاث الافكار المتطرفة، ويقينا انكم يا علماء الاسلام الافاضل لن تسكتوا على ما حدث أو يحدث في العالم في هذه الايام، وان شاء الله ستقومون بواجبكم الديني والانساني تجهها “.
وفقكم الله لكل خير وسدد خطاكم