صنف الشيخ الكُليني رحمه الله الكتاب الكبير المعروف به والمسمّى (بالكافي) في عشرين سنة, وقد توفي رحمه الله ببغداد سنة 329هـ، كما قال الشيخ النجاشي في رجاله وهو يؤرّخ للشيخ الكليني. وفي تأليفه للكافي عقد الشيخ الكليني لصاحب الزمان عليه السلام ثمانية أبواب في عشرين صفحة، بابان منها في الغيبة، ومن دون عنوان:…
الشيخ الكُليني و عِللُ الغيبة
صنف الشيخ الكُليني رحمه الله الكتاب الكبير المعروف به والمسمّى (بالكافي) في عشرين سنة, وقد توفي رحمه الله ببغداد سنة 329هـ، كما قال الشيخ النجاشي في رجاله وهو يؤرّخ للشيخ الكليني.
وفي تأليفه للكافي عقد الشيخ الكليني لصاحب الزمان عليه السلام ثمانية أبواب في عشرين صفحة، بابان منها في الغيبة، ومن دون عنوان:
الأول من البابين، باب نادر، فيه ثلاثة أخبار ليس فيها شيء عن عِلل الغيبة، وفي الباب الثانى منهما ثلاثون حديثاً يمكن تصنيفها في ثلاثة أبواب هي:
1 ـ حكمة المحنة و التمحيص:
وقد عقد الشيخ الكليني لهذا المعنى باباً مستقلاً بعنوان (باب التمحيص والامتحان) ضمنه ستة أخبار عن الائمة الاطهار عليهم السلام.
ومنه الحديث الثاني الذي جاء: بسنده عن الإمام الكاظم عليه السلام انه قال عليه السلام: (إنّه لابدّ لصاحب الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر مَنْ كان يقول به; إنّما هي فتنة من الله عزّوجلّ امتحن بها خلقه).
والحديث الثالث فيه: جاء بسنده عن أبيه الإمام الصادق عليه السلام حيث قال عليه السلام: (أما والله ليُغيّبنّ امامكم سنيناً من دهركم (و) لمُتَحَصُنّ حتى يُقال: مات أو هلك بأىّ واد سلك).
والحديث الخامس فيه، جاء بسنده عنه عليه السلام ايضاً حيث قال عليه السلام: (إنَّ للقائم غيبة قبل أن يقوم. اِنّ الله عزّوجلّ يحبّ أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون).
وآخرها كان عن منصور الصيقل حيث قال: كنت أنا والحارث بن المغيرة وجماعة من أصحابنا جلوساً (نتحدّث عند الإمام الصادق عليه السلام) وهو عليه السلام يسمع كلامنا، فقال لنا: (في أىّ شىء انتم؟ هيهات هيهات، لا والله لا يكون ما تمدون اليه اعينكم حتى تُغربلوا، لا والله لا يكون ما تمدون اليه اعينكم حتى تمحّصوا، لا والله لا يكون ما تمدون اليه اعينكم حتى تميَّزوا، لا والله لا يكون ما تمدّون اليه اعينكم إلاّ بعد إياس، لا والله لا يكون ما تمدون اليه أعينكم حتى يشقى من يشقى ويُسعد مَنْ يُسعد).
واختصره في الخبر الثالث: عن منصور الصيقل نفسه إذ قال: قال لي أبو عبد الله الصادق عليه السلام: (يا منصور، إنّ هذا الأمر لا يأتيكم إلاّ بعد إياس، و لا والله حتى تميّزوا، و لا والله حتى تُمحّصوا، و لا والله حتى يشقى مَن يشقى و يُسعد مَن يُسعد). وهذا الخبر هو المرتبط بالموضوع, وما عداه في مطلق التمحيص والإمتحان, وقد مرّ أن الكليني لم يُعنون شيئاً من ذلك بعلّة الغيبة أو نحوه، وسيأتي من الشيخ الطوسي التنبيه إلى أن ذلك لا يمكن أن يكون علّة للغيبة.
2 ـ حكمة الخوف على النفس:
وأربعة من أخبار هذا الباب هي: الخامس والتاسع والثاني عشر والعشرون عن زُرارة عن الصادق عليه السلام ولا أحسبها إلاّ خبراً واحداً بثلاثة طرق، اقصرها التاسع و الثامن عشر، و أطول منها التاسع والعشرون، و اكملها الخبر الخامس الذى مرّ صدره وذيله، وقال فيه زُرارة: سمعت أباعبد الله عليه السلام يقول: (إنّ للقائم غيبةً قبل أن يقوم. قلت: و لِمَ؟ قال: يخاف. و أومأ بيده إلى بطنه).
3 ـ علّة أن لا تكون عليه عليه السلام بيعة:
و في الخبر السابع و العشرين من أخبار باب الغيبة: بسنده عن هشام بن سالم عن الصادق عليه السلام أيضاً قال: (يقوم القائم وليس في عُنقه عهد ولا عقد ولا بيعة).
الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي