الإمام بوصفه الإنسان الكامل, هو خليفة الله في الأرض, ومظهر الاسم الجامع (الله عز وجل) المستجمع لجميع صفات الحق الجمالية والجلالية. وقد عبر عن هذه الحقيقة على لسان الأحاديث والأخبار بهذا النحو, وهو ان الأئمة عليهم السلام لديهم اكبر نصيب من(الاسم الأعظم) أو ان الأئمة عليهم السلام هم حملة آيات وسلاح الانبياء عليهم السلام وهو ما يرمز إلى قدرتهم وعلمهم الإلهيين.
الإمام بوصفه الإنسان الكامل, هو خليفة الله في الأرض, ومظهر الاسم الجامع (الله عز وجل) المستجمع لجميع صفات الحق الجمالية والجلالية.
وقد عبر عن هذه الحقيقة على لسان الأحاديث والأخبار بهذا النحو, وهو ان الأئمة عليهم السلام لديهم اكبر نصيب من(الاسم الأعظم) أو ان الأئمة عليهم السلام هم حملة آيات وسلاح الانبياء عليهم السلام وهو ما يرمز إلى قدرتهم وعلمهم الإلهيين.
ان الإمام عليه السلام يقف على رأس هرم عالم الوجود, وهو ارفع درجة من درجات الوجود على الإطلاق في عصره, وواسطة فيض الحق تعالى مباشرة, لذا يجب ان يتمتع بالصفات الكمالية المناسبة مع هذه المرتبة.
يرى شيخ الاشراق (السهروردي) ان الناس الذين وصلوا إلى درجة خاصة من التجرد, قادرون على ايجاد (الجوهر المثالي) ويسمى هذا المقام بمقام (كن).
اما ابن سينا فيعتبر امكان التأثير على الطبيعة امراً لازماً لنفوس الأنبياء, بمعنى ان نفس الإنسان في مرحلة من مراحل الكمال, تحوز على قدرة التصرف في الطبيعة, وتصبح منشأً للتأثير في الأجسام الأخرى, وتحوز قدرة تغيير العناصر وإيجاد الحوادث, وبشكل عام, تنفذ إرادتها في عالم الطبيعة, كذلك تختلف الخواص الأخرى, من قبيل العلم والإرادة وتتفاوت على أساس درجات الوجود أيضاً.
مثلما يعتبر الغزالي ان الوصول إلى المعرفة العرفانية مشروط بالتبدل, وقد اكد الشاعر مولوي مرات عدة في كتابه (المثنوي).
ويربط بهمنيار, نقلاً عن أرسطو الوصول إلى الحكمة ونيل ما وراء الطبيعة بهذه الولادة الجديدة.
واعتبر الملا هادي السبزواري في بحث قدرة الحق تعالى ان الإيجاد نتيجة الوجود وفرعه.
ويرى ابن سينا ان القوى الإدراكية للبشر عاجزة عن إدراك الحقائق غير المادية ما دامت مسيرة العالم المادي.
وقام ابن سينا بتصنيف إدراك الإنسان إلى طبقات من العقل الهيولائي إلى العقل المستفاد وتبني وجود نوع وحيد خاص من الإدراك لكل واحدة من هذه الطبقات والمراتب.
وكمثال يعد إدراك الكليات (التعقل) شأناً مختصاً بالدرجة المجردة وغير المادية من قوة الإدراك.
انه يمكن لصفات وخواص وآثار كل مراتب الوجود ودرجاته ان تتحقق في وجود فرد من أفراد الإنسان, وعلى أساس مسألة الكون الجامع, والحركة الجوهرية.
ان جميع ظواهر عالم الوجود وان كانت في حركة تكامل, إلا ان هذا التكامل يستطيع ان يحقق هدفه النهائي, والذي يتمثل في التجرد والفعلية المطلقة في وجود الإنسان فقط, ان هدف وجود الإنسان هو الوصول إلى التجرد التام وخلافة الله عز وجل.
بل ان شيخ الإشراق ونقلاً عن بوذا وحكماء الشرق القدماء قد اعتبر ان النفس والحياة هو أمر ممكن أصلاً في الإنسان فقط, ويرى ان حياة الأنواع الأخر قد نشأت من حياة الإنسان.
ومن البديهي انه كلما كانت مرتبة الوجود المستحصلة مرتبة غير اعتيادية فسوف تكون خصائصها وآثارها أيضاً خارقة للعادة واعجازية وهنا ترتبط, معاً وتتصل المعرفة الاعجازية (الوحي والإلهام) والتأثير الاعجازي (المعجزة والكرامة) والإرادة والسلوك الاعجازيان (الخلق العظيم والعصمة).
غير ان هذا الارتباط والاتصال, ليس ارتباطاً ظاهرياً واعتبارياً, هو ارتباط فلسفي وحقيقي, ارتباط على أساس الوجود والواقعية, ارتباط على أساس, ما هو كائن لا(ما ينبغي ان يكون) وهذا هو المبني الفلسفي لارتباط صفات الأئمة عليهم السلام بوجود الإمام عليه السلام, وأيضاً لارتباط تلك الصفات مع بعضها البعض.
ويملك الإمام باعتبار الدرجة الوجودية ارفع مقام في قوس الصعود, وتنبع الامامة وصفات الإمام من درجة الوجود الرفيعة هذه, وبما ان الكمالات الوجودية هي امر خارجي وعيني, فإنه لن يكون لاختيار الناس وتنصيبهم دور في تحقيق ذلك المقام وتلك الصفات.
يعتقد العرفاء العرشيون ومعلمو الكشف والشهود وجمع من الفلاسفة العظام, ان الصادر الأول من الحق تعالى هو الحقيقة المحمدية والنور المبين الاحمدي الذي يرجع بنحو ما إلى (الفيض المقدس), والوجود المنبسط الذي لعب دوره يصدر كل معلول, ويظهر كل مستور, ويطلق عليه (الوجود المطلق) والرحمة الواسعة لكل شيء, فظهور مراتب الموجودات وكشف الستار عنها هو مراتب تجلياته وفيوضاته, ومن هنا قال سبحانه وتعالى: ((وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين)).
ان الحقيقة المحمدية هي أصل حقيقة الوجود, وعين على كل شاهد ونفس كل مشهود, اول أوائل الموجودات, واحكم الدلائل على وجود الذات, مبدأ الانوار المجردة الأزلية, ومنتهى معارج كما لها, كما انها مبدأ المبادئ وغاية الغايات, الإنسان الكامل المحمدي هو جامع الجوامع قال صلى الله عليه وآله وسلم:(أوتيت جوامع الكلم). فهو المرآة التامة لكل الأسماء الحسنى والصفات العالمية, أشعة شمس الحقيقة, الوجود المنبسط الذي يزيل ظلمة العدم عن الماهيات والاعيان الثابتة, ويطهرها من لوث العدم.
ان الحقيقة المحمدية هي أعظم المعلومات المتعلقة, واشرف الموجودات الممكنة العلمية والعينية من حيث الصورة والمعنى والمرتبة والمقام.
وحيث ان الحق تعالى تجلى من ذاته لذاته, فقد شاهد كل أسمائه وصفاته في ذاته, وأراد ان تبقى كل أسمائه منظورة في حقيقة تكون كالمرآة, لذا اوجد الحقيقة المحمدية, التي هي الإنسان الكامل في ساحة علمه.
فوجود محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو المظهر الأول الذي هو الإنسان الكامل اصبح كانسان العين في جملة الأعيان الثابتة, فإن الجميع شاهد به, وهو سبب الكل, فالحقيقة المقدسة المحمدية هي مظهر الله عز وجل, وتجلى هذا الاسم العظيم الأعظم, ومرآة هذا المقام الأتم.
ان لشخصية الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حيثيتين توأمين, حيثية النبوة (التبليغ), وحيثية الولاية (الاتصال بالحقيقة الإلهية) فالحقيقة المحمدية هي الولاية الإلهية التي ظهرت بأوصاف كمالها ونعوت جمالها.
ان اسم الولي هو باطن اسم الله, اذن فالولاية هي باطن الإلوهية والسر المستتر.
فإن الالوهية باطن الحقيقة المحمدية, والولاية باطن الحقيقة المحمدية, وهذه الحقيقة هي ظاهر وصورة الولاية, فإن الظاهر عين الباطن والباطن عين الظاهر.
الولي والنبي يتحدان في مقام (الولي مع الله) فالولي غير النبي وأنوار الولاية وكمالها مأخوذة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه وان كان مبدأ نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي الولاية _اي ولايته هو نفسه_ فإن ولاية النبي أفضل من نبوته, إلا ان مبدأ ولاية الولي غير النبي, هي النبوة.
والنسبة بين النبي والولي هي عموم وخصوص مطلقة, فإن كل نبي لابد ان يكون ولياً وليس كل ولي لابد ان يكون نبياً, مثل أولياء امة محمد صلى الله عليه وآله وسلم, فإن لهم الولاية ولكن بدون نبوة ومبدأ ولايتهم هي النبوة, فتعد النبوة واسطة وبرزخاً بين الولاية والرسالة.
والنبوة اعم من الرسالة واخص من الولاية, والولاية فلك محيط عام, واخبارها عام, ولا ينقطع ابداً واما نبوة التشريع والرسالة التي هي حيثية خلقية فإنها تنقطع وعندها يتحقق تداوم النبوة في الولاية.
ان شمس الولاية الكلية تبقى مشرقة, وتشمل على الولاية العامة والخاصة والمطلقة والمقيدة للائمة الأطهار عليهم السلام من الإمام علي عليه السلام إلى الإمام المهدي عليه السلام الذي هو خاتم الولاية.
والولاية صفة من الصفات الكلية الإلهية, ومظهر (كلمة الله العليا) ولا تنتهي ابداً, مع ان نبوة التشريع منقطعة وواجب نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم هو تأسيس الدين والتبليغ وارشاد الناس إلى الله سبحانه وتعالى, ومقام الولاية هو المظهر الكامل لها, فالأئمة الاثنا عشر عليهم السلام خلفاء نبي الإسلام مهمتهم وواجبهم هو تكميل رسالة التوحيد للبشر وتغيير القانون السماوي والقرآن وحفظه من الاغراض والمقاصد الفاسدة.
فإنه بعد رحيل خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو (القوة المؤسسة والمقننة) فالبشرية بحاجة اكبر إلى قوة الولاية التي هي (القوة المبقية).
ان الأئمة هم أركان عالم الوجود, والسبب الأوحد لنجاة البشر, وكما دلت على ذلك اقوال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بأن الموت دون معرفة الإمام هو موت جاهلية وضلالة.
محمد الخاقاني