حيدر حسين سويري
العفو عند المقدرة من شيم الكرام، ولذلك عندما قَدَرَ كثير من الناس على خصومهم، عفو عنهم، لأن العقوبة في تلك الحالة، تعتبر نوع من الخسة والمرض النفسي. بعض الناس يدعي أنه عفا عن خصمه، لأنه يمتلك شيمة الكرم، ولكن نجد أن كلامهُ غير صحيح، لأن المسألة ليست بالإدعاء، فبعض الناس لا تنطبق عليه المقولة أعلاه، وذلك لأنه لا يمتلك شرطها، وهو المقدرة! فالعفو عن شخص وأنت غير قادر على إنزال العقوبة فيه، يدل على أنك تدعي ما ليس لك، وإن ما تقوله مزايدة فارغة لا غير، ففاقد الشئ لا يعطيه.
ليلة البارحة، أعلن الملك السعودي عن إصدار عفو بحق الشيخ النمر، بعدما أصدرت محكمة سعودية حكماً بالإعدام بحق الأخير، ونحنُ إذ نفرح بخروج النمر من سجنه وعودته إلى حياته الطبيعية، لكننا في نفس الوقت نتسائل: هل هذا كرمٌ من الملك؟ أم أن الملك لم يستطع تنفيذ حكم الإعدام؟ فوجد العفو وسيلةً للخروج من المأزق؟
نقولها وبكل صراحة، الملك السعودي ليس كريماً، لأنه لم يمتلك المقدرة! على تنفيذ حكم الإعدام بحق الشيخ النمر، ولأنه عرف بأن تنفيذ هذا الحكم في هذا الوقت، سيجره ومملكته إلى مشاكل كبيرة، داخلية وخارجية، وكذلك تهييج الرأي العام، الهائج أصلاً بسبب أعمال عصابات داعش، السعودية المنشأ والتصدير، في علب تركية، وصالحة للإستعمال بموافقة السيطرة النوعية الصهيو-أمريكية!
هناك مفارقة ثانية لا بُدَّ من الوقوف عندها، عندما دخل الشيخ النمر إلى السجن، دخل بسبب موقف من تصرفات النظام السعودي، وحكم عليه بالإعدام لأنه لم يتراجع عن ذلك الموقف، وبالرغم من ذلك تم العفو عنه! فما الداعي للعفو إذن!؟ والأصح ما الداعي للأعتقال أصلاً!؟ وبعد خروج الشيخ النمر من السجن ألا يعود لممارسة نشاطه السابق!؟ وخصوصاً إذا لم تتحقق مطالبه؟
من المؤكد أن النمر سيبقى نمراً، سواءً في السجن أو خارجه، فهو صاحب قضية وله جمهوره ومريديه، الذين ضغطوا على النظام السعودي وملكه، لإصدار العفو بعد حكم الإعدام، فلولا مواقف النمر لم يصبح له هذا الجمهور الكبير، والقوي في الوقت نفسه.
لكني أتوجس خيفةً من قرار الملك، لأني أخشى منه فعل الجبناء، فالغدر من شيمهم، فقد يقوم جلاوزة الملك بإغتيال النمر!