لا يخفى بان الشرق الاسلامي تجتاحه عواصف هوجاء ورياح عاتية. ويمر بظروف عصيبة خبرناها فقط خلال الغارات التي شنها المغول والصليبيون الافرنجة على هذه المنطقة قبل قرون. وللاسف فان هذه العواصف الهوجاء، تفتك بحياة المستضعفين منهم شيعة آل محمد (ص). وما العمل، حيث ان المستكبرين عقدوا العزم في سياق تحالف غادر، على ذبح المستضعفين الساكنين في الشرق الاسلامي والبطش بهم.
المثلث الدامي، تحالف “الصليب والسلفي وصهيون”
لا يخفى بان الشرق الاسلامي تجتاحه عواصف هوجاء ورياح عاتية. ويمر بظروف عصيبة خبرناها فقط خلال الغارات التي شنها المغول والصليبيون الافرنجة على هذه المنطقة قبل قرون. وللاسف فان هذه العواصف الهوجاء، تفتك بحياة المستضعفين منهم شيعة آل محمد (ص). وما العمل، حيث ان المستكبرين عقدوا العزم في سياق تحالف غادر، على ذبح المستضعفين الساكنين في الشرق الاسلامي والبطش بهم.
إنهم بثوا التفرقة بين قوميات وامم وشعوب لاسيما قادة دول هذه المنطقة الدامية بالحيلة والسياسة، لدرجة انه لا تتوافر امكانية تشكيل تحالف لاطلاق صرخة بوجه المتكبرين والمستكبرين، ناهيك عن اتخاذ اجراء رادع. ما يشبه القرن الاخير من حضور الحكومات الاسلامية في “اسبانيا” و “الاندلس”. وفي ذلك العصر، وصل المسلمون من سكان “شبة جزيرة ايبيريا” الى مرحلة من الضعف والفتور والوهن بسبب الخلافات والتفرقة التي دبت بين امراء وحكام البلاد الاسلامية بعد سنوات من عظمة وشموخ ثقافتهم وحضارتهم والتمتع ببنية سياسية متينة، بحيث انهم انهاروا مع هجوم العساكر المسيحية الموحدة، وسقطوا الواحد تلو الاخر.
وفي ذلك العصر، مد بعض الحكام المسلمين يد الصداقة والوحدة الى الساسة الاجانب من اجل البقاء في مناصبهم، وتحولوا الى اداة بيدهم، وحدث ما حدث. كارثة تلو كارثة، الى ان استعيدت كل اسبانيا والاندلس من المسلمين بعد عدة قرون من ازدهار الحضارة الاسلامية فيها. ولم يسمع بعدها صوت الاذان من المآذن فيما انتشرت اصوات النواقيس في كل فضاء شبه جزيرة ايبيريا.
وقد طردوا المسلمين من شبه جزيرة ايبيريا وارغموا الباقين منهم على اعتناق المسيحية.
والتاريخ يعيد نفسه ليس لمرة واحدة بل مئة مرة. وان هذه القواعد والسنن الالهية الثابتة التي تنبع من الافعال والاقوال الفردية والجماعية شئنا أم أبينا. وكأن الشرق الاسلامي لا يريد ان يصغي الى نداء ودعوة التاريخ. ولذلك فانه وبدلا من الاعتبار والاتعاظ بتاريخه، يصبح عبرة للتاريخ، لكن ليس لمرة واحدة، بل مئة مرة. وتاسيسا على ذلك، فان الشرق الاسلامي يعيش حالة من الاستضعاف، رغم كل ما يملكه من ثروات وخيرات، ويعيش حالة من الانفعال رغم سكانه الكثر، واصبح كسيحا، رغم سيطرته وتحكمه باهم المواقع الاستراتيجة في الماء واليابسة. بعبارة اخرى، انه يعيش وضعا مزريا، وان تفوقه من حيث الثروة والدافع والهدف والسيطرة على المواقع المهمة والاستراتيجية والجيوسياسية، لا يحل له مشكلة. في حين انه كان بوسعه ان يتخلص من الانفعال ان استثمر فقط وفقط احتياطيات الطاقة في باطن الارض ومسارات نقل الطاقة في البحار.
ان التذكير بالغرب المسيحي، ينطوي على نوع من الاتجاهات السرية للعدو الغربي في مقابل المسلمين، بحيث ان هذه الدلالة بارزة في التبيان الرمزي لتحالف “الصليب وصهيون”. ونريد ان نقول انه على الرغم من التصور المختلق لدى سكان الشرق والغرب من العالم، فان المواجهة الحالية وكل ما حل ووقع على الشرق الاسلامي، ناتج عن نوع من التوجهات الدينية قبل ان يكون حصيلة الصراع السافر والمواقف السياسية والاقتصادية.
إن الغرب وعلى الرغم من تجربة العالم العصري، ونشر العلمانية والمادية الملحدة في العالم ، بدأ مرة اخرى ، هجمته في ظل التوجه “الصليبي والصهيوني”.
وقد تطرقت في كتاباتي الاخرى مرارا الى “نهاية الزمان المصطنعة” وتحالف “الصليب وصهيون” غير الرحماني وتوقعت من خلال الاتيان على ذكر قرائن وشواهد، بانهم سيطبقون مؤامرة ضخمة آجلا أم عاجلا من اجل حسم موقفهم النهائي من الشرق الاسلامي والقضاء على المسلمين الحقيقيين، وسيمهدون من خلال تصميم “صراع حول نهاية الزمان المصطنعة” لتضليل وخداع مشاعر وعقول شعوب العالم وجرها الى صراع مرير.
ولا يمكن انكار ان مراكز الدراسات والداعمين الثقافيين والبرمجيين للماكنة السياسية والعسكرية المدمرة لهذا التحالف، يملكون معطيات شاملة حول ادراكات وتوجهات اخر الزمان الديني للعالم المسيحي والمسلمين والشيعة. ان هذه المراكز توصلت في ضوء جمع المصادر والمراجع والنصوص الثقافية لعموم الشعوب ورصد التيارات الدينية والاجتماعية السائدة في العالم وتحليل المعطيات المستقاة، توصلت الى معلومات شاملة حول “العقيدة المهدوية” و “الظروف المتوقعة من قبل اعاظم الشخصيات الدينية” و “خريطة طريق ظهور المنقذ الموعود للمسلمين”؛ في حين ان المسلمين ومراكزهم الثقافية، خسروا في غفلة تامة، فرصة ثمينة وحيوية لاثبات مستندات رواية او مراقبة ورصد التوجه السياسي والاجتماعي للمتحدثين حول الموضوعات الخاصة بالمنقذ الموعود والمهدوية. انهم انتزعوا كل الفرص المتاحة من المسلمين والمستضعفين ومن الامام المبين (ع) ومن العالم الاسلامي. انهم منهمكون ومنشغلون في داخلهم فيما الخصم جند كل طاقاته المادية والثقافية ضد الشرق الاسلامي. وللاسف فان المسلمين غفلوا استراتيجية الخصم ودخلوا ساحة النضال من دون استراتيجية.
إن الجيوش المنفعلة وعديمة الاستراتيجية، ذاقت مرارة الهزيمة دائما في ميادين القتال.
ومن السذاجة بمكان ان نعتبر الخصم المسلح والحاقد على عالم المستضعفين والذي يبرز نفسه اليوم في سياق مثلث “الصليبي والسلفي والصهيوني” الدامي، بانه مجتمع مؤلف من الرجال السياسيين والعسكريين والامنيين الغربيين الانيقين. انهم يطلون براسهم من قنوات الاحزاب السياسية بين الفينة والفينة، ويعتلون لفترة كرسي السلطة في الدول الغربية، ان هؤلاء اكثر الطبقات خارجية للحكم في عالمنا هذا، انهم ادوات وعملاء جور للطبقة الثانية التي تخفي نفسها عن انظارنا، وطمست لديها نزوة الاسم والشهرة لتفضل محافل الاوساط الماسونية والايلوميناتي السرية على العرش والحكم، لتقوم كلاعب شطرنج ماهر، بتحريك البيادق، واقتناص الفرص بصبر وتأن لازاحة المنافس والقضاء عليه.
وهذا امر صادر عن تلمود بني اسرائيل يطلب من انصاره، ان يخفوا رؤوسهم كالافعى في جحورهم ويظهروا الذيل، لانه ان لدغ الذيل، يبقى الراس سليما ومن ثم يصنعوا ذيلا اخر. ان رجال الساحة السياسية هم الذيل الظاهر للافعى السامة للمحافل الخفية لبني اسرائيل.
ان عددا محدودا في عالم اليوم، مطلعون على اداء ودور هذه الجماعة. ان ما يظهرونه لنا في العاب فترة الحداثة، من علائم للماسونية، لا تعكس الماهية والطبيعة الخفية لهذا التيار الرهيب. ان هذه لعبة تلهينا ليس الا. ***
لكن الطبقة الثالثة والرئيسية، هي اكثر تعقيدا من الطبقة الثانية، واكثر سرية منها واكثر دورا في حسم لعبة السلطة، لا نتطرق اليها هنا. ان تحالف “الصليب والسلفي وصهيون”، ليس تحالف رجال السياسة الظاهرين في الساحة، بل هو تحالف الاوساط والمحافل السرية وممثلي محافلهم ممن دخلوا الساحة، بامر من الأم اي اشرار اليهود. ان رجال هذه الطبقة، وكأنهم يعمرون على امتداد القرون ولديهم عزم جازم وثابت للهيمنة على عالم المؤمنين والمستضعفين، ويكنون حقدا دفينا بعمق حقد ابليس لله، تجاه الاديان والانسان.
وفي كل القرون، كان ابليس وصديقه العريق بني اسرائيل، بصدد الانتقام من الله ومؤمني الاديان.
وان اعتبرنا ما ذكرناه آنفا، مقدمة، نريد ان نقول بان الغرب ومن معه (مجموعة التحالف) يواجهون في الظروف التاريخية المعاصرة، ثلاثة موضوعات مهمة وهي:
1- ازمة شاملة وخانقة، وتسونامي رهيب يجتاح كل الساحات.
والصورة الظاهرة لهذه الازمة في العلاقات الاقتصادية، تكشر عن انيابها في الغرب، لكن هذه الازمة، عديدة الاوجه وزاحفة. ان ثمالة الازمة، هي حصيلة احتساء النبيذ والاستبداد من دون حساب على مدى اربعمائة عام، وتظهر اليوم في جميع الميادين الثقافية والحضارية. ويجب الاقرار بان ازمة الشرعية الثقافية والنظرية، هي اساس وأم كل تشعبات وتفرعات ازمة الهوية والاخلاق والادارة والسياسة والاقتصاد، والتي جعلت الحضارة العصرية، تواجه مازقا.
إن أبرز وجوه هذه الازمة، اي الازمة الاقتصادية، جعلت الغرب مهيئا للانهيار والوقوف على عتبة حرب شاملة وضروس.
إن هاجس احتواء الازمة او نقل فوهة البركان الى منطقة اخرى ، انتزع من الغرب، القدرة على اتخاذ موقف يتميز بالتعقل والحصافة.
2- والموضوع الثاني الذي يواجهه قادة كواليس تحالف الصليب وصهيون، والذي أتى الان بابنه بالتبني الوهابي السلفي، يتمثل في وضع اخر فصول سيناريو حكومة بني اسرائيل العالمية، موضع التنفيذ، وهو الشئ الذي كانوا ينتظرونه طيلة القرون وانجزوا التحضيرات والتمهيدات اللازمة لتحقيقه.
إن امكانية ان يظهر المنافس القديم، اي “بني اسماعيل” من الشرق الاسلامي، اعطى زخما مضاعفا لطلاب العالم الذي يحكمه بني اسرائيل، لتطبيق خططهم.
وفي ماضي الامم ، فان “بني اسماعيل” و “بني اسرائيل” هما الوحيدان اللذان يصبوان في افقهما البعيد الى تاسيس حكومة كونية ؛ الاولى تريد تحقيق ذلك على حق و وفقا للوعد الحق والثانية من دون وجه حق. ويسعى بنو اسرائيل بالاعتماد على الحيلة والمكر والتواطؤ لتحقيق هذا الحلم القديم، في حين يقضي بنو اسماعيل الايام بانتظار تحقق ذلك.
وليس مستبعدا ان يعطي هؤلاء دفعا لهذا التسونامي والازمة من اجل ازالة ارضية ومجال عمل بني اسماعيل، عسى ان يستطيعوا من خلال عملية جراحية وقبل فوات الاوان، توليد هذا الكائن المشوه الخلقة المتمثل في حكومة بني اسرائيل الكونية. وهذا يعني ان الازمة الاقتصادية في الغرب، هي ازمة مبكرة ومختلقة، صنعها الاشرار اليهود لسكان الغرب، ليصطادوا في الماء العكر.
إنهم يعرفون ان فوتوا الفرصة السانحة، ولم يطبقوا اخر سيناريو من حكومتهم الكونية، فانهم سيخسرون ويضيعون الفرصة الى الابد.
3- والموضوع الثالث الذي يواجهه تحالف الصليب وصهيون، هو احتمال وقوع الواقعة الشريفة المتمثلة بظهور المنقذ الموعود من الشرق الاسلامي. ان الدراسات الواسعة التي انجزت في الاوساط والاكاديميات الغربية، حول التوجه الانقاذي للمسلمين، زادت لديهم من احتمال وقوع هذه الواقعة، رغم انهم يعتبرون في تفسيرهم المغرض، هذه الواقعة بمثابة ظهور الدجال من الشرق.
وواضح تماما، انه ان ثارت “الازمة الشاملة التي تعصف بالحضارة الغربية” كبركان في تلك البلاد، فانها ستاتي على كل الاوهام الطموحة لتحالف الصليب وصهيون. وعلى هذا الاساس فان الغرب، قادر على انقاذ نفسه من المشكلة المدمرة الاولى فقط عن طرق نقل الازمة من الغرب الى الشرق الاسلامي. وبناء على ذلك، يبدو ان هناك ترابطا وثيقا بين مسلسل الاحداث السياسية والعسكرية في هذه المنطقة وموضوع نقل الازمة من الغرب الى الشرق، وفي هذا الخضم فان جماعة تولت نيابة عن تحالف الصليب وصهيون، مهمة احراق هذه المنطقة على امل نيل مسايرة هؤلاء لها، وبسبب التزاماتها الخاصة والخفية تجاه هذا التحالف. ومن هنا انبثق من التحالف الاول، مثلث تحالف “الصليب والسلفي وصهيون” الدامي.
ولا يجب ان ننسى بان قادة المحافل الخفية يمسكون بدفة توجيه ومراقبة المنظومة السياسية الاقتصادية للبلدان الغربية والدول العميلة في سائر مناطق العالم عن طريق اعضائهم في المحافل التابعة بما فيها الايلوميناتي والماسونية والبيلدربرغ وفرسان مالطا و… . ان العديد من قادة الدول الاسلامية في الشرق، ربطوا انفسهم بهذه الزمر عن طريق المحافل الفرعية، واصبحوا يشكلون جزء بسيطا من تلك المنظومة.
ان اجراء دراسات دقيقة عن “المحافل الخفية” وتنظيماتها في توجيه وادارة ومراقبة عالم السياسة في العصر الحاضر، يميط اللثام عما اسميته ب “المنظومة السياسية الاقتصادية للعالم الغربي” ومن يدور في فلكها من الشرقيين.
ومنذ النصف الثاني من القرن العشرين ومع ايجاد اليمين المسيحي موطئ قدم له في سياسة “الولايات المتحدة الامريكية”، فان العديد من الرؤساء الامريكيين (رونالد ريغان وجورج دبليو بوش و… ) طرحوا متاثرين بتعاليم الكنيسة الاصولية والمسيحية المتصهينة، في سياستهم الخارجية خطابا خاصا محوره موضوع نهاية الزمان والظهور القريب للسيد المسيح (ع) وضرورة التهيؤ لحرب هرمجدون الحتمية في هضبة “مجدو” في “فلسطين” المحتلة، ودفعوا ابعد من الساحات السياسية والاقتصادية، له ثمن التدخلات العسكرية في الشرق الاسلامي (افغانستان والعراق و… ).
إن النفوذ السياسي للاصوليين في اميركا مدعومين بالالوف من وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمبشرين المتمرسين للكنيسة الانجيلية، ادى الى نشر هذا الخطاب في الطبقات المختلفة للحياة الاجتماعية في اميركا وبريطانيا ووفر مجالات قبول ظروف نهاية الزمان التي يزعمها المبشرون وضرورة الولوج في حوادث كبيرة مثل “مشروع ارمغدون”.
اريد ان اقول بان سكان الغرب المسيحي، لاسيما الولايات المتحدة الامريكية مطلعون قبلنا واكثر منا على الاحداث الكبيرة ومتعددة الاوجه لاخر الزمان، وقاموا وفقا لسيناريو وضعه المبشرون الاصوليون وحتى سينما نهاية الزمان، برسم صورة عن اطوار ومواقف هذه المجموعة من الاحداث. ان قادة تحالف “الصليب وصهيون” افلحوا في الايحاء بان :
اولا : ان العالم قد دخل مرحلة الظروف العصيبة لنهاية الزمان قبل ظهور المسيح الموعود؛
ثانيا : ان البؤرة الرئيسية للاخطار والتهديدات ستكون في الشرق الاسلامي؛
ثالثا : ان الحروب والمواجهات العسكرية، امر ضروري ولا بد منه؛
رابعا : ان الخاسر النهائي، هم جيش الدجال الشرقي ومنتصر الميدان، هم جيش حزب التحالف الصليبي وصهيون
ويكمن اسقاط غريب في هذا السيناريو. انهم يقدمون الشرق الاسلامي على انه سبب الازمة وبؤرتها؛ في حين انهم يعرفون جيدا بان سر “الازمة الثقافية والحضارية الكبرى التي تعصف بالغرب وبالتالي العالم المعاصر” يكمن في الغرب والتوجه الغربي واداء الغرب المستكبر. وهي الازمة التي اندلعت في مطلع القرن العشرين واستمرت لحد الان وضربت امواجها المتتالية ، العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة.
وبالتالي، فانهم يعتبرون ان طريق النجاة والخلاص من الازمة يمر عبر قمع ونهب الشرق الاسلامي وفرض هيمنة من العيار الثقيل عليه، وذلك من خلال سلسلة من الصراعات التي تقود في خاتمة المطاف الى هرمجدون، وبهذا الافتراض المسبق، يصدرون الاوامر لتنفيذ عمليات واسعة وهجمات على الشرق.
وفي سياق هذا العمل الهجومي، يقوم تحالف الصليب و صهيون في خطوة استباقية بتوريط سكان البلدان الاسلامية بصراعات داخلية ومناطقية لتفريغ الطاقة الكامنة لدى سكان البلدان المظلومة والهيمنة على جميع المناطق الاستراتيجية والجيوسياسية المهمة في الشرق. وهذه الهيمنة، تحمل بباطنها، السيطرة على مصادر الطاقة الكامنة في هذه المنطقة. انهم يتصورون ان بوسعهم ازالة امكانية الانفجار الكبير للشرق المظلوم بوجه الغرب الظالم، من خلال التفريغ التدريجي والمبكر للطاقات الكامنة في الشرق الاسلامي وشمال افريقيا. ونشهد المصداق الواضح لهذا الحدث، اليوم في تونس وليبيا ومصر. ويظن قادة تحالف الصليب وصهيون، ان تنفيذ سلسلة من المشروعات يزيل كل فرص ظهور المنقذ الموعود للمسلمين، وسيغير مسار التاريخ لحساب “الصليبيين والسلفيين والصهاينة” والذي يعود في النهاية الى المحافل الخفية واشرار اليهود.
وخلال العقود الاخيرة، شهد سكان العالم عن طريق وسائل الاعلام والاوساط الاكاديمية والمنظرين التابعين لمراكز الدراسات الاستراتيجية الغربية وحتى السياسيين، حوارات حول صدام الحضارات والحرب الصليبية الثانية والمواجهة الحضارية بين الاسلام والغرب وخروج الدجال من الشرق و… . وفي هذا الخصوص، انتجت وثائقيات تلفزيونية وافلام سينمائية كثيرة. وبمحاذاة ذلك، حاولوا من خلال تخليق منظمات ارهابية مثل “القاعدة” وتعزيز الوهابية والسلفية المدعومة من السعوديين، ايجاد مصاديق للعدو الشرقي واظهار صورة خشنة وفظيعة عن الاسلام المعاصر.
إن التيارات السلفية والوهابية المعاصرة، هي صنيعة الاجهزة الاستخباراتية “البريطانية” وعززتها وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (سي اي ايه) وهي منهمكة في الاضطلاع بعدة ادوار في آن معا.
وفي الدور الاول، يتم تقديم صورة تتسم بالعنف عن الاسلام لجعل سكان الغرب، يكرهون الاسلام ويسخطون عليه وكذلك تقديم المستندات اللازمة لمؤازرة تحالف الصليب صهيون لاظهار ان الصدام بين الحضارة الغربية والعالم الاسلامي قريب؛ وفي الدور الثاني، ونيابة عن ذلك التحالف، ازالة كل مجالات وفرص ارساء توحد الرؤى بين المستضعفين من سكان الشرق الاسلامي، واشعال نار الخلافات والنزاعات الاقليمية، لتقويض القوى المسلمة وتفريغ الطاقات الشعبية، فضلا عن انتزاع الدور من المجاهدين المناضلين المناهضين للكفر والشرك والذين يقفون بوجه اليهود واميركا، للحيلولة دون تشكل التيارات المستقلة والجهادية الحقيقية في المنطقة، والتي تملك القدرة على الدخول في مواجهة جادة مع الغرب.
إن جميع المستندات تظهر بانه على الرغم من هذا الدور الذي تؤديه التيارات السلفية، فانه لم يتم في الاعوام الاخيرة اطلاق حتى رصاصة واحدة باتجاه الكيان الغاصب للقدس والارتال العسكرية المحتلة، ووقفوا بجانب اميركا وحلفائها، لتأدية دور مهم في زعزعة وتقويض الدول المعادية للغرب. ان حضور واداء هذا التيار في العراق واليمن وسورية والبحرين، يعد شاهدا لا لبس فيه على هذا الامر.
إن هؤلاء تحولوا بالفعل مثل “منظمة المنافقين” الى اداة بيد الظالمين من “بني اسرائيل” لايجاد حزام امني صلب حول الكيان المحتل للقدس.
وسنرى تاليا، بان هذا التيار وهو في قبضة المحافل الخفية، يضطلع بدور ضد المسيح ودور قوى الشر وعامل الشر في سيناريو هرمجدون.
ومن هنا ندرك بان هذا التحالف الشيطاني الصليبي السلفي والصهيوني اصبح يفتك بقسوة بمستضعفي المنطقة لصب الماء في طاحونة بني اسرائيل.
ويسعى هذا التحالف الشيطاني منذ سنوات لتقديم صورة مروعة عن نهاية الزمان والسنوات التي تسبق ظهور السيد المسيح (ع)، لدى سكان الغرب.
وقد اعتمد لهذا الغرض، اجراءات مختلفة بما فيها :
1- اعطاء صورة عن جميع الاحلام والمكاشفات الواردة في “التوراة” و “الانجيل” المزور وذلك بمساعدة وسائل اعلام قوية وهوليوود؛
2- انتاج مجموعة افلام وثائقية تلفزيونية استنادا الى قطع مبعثرة وقابلة للنقد من كاهن يكتنفه الغموض يدعى نوستراداموس؛
3- تشغيل مئات القنوات التلفزيونية والمحطات الاذاعية التي تعمل على مدار الساعة في الولايات المتحدة الامريكية، لبث المواعظ والخطابات والوثائقيات المنتجة؛
4- ايفاد الوف المبشرين والوعاظ من قبل الكنائس الانجيلية الاصولية الى ارجاء العالم للتبشير وتحريض الراي العام؛
5- …
إن عدد التفاسير التي كتبت بشان رباعيات نوستراداموس اليهودي، الكاهن مجهول الهوية حول فرنسا، خلال عدة قرون خلت، هي اكثر من عدد التفاسير القرانية الموجودة والتي اصدرها المسلمون. وهذه التنبؤات تتحدث عن حتمية الصدام مع الشرق الاسلامي واوحوا بان هذا الصدام، سيكون الحرب الضارية التي تقع في هرمجدون وحتى انهم رسموا عنه صورة بمثابة واقعة “القيامة الكبرى”.
وبناء على الصورة والتفسيرات اليهودية المقدمة بواسطة هذه النتاجات، فان تحالف قوى الخير وحماة بني اسرائيل سيصطفون في جانب من هذا الميدان فيما سيصطف في الجانب الاخر منه قوى الشر اي معارضي بني اسرائيل من المسلمين والعرب.
ولهذا السبب فان تنظيمات متطرفة مثل القاعدة والسلفيين يضعون التوثيقات والمستندات اللازمة لاشعال نار حرب هرمجدون الملفقة (والمصممة على يد قادة تحالف الصليب وصهيون) بتصرف اعداء الانسان والاديان ولهذا السبب ايضا يمكن اعتبار التحالف الدامي “الصليب والسلفي وصهيون” ككارثة تحل لاقتلاع جذور العالم الاسلامي وقمع المسلمين والمستضعفين لاسيما الشيعة. ان تحالف “الصليب والسلفي وصهيون” وتوحد اسلوبهم يتجلى في “المحافل الخفية”، ان هؤلاء يتولون بدورهم تطبيق الفصل الاخير من سيناريو “حكومة بني اسرائيل الكونية”.
ان مسلسل الاحداث الجارية في الشرق الاسلامي، اذا ما استمر على هذا المنوال فانه سينتهي على الامد القصير الى تفتق ابتسامة النصر العريضة على الشفاه الشيطانية لهذا التحالف في ظل تفرق وتشتت الدول الاسلامية واختراقها من العملاء السريين الاعضاء في المحافل الخفية. وقبل قرون من هذا، حدث الشئ نفسه في اسبانيا والاندلس. ان الوهابيين والسلفيين هم من يعبدون جادة هذه الواقعة.
ان بني اسرائيل والغرب يظنون ان بمقدورهم نقل الازمة من البلدان الغربية وابعاد التهديدات ونيل مآربهم بعيدة المدى لتاسيس عالم احادي الحكم عن طريق الحرب الصليبية الثانية.
لكن اسمحوا لي ان افتح في القسم الاخير، نافذة اخرى للقراء الكرام.
إن هذه النافذة تفتح على افاق ظهور المنقذ الموعود المقدس، صاحب العصر والزمان (عج).
وليس هناك اي ترديد في حتمية هذه الواقعة الشريفة؛ في حين ليس هناك اطمئنان في الموعد القطعي لوقوعها. ان الصراعات التي اوجدها السلفيون والوهابيون في شمال افريقيا وبعدها في سورية، استحدثت هذا الظن العذب، انه قد يخرج السفياني من ارض الشام. وهو المعروف في الروايات الاسلامية، بانه العلامة الحتمية الاولى التي تسبق الظهور وتحدثت عنه اخبار اخر الزمان وتؤيد ذلك الروايات الواردة في المصادر الشيعية.
إن المذبحة التي تطال الشيعة والطبيعة والخصلة الاجرامية للسلفيين، وتوجهاتهم الدينية ومنطقة الصراع اي الشام والكثير من الوقائع الاخرى، تعزز هذا الظن.
ونأمل جميعا، ان يصل المستضعفون الى بر الامان، مع ظهور الحجة الحق. ونسال الله سبحانه وتعالى ان يحين الساعة والوقت المعلوم لتتاسس الدولة الكريمة لامام العصر والزمان (عج) مع ظهوره المقدس. ان العديد من القرائن والشواهد، تؤكد تشابه الوقائع الجارية في عصرنا مع الاوجه المتوقعة في المصادر والروايات الاسلامية؛ لكن الخوف من “نهاية الزمان المصطنع” ومحاكاة الوقائع، تدعوني الى تذكير اعزائي بضرورة التحلي بالوعي والدقة والصبر.
واشرت الى محاكاة الوقائع لسبب ان تحالف الصليب وصهيون قام خلال العقدين او الثلاثة الاخيرة بمحاكاة ظروف السنوات التي تسبق ظهور المنقذ وذلك علي هيئة سلسلة حوادث وتطورات الى حد ان جمعا غفيرا من مسيحيي اميركا واوروبا تحضروا لواقعة هرمجدون. ويمكن اعتبار الازمة الاقتصادية الشاملة في الغرب احد نماذج عمليات المحاكاة هذه.
إن هرمجدون وكما يقدمها تحالف الصليب وصهيون؛ هي ميدان اصطفاف الجناحين المتنازعين وهما الجناح الغربي بني اسرائيلي والاخر الشرق الاسلامي. ومنذ العام 1991 ولحد الان اي عشرون عاما، قام الجناح الغربي بزخرفة الميدان وتسليحه وتحضيره للقرع على طبول الحرب ايذانا ببدء المواجهة النهائية، في حين ان الجناح الشرقي، لم يتحضر كما تحضر الجناح الغربي، او انه لم يهيئ نفسه اساسا للتواجد بحجم الواقعة الكونية.
وهل يمكن ان يكون ثمة احتمال ان يبادر الجناح الثاني الى المحاكاة كما فعل الجناح الغربي، لكي تتوفر في هذا الجناح الظروف لتشتعل نيران الحرب النهائية.
إن هذا الكلام، صعب ومحرج للغاية، لكن القائد في ساحة المعركة، لا يستبعد اي احتمال. ولا شك بان الغرب الصليبي والصهيوني على علم برؤية المسلمين والشيعة حول ظروف سنوات ما قبل الظهور ومسار حركة وعمل منقذنا الموعود المقدس، فضلا عن انه يُنمّي في ذهنه مراقبة واحباط حركة هذه المنقذ.
إن اشعال نار الازمة في “الشام” وايفاد الوهابيين الى هذه المنطقة وحتى تاسيس كتائب شمر ومعاوية ويزيد، يلفت انتباه وانظار الشيعة الى اوجه الشبه بين هذه الاحداث وواقعة خروج السفياني في السنوات التي تسبق ظهور الامام المنتظر (عج). وهذا التذكير سيوفر ارضية اعتماد نوع من الجهوزية للهجوم والمواجهة. وهذا يعني ان جناح الشرق الاسلامي قد تشكل وسيصبح جاهزا للمواجهة.
إن حادثة هرمجدون التي يعقد عليها تحالف الصليب والصهيوني، الامال، يمكن ان تقع في ضوء تماشي ومسايرة السلفيين لها، وان وقعت الواقعة قبل الموعد المحدد للظهور المقدس، فان نتيجتها واضحة. لذلك:
• يتعين تركيز السمع واعتماد الخطوات بتمهل، مثلما نمشي في حقل الغام. ولعل الله يحبط مخطط الاعداء، وتنبثق من صلب هذه الممارسات الشيطانية، مقدمات الظهور المقدس. وعسى ان يتغلب مكر الله ويحيق المكر السيئ الى اهله. يجب الانتظار، ونرفع الايدي بالدعاء الى الله. ان بني اسرائيل بصدد تاسيس الامبراطورية الكونية قبل ظهور اخر حفيد اسماعيل (ع) وتاسيس دولتهم. انهم مستعجلون على هذا الطريق وجاهزون لاقتراف اي جريمة وسفك دماء. انهم يذبحون الشيعة من دون ان يرمش لهم جفن.
• أمامنا أعوام عصيبة، نحبس الانفاس في صدورنا، ويقحم الشيطان بكل جنوده في المعركة. يجب ان نخطو بتمهل، بالتحديد مثلما نمشي في حقل الغام.
• يجب مؤازرة الشيعة المظلومين في سورية والبحرين واليمن والعراق.
• يجب الامعان في التفكير وتحاشي التفرد في صنع القرار، واخذ جميع الاحتمالات بنظر الاعتبار خلال اتخاذ المواقف وصنع القرار.
وفي هذه الظروف العصيبة:
1- يجب التفكير في بناء التوافق والاتحاد في بقية السيف لدى المسلمين المظلومين في الشرق الاسلامي. الاتفاق المقدس لاحباط مفعول المؤامرات والمخططات في زمن مواجهة تحالف الصليبي والسلفي وصهيون؛
2- ويمكن الكشف عن استراتيجية الخصم. ان الكشف عن هذه الاستراتيجية، يشكل بحد ذاته خطوة مهمة على طريق مواجهة العدو؛
3- يمكن التفكير بنقل الازمة الى صفوف من يثيرونها. ان الحاق الهزيمة والتفرقة بالعدو، يشكل خطوة مهمة يمكن لقائد في ميدان القتال، اتخاذها في مجال المواجهة؛
4- ويمكن بجانب كل هذا، ايجاد مجال لتحصين الشيعة. وليس من العدل والانصاف نسيان المستضعفين، وتركهم وشانهم، والمرور على جراحهم ومعاناتهم، مرور الكرام. انهم فيما يخضعون للقصف وتمر فوقهم جنازير الدبابات، يتوجهون بانظارهم الينا بقدر توفير ظلال خيمة ووعاء ماء؛
5- يمكن التوبة بسبب الشئ الذي كان يجب فعله ولم نفعله، ولما فعلناه وما كان يجب ان نفعله. يجب الرجوع بحميمية الى الذات والتحدث الى الناس، ونزيل الجدران العازلة ونهدي الثقة الى الناس مرة اخرى. ليس الثقة بالناس بل ثقة الناس بنا. وعندما يبقى رغيف الخبز بيد الناس وينعمون بالامن، فهو السبيل الوحيد لثقتهم بالحكام، لكي يشجعهم ذلك على البقاء بجانبهم.
إن مشوارا طويلا أمامنا.
اللهم عجل لوليك الفرج . إن شاء الله.
تألیف: اسماعیل شفیعی سروستانی
جـميع الحقـوق مـحفوظـة لموقع موعود الثقافي
لا يسمح باستخدام أي مادة بشكل تجاريّ دون أذن خطّيّ من ادارة الموقع
ولا يسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.