” الموازنة والميزانية ” ” الجزء الثاني (الحل) “

حيدر حسين سويري
بعد أن عرضنا في مقالنا السابق (المشكلة) نحاول اليوم أن نجد لها حلاً ، في الحاضر والمستقبل ؛ حيث قلنا سلفاً بأننا واجهنا في هذا العام الحالي (2014) قلة في الايرادات وزيادة في المصروفات ، لهذا ولكي نضع ميزانية متوازنة

فأنا أقترح :

1. جرد ومعرفة الايرادات بصورة صحيحة ودقيقة (وليس تخميناً كما هو معروف عند عمل الموازنة) .
2. صياغة بنود الموازنة وفق هذه الجرودات ، وتقليص حجم المصروفات بما يوازي قيمة الايرادات وفق قاعدة ( الأهم ثم المهم) .

هذا هل الحل، كما أراه لموازنة هذا العام، وأما للاعوام القادمة فتأمل معي :
عندما شرعت الدول بوضع ميزانيتها (والأصح موازنتها) تبعت بذلك خطى انكلترا وفرنسا ، وأعتمدت طريقتهما بوضع موازنة في بداية كل سنة وميزانية في نهاية تلك السنة، وسارت الامور على هذا الشكل ولا زالت ، ولكننا نرى بأن الاحداث تتسارع ، والزمن يسير بسرعة كبيرة بحيث صدق علينا قول القائل (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك) ، ولقد أهملنا الوقت كثيراً، فقطّعنا أربا أربا .

عندما ذكرنا تاريخ واسباب نشأت الميزانية (الموازنة) ، وجدنا بأنها وجدت نتيجة صراع سياسي وأقتصادي ، وبما أن امور السياسة والاقتصاد في تغير دائم ، فأن تغيير إعداد بنود الميزانية ، ووقتها أو مدتها لا ضير فيه أبداً، بل هو ضروري جداً وفق مصالح البلد، وإن اختلفنا مع الدول الاخرى، وطريقتها، فالميزانية تخصنا، وتخص سياستنا واقتصادنا، ونحن ادرى بمصالحنا،

ولبيان الموضوع نأخذ مثالاً :

( لقد ساد في القرن التاسع عشر، مبدأ يدعو الى تقليص وظائف الدولة، وقصرها على الامور المتعلقة بحفظ النظام . أما المسائل الاقتصادية، فيجب أن تبتعد عنها الدولة، وتتركها للافراد، لأن الحرية الأقتصادية كفيلة بتحقيق الرخاء العام . وكان من نتائج تقلص وظائف الدولة أن تقلصت ميزانيتها . فالنفقات العامة كانت ثابتة تقريباً، وقلما كانت تستحدث نفقات جديدة لاغراض اجتماعية أو اقتصادية . ولبث الحال على هذا المنوال الى وقوع الحرب العالمية الاولى . فاضطرب الوضع الاقتصادي واضطرت السلطة العامة الى التدخل ولما وضعت الحرب اوزارها سارعت السلطةالعامة الى مساعدة المتضررين واصلاح ما افسدته الحرب فكان ذلك سببا لزيادة النفقات العامة .
فأن كانت ميزانية القرن التاسع عشر مبنية على مبدأ عدم التدخل فأن ميزانية القرن العشرين مستوحاة من مبدأ ضرورة التدخل وشتان بين المبدأين . ميزانية الدولة – د.سعدي ابراهيم) .

دوّنت في المقال السابق خمسة احتمالات لتأخير إقرار الميزانية، وبالرغم من أن كل الأحتمالات واردة ، ولكن لننزه الجميع، ولنبني على الاحتمال الثاني، والذي قلنا فيه (هل ان مجلس الوزراء ورئيسه (الحاكم) قدم ميزانية غير متوازنة الى ممثلي الشعب (البرلمان)؟! وفي وقت ضيق جداً، حيث ان دورتهم البرلمانية كانت على وشك الانتهاء؟! ومن ذلك أن الوقت لا يسمح بأعادة موازنتها؟!) .

نستنتج إن السبب الرئيسي لتأخير إقرار الموازنة لهذا العام هو ضيق الوقت ، وإلا لتم إعادتها الى مجلس الوزراء ، ومن ثم تعديلها وفق مايراه مجلس النواب حيث يتم المصادقة عليها ، وهنا أقترح وليكن مبدأ جديد نطرحه مختلفاً عن مبدأ القرنيين الماضيين وليكن مبدأ القرن الحادي والعشرين :
أن توضع موازنة لسنتين متتاليتين، وتقدم الى البرلمان ليصادق عليها، وأن تقدم في الاعوام الفردية ( يعني تقدم موازنة للعامين 2015 و 2016 وهكذا دواليك)، لكي لا تتداخل مع نهاية الدورة البرلمانية، فنحن نعلم ان الدورة البرلمانية تنتهي في الاعوام الزوجية (2014 و2918 وهكذا دواليك ) والله يحب المحسنين …

ملاحظات مهمة :
1. المقال الذي كتبناه هو مقال سياسي، وليس محاسبي .

2. يستخدم السياسيون قول (إقرار الميزانية) والأصح (إقرار الموازنة) ، فكما قلنا أن الموازنة هي شئ تخميني، وفق ضوابط معينة، واما الميزانية فمهمتها تقييم الموازنة نهاية السنة المالية، ليتم من خلالها تشخيص ومعرفة العجز او زيادة الأيرادات إن وجدا ، ولمن اراد التوسع العودة الى ذوي الأختصاص .

3. قد يعترض البعض ويقول إن الموازنة هي من شؤون وزارة المالية، والتي تقوم بتقديمها الى مجلس الوزراء، والذي بدوره يقوم بتقديمها الى البرلمان ، ولكنك وجهت إتهامك مباشرة الى المجلس ورئيسه؟! ، أقول : لم يكن لدينا مجلس وزراء حقيقي!، بل كان لنا دكتاتور ولذلك فأنا اوجه الأتهام له مباشرة …

شاهد أيضاً

بن غفير: زعيم الإرهاب قائدا للأمن!

بن غفير: زعيم الإرهاب قائدا للأمن!

الاخبار – القدس العربي: قام جندي إسرائيلي بتهديد نشطاء فلسطينيين وإسرائيليين كانوا يتضامنون مع أهالي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *