المیراث والإنتظار

فی معرض حدیثه عن (المیراث والانتظار) أفاد الشیخ محمد مهدی الآصفی: ان امتداد جذور الولاء والمیراث والانتظار هو عبر(التاریخ) و(المستقبل)، ولا یخلو زمن من الزمان من الولاء, من بدایات التاریخ من آدم ونوح علیهما السلام إلى نهایات التاریخ حیث یظهر المهدی علیه السلام من آل محمد صلى الله علیه وآله وسلم، لیملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ویرث الأرض من أیدی الظالمین، تحقیقاً لوعده تعالى فی التوراة والزبور والقرآن.

 

فی معرض حدیثه عن (المیراث والانتظار) أفاد الشیخ محمد مهدی الآصفی: ان امتداد جذور الولاء والمیراث والانتظار هو عبر(التاریخ) و(المستقبل)، ولا یخلو زمن من الزمان من الولاء, من بدایات التاریخ من آدم ونوح علیهما السلام إلى نهایات التاریخ حیث یظهر المهدی علیه السلام من آل محمد صلى الله علیه وآله وسلم، لیملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ویرث الأرض من أیدی الظالمین، تحقیقاً لوعده تعالى فی التوراة والزبور والقرآن.
(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِی الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ یَرِثُهَا عِبَادِیَ الصَّالِحُونَ)، وأهل البیت علیهم السلام یرثون الأنبیاء علیهم السلام والصالحین فی التاریخ، ویرثون منهم الصلاة، والذكر، والزكاة، والحج، والدعوة إلى الله ومقاومة الظالمین، والقیم والأخلاق، والصمود والصلابة فی الحق.
وزیارة (وارث) للإمام للحسین علیه السلام تعبّر عن هذه الوراثة المعرفیة والحضاریة والثقافیة والحركیة والجهادیّة للحسین علیه السلام من الأنبیاء علیهم السلام ففیها:
(السلام علیك یا وارث آدم صفوة الله،السلام علیك یا وراث نوح نبی الله، السلام علیك یا وارث إبراهیم خلیل الله، السلام علیك یا وارث موسى كلیم الله، السلام علیك یا وارث عیسى روح الله…..).
هذه الوراثة ضاربة فی أعماق التاریخ منذ آدم ونوح علیهما السلام إلى رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم وعلی و الحسین علیهما السلام…
والحسین علیه السلام فی موقفه بكربلاء یوم عاشوراء، كان یجسّد كل هذا المیراث المعرفی والثقافی والحضاری والجهادی والحركی الضخم.
إذن للولاء تاریخ عمیق، ضارب فی أعماق التاریخ، وأهل البیت علیهم السلام یرثون المسیرة الطویلة الصالحة للأنبیاء علیهم السلام….ونحن نرث عنهم هذا التاریخ.
نرث منهم الصلاة، والصیام، والحج، والزكاة، والأمر بالمعروف والنهی عن المنكر، والجهاد، والدعوة إلى الله، والذكر، والإخلاص، وسائر قیم التوحید،فعلینا ان لا نكون مثلا لقوله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ)، وإنما نحفظ الصلاة، ونقیمها وندعو إلیها، كما حفظها سلفنا من قبل ونكون- إن شاء الله- من الذین یأخذون بقوله تعالى:
(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَیْهَا)، فنحفظ فی أنفسنا ومجتمعنا وأهلینا هذا المیراث الإلهی العظیم الذی ورثناه من سلفنا الصالح، كابرا بعد كابر، وجیلا بعد جیل.
هذا عن امتداد (الولاء) فی أعماق التاریخ، وهو (المیراث).
وللولاء امتداد آخر, امتداد مستقبلی فی أعماق المستقبل حیث اننا ننتظر ظهور الإمام المهدی من آل محمد علیهم السلام، وننتظر بظهوره علیه السلام الفرج والنصر الكبیر،والانقلاب الكونی الشامل الذی أخبرنا به الله تعالى فی كتابه الكریم، وفی التوراة والزبور من قبل (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِی الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ یَرِثُهَا عِبَادِیَ الصَّالِحُونَ).
والانتظار، لیس معنى سلبیا, وإنما الانتظار معنى إیجابی، كما نفهم نحن من نصوص الانتظار، وهو التحضیر والإعداد السیاسی والثقافی والعملی على وجه الأرض، لإعداد الأرض والمجتمع لظهور الإمام علیه السلام.
فمعنى الانتظار، بناءً على هذا الفهم الایجابی لهذه الكلمة هو الأمر بالمعروف والنهی عن المنكر، والدعوة إلى الله وجهاد الظالمین، وإعلان كلمة الله ونشر الثقافة الربانیة فی الأرض، وإقامة الصلاة، وما إلى ذلك من ألوان التحضیر والإعداد للانقلاب الكونی الكبیر القادم.
وإلى هذا البعد المستقبلی للولاء تشیر الزیارة الجامعة (منتظر لأمركم، مرتقب لدولتكم)، (حتى یحیی الله تعالى دینه بكم، ویردّكم فی أیامه، ویظهر كم لعدله، ویمكّنكم فی أرضه).
والكلمة الأخیرة (ویمكنكم فی أرضه) تشیر إلى الآیات الأوائل من سورة القصص (وَنُرِیدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا فِی الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِینَ).
ویتبلور هذا الانتظار فی عمل وحركة وجهد، وصبر، ومقاومة وبناء، وسعی فی الأرض لإقامة دین الله، وإعداد وتحضیر لقیام الدولة الإلهیة على وجه الأرض، بالدعوة إلى الله وبالأمر بالمعروف والنهی عن المنكر، ومكافحة الباطل والمنكر وجهاد أئمة الكفر.
وإلیك صورة مشجیة من الندبة التی یندب بها المؤمنون إمامهم علیه السلام فی فراقه، وفی انتظار فرجه:
أین بقیة الله التی لا تخلو من العترة الهادیة؟
اَیْنَ الْمُرْتَجى لاِزالَةِ الْجَوْرِ وَالْعُدْوانِ؟

اَیْنَ الْمُدَّخَرُ لِتَجْدیدِ الْفَرآئِضِ و َالسُّنَنِ؟

اَیْنَ الْمُتَخَیَّرُ لاِِعادَةِ الْمِلَّةِ وَالشَّریعَةِ؟

اَیْنَ الْمُؤَمَّلُ لاِِحْیاءِ الْكِتابِ وَحُدُودِهِ؟

اَیْنَ مُحْیی مَعالِمِ الدّینِ وَاَهْلِهِ؟

اَیْنَ قاصِمُ شَوْكَةِ الْمُعْتَدینَ؟

اَیْنَ هادِمُ اَبْنِیَةِ الشِّرْكِ وَالنِّفاقِ؟

اَیْنَ مُبیدُ اَهْلِ الْفُسُوقِ وَالْعِصْیانِ وَالطُّغْیانِ؟

اَیْنَ قاطِعُ حَبائِلِ الْكِذْبِ (الكَذِبِ) وَالاِْفْتِراءِ؟

اَیْنَ مُبیدُ الْعُتاةِ وَالْمَرَدَةِ، اَیْنَ مُسْتَأصِلُ اَهْلِ الْعِنادِ وَالتَّضْلیلِ وَالاِْلْحادِ؟

اَیْنَ مُـعِزُّ الاَْوْلِیاءِ وَمُذِلُّ الاَْعْداءِ؟

اَیْنَ جامِعُ الْكَلِمَةِ (الكَلِمِ)عَلَى التَّقْوى؟

اَیْنَ بابُ اللهِ الَّذى مِنْهُ یُؤْتى؟

اَیْنَ صاحِبُ یَوْمِ الْفَتْحِ وَناشِرُ رایَةِ الْهُدى؟

اَیْنَ مُؤَلِّفُ شَمْلِ الصَّلاحِ وَالرِّضا؟

اَیْنَ الطّالِبُ بِذُحُولِ الاَْنْبِیاءِ وَاَبْناءِ الاَْنْبِیاءِ؟

اَیْنَ الطّالِبُ المُطالِبُ بِدَمِ الْمَقْتُولِ بِكَرْبَلاءَ؟

اَیْنَ الْمَنْصُورُ عَلى مَنِ اعْتَدى عَلَیْهِ وَافْتَرى؟

اَیْنَ ابْنُ النَّبِىِّ الْمُصْطَفى، وَابْنُ عَلِیٍّ الْمُرْتَضى، وَابْنُ خَدیجَةَ الْغَرّآءِ، وَابْنُ فاطِمَةَ الْكُبْرى؟
والانتظار مزیج من هذه الندبة المشجیة، والعمل الكادح، فی الأمر بالمعروف والنهی عن المنكر، وجهاد الظالمین، لإعداد الأرض لظهور الإمام المهدی علیه السلام وقیامه.
وتتحول هذه الندبة المشجیة فی قلوب المؤمنین إلى عمل وحركة، وسعی وثورة، وقیام، وصبر، وصمود، ومقاومة، وجلد، وجهاد، ودعوة،وبناء، لتحضیر الأرض لظهور الإمام علیه السلام وقیام دولته الكونیة التی وعدنا الله بها فی كتابه الكریم (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِی الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ).
ولیس من شك إن قیام الإمام المهدی علیه السلام یكون بعد الجیل الذی یوطّئ الأرض لظهوره وقیامه علیه السلام، كما وردت وتواترت بذلك النصوص الإسلامیة، وهذا الجیل الموطّئ هو الذی یُعدّ الأرض لظهور الإمام علیه السلام وقیامه.
ومعنى الانتظار إذن هو هذا التعجیل والتسریع فی هذه التوطئة والإعداد بالأمر بالمعروف والجهاد والحركة والعمل.
إن (الولاء)-كما قلنا-( میراث) و (انتظار). میراث یشدّنا إلى مسیرة الأنبیاء والصالحین فی التاریخ، وانتظار یشدّنا إلى الانفتاح على الأمل المشرق الذی فتحه الله تعالى علینا للمستقبل.
=========================
صحیفة صدى المهدی علیه السلام العدد 8

شاهد أيضاً

الإنتظار حالة ترقب لنبأ عظيم

مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلام قال سماحة السيد على السبزواري في حديثه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *