لم يعد قتل الفلسطينيين على يد الاحتلال أمراً يستدعي من الدول الغربية، وبعض الدول العربية، سوى بعض بيانات الإدانة، التي لا تقدم للفلسطينيين شيئاً على أرض الواقع.
وتكتفي هذه الدول بمراقبة الاحتلال وهو يرتكب مجازره الواحدة تلو الأخرى، على غرار ما فعله منذ فجر الأربعاء عند قصفه مدرسة “أبو حسين” التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، ما أدى الى استشهاد 20 نازحاً فلسطينياً معظمهم من الأطفال، قبل أن يقوم بمجزرة جديدة في حي الشجاعية خلال إعلانه فترة هدنة إنسانية، ما أسفر عن سقوط 17 شهيداً وأكثر من 200 جريح.
وبهاتين المجزرتين، إضافة الى القصف المتواصل على أنحاء مختلفة من قطاع غزة، ارتفع عدد الشهداء في العدوان المتواصل على غزة الى 1359 شهيداً فضلاً عما يقارب 7700 جريح. وهو ما دفع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الى إعلان قطاع غزة منطقة كارثة إنسانية.
كما طالب عباس، في رسالة وجّهها للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بتحمل مسؤولياته مع المجتمع الدولي، واتخاذ كل ما يلزم من اجراءات لإعلان غزة كمنطقة كارثة إنسانية، وتوفير ملاجئ آمنة للمدنيين النازحين في قطاع غزة، بالإضافة إلى توفير الغذاء ومياه الشرب والأدوية وغيرها من المواد. وطالب عباس، الأمين العام أيضاً بالعمل على إنشاء ممرات إنسانية داخل قطاع غزة من أجل تسهيل تقديم الإغاثة اللازمة.
“
“
أما عند الاحتلال، فإن الأعداد المرتفعة من الشهداء والجرحى في غزة، لم تدفعه للتراجع عن العدوان، بل إن مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغّر “الكابينيت” أصدر تعليماته للجيش “بمواصلة العمليات وضرب أهداف “حماس” في قطاع غزة”، كما ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية عن مصادر سياسية، وذلك بالتزامن مع ما كشفته صحف مصرية من أن وفداً إسرائيلياً يرأسه رئيس “الشاباك” يوسي كوهين، موجود في القاهرة.
ومن بين الردود على الوحشية الإسرائيلية التي تمعن في استهداف المدنيين الفلسطينيين، جاء الموقف البوليفي الأكثر تشخيصاً لطبيعة الاحتلال وما يقوم به إذ أدرجت بوليفيا، الأربعاء، إسرائيل على قائمتها للدول الارهابية احتجاجاً على الهجوم الذي تشنه على قطاع غزة.
وأعلن الرئيس البوليفي، ايفو موراليس، هذا القرار خلال لقاء مع مدرسين في مدينة كوشابامبا.
وقال موراليس “نعلن (اسرائيل) دولة ارهابية”، معتبراً أن الهجوم على غزة “يظهر أن اسرائيل لا تحترم مبادئ احترام الحياة والحقوق الاساسية التي ترعى التعايش المشترك السلمي والمتآلف لاسرتنا الدولية”.
وقطعت بوليفيا علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل في 2009 بعد هجوم واسع النطاق شنته الدولة العبرية على القطاع الفلسطيني. الا أن لاباز لا تزال حتى الآن تحترم اتفاقية موقعة في 1972 تتيح للاسرائيليين الدخول بحرية الى بوليفيا.
وسبق القرار البوليفي قيام كل من البرازيل، الاكوادور، تشيلي، البيرو والسلفادور باستدعاء سفرائها في اسرائيل “للتشاور” على خلفية العدوان.
وفي مقابل مواقف عدد من دول أميركا اللاتينية الواضحة، اكتفى البيت الأبيض بادانة قصف المدرسة التابعة للأمم المتحدة. وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، برناديت ميهان، “نشعر بقلق بالغ لأن آلاف الفلسطينيين النازحين داخلياً والذين طالبهم الجيش الإسرائيلي بإخلاء منازلهم ليسوا في أمان في ملاجئ حددت بأنها تابعة للأمم المتحدة في غزة”. ولأن الادانة الأميركية لإسرائيل لا يمكن إلا أن ترفق بادانة للفلسطينيين، انتقلت ميهان سريعاً إلى ادانة “أالمسؤولين عن اخفاء أسلحة في منشآت تابعة للأمم المتحدة في غزة”، من دون أن تذكر حادثة واحدة تظهر صحة الادعاءات الأميركية.
من جهته، ندد الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بالقصف على مدرسة “الأونروا”، مؤكداً بحسب بيان صادر عن قصر الاليزيه، أن “هذا القصف غير مبرر”. وشدد هولاند على أن باريس تطالب بوقف إطلاق نار فوري وبضرورة أن تنصبّ كل الجهود من أجل تحقيق هذه الغاية.
وكانت الخارجية الفرنسية قد دانت القصف على المدرسة، مشيرة الى أنها مسألة غير مقبولة وغير مسموح بها، وتزداد يوماً بعد يوم.
بدوره، وصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قصف الاحتلال “غير المبرر” للمدرسة، وطالب بمحاسبة المسؤولين عنه. واتهم بان الجيش الإسرائيلي بتجاهل المعلومات المتعلقة بموقع المدرسة بعدما أبلغ باحداثياتها أكثر من مرة.
التنديد انسحب أيضاً على موقف وزارة الخارجية التركية، التي اعتبرت أن قصف إسرائيل مدارس الأونروا، المستشفيات، المساجد، في غزة، “يوضح بلا شك مدى فظاعة العدوان غير المعقول لتلك الدولة”. وشددت الخارجية في بيان على “ضرورة إنهاء تلك الهجمات ووقفها بشكل عاجل”.
أما مصر التي تواصل حصار قطاع غزة، والتي رعت مبادرة تلبي المطالب الإسرائيلية وتتجاهل الحقوق الإسرائيلية، فأعربت عن إدانتها لاستمرار استهداف إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين الأبرياء في قطاع غزة.
وجددت وزارة الخارجية المصرية في بيان، “مطالبتها الجانب الإسرائيلي بضرورة ضبط النفس والتوقف الفوري عن استهداف المدنيين وعن الاستخدام المفرط وغير المبرر للقوة والذي يذهب ضحيته المدنيون الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء ويزيد الأمور تعقيداً ويعمّق الكراهية القائمة ولا يمهد الطريق الى استئناف المفاوضات للتوصل الى تسوية سلمية شاملة وعادلة تحقق الأمن للجميع وتستجيب للتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني”.
المصدر : موقع فلسطین الیوم