أكراد سوريا: هل يوحدون الصف تجاه خطر داعش؟

لدكتور خيام محمد الزعبي-كاتب أكاديمي سوري في العلاقات الدولية

في الوقت الذي تنزلق فيه المنطقة إلى مزيد من الفوضى وتقترب نيران المعارك أكثر من سوريا، تستغل داعش بهدوء هذه الظروف من أجل تعزيز نفوذها على المناطق الغنية بالنفط، والتي طالما كانت هدفاً لطموحاتها وأحلامها، فالنار التي تجتاح حالياً الشرق الأوسط من غزة الى سورية الى العراق وليبيا واليمن بركان مشتعل، وفي وسط إنشغال العالم بهذه التطورات الجارية وخاصة في غزة فإن دولة “الخلافة” المعلنة ذاتياً تتوغل وتسيطر على المزيد من المناطق في سوريا بإستخدام الدبابات والأسلحة الثقيلة التي غنمتها في العراق، والتي سيطرت خلال الأيام الماضية على مناطق جديدة شرقي سوريا حيث ضمت أغلب مناطق محافظة دير الزور الغنية بالنفط وتركز حالياً على سحق الفصائل الكرادية هناك.

وفي إطار ذلك يحاول الأكراد لملمة صفوفهم لمواجهة الخطر الوجودي الذي يستهدفهم، من خلال حشد قوات جديدة، فيما وجه “المجلس الوطني الكردي”، نداء لنسيان الماضي، ورص الصفوف ومواجهة خطر “الدولة الإسلامية”، وبالمقابل تدفق مئات المقاتلين الأكراد القادمين من تركيا إلى سوريا لمحاربة جهادي تنظيم “داعش”، الذي يحاصر عين العرب (كوباني بالكردية)، ثالث أكبر مدينة كردية في سوريا ، والتصدي لهذا التنظيم، الذي يسعى الى ربط المناطق التي يسيطر عليها في الشمال والشرق بالمناطق التي احتلها في شمال وغرب العراق، وبالمقابل تعد معركة حاسمة بالنسبة للأكراد، كون التنظيم الداعشي يسعى الى فصل شرق المنطقة الكردية عن غربها، في عملية واحدة من خلال الإستيلاء على قلبها “كوباني” الواقعة على الحدود مع تركيا، وإذا ما إستطاع هذا التنظيم إنتزاع كوباني، فستخلط الأوراق في خريطة الشمال السوري وغرب العراق، إذ سيكون بوسعه السيطرة على كامل الجزيرة الفراتية في بادية الشام، وسيكون قادراً على نشر قوات على طول حوض الفرات وسدوده السورية والعراقية، ومحطات توليد الطاقة، ومنشآت توزيع المياه، من الحدود التركية، مروراً بسوريا، وحتى الغرب العراقي، بالإضافة إلى التحكم بالنشاطات الزراعية التي يوفرها الحوض الفراتي، على ضفتيه، وإعادة ترتيب التحالفات فيها وفق مصالحه، والحصول على موارد بشرية وإقتصادية جديدة.

لذلك نرى العشرات من الشبان والشابات يتدربون في سلسلة جبال قنديل المحاذية لحدود تركيا وإيران والعراق إستعداداً لنصرة مقاتلي حماية الشعب الكردي، وهم يتقاربون مع رفاقهم في سوريا خشية تعرضهم للإبادة والإنتهاك كما حصل في الموصل والرقة ودير الزور والحسكة، وبالفعل فإن التحديات التي تواجه قوات حماية الشعب الكردي في سوريا جسيمة للغاية ويمكن أن تكون لها تداعيات على تركيا وإقليم كردستان وحتى سوريا.

وفي سياق متصل هناك قوى دولية وإقليمية تسعى الى تصدير كافة التنظيمات المتشددة بمختلف دول العالم الى الشرق الأوسط لمواجهة التمدد الروسي الصيني والإيراني داخل المنطقة العربية، كما يعملون على تصدير أكراد تركيا الى الحدود السورية وإقامة دولة كردية لهم بالأراضي السورية والزج بهم بصراعات مسلحة مع تنظيمات إسلامية متشددة بسوريا خوفاً من تمدد داعش الى الدول المجاورة في إطار خطط ترمى الى تفتيت وتقسيم سوريا والإستيلاء على حقول النفط والثروات الأخرى.

فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين أن ما حدث في سوريا، قد يغير السياسات في منطقة الشرق الأوسط، إذ أيقظ العالم، وجعله ينتبه إلى أن تنظيماً تابعاً للقاعدة بسط سيطرته على جزء كبير من شمال العراق وسوريا، وبالتالي فإن استمرار الأزمة في سوريا وإنتشار المجموعات المتطرفة فيها ينذر بنتائج كارثية على المنطقة والعالم، وهذا يستدعي حل سريع لهذه الأزمة، ينهي معاناة الشعب السوري بما يحفظ وحدة أراضي سوريا وإستقلالها السياسي في المنطقة.

أخيراً ربما أستطيع القول إن ما يجري حالياً هو الأخطر على مختلف الساحات العربية خاصة التي تشهد الصراعات السياسية أو الفكرية، وبالتالي فإن تمدد داعش في المناطق الحدودية سيكون له تداعيات خطيرة، لذا يجب التنبه لمخطط السياسة الغربية في تفتيت الأمة العربية التي تهدف إلى إعادة رسم خريطة المنطقة وفق مصالحها، وتفويت الفرصة على أصحاب الأجندات باستغلال الأزمات وإستثمارها لتحقيق مآربها، وهنا لا بد من القول إن إيجاد داعش يأتي بهدف شق الصف الإسلامي وإشغال المسلمين وإعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط من جديد من خلال مشروع الشرق الأوسط الموسع.

18/5/140717

شاهد أيضاً

بن غفير: زعيم الإرهاب قائدا للأمن!

بن غفير: زعيم الإرهاب قائدا للأمن!

الاخبار – القدس العربي: قام جندي إسرائيلي بتهديد نشطاء فلسطينيين وإسرائيليين كانوا يتضامنون مع أهالي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *